العديد من الأشخاص يهتمون بالاطلاع على إنجازات الآخرين من مشاهير وحكماء ومؤثرين حول العالم، وسيرة حياتهم الشخصية والعملية، وأفكارهم ليستلهموا منهم ويبنون أفكارهم الخاصة، كذلك ليستفيدوا من تجاربهم الشخصية، وإحدى هذه الشخصيات التي برزت في العصور القديمة هو الحكيم والفيلسوف الصيني كونفوشيوس، ستقرأ في هذه المقالة عما لا تعرفه عن كونفوشيوس، من هو، سيرته الذاتية، وما هي أبرز أعماله ومؤلفاته؟
شاهد أيضًا: السيرة الذاتية لأفلاطون
ما لا تعرفه عن كونفوشيوس
كونفوشيوس هو لقب أطلق عليه، ومعناه: الملك الفيلسوف، أمّا اسمه الحقيقي فهو كونغ كيو، ولد في شرق الصين في مدينة لو التي كانت من المدن المقدسة في الزمن القديم، حوالي عام 551 قبل الميلاد، من مواليد برج الميزان، وبالرغم من دمامة وجهه، حيث كان يتصف بأسنان حادة وأذنان كبيرتان، وأنف أفطس، نال محبة وتقدير واحترام الناس، وذلك بسبب حسن خلقه وذكائه الواضح. إذ أنه وضع الكثير من التعاليم والقواعد ذات الطابع الإنساني، فكان من أوائل الحكماء الذين لهم تأثير كبير في فكر وحياة الصينيين، حيث انتشرت الفلسفة الكونفوشيوسية التي استمدت مبادئها من العادات والتقاليد الصينية، والتي كانت تدعو إلى السلام، واحترام الآخرين، والولاء للعائلة والأجداد، والتحكم بالذات وغيرها من القيم السامية.
شاهد أيضًا: السيرة الذاتية لأرسطو أوناسيس
بدايات كونفوشيوس
ابتدأ حياته المهنية في سن صغيرة، كعامل في رعي الأغنام والزراعة، ليساعد والدته بعد وفاة والده، فكان يذهب إلى العمل بعد الانصراف من المدرسة، وعندما بلغ سن الشباب التحق بالأعمال الحكومية، فعمل في خدمة الأمراء والملوك، وأتقن عمله واهتم به، وقام بأدائه على أفضل وجه، مما لفت نظر الأمراء إليه، وحصل على ثقتهم وودّهم، فقاموا بترقيته، وأصبح مشرفًا على حدائق الولاية، فاستمر بالعمل الحكومي لفترة طويلة خلال حياته، بالرغم من انقطاعه عنه، حوالي 16 عامًا، حيث استغل هذه الفترة في إنشاء مدرسة، وعلّم بها التاريخ وآداب اللياقة وكذلك الشعر، ثم واصل بعدها العمل الحكومي.
حياة كونفوشيوس المهنية
كان متفانيًا في أداء واجباته، مما ساعده في الحصول على محبة وثقة الملوك والأمراء، فتقلّد مناصب حيوية في الدولة، وذاع صيته في البلاد، فكان من أشهر المناصب التي تقلّدها هي منصب وزير العدل، وخلال فترة استلامه لهذا المنصب لوحظ انتشار العدل، وتحقيق المساواة بين جميع الناس، وكذلك ازدياد الإنتاج، لكن عند وصوله إلى سن الستين، رغب في مساعدة الناس، وتشجيعهم على تغيير نمط حياتهم بأنفسهم، فاستقال من عمله الحكومي، وأعاد تأسيس مدرسة في قريته، ليدّرس فيها الناس تعاليمه وأفكاره، فأصبح لديه الكثير من التلاميذ، الذين يقدر عددهم بحوالي 3000 تلميذ، فعمل على تجهيزهم، ليذهبوا إلى القرى الأخرى وينشرون فيها تعاليم وأفكار المذهب الكونفوشيوسي، وهو المذهب الذي قام بتأسيسه، والذي استمر حوالي عشرين قرنًا، ولم ينحسر إلا بعد أن تحولت الصين إلى الشيوعية، وابتعدت عن الأديان والمذاهب المختلفة.
