ما سبب طرد السفير اللبناني من البحرين؟ سؤال تم طرحه وتداوله كثيرًا خلال الساعات الأخيرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي. فمع ارتفاع حدة الأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، بدأت دول الخليج بطرد السفراء اللبنانيين من أراضيها. فما هو السبب الرئيسي الكامن وراء بدء فصول هذه الأزمة الشائكة؟ هذا ما سنرصده في فقرات هذا المقال.

أصدرت المملكة العربية السعودية يوم الجمعة في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الأول قرارًا يقضي بمغادرة السفير اللبناني لدى السعودية البلاد خلال ثماني وأربعين ساعة. كما قامت المملكة بحظر جميع الواردات القادمة من الدولة اللبنانية. حيث تسببت هذه الأزمة الدبلوماسية في تفاقم الأزمات التي تواجهها الحكومة اللبنانية. ففي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة اللبنانية حشد الدعم العربي لمساعدتها في النهوض باقتصادها المتداعي. جاءت هذه الأزمة لتفشل جميع هذه الجهود، ولتزيد من اتساع نطاق الأزمة في لبنان. ومما زاد من تفاقم هذه الأزمة واتساع رقعتها انضمام المزيد من دول الخليج إلى السعودية في قرارها. حيث طلبت البحرين أيضا من السفير اللبناني لديها مغادرة البلاد بعد وقت قصير من قرار السعودية.

ما سبب طرد السفير اللبناني من البحرين

صرحت الحكومة البحرينية بأنها طلبت من السفير اللبناني المتواجد في المملكة البحرينية، بمغادرة أراضي المملكة خلال مدة لا تتجاوز ثماني وأربعين ساعة. كما أكدت البحرين أن القرار لا يمسُّ الأشقاء اللبنانيين المتواجدين في الأراضي البحرينية نهائيًا. وأن القرار واجب التنفيذ خلال المدة التي حددتها وزارة الخارجية البحرينية.

كما أوضحت وزارة الخارجية البحرينية في بيانٍ رسميٍّ لها، أن هذا القرار جاء بسبب سلسلة من التصريحات والمواقف غير المقبولة والمسيئة التي صدرت من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين في الفترة الأخيرة. حيث تسببت التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، حول الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية على الحوثيين في اليمن، في إشعال فتيل أزمةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ بين دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبين الجمهورية اللبنانية. وتسببت هذه الأزمة بطرد السفراء اللبنانيين وسحب السفراء الخليجيين من لبنان أيضا.

تصريحات الوزير اللبناني التي تسببت بطرد السفير اللبناني من البحرين

أثناء استضافة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في برنامج “برلمان الشباب”، ضمن الحلقة التي تمَّ بثُّها على قناة الجزيرة القطرية في شهر أغسطس / آب من عام 2023. تطرق الحديث إلى الوضع السياسي في الجمهورية اليمنية وأحوال الحرب الدائرة على أراضيها، حيث أدلى الوزير قرداحي بالتصريحات التالية:

  • “إن الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم أمام عدوانٍ خارجيٍّ”.
  • وعندما سُئل وزير الإعلام اللبناني عن تدخل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن، وعمَّا إذا كان يعتبر هذا التدخل اعتداءً خارجيًا، أجاب الوزير قرداحي بالقول: “هناك اعتداءٌ بالتأكيد وإن الحرب في اليمن حربٌ عبثيةٌ يجب أن تتوقف”.
  • وعندما وجه أحد الحضور السؤال التالي: “هل تعتبر أن الإمارات والسعودية تعتديان على اليمن؟”. جاء رد الوزير قرداحي كالتالي: “أكيد فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات، ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمر، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”.

خلقت هذه التصريحات أزمة سياسية ودبلوماسية، على الرغم من أن الحلقة التي وردت فيها هذه التصريحات كانت في شهر أغسطس / آب، قبل أن يتولى قرداحي منصب وزير الإعلام في لبنان. لكن الكثيرين تعاملوا معها بأنها في النهاية تعبر عن موقف شخص هو الآن وزير في حكومة لبنان.

