هل تلاحظ انحناءً غريبًا في ظهر طفلك؟ وتخشى أن يكون هذا الانحناء ناتجًا عن إحدى أنواع الحداب؟ سيقدم لك مقالنا هذا أسباب، وعلاج الحداب الخلقي، ومعلومات قيمةً، وموثوقةً عن الحداب الخلقي. كما سيجيبك عن كثير من الأسئلة التي قد تخطر في بالك. ما هو الحداب الخلقي؟ وما طرق تشخيصه؟ ما أسباب، وعلاج الحداب الخلقي؟ وما مقدار الأذية الناتجة عن إهمال علاجه؟

يشير مصطلح الحداب بشكل عام إلى التقوس، أو الانحناء الأمامي للعمود الفقري. غالبًا ما تتراوح درجة الانحناء بين 30-60 درجةً، ويمكن رؤيتها بوضوح عند النظر إلى الشخص جانبيًا. قد يكون الحداب نتيجة سوء وضعية الجسم أثناء الطفولة أو بسبب مشاكل في نمو العمود الفقري أو فقرات ذات شكل غير طبيعي.

يمتد العمود الفقري من الجمجمة إلى الحوض، ويتكون من 24 فقرةً مفردةً تفصل بينها أقراص فقرية لامتصاص الصدمات (العدد الكلي للفقرات هو 32 فقرةً، لكن الفقرات الخمسة العجزية ملتحمة مع بعضها، وكذلك الفقرات الأربعة العصعصية). كما ترتبط الفقرات معًا بواسطة أربطة فقرية. تساهم هذه الأربطة مع العضلات جانب الفقار بتثبيت العمود الفقري، ومنح القوة للظهر.

كما يتميز العمود الفقري بأربع انحناءات طبيعية. تقعران في المنطقة الرقبية، والقطنية، بالإضافة إلى تحدبين اثنين في المنطقة الصدرية، والعجزية. تأتي أهمية هذه التحدبات الطبيعية في كونها تؤمن المساحة التي تتوضع فيها الأعضاء الداخلية كالقلب، والرئتين. أما في الحداب تكون الفقرات الصدرية منحنيةً خارج موضعها.

ما هو الحداب الخلقي

الحداب الخلقي” (Congenital Kyphosis) هو عبارة عن خلل في تشكل العمود الفقري في المرحلة الجنينة أو عدم انفصال الفقرات العظمية عن بعضها بالشكل الصحيح، وفي كثير من الحالات تندمج فقرتان أو أكثر معًا، لتتشكل زاويةً حادةً في العمود الفقري، ويمكن ملاحظة هذه الزاوية بالنظر إلى الجلد.

من جهة أخرى، يمكن أن تسبب وضعيات الطفل الخاطئة حدابًا، وذلك نتيجة الانحناء المتكرر لمدة طويلة أثناء الدراسة أو لعب الألعاب الإلكترونية أو حمل الحقائب المنزلية الثقيلة. مما يؤدي إلى تمدد الأربطة، والعضلات التي تدعم الفقرات. في هذه الحالة يطلع على الحداب اسم “الحداب الوضعي“.

أسباب الحداب الخلقي

غالبًا ما يكون سبب إصابة بعض الأطفال بالحداب الخلقي غير واضح تمامًا، ومع ذلك فإن بعض حالات الحداب الخلقي تحدث بشكل متكرر في العائلات، لذا اقترح العلماء أن يكون للعامل الجيني دور ما في التحدب الخلقي.

الحداب الخلقي ليس شائعًا، لكن يمكن أن يكون مدمرًا للعمود الفقري إذا ترك دون علاج، إذ يمكن أن يتفاقم التشوه مؤديًا إلى فقدان الحركة، والإحساس في القسم السفلي من الجسم.

من غير المحتمل أن يتطور الحداب الخلقي إلى مرحلة البلوغ أو أن يسبب الألم في الحالات البسيطة من الحداب الخلقي. كما يكون انحناء التشوه أقل من 40 درجةً. أما في الحالات الأكثر تطورًا، فقد يتطور الحداب إلى مرحلة البلوغ مسببًا تيبسًا، وآلامًا شديدةً.

أنواع الحداب الخلقي

النوع الأول: هو الحداب الخلقي الناتج عن فشل تكوين العمود الفقري في المرحلة الجنينية. يحدث بسبب فشل تكوين جزء من جسم فقري أو أكثر بشكل صحيح أثناء تطور الجنين. يظهر هذا التشوه عند الولادة، وعادةً ما يتفاقم مع نمو الطفل.

