حمل القرآن الكريم الكثير من التشريعات والتوجيهات التي تحفظ للمرأة وقارها وتصون عفافها. ومن أهم ما جاء فيه بهذا الخصوص حديث اللباس الشرعي للمرأة ، ليكون ساترًا لعورتها وحاميًا لعفتها. فاللباس الشرعي للمرأة بحسب ما ورد من تفاسير القرآن الكريم هو اللباس الساتر للبدن ما عدا الوجه والكفين. وتبعًا لنصوص القرآن والسنة النبوية فإن اللباس الشرعي واجب على كل مسلمة بالغة عاقلة. فالمرأة المسلمة المكلفة تتعبد ربها بالتزامها بزيها الشرعي، كما تتعبده بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. فاللباس الشرعي الذي ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاته وبناته به، لم يفرض تضيقًا على المرأة، وإنما لصيانتها وتكريمها وحماية للمجتمع المسلم من الخروج عن أوامر الله. كما أنه لم يحدد بزي معين، إنما يتوافق مع الضوابط التي وضعها كلًا من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

الشروط العامة لملابس الرّجال والنّساء في الإسلام

حدد حديث اللباس الشرعي للمرأة شروط لباس المسلمين، وهي وفق التالي:

  • ألَّا يكون فيه تشَبُّهٌ مِن النِّساءِ بالرِّجالِ ولا العَكس. عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لعَنَ الرَّجُلَ يَلبَسُ لِبْسةَ المرأةِ، والمرأةَ تَلبَسُ لِبْسةَ الرَّجُلِ). وعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (لعن رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المتشَبِّهينَ مِن الرِّجالِ بالنِّساءِ، والمتشَبِّهاتِ مِن النِّساءِ بالرِّجالِ).
  • ألَّا يشبهَ لِباسَ الكفَّارِ ولا أهلِ البِدَعِ ولا الفسَّاق والسَّفِلة مِن النَّاسِ. فعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهما. قال: (رأى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليَّ ثَوبَينِ معَصْفَرينِ، فقال: إنَّ هذه مِن ثيابِ الكُفَّارِ، فلا تَلْبَسْها). وعن ابنِ عمَرَ رضي الله عنهما، قال أنّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (مَن تشَبَّه بقَومٍ فهو منهم).
  • ألَّا يكونَ لِباسَ شهرةٍ. عن ابنِ عمَرَ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن لَبِسَ ثَوبَ شهرةٍ في الدنْيا ألبَسَه اللهُ ثوبَ مذلَّةٍ يومَ القيامةِ، ثمَّ ألهبَ فيه نارًا).
  • كما يجب ألَّا يكونَ محرَّمًا فقد حرم الله تعالى لبسِ الحريرِ والذَّهَبِ للرِّجالِ.
  • بالإضافة إلى ذلك، ألَّا يكونَ في اللِّباسِ إسراف، ذلك امتثالًا لقوله تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ سورة [الأعراف: 31].

 حديث اللباس الشرعي للمرأة

ذكر الإمام الألباني في كتابه “جلباب المرأة المسلمة” حديث اللباس الشرعي للمرأة، الذي روته السّيدة عائشة رضي الله عنها، جاء فيه: (إنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ أُخْتَها دَخَلَتْ على النبيِّ في لِباسٍ رقيقٍ يَشِفُّ عن جسمِها فأعرض النبيُّ عنها وقال: يا أسماءُ إن المرأةَ إذا بلغت المَحِيضَ لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِه وكَفَّيْهِ). كما وذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا). أن المقصود بمعنى ما ظهر منها هو الوجه والكفين لأنهما مما يظهر من المرأة عادة وعبادة في الصوم والصلاة، وقد رجّح الإمام الألباني هذا الرأي مبيناً أن ما سمحت الشريعة الإسلامية في إظهاره للمرأة هو الوجه والكفين فقط، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الاستثناء في الآية، وهو ما جرت عليه عادة النساء أيام النبي صلى الله عليه وسلم.

