هل شاهدت مسبقًا برنامجًا عن الفضاء ورأيت كيف تعوم الأشياء فيه بحرية تامة. وتساءلت عندها ما هي القوة التي تجعل أقدامنا ثابتة فوق الأرض. وماهي القوة التي تجعل التفاحة تسقط نحو الأسفل؟ وكيف تتساقط الأمطار وتتجمع في البحار والمحيطات؟ الجواب على كل هذه التساؤلات وغيرها هو الجاذبية الأرضية. وإذا كنت عزيزي القارئ من محبي العلم والمعرفة، وترغب بقراءة المزيد من المعلومات عن تعريف الجاذبية الأرضية وأهميتها، ومن هو مكتشفها، وما هي تطبيقاتها العملية على أرض الواقع، تابع معنا مقالنا التالي.

تعريف الجاذبية الأرضية

يمكننا تعريف الجاذبية الأرضية ببساطة على أنها القوة التي تجعل كل شيء يسقط نحو الأرض. وكأن الأرض تمارس على هذه الأشياء قوة جذب تدفعها باتجاهها. وهي ظاهرة طبيعية وجدت مع وجود الكون. ثم اكتشفها العلماء بعد العديد من الملاحظات والتجارب العلمية. كما أن لها الكثير من التأثيرات على أرض الواقع ومن دونها لا يوجد حياة على سطح الأرض. وهي أيضًا واحدة من القوى الأساسية الأربعة للطبيعة، بالإضافة إلى الكهرومغناطيسية والقوى النووية القوية والضعيفة. ولكن وعلى عكس الكهرباء والقوى المغناطيسية التي يمكن أن تتنافر أو تتجاذب، تعمل الجاذبية الأرضية دومًا على تقريب الأجسام من مركز الأرض.

المبدأ الفيزيائي لقوى الجاذبية

تمارس الأجسام التي تمتلك كتلة معينة قوى جذب تجاه بعضها البعض، تسمى هذه القوى بالقوى الكتلية. تتناسب هذه القوى طردًا مع كتلة الأجسام (مقدار ما تحتويه من مادة)، وعكسًا مع مربع المسافة الفاصلة بينها. تنتطبق هذه القوانين على كل الأجسام صغيرة كانت أم كبيرة، ومن هذا المنطلق يمكن تعريف الجاذبية الأرضية بأنها قوى الجذب التي تمارسها كتلة الأرض الهائلة على الأجسام الواقعة فوقها. ويختلف تأثير الجاذبية الأرضية على الأجسام باختلاف كتلتها، ومدى قربها من مركز الأرض. لا يقتصر وجود هذه القوى على كوكب الأرض فقط، وهي موجودة أيضًا بين الكواكب والأجرام في المجموعة الشمسية، على سبيل المثال تؤثر الشمس على كوكب الأرض بقوة معينة وتبقيه في مدار حولها. تتواجد هذه القوى التجاذبية بين جميع الكواكب ومن دونها قد ينهار نظامنا الشمسي بأكمله.

أهمية الجاذبية الأرضية

ببساطة لا يمكننا العيش من دون قوى الجاذبية. وهي مهمة جدًا في حياتنا اليومية. وبدون جاذبية الأرض سنطير بعيدًا عنها محلقين في الفضاء الواسع. قد يكون هذا الشعور ممتعًا في لحظاته الأولى إلا أننا بالتأكيد لا نستطيع العيش بدون جاذبية. لا تقتصر أهميتها على الأشياء الموجودة فوق سطح الأرض بل تتعداها إلى نطاق أوسع ويمكننا اختصار أهمية الجاذبية الأرضية بالتعدادات التالية:

