غالبًا ما تعتمد الأبحاث العلمية الجديدة على ما هو منشور مسبقًا في الأدبيات الطبية، وبطبيعة الحال قد يضطر الباحث للاقتباس من الأبحاث المنشورة. ولكن الاقتباس المباشر يعتبر انتحالًا، لذا من الضروري على كل باحث أن يكون ملمًّا بكيفية إعادة صياغة البحث كي لا يقع في النسخ.
لم يكن التقدم والتطور المتسارع في البحث العلمي ليحصل لو لم يتعاون المجتمع العلمي لإيجاد طرق لأرشفة المعلومات وإتاحتها لجميع الباحثين. فلو كان كل باحثٍ يعمل دون المعرفة المسبقة بالمعلومات المنشورة عن مجال باحثه لعمت الفوضى ضمن الأوساط العلمية ولم يتحقق التطور المبهر لهذا المجال.
ومع ظهور المجتمع العلمي بهذا الشكل المتكامل كان لا بد من وضع القواعد التي تمنع سرقة الأفكار أو انتحال الملكية الفكرية. وهذا ما أدى إلى ظهور مفهوم إعادة صياغة البحث.

كيفية إعادة صياغة بحث

هنالك خطوات يجب أن يتبعها الباحث كي يعيد صياغة البحث بشكل احترافي، وهذه الخطوات هي:

التعرف إلى النص الأصلي

على الباحث أن يقرا النص الذي يقتبس منه ويفهمه بشكل كامل. وذلك كي يتمكن من إعادة صياغته مع الحفاظ على المعنى والرسالة المراد إيصالها من ذلك النص.

إعادة صياغة البحث

بعد القراءة الدقيقة للنص الأصلي، يشرع الباحث في عملية إعادة الصياغة وفقًا لما فهمه من النص الأصلي.

قراءة النص الجديد

بعد الانتهاء من إعادة الصياغة، يقرأ الباحث ما كتبه ويقارن مع النص الأصلي للتأكد من أنه استطاع إيصال معنى النص الأصلي ورسالته.

نصائح إضافية لإعادة صياغة جيدة

  • يجب أن يمتنع الباحث عن إضفاء رأيه الشخصي على أفكار الكاتب الأصلي.
  • ليس من الجيد في إعادة الصياغة أن يعتمد الباحث على استبدال الكلمات بمرادفاتها. وإنما عليه أن يفهم المعنى الأصلي ويعبر عنه بطريقته.
  • يمكن للباحث إعادة ترتيب النص الأصلي وفقًا لما يناسب نصه الجديد.
  • من الجيد أن يكون هناك تنوع في الجمل والعبارات المستخدمة. أعد الصياغة وكأنك تكتب النص الخاص بك للمرة الأولى. مع الحفاظ على كينونة النص الأصلي بالطبع.
  • انتبه من الوقوع في النسخ. أعد الصياغة في القسم الأخير من البحث الخاص بالمراجع والتقدير للباحثين الذين استُعين بهم في المراجع.

أهداف إعادة الصياغة وأسبابها

هنالك دواعي وأهداف عديدة لاستخدام عملية إعادة صياغة البحث، ومن أهمها:

تبسيط النص الأصلي وتوضيحه

تُكتب بعض النصوص بلغة صعبة معقدة، وقد يؤثر ذلك سلبًا على وصول رسالة البحث بشكل واضح إلى القارئ. لذلك يلجأ الباحثون إلى إعادة الصياغة في بعض الأحيان بهدف تبسيط اللغة التي كُتب بها النص وإيضاح المعنى بشكل أكبر.

تلخيص الأبحاث الأصلية

يُعد الطلاب الجامعيون من الجمهور المستهدف للأبحاث العلمية، ولكن في بعض الأحيان وعند ضيق الوقت يكون من الصعب على الطلاب قراءة البحث بشكل كامل. لذا تكون عملية إعادة الصياغة بهدف التلخيص مصدر مساعدة للطلاب، وخصوصًا خلال فترة الامتحانات نظرًا للوقت المحدود.