تداعيات تصريح وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي

بسبب تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، حول الحرب في اليمن، اتخذت العديد من دول الخليج إجراءاتٍ عديدةٍ بحق لبنان، نلخص لكم أهمها فيما يلي:

  • استدعت وزارة الخارجية الكويتية، يوم السبت 30 أكتوبر، سفيرها من لبنان، كما طلبت من القائم بالأعمال اللبنانية لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة.
  • استدعت السعودية يوم الجمعة 29 أكتوبر سفيرها في لبنان للتشاور، وكذلك طلبت من سفير لبنان لدى المملكة المغادرة خلال 48 ساعة.
  • قررت السعودية أيضا وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، كما أكدت حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة، وأنها لا تعتبر أن ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبرًا عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة.
  • كشفت صحيفة “عكاظ” السعودية عن نية إدارة مجموعة “MBC” إغلاق جميع مكاتبها في لبنان بشكل نهائي وانتقالها مع كامل معداتها إلى الرياض.
  • من جانب آخر، طلبت وزارة الخارجية البحرينية، يوم الجمعة 29 أكتوبر، من السفير اللبناني في المنامة مغادرة المملكة خلال 48 ساعة.
  • استنكرت الإمارات بشدة التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني، كما استدعت وزارة الخارجية الإماراتية سفير لبنان في الإمارات وأبلغته احتجاجها واستنكارها على هذه التصريحات.
  • كما سلم سفير اليمن في بيروت، أمين عام وزارة الخارجية اللبنانية، رسالة احتجاج على التصريحات التي أدلى بها الوزير جورج قرداحي.

رد الجانب الرسمي اللبناني بعد الأزمة السياسية مع الخليج

جاء رد الجانب الرسمي اللبناني بعد بدء الأزمة السياسية مع دول الخليج على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي كما يلي:

  • أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بيانًا تقول فيه إن الكلام الشخصي الذي صدر عن وزير الإعلام جورج قرداحي قبل تعيينه وزيرًا لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية الذي عبّر عنه رئيسها في البيان الصادر بالأمس، ولا بيانها الوزاري الذي يتمسك بروابط الأخوة مع الأشقاء العرب.
  • أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بيانًا يقول فيه إن كلام قرداحي، الذي صدر قبل انضمامه إلى الحكومة، كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقًا، خاصة فيما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديدًا الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي.

تصريحات الوزير جورج قرداحي بعد الأزمة السياسية مع دول الخليج

ما إن بدأت الأزمة السياسية في دول الخليج العربي مع لبنان، حتى بدأ الوزير جورج قرداحي بمحاولاتٍ للتقليل من حدّة كلماته، وللتخفيف من الأزمة السياسية التي قامت بسبب تصريحاته السابقة. حيث أدلى ببعض التصريحات التي بين من خلالها أن كلامه عن السعودية في برنامج “برلمان الشباب” فُهم بطريقة خاطئة. وجاءت هذه التصريحات عبر حسابه على Facebook يوم الثلاثاء 27 أكتوبر كالآتي:

“منذ صباح اليوم، وبعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، وبعض المواقع الإلكترونية تتداول مقطعًا من مقابلة أجريتها مع قناة الجزيرة أونلاين، في برنامج “برلمان الشباب”، وورد فيها كلام لي عن حرب اليمن، وقد ركزت هذه الوسائل الإعلامية على ما قلته بشأن الحوثيين ودفاعهم عن أنفسهم في وجه العدوان الخارجي، لذلك أود أن أوضح ما يلي:

أولًا، هذه المقابلة أجريت في الخامس من شهر آب أغسطس الماضي، أي قبل شهر من تعييني وزيرًا في حكومة الرئيس ميقاتي.

ثانيًا: لم أقصد ولا بأيّ شكلٍ من الأشكال، الإساءة للمملكة العربية السعودية أو الإمارات اللتين أكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء.

ثالثًا: إنَّ الجهات التي تقف وراء هذه الحملة أصبحت معروفة، وهي التي تتهمني منذ تشكيل الحكومة بأني آت لقمع الإعلام.

رابعًا: ما قلته بأن حرب اليمن أصبحت حربًا عبثية يجب أن تتوقف، قلته عن قناعة ليس دفاعًا عن اليمن ولكن أيضًا محبةً بالسعودية والإمارات وضنًا بمصالحهما.

خامسًا: عسى أن يكون كلامي، والضجة التي أثيرت حوله، سببًا بإيقاف هذه الحرب المؤذية، لليمن، ولكل من السعودية والإمارات.”