َمع قدوم شهر رمضان المبارك في كل عام تكثر الأقاويل والشائعات حول صحة حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان الكريم. حاله حال بقية الأحاديث النبوية الشريفة والأدعية عن هذا الشهر الفضيل. فما إن يقترب موعد أول يوم للصيام حتى تجد المسلمين في حالة البحث عن كل ما يفضل فعله خلال شهر رمضان. وذلك حرصًا منهم على كسب رضا الله عز وجل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
ومن ضمن معتقدات شهر رمضان أن يتقيد المسلم بالأحاديث النبوية الشريفة وخاصة المتعلقة بهذا الشهر. لكن هناك من يحاول الاصطياد بالماء العكر دائمًا لغايات مجهولة. أي أنه يوجد من يعيد نشر الأحاديث التي اختلف كثيرون على صحتها. من أبرزها صحة حديث من بلغ عبادي في شهر رمضان، خاصة وأنه يستخدم في فترة ما قبل بدء الشهر الفضيل. لذلك سيكون أمرًا جيدًا إن تحدثنا عنه في مقالنا، علنا نقدم المعلومة المفيدة لك.
ما هو نص حديث من بلغ عبادي عني المتداول في رمضان
بدايةً وقبل التطرق لموضوع صحة حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان. لا بد من التعرف على نص الحديث وماذا تعني مفرداته. كما هو معروف بأن مضمون الحديث كالآتي: (من بلغ الناس بشهر رمضان حرمه على النار). كذلك جاء حديث من بلغ عبادي بصيغ أخرى، من الأفضل التعرف إليها وهي كالآتي:
(إذا بلغت الناس حرمت عليك النار).
(مَن أخبر الناس بشهر رمضان دخل الجنة).
(من بشر الناس بشهر رمضان دخل الجنة).
(منْ بشّر الناس بموعد رمضان دخل الجنة).
(مَن بشر الناس برمضان دخل الجنة).
إن جميع ما ذكر من صيغٍ للحديث فهو يحمل معنى واحد. وهو العتق من النار ودخول الجنة لمن يخبر الآخرين بقدوم شهر رمضان الكريم. لكن ما صحة كل ما سبق؟ هذا ما سنخصص إجابة مستقلة له في الفقرة القادمة.
ما مدى صحة حديث من بلغ عبادي شهر رمضان من كذبه
إن كنت مهتمًا بهذا الموضوع، لا بد وأن تثار شكوكك حول صحته. وذلك بمجرد رؤية النسخ المتداولة له، فلا يوجد حديث متناقل عن رسول الله بهذا العدد من الصيغ. وبالتالي عليك أن تعلم أن حديث عارٍ من الصحة ولا ينتمي لرسول الله. ولم يذكر ضمن أي كتابٍ خاصٍ بالأحاديث النبوية الشريفة. لذلك من الأفضل لك تجنب ترديده أو تناقله بين الناس.
حكم تداول حديث من بلغ عبادي عن شهر رمضان بين المسلمين
قد تتساءل كغيرك من الأشخاص حول إمكانية تناقل حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان، وحكم الدين الإسلامي بذلك أيضا. عندما تعرف أن الحديث لا صحة له إطلاقًا، يجب أن تبتعد عن ترديده بصفتك مسلمًا. فكما هو معروفٌ عن المسلمين تقيدهم التام بتعاليم الدين الإسلامي فقط. التي تأتي من القرآن الكريم وكتب الأحاديث النبوية الشريفة. وتأكيدًا على ذلك صرّح علماء وفقهاء الدين الإسلامي بعدم إمكانية ترديد هذا الحديث وغيره من الأحاديث. التي تثبت أنها كاذبة وغير منتمية للأحاديث الصحيحة.
وتصديقًا لكلامهم يوجد حديثٌ شريفٌ عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: ” إن كذبًا عليّ ليس ككذبٍ على أحد، من كذب عليّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار”. وقد روى هذا الحديث المغيرة بن شعبة. وبهذا تكون قد تعرفت على أن نشر حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان سيلحق بك إثمًا عظيمًا. وبالتالي عليك الابتعاد عنه وعدم التحدث به.
