بلا نزاعات ولا صراعات، جاء عيد الاستقلال السوداني في الأول من كانون الثاني عام 1956 على أثر احتفال عمّ أرجاء الدولة، ورفع من خلاله علم السودان الجديد. كما نُزعت الأعلام المصرية والإنجليزية عن سرايا البلاد، وأطلق علم البلاد الجديد العنان لنفسه، على يد رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل الأزهري. كان عيد الاستقلال السوداني بعد حكم مصريٍ إنجليزي لمدة 58 عامًا. وبعد عقد مؤتمرٍ عام للمفاوضات، أقر البرلمان ضرورة استقلال السودان وجلاء الأجنبي عن أرضه، ليحكم نفسه ذاتيًا. ما جعل السودان الديمقراطية الثالثة في قارة أفريقيا. كما أنه في عام 2011 حل الانقسام، لتنقسم السودان شماليةً: سكانها العرب الأصليين، وجنوبية: يقطنها الأفارقة.

ذكرى عيد الاستقلال السوداني ٢٠٢٢

تحتفل السودان تزامنًا مع قدوم العام الجديد، سنويًا بعيد الاستقلال، أي في الأول من كانون الثاني، وذلك بناءً على جلاء الأجنبي عن أراضيها عام 1956. وما هذه الذكرى سوى لقاء بين الأرض والحرية، وبين الإنسان وفطرته التي تعلمه دائمًا أن يعيش مستقلّا دون تقييد. كما ونستطيع القول إن أحبّ لقلب الطائر أن يُسجن في قفص وشباك، على أن يأتي مٌن يقاسمه السماء. ولذا السودان كانت كغيرها من البلدان، عطشى لحرّيتها واستقلالها. علمًا بأن الاستقلال هو حاجة ومطلب لكل الشعوب والبلدان.

السودان من الاحتلال إلى الاستقلال

السودان من الاحتلال إلى الاستقلال

السودان من الاحتلال إلى الاستقلال

لعيد الاستقلال السوداني، وقعٌ على قلوب السودانيين جميعًا، ونستطيع الجزم تقريبًا بأن الحجارة والتراب والمنازل القديمة في السودان، ترقص سنويًا في هذه الذكرى، لأنها شهدت التضحيات التي قدّمتها الأجيال في سبيل هذا اليوم، على الرغم أن عيد الاستقلال السوداني، كان ختامًا لأحداث كثيرة، ولكنه جاء دون إطلاق رصاصة واحدة.
لنعود إلى عام 1820، وآنذاك كانت مصر تحت رعاية محمد علي باشا، في ظل ضعف الأتراك. جهّز إسماعيل كامل باشا جيشا لغزو السودان، نظرًا لأهمية السودان في اعتقاده، واللافت بالموضوع أن قوام الجيش بالكامل يعتمد على الأتراك والبوشناق من البوسنة والألبان والهنود والمغاربة. كما أنه من اللافت أيضًا أن الجيش لم يحتوِ حتى على جندي مصريٍ واحد لأنهم لم يقوموا بإدخال المصريين في معامع الحرب ودمارها ذاك الوقت. علمًا بأنّ الجيش المصري تمكّن من ضم مساحات كبيرة من السودان الشمالي والسودان الأوسط. وسكنَ غبار الحرب بانتصار جيش إسماعيل باشا، وأطلق على ذاك الزمان في السودان “التركية السابقة”.

