من مقتضيات الشريعة الإسلامية أنها جلعت للّباس أحكام وضوابط تتوافق مع غاياتها وأهدافها فمن الشروط الواجب توفّرها في اللباس الشرعي المباح أن يكون محقّقًا لهذه الأهداف أولًا. كي لا تنفلت المسألة منها. مثلما يشهد العالم الإسلامي اليوم من مظاهر منافية للأخلاق ومسيئة للمبادئ والقيم الإسلامية. ومن خلال موقع كيف سنتعرف على كافة الشروط الواجب توفرها في اللباس الشرعي المباح. موضحين الحمكة الجليلة من هذا اللباس.

لطالما أعطى الإسلام للمرأة مكانةً جليلةً فقد منحها جميع حقوقها. كما قام بالمساواة بينها وبين الرجل. وذلك عبر السماح لها بالمشاركة الفعّالة في أداء المهام في المجتمع. مع ذكر أنّها بقيت محتفظةً بمكانتها الاجتماعية بعد أن كانت المرأة قبل الإسلام في أيام الجاهلية تُعامَل بشكلٍ سيءٍ وتُمنع من جميع حقوقها حتى البسيطة منها. بالإضافة إلى أن الإسلام عالج جميع المسائل الأخلاقية معالجةً شاملةً بما فيها مسألة الحجاب. حيث اعتبر المرأة ذات مكانة عظيمة. فحرّم على أحد أن يرى مفاتنها وجسدها الذي عدّه ملكها إلا من حلّل له ذلك كزوجها أو والدها أو أحد من أخوتها. كما وجّهت نظرة الإسلام إلى ضرورة وأهمية دور المرأة وتأثيرها الكبير. بالتالي توجّهت العديد من التشريعات للرقي بكرامتها والسمو بأخلاقها. ولم يقتصر الأمر على المرأة فقط بل تعدّى ذلك ليعلو بمكانة الرجل أيضًا وذلك من خلال الستر بالثياب لحفظ وصون المجتمع ككل.

مفهوم اللباس الشرعي المباح

يعبّر مفهوم اللباس الشرعي في الإسلام عن الشروط والضوابط التي أمرت بها الشريعة الإسلامية. والتي تتماشى مع أحكامها وغاياتها في صون عورات المسلمين وحفظها. تجنبًا لإثارة الفتن في المجتمع وحفاظًا على القيم الأخلاقية فيه.
فلم تترك شريعتنا الإسلامية جانبًا من جوانب حياتنا إلا وقامت بعلاجه. كما وضعت له حلولًا لمشاكله وأحكامًا مضبوطة ومنهجًا قويمًا ساعد على تنظيم العلاقات الاجتماعية. وبالرغم من ذلك تعدّدت المظاهر المخالفة التي تُسيء إلى القيم والأخلاق والطهارة كعدم التزام الكثير من المسلمين باللباس الشرعي الذي أمر به الله سبحانه وتعالى وفقًا لأحكام وضوابط شرعية لا غبار عليها. فلا عذر لمسلمٍ بعدما توضّحت الصورة أمامه وضوح الشمس أن يقوم بارتكاب الإثم أو المعصية.

مواصفات اللّباس الشرعي للمرأة المسلمة أمام الرجال الأجانب

وضع الله سبحانه وتعالى العديد من الشروط التي يجب أن تتوفّر في لباس المرأة المسلمة وفرض علينا الالتزام بها، لكن لم يفرض لباسًا محدّدًا على كافة الناس، بل فقط أمر الناس بالستر والاحتشام تحقيقًا لغاية الشريعة الإسلامية، وهذه الشروط هي كالتالي:

  • أن يكون اللباس ساترًا للجسم كلّه ماعدا منطقتي الوجه والكفّين، وأن يكون ساترًا للعورة التي مُنِعت من إظهارها أمام الرجال الأجانب.
  •  ينبغي على المرأة المسلمة عدم إظهار زينتها باستثناء ما قد يظهر منها عن غير قصدٍ منها.
  •  يرى بعض الفقهاء أنّ ستر الوجه والكفّين واجبة على النساء، بينما ترى جماعة أخرى منهم إلى أنها مستحبّة غير واجبة.
  • يجب ألا يكون اللباس رقيقًا فيُظهر ما تحته، أي ألّا يظهر لون جلدها وأن يستر عورتها.
  •  أن يكون فضفاضًا وواسعًا بحيث لا يبرز مفاتن جسد المرأة بتحديد شكله وحجمه، فهذا يحرّك شهوة الرجال.
  •  منع تشابه لباسها مع لباس الرجال، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ذلك”لعن الله الرجال المتشبهين بالنساء، والنساء المتشبّهات بالرجال” لأنّها في ذلك تكون قد خرجت عن الفطرة التي خلقها الله عليها.
  • عدم ارتداءها لباس يحتوي على رموز مخصصة لغير جماعة المسلمين.
  • يجب ألّا تلبس المرأة لباسًا يُبيّن تكبّرها من أجل أن تشتهر بين كافة الناس.
  • ينبغي ألّا يكون مُعطّرًا لأن الطّيب يسبب الفتنة ويحرك الشهوات بلفت الرجال إليه.