كتابة بحث علمي جديد

ذكرنا في المقدمة أن الأبحاث العلمية تعتمد على بعضها لبناء الأفكار بشكل متوافق. فعند كتابة بحثٍ جديد من الشائع أن يضطر الباحث للاقتباس ممن سبقه ونشر في هذا المجال، ولفعل ذلك سيحتاج لإعادة صياغة الأفكار التي يرغب باقتباسها لتكون في بحثه.

النشر في المجلات العلمية

من المهم للباحث أن ينشر بحثه في مجلات علمية مُحَكَّمة، وحتى يُنشر البحث على كاتبه أن يذكر كل الأفكار ضمن عدد صفحاتٍ معين تحدده المجلة. وهنا يعيد الباحث إعادة صياغة بحثه ليوافق معايير المجلة ولا يحذف جزءًا من الأفكار الرئيسية للبحث.

السمات المطلوبة لمن يعيد صياغة الأبحاث

كما في أي مجال، يجب أن يتمتع من يجري عملية إعادة صياغة الأبحاث بمجموعة من الصفات ومنها:

المعرفة الجيدة بأساليب الصياغة

يجب أن يكون النص الجديد سليمًا لغويًّا، لا يحتوي على أخطاء قواعدية أو إملائية. لذا على من يعيد صياغة النصوص أن يكون على دراية كافية بأساليب الصياغة وذو خبرة لغوية جيدة.

الممارسة والخبرة

لا يتعلم المرء كيف يعيد صياغة الأبحاث بين يومٍ وليلة، وإنما يجب أن يصقل مهاراته من خلال التدريب المستمر. فإعادة الصياغة مثلها مثل أي نشاطٍ آخر، يجب أن تمارس بشكل متكرر للوصول إلى الإتقان.

الإلمام الجيد بالمرادفات

يحتاج من يعيد الصياغة لاستخدام المرادفات بشكل متكرر، وذلك بغية عدم تكرار كلمات النص الأصلي كما هي.

الاستعانة بمصادر خارجية لإعادة الصياغة

قلنا إنّ إعادة الصياغة تحتاج إلى الوقت والممارسة لإتقانها، لذلك يستعين بعض الباحثين في بدايات عملهم ضمن المجال البحثي بمصادر خارجية للمساعدة في إعادة الصياغة بشكل احترافي.
وهناك العديد من المصادر التي يمكن أن تساعد في هذه العملية، حيثُ يمكن الاستعانة بخبراء متخصصين في هذا المجال. وإن لم يستطع الباحث التواصل مع الخبراء فيمكن اللجوء إلى مواقع إعادة الصياغة المتخصصة، والتي تجري هذه العملية بسرعة عالية وبشكل احترافي.

برامج التعرف على النصوص المنسوخة

بعد الانتهاء من عملية إعادة الصياغة، قد يحمل النص الجديد بعض سمات النص القديم ومفرداته. خصوصًا إذا لم يكن من أعاد الصياغة ذا خبرةٍ كافية في هذا المجال، الأمر الذي قد يوقع الباحث في النسخ والانتحال.
ولتجنب هذه المشكلة توجد العديد من البرامج التي تحلل النص وتحدد نسبة النسخ فيه، مثل Plagiarismchecker وPlagtraker.

إنّ البحث العلمي هو الأساس الذي تبنى عليه الحضارة البشرية الحديثة، فكل ما نراه اليوم من تقدم طبي وتكنولوجي هو نتاج سنين طويلة من الأبحاث والعمل الشاق. لذا كان من المهم أن يعطي هذا المقال فكرةً عن أساسيات البحث العلمي وأخلاقياته، حيثُ أن التعدي على الملكية الفكرية للآخرين لا يختلف في فداحته عن سرقة ممتلكاتهم الشخصية.