ينتظر الموظفون في القطاعات الحكوميّة والخاصة في الإمارات إجازة المولد النبوي لعام 2023. الذّي يصادف يوم الخميس 21 أكتوبر. حيث يحتل يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة لدى جميع المسلمين. فيحتفل المسلمون في كل أصقاع الأرض بعيد المولد النبوي سواء المقيمين على الأراضي العربيّة أو المقيمين في الدّول الأجنبيّة. كما يعتبرونه يوم للاحتفال بذكرى ولادة المصطفى عليه الصلاة والسلام. وتبدأ مراسم الاحتفال من بداية شهر ربيع الأوّل، وسط أجواء من التّسامح. كما وتجهّز المساجد بالإنارة والزّينة بمختلف أنواعها. بالإضافة إلى تحضير أناشيد وخطب يلقونها في المساجد احتفالًا بعيد المولد النبوي، وتحضير دروس تتحدث عن مكارم أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والدّعوة للاقتداء به.

المولد النبوي الشريف

تحتفل الأمة العربية والأسلامية بذكرى المولد النّبوي الشّريف في كل عام  وهو الثاني عشر من ربيع الأول. اليوم الذي ولد فيه سّيد الخلق وحبيب الحق محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم ابن مناف في شعب بني هاشم في مكّة المكرمّة، عام 571 للميلاد. وكان مولده في النّهار وقت طلوع الفجر. وتصّف السّيدة آمنة والدته أنّه لحظة خروج النبي  عليه الصلاة والسلام وقع على الأرض مستندًا على يديه، ورافعًا بصره إلى السّماء، ومع خروجه ظهر نور منه. وقد استبشر به جدّه عبد المطلب وأدخله الكعبة وشكر الله تعالى على هذه الهبة، وأسماه محمّد. على الرّغم من أنّ هذا الاسم لم يكن متداولًا في تلك الفترة. وعاش النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمدّة أربعين عامًا.

مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في الإمارات

على الرّغم من أنّ عيد المولد النبوي لا يُعدُّ من أعياد المسلمين المُشرَّعة. إلّا أنّ فرحة المسلمين العارمة بهذه المناسبة، تدفعهم للاحتفال به. ويصوم فيه الإماراتيون ويكثرون من تلاوة القرآن الكريم. وتتعدّد مظاهر البهجة والاحتفال بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فتُعقد حلقات للذّكر في المساجد، وتعلو أصوات الإنشاد من الجوامع التّي تضجُّ بذكر المدائح النّبويّة الشّريفة العذبة. كما أنّهم ينصبون الخيام ويقدّمون فيها مختلف أنواع الحلويات والسّكاكر كالغريبة والكعك بالتّمر والسّمسميّة والبقلاوة.

ويُكثر المسلمون في هذا اليوم من الصّلاة على خير الأنام، لنيل شفاعته يوم الدّين. ويستغلون هذه الذّكرى للإكثار من عمل الخير بكل أشكاله، من تقديم الصّدقات واستذكار الأحاديث النّبويّة الشّريفة وسنن النّبي المصطفى، وما يميّز هذا اليوم أيضا هو التّزاور بين الأقارب وتبادل أطباق الحلويات وبذلك تزداد أواصر المحبة.

الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على مر العصور

يعتبر الفاطميون السّباقون في الاحتفال بعيد المولد النبويّ الشّريف، فقد أقام الإمام السيوطي حاكم أربيل أول احتفالية كبيرة لإحياء ذكرى المولد النبري الشّريف. ليصبح بعد ذلك واحد من أبرز الاحتفالات التّي تُقام في البلاد كل سنة. ومن أبرز مظاهر الاحتفال في ذلك العصر هو حمل الصّواني المليئة بالحلوى في موكب يسير إلى جامع الأزهر ومنه إلى قصر الخليفة حيثُ يقيمون احتفالات الذّكر.

وفي العهد المملوكي كانت تُقام احتفالات المولد النّبوي بعد صلاة الظّهر، بتلاوة الآيات القرآنية الكريمة، وتُقام جلسات الخُطب في مدح الرسول الكريم، وتوزع الحلوى بعد صلاة المغرب.

أمّا في العصر الأيوبي فقد كانت تُقام الموائد الضّخمة للفقراء والمساكين.

واستمرت هذه الاحتفاليات إلى العصر العثماني حيث كانت تقام مجالس للذّكر يحضرها كبار رجال الدّولة.