مواصفات اللباس الشرعي للمرأة المسلمة أمام النساء المسلمات والأجانب

لقد حثّ الشرع الحنيف على وجوب التستر والحياء بين النساء بعضهن مع بعض كما ذات الأمر ينطبق على الرجال. حيث يجوز للمرأة أن ترتدي أمام النساء ما تريده كون أنّ غالبية النساء تتشابهن بانعدام الشهوة بينهنّ، شريطةً أن تستر مكان العورة والتي هي المنطقة ما بين الركبة والسرة. ولكن في حال سبّب لباسها أمام النساء إثارةً للشهوات والفتن، سيدخل ذلك ضمن قواعد الحرمة. كما يحبّذ أيضًا عدم كشف المرأة مفاتن جسدها أمام النسوة اللواتي يصفن هذه المفاتن للرجال. أما منطقة العورة فمُحرّم على المرأة كشفها أمام النساء إلا للضرورة مثل انكشافها أمام الأطباء وما إلى ذلك. حيث لا يجوز على كل من المرأة والرجل كشف عورتهم لغير أزواجهم.
كما تُعامَل النساء من غير المسلمات كالرجال الأجانب، حيث لايجوز على المرأة أن تنكشف أما النساء غير الملسمات إلا لحاجات ضرورية. فلا ينبغي أن يُبان منها إلا الكفين والوجه وذلك لقوله تعالى (ولا يُبدِينَ زِينتهُنَّ إِلَّا لبُعُولتهِنَّ أو آبائهِنَّ أو آباء بُعُولَتهِنَّ أو أبنائهِنَّ أو أبناء بُعُولتهِنَّ أو إخوانهنَّ أو بَني إخوانهنَّ أو بَني أخَواتهنَّ أو نِسائهنَّ).

الحكمة من اللباس الشرعي للمرأة المسلمة

شرّع الله سبحانه وتعالى الحجاب واللباس الشرعي للمرأة المسلمة لأسبابٍ عظيمة، وهي كالتالي:

  •  الامتثال للأوامر بالتزام بالتشريعات التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المرأة، وذلك حفظًا لنفسها وحمايةً للمجتمع من فساد الأخلاق.
  • تجنب الفتنة، وتحقيق مصالح الناس جميعهم مع أهمية ذكر أن تشريع الحجاب قد أكدت عليه العديد من الشرائع السابقة، ولم يكتفِ الإسلام فقط بتشريعه.
  •  تمييز الإنسان عن باقي الكائنات وتكريمه، فاللباس الساتر للبدن يحسّن الأخلاق ويبعد الإنسان عن الفسوق.
  • وقاية الناس من وساوس الشّيطان، فعندما تلتزم المرأة بالحجاب الشرعي تحفظ ذاتها وتوقي الرجل من الوقوع في الأخطاء والمعاصي.
  • حفظ مكانة المرأة وكرامتها، فالمرأة الملتزمة لها قيمتها ومكانتها المميزة بين الجميع.
  •  تمييز المرأة المسلمة عن غيرها من النساء بالستر والاحتشام.

فضائل ارتداء الحجاب الشرعي

  • يعد الحجاب طاعةً لله سبحانه وتعالى، فقد فرض الله الحجاب على كل امرأة مسلمة، لما له من محاسن تعود على الرجل والمرأة بالخير والنعمة في الدنيا والآخرة. مما يستوجب على النساء المسلمات التقيد بأمر الله وطاعته حتى يحصلن على ثوابه، ويتجنّبن عقابه.
  • يوفّر الحجاب الحماية والطهارة للمرأة المسلمة، مما يمنعها من التعرض للإزعاجات من قبل أمراض النفوس، ويحميها من الأذى، فهو يمنع ضعيفي النفوس المريضة من استثارة شهواتهم القذرة.
  • يؤمّن الستر للمرأة المسلمة، وذلك لأن الله تعالى أمر به وأنهى عن ظهور العورات.
  • الحجاب يمنح التقوى والإيمان لكل امرأة مسلمة.
  • يحفظ الحجاب حياء المرأة، ويجعلها غير مستباحة للغير.
  • يعد وسيلة شرعية لحفظ الأعراض وصونها.
  • يحافظ الحجاب على مكارم الأخلاق من الحشمة والغيرة والحياء.
  • يوفّر الحصانة ضد التبرج والسفور والزنا.

ختامًا، بالرغم من أهميّة ارتداء اللباس الشرعي عند المرأة المسلمة إلّا أنّ العديد من وجهات النظر عارضت هذه الشريعة وخاصةً في البلدان الغربية والأوروبية، كما ظهر بعض الفقهاء العرب ممن أضافوا مفاهيمًا وأحكامًا جديدة تخصّ قواعد اللباس الشرعي في الإسلام.