  • تبقي قوى الجاذبية الأرض في مدار حول الشمس، ومن دونها سيغيب ضوء الشمس عن سطح الأرض وتغيب معه الحياة.
  • تساعد الجاذبية في إبقاء الأرض على مسافة مناسبة من الشمس، بحيث لا تكون شديدة الحرارة أو شديدة البرودة.
  • تسمح بتجمع المياه على شكل بحار وسدود، وبالتالي تساهم بالمحافظة على مصادر الحياة الأساسية.
  • تحافظ على تماسك الغلاف الجوي.
  • تحافظ على ثبات الأجسام الموجودة فوق سطح الأرض، وعلى الإنسان والحيوانات والنباتات على سطح الأرض.
  • تعتبر الجاذبية الأرضية ضرورية لصحة الإنسان ومن دونها يضطرب عمل القلب وجهاز الدوران، ويزداد خطر تشكل الحصيات البولية.
  • نحتاج الجذبة الأرضية لتثبيت الكالسيوم في العظام ومن دونها تنخفض الكثافة العظمية بمقدار 20%.

نظرية نيوتن عن الجاذبية الأرضية

لم يكن لدى العالم إسحاق نيوتن نظرية واضحة حول الجاذبية الأرضية، ولكن يمكننا القول أنه أول من اكتشف ووصف هذه القوة. بدأ ذلك عندما لاحظ أن القوة التي جعلت التفاحة تسقط عن الشجرة هي نفسها القوة التي جعلت القمر يدور في مداره حول الأرض، وانطلاقًا من هذا المبدأ وبعض التجارب الفكرية، استنتج نيوتن أنه يوجد ثلاثة عوامل فقط تؤثر على الجاذبية بين جسمين وهي:

  • كتلة الجسم الأول.
  • كتلة الجسم الثاني.
  • المسافة بين الجسمين.

يمكن حساب قوة الجاذبية بضرب كتلتي الجسمين معًا، ثم القسمة على مربع المسافة بينهما. ومنها يمكننا القول: تزداد قوة الجاذبية بازدياد كتلة الأجسام وزيادة قربها من بعضها البعض.

نظرية أينشتاين عن الجاذبية الأرضية

قام ألبرت أينشتاين بإجراء بعض التحسينات على هذه النظرية، وأضاف مفهوم الوزن وعرفه بأنه قوة الجاذبية المؤثرة على الجسم. وزن الإنسان على الأرض هو مقدار قوة جاذبية الأرض عليه. وبالاعتماد على مبدأ التكافؤ اكتشف أن الأجسام ذات الكتل المختلفة تمتلك التسارع نفسه، على سبيل المثال إذا أخذنا كرتين لكل منهما كتلة معينة، وأسقطناهم من أعلى مبنى باتجاه الأرض، فسوف تصطدمان بالأرض في نفس الوقت. سمي هذا التسارع الذي تسقط فيه جميع الأجسام فوق سطح الأرض بتسارع الجاذبية الأرضية أو “g” ويساوي 9.807(م / ث 2).

حقائق ممتعة حول الجاذبية الأرضية

  • تمتلك جميع الكواكب في المجموعة الشمسية قوى جاذبية معينة.
  •  تحدث حركة المد والجزر في المحيطات بسبب جاذبية القمر.
  •  كوكب المريخ أصغر حجمًا وكتلة من الأرض ونتيجة لذلك، فإن جاذبيته أصغر من جاذبية الأرض، فإذا كان وزنك على الأرض هو 100 باوند سيعادل وزنك على المريخ 38 باوند.
  • وجود قوى الجاذبية يساهم في تشكيل الغلاف الجوي حول الأرض وحماية كوكبنا من خطر الإشعاعات الكونية الخطيرة.
  • يستفاد من قوى الجاذبية الأرضية في الكثير من التطبيقات العملية والصناعية وتساعد في عملية إنتاج الطاقة.

وأخيرًا، يمكن القول إن العلم الخاص بالجاذبية الأرضية، لا يزال في تطور مستمر في سبيل تحقيق المزيد من الاكتشافات العلمية المفيدة للبشرية.