حكم من يتسابق على إخبار حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان
نتيجة لوجود من يتناقل حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان على أنه حديثٌ صحيح، فقد انتشر حديثٌ آخرٌ يتبع له حول فضل من يسبق بالتبشير برمضان. وأيضا ليس لهذا الحديث وجود في كتب الأحاديث النبوية، مما يفسر عدم صحته وبالتالي وجوب الامتناع عن تناقله كالحديث السابق. أما بالنسبة لنص الحديث فهو كالآتي: ” إذا سبق شخصٌ بإخبار شخصٍ آخرٍ حرّمت عليه النار”.
بعض الأحاديث غير الصحيحة التي تخبر بشهر رمضان
ليس حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان هو الوحيد الذي لا أساس له من الصحة، إنما توجد أحاديثٌ كثيرةٌ تتحدث عن الشهر الفضيل وهي غير صحيحةٍ أيضًا. لا بد أن نعرفك على بعضٍ منها لتتجنب تناقلها:
” إن شهر رمضان شهر أمتي، يمرض مريضهم فيعودونه، فإذا صام مسلمٌ لم يكذب، ولم يغتب وفطره طيب، سعى إلى العتمات محافظًا على فرائضه”.
“لو يعلم العباد ما في رمضان، لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها”.
” اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”.
” فضل شهر رجب على الشهور، كفضل القرآن على سائر الكلام، وفضل شهر شعبان على الشهور، كفضلي على سائر الأنبياء، وفضل شهر رمضان كفضل الله على سائر العباد”.
كما توجد أحاديث أخرى تعتبر ضعيفة الصحة، أي أنها لا تتفق مع شروط صحة الحديث المطلوبة. مثل:
” شهر رمضان أوّله رحمة، واوسطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النار”.
” صوموا تصحوا”.
أحاديث صحيحة عن شهر رمضان
كما توجد أحاديث غير صحيحة تتناول شهر رمضان الكريم، كذلك هناك أحاديث ثبتت صحتها عن هذا الشهر وذكرت في كتب السنة النبوية، سندلك على أشهرها:
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال: “لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن أغمي عليكم فاقدروا له”.
ورد أيضًا عن الصحابي أبو هريرة أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال: ” من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ له ما تقدم من ذنبه”.
كما جاء على لسان عمار بن ياسر، قال رسول الله محمد: “من صام يوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم محمدًا صلى الله عليه وسلم”.
أيضًا ورد عن أبو هريرة حين قال عن رسول الله: ” إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وعلقت أبواب النار وصفدت الشياطين”.
كيفية معرفة حكم الأحاديث النبوية الشريفة
بعد التعرف على عدم صحة حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان، مع حكم نشر الأحاديث الكاذبة بأنه أمرٌ غير جائزٍ على الإطلاق. قد يخطر في بالك كيفية التعرف على صحة أي حديثٍ تسمعه. لذلك سنساعدك في هذا الأمر، من خلال إخبارك بطرق تصنيف الأحاديث، وهي كالآتي:
- الأحَاديث الصحيحة: هي الأحاديث التي تملك سندًا منضبطًا دون أي شذوذ.
- الأحادِيث الحسنة: تدل على الأحاديث خفيفة الضبط.
- الأحاديث الضعيفة: وهي ما اتفق على عدم امتلاكها لأيٍّ من صفات القبول.
هكذا نكون قد تعرفنا على كل ما يخص صحة حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان، مع التعرف على نظيره من الأحاديث غير الصحيحة. وذلك حرصًا منا على إفادتك لتمتنع عن نقل هذا الحديث وخاصةً في ظل هذه الفترة المباركة وهي موعد قدوم شهر رمضان المبارك. وأخيرًا لا تنسى أن نشر أي حديثٍ عن لسان الرسول صلى الله عليه وسلم دون التأكد من صحته، هو أمرٌ غير مسموحٍ به في الدين الإسلامي وسيلحق بك الإثم والعقاب من الله عز وجل.