عمدت بعض دول الخليج العربي في إطار سعيها لضمان أمنها واستقرارها إلى تشكيل تحالفٍ عرف بمجلس التعاون الخليجي. وذلك بهدف رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء في المجالات المختلفة، ومن بينها المجال العسكري. وقد اتفق على إنشاء مقر القوة الخليجية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي عام 1982، وذلك إبان الحرب العراقية الإيرانية.
فإذا كنت عزيزي القارئ من المهتمين بالشأن العسكري، وترغب بتعميق رؤيتك الاستراتيجية للمنطقة، فإننا ندعوك للاطلاع على مقالنا هذا.

مقر القوة الخليجية الموحدة

وافق المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في دورته الثالثة سنة 1982، والمنعقدة في مدينة المنامة على إنشاء القوة الخليجية الموحدة، وقد سميت آنذاك بقوات درع الجزيرة. ضمت هذه القوات تشكيلاتٍ عسكريةٍ من الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وهي: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان. مع العلم قد ساهمت السعودية بالجزء الأكبر من عديد القوات.
في حين يقع مقر هذه القوة في المملكة العربية السعودية في مدينة الملك خالد العسكرية ضمن محافظة حفر الباطن، بالقرب من مثلث الحدود العراقية الكويتية.

حجم قوات درع الجزيرة

يهدف تشكيل هذه القوات إلى إنشاء منظومةٍ دفاعيةٍ مشتركةٍ. ويتلخص عملها في صد أي هجومٍ أو عدوانٍ محتملٍ من شأنه زعزعة أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي. إضافةً إلى حماية ثروات ومقدرات هذه الدول. وقد تضمنت هذه القوة عند تشكيلها سنة 1982 فرقة مشاةٍ آليةٍ بكامل ألويتها وعتادها المكون من مدرعاتٍ ومدافعٍ. في حين ضم لواء المشاة حوالي خمسة آلاف جنديٍ من كافة دول مجلس التعاون.

ثم إنه ومن جهةٍ أخرى فقد وصل عديد هذه القوات سنة 2006 إلى حوالي سبعة آلاف جنديٍ. جاء ذلك بعد اقتراحٍ سعوديٍ لزيادة قدرة هذه القوات، وإنشاء نظام مشترك للقيادة والسيطرة، أما الآن فلا تتوافر المعلومات الدقيقة عن إمكانية هذه القوات وقدراتها العسكرية، إلا ما نقل على لسان أحد قادة هذه القوات، والذي صرح فيه بوصول عدد القوات إلى ما يزيد على ثلاثين ألف عسكريٍ من ضباط ٍوجنودٍ من بينهم واحد وعشرين ألف مقاتلٍ، وهي تعمل حاليًا تحت قيادة اللواء السعودي حسن بن حمزة الشهري.

تاريخ ومشاركات قوات درع الجزيرة

  • لم تستطع هذه القوات التدخل في حرب الخليج الثانية عام 1990 أثناء اجتياح العراق للكويت. ويعزى ذلك إلى أن القدرة القتالية لهذه القوات، في ذلك الوقت، لم تكن لتؤهلها الدخول في حربٍ دفاعيةٍ استراتيجيةٍ واسعة النطاق، في حين تألفت القوة العسكرية المهاجمة من سبع فرقٍ عسكريةٍ من قوات الحرس الجمهوري العراقي. إضافةً لعدم رغبة المملكة في الدخول في حربٍ غير معروفة العواقب. وقد أعطى ذلك لهذه القوات سمةً رمزيةً فقط، حيث فشلت في حماية واحدة من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
    وقد دعت السعودية، أثناء الاجتياح العراقي للكويت، إلى زيادة عدد هذه القوات بحيث تصل إلى مئة ألف جنديٍ، غير أن هذه الدعوات تراجعت تدريجيًا بعد هزيمة الرئيس العراقي صدام حسين في عملية عاصفة الصحراء.
  • كما نُقلت قوات درع الجزيرة إلى دولة الكويت أثناء الغزو الأمريكي للعراق، ووضع ذلك في إطار اتخاذ إجراءاتٍ احترازيةٍ.
  • أعلن تفكيك هذه القوة عام 2005، وذلك بعد خلافاتٍ حادةٍ نشأت بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر.
  • قدمت السعودية عام 2006 مشروعًا يهدف إلى تطوير القدرات العسكرية لدرع الجزيرة، وقد ازداد عدد هذه القوات على إثر هذا القرار حتى وصل إلى سبعة آلاف جنديٍ.
  • استعانت حكومة مملكة البحرين بقوات درع الجزيرة خلال فترة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام 2011، وذلك بحجة تأمين المنشآت الحيوية والاستراتيجية. وقد أرسلت حينها المملكة ألفًا ومئتي جنديٍ، وأرسلت الإمارات ثمانمائة جنديٍ، في حين اكتفت الكويت بإرسال قواتٍ بحريةٍ، ولم تشارك في القوات البرية. وهذا ما اعتبرته بعض الدول ومن بينها إيران بمثابة غزوٍ للبحرين.

مستقبل قوة الخليج الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي

يعتمد مستقبل هذه القوات على جاهزية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وتظهر الأرقام أن الدول الست الأعضاء هي ذات جاهزيةٍ عاليةٍ، حيث تمتلك أحدث أنواع الأسلحة. وعلى سبيل المثال، يحتل الجيش السعودي صاحب القوة الأضخم والعدد الأكبر في قوات درع الجزيرة المرتبة السابعة عشرة عالميًا، وهو مزود بأسطولٍ جويٍ كبيرٍ يزيد عدده على ثمانمائة وثمانين طائرةً، ويضم أكثر من ألف دبابةٍ وبميزانيةٍ تبلغ ثمانيةً وستين مليار دولارٍ أمريكيٍ.

ويأتي الجيش الإماراتي ثانيًا ويحتل المرتبة الخامسة والأربعين عالميًا بميزانيةٍ تتجاوز ثلاثةً وعشرون مليار دولارٍ أمريكيٍ. كذلك بقية دول مجلس التعاون فهي تملك عتادً حربيًا حديثًا ومتطورًا. وبمقارنة هذه الإمكانيات العسكرية مع أقرب الجيران الإقليميين مثل إيران التي تحتل المرتبة الرابعة عشرة عالميًا، وتمتلك خمسمائة طائرةٍ وألف وستمائة دبابةٍ، أو مثل العراق الذي يحتل المرتبة الثانية والخمسين عالميًا، يمكن أن نلاحظ تفوق، وأفضلية قوات درع الجزيرة على جيرانها الإقليميين.