طقوس الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في بعض الدول العربية

تختلف مظاهر الاحتفال بعيد خير الأنام، فكل بلد يحتفل بطريقته الخاصة ويحيي الذكرى بطقوس معيّنة. إلّا أنّهم يجتمعون على هدف واحد ويرفعون شعار واحد، وهو حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم. وسنتحدث بإيجاز عن طقوس بعض البلدان العربيّة:

  • مظاهر الاحتفال بالمولد النّبوي في مصر: تصدح مآذن الجوامع بأعذب الأشعار والقصائد التّي تؤكد على حب الرّسول وآل بيته، ويقيمون مجالس الذّكر، وينشدون الأناشيد الدّينيّة، وينصبون الشوادر قبل حلول العيد بحوالي الشّهر. ويشترون عروس المولد وحصان المولد ويقدمونها هدايا. كما أنّ النساء يطبخن أشهى المأكولات والحلويات في احتفالًا بهذه المناسبة.
  • مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في المغرب العربي: تعدّ مدينة القيروان مركز الاحتفال الرئيسي، وذلك بسبب تمتع هذه المدينة بقيم تراثية وثقافيّة. وتختلف مظاهر الاحتفال فيها ما بين حلقات الذكر والابتهالات والإنشاد. والذي يميز احتفالاتهم هو وجبة العصيدة التي يحضرها التونسيون احتفالًا بهذا الذكرى. وتنتشر روائح البخور من البيوت التّونسيّة.
  • مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في فلسطين: يستقبل الفلسطينيون ميلاد النبي محمد باحتفالات تسمى “العدّة” فيقومون بقرع الطّبول وحمل الرّايات وترديد ابتهالات من زمن القائد صلاح الدّين الأيوبي.

طقوس الاحتفال بالمولد النبوي في دول إسلامية غير عربية

لا يقتصر الاحتفال بعيد المولد النبوي على البلدان العربية، بل يمتد ليشمل بعض الدول غير العربية، ومنها:

  • ماليزيا: تسير الكرنفالات والمواكب في الشوارع الماليزيّة مصحوبةً بالأهازيج والأدعيّة الدّينيّة، وتُزيّن المساجد والمباني العامة بأعلام الزّينة احتفاءُ بهذه المناسبة. بالإضافة إلى ذلك تُعقد احتفالات مركزية يتحدثون فيها عن مناقب الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • الصّين: تتشابه احتفالاتهم بهذه المناسبة مع احتفالات عيد الفطر وعيد الأضحى، فيبدأ يومهم بالذّهاب إلى المساجد لتأدية الصّلاة، ويجهزون موائد طعام يغلب عليها الأطعمة الصينية التقليدية ليتناولها المصلون عند انتهاء الاحتفال.
  • الباكستان: تختلف احتفالات الباكستان بمناسبة عيد المولد النبوي عن باقي البلدان، فتُضاء الشّوارع الرّئيسيّة بالضوء الأخضر، وتُقام خيمة كبيرة وسط المدينة تعلو منها الأناشيد الدّينيّة التّي تمتدح الرّسول الكريم، وتستمر طوال اليوم.
  • الهند: لا تختلف كثيرًا الاحتفالات في الهند عن باقي البلدان، فتعقد الاجتماعات العامة تحت اشراف الهيئات والجمعيات الاسلاميّة، يجتمع فيها جميع المسلمين وكبار الشّخصيات وزعماء الوطن. وتُلقى فيها خطابات عن سيرة الرسول وتتحدث عن معالم الدّين الإسلامي التّي تدعو إلى المحبة والسّلام.

حكم الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف

ارتأى بعض علماء الدّين أنّ الاحتفال بعيد المولد النّبوي عبارة عن بدعة ولم يكن عليها سلف الأمّة العربيّة، ولم يُذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد احتفل في هذا اليوم. كمّا أن الخلفاء الرّاشدين من يحتفلوا به، وبالتالي فالاحتفال به بدعة لأنّه لا يتوجب على المسلم الاحتفال إلا بالأعياد التّي شرعها الله تعالى.

وبالمقابل ذهب بعض العلماء الآخرون إلى القول بجواز الاحتفال بعيد المولد النّبوي لإظهار السرور في هذه المناسبة، وانتهازها فرصة للقيام بأعمال صالحة.

وفي النهاية لا بدّ من التّأكيد على واجبنا كأمة عربيّة تجاه نبينا هو السيّر على نهج الرّسول الكريم، والاقتداء به، وذكر سنته الشّريفة في المجالس الدّينيّة. بالإضافة إلى تدريسها في المدارس والجوامع.