إنّ شهر رمضان شهرٌ تستجاب فيه الدعوات وتغفر فيه الذنوب وتقلُ فيه العثرات ويصبح المؤمن أقرب إلى ربه، تمتلئ فيه قلوب الناس خشوعاً، وتتجلى طاعة الله في سلوك عباده المؤمنين الذين يمتنعون عما نهاهم الله عنه ويلتزمون بما أمر به فتعف النفس فيه عن شهواتها من طعامٍ و شرابٍ وكل ما تشتهيه الأنفس، يغضُّ المؤمن بصره عن أعراض الناس، كما يذكر الإنسان بعظيم نعم الله تعالى عليه وفضله فيسارع إلى التّوبة عما تقدّم من ذنبه والغفران عما ارتكبت يداه من معاصٍ، كما يزداد شعور المرء بالفقراء فيبادر الى بذل البعض من ماله في سبيل التقرب من الله ومحبةً بأخوته المؤمنين.

الحكمة من فرض الصيام في شهر رمضان:

  • التقرُّب من الله تعالى ونيل رضاه فالمسلم في شهر رمضان يكثر من قراءة القرآن الكريم والصَّلاة والاستذكار ويسأل الله المغفرة ويتصدَّق على الفقراء والمساكين وأبناء السبيلِ، كذلك يمتنع عن تناول الطَّعام والشَّراب ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويكفُّ لسانه عن أعراض الناس ويغضُّ بصره عن أخطائهم وعثراتهم وعيوبهم وروي عن جابر عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أنَّه قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
  • يقرب المسلم من إخوته المسلمين فيسلكون نهجاً موحداً في سبيل نيل رضا الله تعالى، كما يشعر بمعاناة الآخرين وآلامهم ويتساوى فيه الغني مع الفقير فيزول الحقد وتسود المحبّة في قلوبهم، كذلك ينفق الغني من ماله في سبيل الفقير.
  • وسيلة للترفُّع عن وساوس الشَّيطان فيتجنَّب الفرد معصية الله ويشعر بمراقبته له فيصبح زاهداً في الدنيا هدفه نيل رضا الله تعالى فيكافئ الله عباده بمضاعفة حسناتهم وغفران ذنوبهم ويدخلهم جناته كما وعدهم، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي ﷺ قال: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه(البخاري 38 ومسلم 1817).

فوائد الدعاء في شهر رمضان:

إنَّ الدُّعاء عبادةٌ لله وسبيلٌ للتقرُّب منه ونيل رضاه فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون)
(البقرة186)، كما روي عن النَّبي محمد صلَّى الله عليه وسلم أنّه قال مؤكِّداً استجابة الله تعالى للدعاء: إذا دخل رمضان فتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وسلسلت الشياطين.

فوائد الصِّيام الصِّحية على الجسد:

يسهم الصِّيام في تخفيض مستوى السّكر في الدم عن طريق الإمتناع عن تناول الطّعام مما يسرّع من حرق الدّهون وذلك عن طريق استهلاك الجسم للدهون المخزّنة من أجل إنتاج الطّاقة، كما يسهم الصّيام بتخفيض الضّغط الشّرياني وإفراز الجسم لهرمون الأدرينالين مما يخفّض من خطر تصلّب الشّرايين، ولقد أثبتت الدّراسات دور الصّيام في تعزيز الجهاز المناعي وتخليص الجسم من المواد الضّارة، إضافة إلى إراحة الجهاز الهضمي والتخلُّص من بعض العادات الصِّحية السّيئة فيكون الصّيام بمثابة علاج لها.

مبطلات الصّيام في شهر رمضان:

هي كلُّ ما تجعل صومنا غير مقبولاً ويتوجًّب على من بطل صيامه ولا عذر له أن يقوم بالإمساك لبقية اليوم أمّا من كان يملك عذراً فلا يلزمه الإمساك، ويعد كل مما يلي من المفطرات:
• الأكل والشرب عن قصد فحالما يتم تناول الطعام عن عمد يعد الصوم باطلاً.
• ممارسة الجماع في أثناء النّهار أو إنزال المني عن عمد أي النّاجم عن شهوة الجسد أمّا الاحتلام فلا يعد مبطلاً للصوم.
• الإقياء عن عمد.
• الولادة والنّفاس والحيض فخروج الدم قبل أن تغرب الشمس يجعل الصّيام باطلاً
• الارتداد عن الإسلام.

السّلوك الواجب اتّباعه في صيامنا:

يتوجّب على المسلم الابتعاد عن الغيبة والنميمة والتهكّم والسّخرية وقول الكلام المسيء للآخرين والتحلي بمكارم الأخلاق والامتناع عن الغضب وكظم الغيظ، ومن الضروري التحلّي بالصّدق والأمانة والإيثار ومحبّة الناس، وكذلك صلة القربى والإكثار من الدعاء والاستغفار والبدء بداية جديدة صادقة مخلصة مع الله تعالى.