حكم القنوط واليأس من رحمة الله في الدين الإسلامي، إذ يعتبر من أشد الأمور سوءًا في الإسلام. فمن المعروف عن رحمة الله عز وجل أنها كبيرة لا حدود لها. فمهما اشتد الكرب أو المرض أو الظلم على الإنسان، فلا يجب عليه أن يستسلم لحزنه وضعفه وهمه أبدًا. بل يجب أن يدفعه إيمانه برب العالمين إلى التحلي بالصبر، والابتعاد عن القنوط واليأس من رحمة الله. لذلك ونظرًا لأهمية هذا الموضوع خصصنا هذا المقال في موقع كيف لتعريفك بكافة التفاصيل المتعلقة بالقنوط واليأس من رحمة الله. كما سنعرفك على حكم القنوط واليأس من رحمة الله في الإسلام. فتابع معنا.

الفرق بين القنوط واليأس

كثرت أقوال العلماء التي جاءت في تحديد الفرق بين القنوط واليأس، فكل عالم وضع قول لمحاولة توضيح الفرق بينهما. ومن أهم هذه الأقوال:

  • القول الأول: أن ما تبينه الآيات القرآنية في الظاهر يدل على أن اليأس أشد من القنوط؛ فقد وصف القرآن الكريم أهل اليأس بالكفر فقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، أما حكم القرآن على أهل القنوط كان بالضلال فقال تعالى: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}، ومعلوم أن الضلال قد يكون كفرًا، وقد يكون دون الكفر.
  • كما القول الثاني: أنه لا يوجد فرق بينهما، وأن وصف أهل القنوط بالضلال، ووصف أهل اليأس بالكفر لا يدل على الفرق بينهما، فقد يقال للكافر ضال كذلك كما في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}.
  • القول الثالث: أن معنى اليأس انقطاع الطمع من الشيء، والقنوط أخص منه، فهو أشد اليأس.
  • وأخيرًا القول الرابع: أن اليأس استبعاد انتهاء المكروه، أما القنوط استبعاد رحمة الله تعالى، واستبعاد تحقيق المطلوب.

شاهد أيضًا: وصل الاسلام الى حدود الصين شرقا والاندلس غربا في عهد

حكم القنوط واليأس من رحمة الله

لقد حَكم علماء الدين الإسلامي على القنوط واليأس من رحمة الله على أنهما من أشد الكبائر. كما قالوا أنها قد تخرج الشخص من الملة. وقد كان حكم القنوط واليأس من رحمة الله عند البعض الآخر على أنها أكثر تحريمًا من الكبائر الظاهرة. ومن هؤلاء العلماء الإمام القرطبي الذي جعلها في ثاني مرتبة من الكبائر، من بعد الشرك بالله. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله، والأمن من مكر الله”.

"<yoastmark

شاهد أيضًا: أسماء بنات إسلامية دارجة وجميلة 

حكم القنوط واليأس من رحمة الله في القرآن الكريم

ذم القرآن الكريم القنوط واليأس من رحمة الله في كثير من الآيات الكريمة، وجاء حكم القنوط واليأس من رحمة الله في القرآن الكريم وفق الآتي:

  • قال تعالى: {قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}.
  • كما قال الله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}.
  • وأيضًا قوله تعالى: {قلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.
  • وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.
  • كما قول الله تعالى: {لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}.
حكم القنوط واليأس في القرآن الكريم

القنوط واليأس في القرآن الكريم

شاهد أيضًا:عيد الأضحى في قطر 2023 موعد و مراسم احتفال  

حكم القنوط واليأس من رحمة الله في السنة النبوية

ورد عدة أحاديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، يذم فيها القنوط واليأس من رحمة الله. ومن أهم الأحاديث التي جاء فيها حكم القنوط واليأس من رحمة الله الآتي:

  • قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَومَ خَلَقَها مِائَةَ رَحْمَةٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رَحْمَةً، وأَرْسَلَ في خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً واحِدَةً، فلوْ يَعْلَمُ الكافِرُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، ولو يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بكُلِّ الذي عِنْدَ اللهِ مِنَ العَذابِ، لَمْ يَأْمَن مِنَ النَّارِ”.
  • كما قال محمد صلى الله عليه وسلم: “لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ العُقُوبَةِ، ما طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، ولو يَعْلَمُ الكَافِرُ ما عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، ما قَنَطَ مِن جَنَّتِهِ أَحَدٌ”.

علاج القنوط واليأس من رحمة الله

كم بين العلماء حكم القنوط واليأس من رحمة الله، بينوا أيضًا أهم الطرق التي من شأنها علاجهما. ومن أهمها الآتي:

  • معرفة أسماء الله الحسنى وأيضًا صفاته، وتقوية الإيمان به، من خلال ذكره بشكل دائم.
  • حسن ظنك بالله عز وجل. فقد قال الله تعالى:”أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”.
  • كما التحلي بالصبر والسلوان عند وقوعك في مصيبة ما، فقد قال الله تعالى:”{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}”.
  • دعائك وتضرعك لله مع يقينك بشكل مسبق باستجابة الله تعالى لك، فقال الله تعالى:”{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ، وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}”.
  • إيمانك بقضاء الله وقدره، ومعرفتك أن كل ما يصيبك مكتوب عليك، ولا مهرب منه. فقال الله عز وجل في ذلك:” {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}”.

شاهد أيضًا: ذكرى المولد النبوي الشريف في العراق 2023  

إلى هنا نكون وصلنا لنهاية مقالنا حكم القنوط واليأس من رحمة الله تعالى، والذي عرفناك من خلاله على الفرق بين القنوط واليأس، وحكمهما في الدين الإسلامي بالتفصيل.