الطول الشرعي للباس المرأة

حدّد النبي عليه الصلاة والسلام الطول الشرعي للباس المرأة وأنه ينبغي ألا يتجاوز طول ذراع زيادة عن نصف الساق حتى لا تسبل المرأة ثوبها إسبالًا يؤدي إلى الخيلاء المذموم، وقد ذكر الحافظ في الفتح استحباب أن يكون طول الثوب زائدًا عن القدر المسموح به للرجل بقدر شبر، بينما تجوز الزيادة على هذا المقدار مسافة ذراع.

مواصفات اللباس الشرعي للمرأة المسلمة أمام النساء

لقد حثّنا الشرع على تستر المرأة أمام النساء أيضًا، فيمكن للمرأة أن ترتدي أمام النساء ما تريده كون أنّ غالبية النساء تتشابهن بانعدام الشهوة بينهنّ، ولكن يجب أن تستر منطقة العورة وهي المنطقة التي تقع ما بين الركبة والسرة. ولكن في بعض الحالات يتسبّب لباس المرأة أمام النساء إثارةً للشهوات والفتن، وعندئذٍ سيدخل ذلك ضمن المحرمات. كما يحبّذ أيضًا عدم كشف المرأة مفاتن جسدها أمام النسوة اللواتي يصفن هذه المفاتن للرجال. أما منطقة العورة فمُحرّم على المرأة كشفها أمام النساء إلا للضرورة مثل انكشافها أمام الأطباء وما إلى ذلك. حيث لا يجوز على كل من المرأة والرجل كشف عورتهم لغير أزواجهم.

أما بالنسبة للنساء غير المسلمات فتعاملن كالرجال الأجانب، حيث لا يجوز على المرأة أن تنكشف أمام النساء غير المسلمات إلا لحاجات ضرورية. فلا ينبغي أن يُبان منها إلا الكفين والوجه، امتثالًا لقوله تعالى: (ولا يُبدِينَ زِينتهُنَّ إِلَّا لبُعُولتهِنَّ أو آبائهِنَّ أو آباء بُعُولَتهِنَّ أو أبنائهِنَّ أو أبناء بُعُولتهِنَّ أو إخوانهنَّ أو بَني إخوانهنَّ أو بَني أخَواتهنَّ أو نِسائهنَّ).

الغاية من اللباس الشرعي للمرأة المسلمة

لم يضع الإسلام قواعد إلا لغاية سامية والغاية من اللباس الشرعي للمرأة المسلمة هي:

  • امتثالًا لأوامر الله تعالى.
  • تجنب الفتنة بين أفراد المجتمع.
  • تكريم الإنسان عن باقي الكائنات وتمييزه، فاللباس الساتر للبدن يحسّن الأخلاق ويبعد الإنسان عن الفسوق.
  • وقاية للناس من وساوس الشّيطان، فعندما تلتزم المرأة بالحجاب الشرعي تحفظ ذاتها وتوقي الرجل من الوقوع في الأخطاء والمعاصي.
  • حفظ لمكانة المرأة وصون لكرامتها.
  •  تتميز المرأة المسلمة عن غيرها من النساء بالستر والاحتشام.

لباس الاحرام للرجال والنساء

يتكون لباس الإحرام للرجال من قطعتين من القماش مصنوعان من اللون الأبيض بدون حاشية أو أزرار. ويكون فيه النصف السفلي ملفوفًا على الخصر ويستر ما بين الصرة والركبتين ويدعى إزار. أما بالنسبة للنصف العلوي فيسمى الرداء ويغطي الكتف الأيسر فقط أما الكتف الأيمن يبقى مكشوفًا أثناء الطواف. كما يجب عدم ارتداء الملابس الداخلية أو الجوارب أو أي غطاء للرأس. ويجب عدم لبس الأحذية التي تكشف أصابع القدمين.
أما لباس الإحرام للمرأة فهو لباس واسع يغطي الجسم كله. ويسمح أن يكون للحجاب طبقات أو أزرار ولكن يجب أن يخلو من أي زينة. كما يجب أن يكون إما أبيضًا أو أسودًا. ويجب كشف الوجه واليدين، ولبس حذاء يغطي كامل القدمين.

في الختام تحدثنا عن حديث اللباس الشرعي للمرأة والغاية من اللباس الشرعي للمرأة المسلمة ومواصفات اللباس الشرعي للمرأة المسلمة أمام النساء.