تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بالمحميات الطبيعية بهدف تطويرها، بما ينعكس إيجابًا على الحياة البرية، ويساعد على حفظ التوازن البيئي في المملكة. وتعتبر محمية الإمام تركي بن عبد الله، واحدةً من أهم هذه المحميات. وذلك لاحتوائها على أنواعٍ فريدةٍ من الحياة النباتية والحيوانية. ولعلك عزيزي القارئ ترغب بالتعرف على هذه المحمية المميزة عن قرب، لذا دعنا نسافر معًا في جولةٍ ضمن ربوعها.

موقع محمية الإمام تركي بن عبد الله السعودية

تقع المحمية في المنطقة الشمالية الشرقية من المملكة شرق مدينة حائل وشمال مدينة الرياض، في حين تتوزع مساحتها البالغة واحد وتسعون ألفًا وخمسمائة كيلو مترًا مربعًا، ضمن النطاقات الإدارية لثلاث مناطق، الجوف، القصيم، حائل، كما تضم ما يعرف سابقًا بمحمية التيسية، إضافةً إلى المناطق المجاورة لها.

الشروط المناخية والجغرافية في محمية الإمام تركي الملكية

يسود في المحمية المناخ القاري الصحراوي. ويتميز بكونه حارًا وجافًا صيفًا، وباردًا وماطرًا شتاءً. وتصل درجات الحرارة في الصيف إلى خمسٍ وأربعين درجةً مئويةً، في حين تنخفض في الشتاء إلى ما دون -3 تحت الصفر، أما معدل الهطول المطري فيبلغ حوالي مائة وخمس وأربعون ملم سنويًا.

من ناحيةٍ أخرى، تتميز المحمية بتنوع تضاريسها. حيث تحتوي على العديد من الأودية والشعاب والسهول. إضافةً إلى تداخل التضاريس مع الكثبان الرملية، ومناطق الحرّات البازلتية. لذلك تصبح بيئةً مناسبةً لنمو وتكاثر الأنواع الفطرية.

الغطاء النباتي في محمية الإمام تركي الملكية

تتميز المحمية بغطاءٍ نباتيٍ فريدٍ يضم أكثر من مائة وعشرين نوعًا من الفصائل النباتية. أما أهم نباتاتها فهي أشجار الطلح، والسدر، وتتواجد على شكل تجمعاتٍ متفرقةٍ. إضافةً إلى النباتات الشجرية، والتي تختلف مناطق انتشارها باختلاف التربة. ففي الوقت الذي يغطي نبات العرفج معظم المناطق ذات الترب الرملية والضحلة، يسود الرمث في بعض الترب الأكثر تماسكًا وملوحةً، في حين يظهر نبات الأرطي في الترب المتحركة والأكثر عمقًا، مصحوبًا بنباتات الغضا والعاذر.

من ناحيةٍ أخرى تظهر النباتات الموسمية في مواسم الأمطار، كالخزامى، والمحصيص، بينما تظهر الجنبات القزمة المعمرة في الأودية، ومنها نباتات النقد والقفعاء. والنباتات ذات الاستخدامات الطبية والعطرية، كنبات الشيح والقيصوم.

التنوع الحيواني في محمية الإمام تركي بن عبد الله

تضم هذه المحمية ما يزيد على ستين نوعًا من الفصائل الحيوانية، غالبيتها من الزواحف والطيور. فقد لوحظ وجود الضب بكثافةٍ، وخاصةً في الأجزاء الوسطى والشرقية من المحمية، بالإضافة إلى وجود الورل وبعض أنواع الثعابين.

ومن جهةٍ أخرى تتواجد الطيور بكثرة في هذه المحمية كطيور الحبارى الشرقية، والكروان العسلي، والوقواق، والبومة الصغيرة، والوروار الشرقي، والقبرة سوداء الرأس، والسنونو، وأبو حناء الأحراش الأسود، وأنواع أخرى مختلفة من الطيور. كما تعتبر المحمية من أهم مسارات الهجرة للعديد من أنواع الطيور، كطائر الحبارى الأسيوي.

أما الثديات فقد لوحظ تواجدها ضمن مجموعاتٍ ضئيلةٍ، وأهمها الذئب العربي، والثعلب الأحمر، وثعلب الرمال، والقط البري، وقنفذ الصحراء، وغرير العسل، والأرانب البرية.

هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبد الله

تضع هيئة تطوير المحمية، بتوجيهاتٍ من رئيس مجلس إدارتها الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز، الخطط والأهداف التي سيتم العمل عليها للحفاظ على الحياة الفطرية في المحمية، وإنمائها، وحماية البيئة داخلها بما يكفل التوازن البيئي فيها.

وقد تم إطلاق عدد من غزلان الريم بالتعاون مع مركز تنمية الحياة الفطرية. وتهدف هذه العملية إلى إعادة توطين الحيوانات الفطرية، وتكوين مجموعات متكاثرةٍ ذاتيًا من الأنواع المحلية المهددة بالانقراض. كذلك تهدف هذه العملية إلى رفع الوعي، وتعزيز فرص التعليم البيئي، وإشراك المجتمعات المحلية فيها.

ومن جهة أخرى فقد أطلقت حملة تشجيرٍ داخل المحمية، بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وذلك بزراعة عدد من النباتات البرية. وقد وضعت خطة لريها بالاعتماد على طريقة حصاد المياه، حيث تجمع المياه في موسم الأمطار، ثم تستخدم للري في فصل الصيف.