النوع الثاني: يحدث عندما تفشل فقرتان أو أكثر في الانفصال عن بعضها، وتكوين الأقراص بين الفقرات. لا يتم تشخيص هذا النوع من الحداب الخلقي إلا بعد أن يتعلم الطفل المشي.

النوع الثالث: هو مزيج من النوعين الأول، والثاني.

أعراض الحداب الخلقي

تختلف أعراض الحداب الخلقي تبعًا لشدة الانحناء، حيث إن عدم علاج الحداب يسبب ظهور أعراض جديدة أخرى. مع ذلك، وفي أغلب الحالات تكون الأعراض ثابتةً، ولا تزداد سوءًا بمرور الوقت. إلا في الحالات المتطورة من الحداب.

التشوهات الجسدية:

  • عادةً ما تكون على شكل أكتاف مستديرة، وتحدب ظاهر سيء المظهر.
  • تصلب العمود الفقري.
  • ألم الظهر: وهو عرض شائع. عادةً ما يكون مستمرًا، لكنه لا يتفاقم بمرور الوقت. إلا في حال عدم تلقي العلاج المناسب.
  • التعب العام، والإرهاق.

الأعراض العصبية للحداب الخلقي:

  • يمكن أن يؤدي الحداب الخلقي إلى ضغط الحبل الشوكي بمرور الوقت. الأمر الذي يسبب مضاعفات خطيرةً. كالشلل النصفي (وهو فقدان الحس، والحركة في الجزء السفلي من الجسم).
  • في حالات نادرة ينتاب المريض إحساس بالوخز.
  • فقدان السيطرة على المثانة، والأمعاء، وذلك في الحالات التي يكون فيها العمود الفقري مضغوطًا.

الأعراض القلبية والرئوية:

  • تضيق مساحة الصدر، وذلك في حالة الحداب الصدري.
  • ألم في الصدر.
  • ضيق في التنفس.
  • من المحتمل حدوث قصور قلبي أو رئوي أو كليهما معًا.

تشخيص الحداب الخلقي

إذا لاحظت وجود كتلة أو انحناء في رقبة طفلك أو ظهره، فلا تتأخر بحجز موعد عند طبيب العظمية. لتشخيص الحداب الخلقي يلجأ الأطباء إلى مجموعة من الفحوصات، وهي:

  • فحص العمود الفقري.
  • صورة بالأشعة السينية لرؤية الانحناء في العمود الفقري.
  • التصوير بأشعة الرنين المغناطيسي للحصول على صور أكثر تفصيلًا للعمود الفقري.

بعد تشخيص إصابة الطفل بالحداب الخلقي يطلب الطبيب اختبارات أخرى ليتأكد أن باقي الجسم يتمتع بصحة جيدة، فمن الممكن أن يعاني المصاب بالحداب الخلقي من مشاكل في الكلى أو الأمعاء أو القلب.

علاج الحداب الخلقي

كما هو الحال في معظم تشوهات العمود الفقري، فإن خيارات العلاج تعتمد على نوع التشوه، وأيضًا شدته.

العلاج غير الجراحي

يوصي معظم الأطباء بالعلاجات غير الجراحية بدايةً. كما أن العلاج الطبيعي من شأنه أن يساعد في تقوية عضلات الظهر، وتصحيح انحناء العمود الفقري.

ينصح بأخذ مسكنات الألم الخفيفة، ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية للتخفيف من الشعور الألم. كما تستخدم أقواس الدعامة لتصحيح الوضعية في بعض حالات الحداب.

العلاج الجراحي للحداب الخلقي

وفي الحالات المتطورة من الحداب الخلقي التي تسبب آلامًا شديدةً، وصعوبةً في التنفس أو أعراضًا عصبيةً كالوخز، والوهن العام، يوصي جراحو العظام بإجراء عملية جراحية لتصحيح الخلل الحاصل في العمود الفقري. إذ تهدف العملية الجراحية إلى دمج الفقرات المشوهة، وتصحيح الخلل في العمود الفقري.

 

ختامًا، لا بد من التأكيد على أهمية الثقافة الصحية عند الأهل، ودورها في حماية أطفالهم من كثير الأمراض التي من شأنها أن تؤثر بشكل أو بآخر على نوعية حياة أطفالهم. كما يجب على الآباء الانتباه لوضعيات أطفالهم، وتذكيرهم دائمًا بالوضعية الصحيحة للمشي، والجلوس. لأنهم بذلك يطلقون العنان لعقولهم المبدعة لتنمو في ظروف صحية، وسليمة.