أهم إنجازات كونفوشيوس
- أسس المذهب الكونفوشيوسي الذي استمر عشرين قرنًا.
- شجع على فكرة التعلم الذاتي والمستمر، فأحدث تغييرًا جذريًا في أساليب التعلم.
- حفز على جعل التعليم مجانيًا، ومتاحًا لجميع الناس.
- أعاد صياغة الكثير من الأعمال الصينية القديمة.
- ألّف العديد من الكتب في المجالات المختلفة، كالتاريخ، والشعر، والسلوك الإنساني، وغيرها.
أبرز مؤلفات كونفوشيوس
بسبب أن كونفوشيوس لم يكن من الأشخاص المهتمين بتدوين، وكتابة كل أفكاره، تولى تلامذته هذه المهمة، وقاموا بجمع تعاليمه، وقواعد الكونفوشيوسية وأقواله، وتنظيمها في مجلدات، وكان من أبرزها:
- سجل المراسم: يشتمل على القواعد الأخلاقية، آداب اللياقة.
- كتاب في التاريخ: جمع فيه كل ما تعرض له من قصص وحوادث في حياته، ومع الحكام.
- المختارات: يحتوي على أقوال وحكم كونفوشيوس.
- كتاب في التغيير: من أبرز الكتب العلمية التي درس فيها السلوك الإنساني وفلسفة تطوره.
- المنتخبات الأدبية: يحتوي على المحاضرات التي جمعها تلامذته وأفكاره.
حياة كونفوشيوس الشخصية
ولد كونفوشيوس في أسرة فقيرة، وتوفي والده عندما كان صغير السن قي سن الثالثة، كما توفيت والدته عندما وصل إلى عمر 23، كان فتًا بارًا، وذكيًا، ومجتهدًا في دراسته، كما كان يعمل بعد انتهاء دوامه في المدرسة ليساعد والدته، تزوج في عمر التاسعة عشرة من تشي جوان، وكان له ولد واحد فقط يدعى كونغ لي الذي توفي بعمر مبكر، وفطر قلب أبيه عليه، لم يدم زواجه من تشي جوان سوى أربع سنوات، ولم يتزوج بعدها مرة أخرى. كما كان شديد الحب والتعلق بالعزف والموسيقا، مما كان له الأثر الكبير في شخصيته. فقد اتصفت بالرقة واللطف ولين الجانب، لم يكن يتناول اللحوم فقد كان نباتيًا، وشجع الآخرون على الالتزام بالحمية النباتية واعتبارها أسلوب حياة. كما تحلى بالعديد من الصفات الإيجابية كالصدق، والنزاهة، والذكاء، والكرم، فحظي بمحبة الكثير من الناس الذين اعتبروه معلمًا وحكيمًا. لكنه كان كثير التواضع، فرفض أن يطلق عليه أي لقب.
اقرأ أيضًا: السيرة الذاتية لنيكولو ميكافيلي.
وفاة كونفوشيوس
توفي كونفوشيوس خلال عام 479 فبل الميلاد، عن عمر ناهز 72 عامًا. قضاه بنشر الحب، والأخلاق والتعليم، والتفاني في آداء عمله، وخدمة الآخرين.
وفي النهاية، نكون قد تعرفنا على ما لا تعرفه عن كونفوشيوس، من هو؟ وسيرته الذاتية، ذلك الفيلسوف الذي نسجت حوله الأساطير، وبنيت له العديد من المعابد، والنصب التذكارية لتخليد ذكراه. فكانت كل الحقائق تشير إلى صدقه وتواضعه ومحبة الناس الكبيرة له، وعلى اجتهاده وسعيه الكبير في تحقيق حلمه بنشر الأخلاق الفاضلة والقيم السامية في كل أرجاء العالم. وذلك بالرغم من الاضطهاد الذي تعرض له من فبل الملوك والأمراء الذين رفضوا أفكاره وتعاليمه ومذهبه.