السودان بعد الحكم المصري

السودان بعد الحكم المصري

وللحكاية بقية، ففي عام 1875 استطاع الخديوي إسماعيل أن يكمل ما بدأ جدّه، وضمّ المناطق الاستوائية في السودان حتى وصل إلى أوغندا. كما استطاع أحد تجار الرقيق والذي كان يُدعى الزبير باشا، وهو حاكم بحر الغزال في 1873 بالاستيلاء على دارفور ومنحها للخديوي في وقت لاحق.
ساءت الإدارة في ظل الحكومة المصرية، وانتشر فساد الإداريين في قطاعاتها، مع عدة أسباب أخرى، أدت لقيام الثورة المهدية عام 1820، وتتالت الانتصارات في عدة معارك أهمها معركة شيكان، والتي تم القضاء بها على هيكس باشا وجيشه. تهاوت الأحوال في السودان في عام 1885 في ظلّ حكم عبد الله التعايشي الذي خلف المهدي آنذاك، فقد أدت سوء إدارته البلاد لحروب داخلية وحروب خارجية، كما أنه أقدم على محاولة فاشلة لغزو مصر والتي كانت مستعمرة بريطانية بالكامل، وخسر جيشه على أسوارها، حتى أن البرطانيين أطلقوا مُسمّى الدراويش على السودانيين.
ما وراء عيد الاستقلال السوداني الكثير الظروف التي مرت فيها البلاد، ومن الحروب والتمردات، ونفي البعض من الإداريين. أدت هذه الأحداث لانخفاض في عدد السكان، وبرم عدة اتفاقيات وكذلك إلغاؤها. ألحّت مصر على انسحاب بريطانيا من السودان وطالبت بحق السودان بتقرير مصيرها، دون أي تدخل خارجي. وفي ٣٠ أغسطس وافق البرلمان على قيامه باستفتاء شعبي، يحدد من خلاله المصير السياسي والمستقبل العام للبلاد. كما أنه في 19 نوفمبر من عام 1955 وافقت بريطانيا على الانسحاب من السودان. وأعلنت السودان دولة عربية مستقلة في الأول من كانون الثاني عام 1956.

ذكرى عيد الاستقلال السوداني على مدى السنوات

طالما كان عيد الاستقلال السوداني من الأعياد الوطنية المهمة في نفوس السودانيين، فهو يوم يحمل أحداثًا استمرت لأكثر من مئة عام. كما مر على البلاد خلالها الكثير من المتغيرات والحروب. وهي ذكرى عالقة في عقل وقلب المواطن السوداني، وتاريخٌ مجيد حافل الأزمات والانتصارات. كما أنه وضع النقاط على الأحرف. كما وثّق مسيرة نضال كبيرة وواسعة.

كلمة عن استقلال السودان

إذا أردنا أن نقرأ أهم ما قيل عن هذا اليوم المجيد فهو الخطاب الذي ألقاه رئيس جمهورية السودان في يوم الاستقلال عام 1956. وهذا بعضٌ من خطاب رئيس جمهورية السودان نعيدهُ من الماضي في عيد الاستقلال السوداني:
إنَّ غرة شهر يناير، هو يوم التاريخ، فيه نَحتفل ونحتفي بأغلى ذكرى، هي ذكــرى الاستقلال المـجـيــد الـذي صنعنـاه نـحـن شـعـب الـسـودان بتضحيةٍ ونـضـالٍ دائـبْ، حمل راياته ودفع مَهْرَهُ، دماً وعَرَقاً وسِجْناً وتشريداً، الآباء المُؤسِسوُن الذين رسموا بدمائهم ودموعهم لـوحةً خالدة، أرسوا بها لَبِنَاتْ الأساس لقواعدَ هذا الوطن الحُرّْ الأبيُّ الشامخُ، الـحُـرُّ المستقل، الذي بنَى قَـواعـدَ مَـجْـدِهِ كوكبةٌ من الرجالِ الأفذاذِ الشُرفاء، رجالٌ عاهدوا الله فأوفوا بالعهد وما بدلوا تبديلاً، وقد كُتِبتْ أسماؤُهم بأحرفٍ من نور.
وفي هـذه الـعُـجـالـةِ لا يَفوتُـنـا أنْ نـَذكـرَ بالـفـخـرِ والاعتزاز شَعبنا السوداني والمجتمع السودان بـكـافـةِ مكوناته الـداعـمـة للـقـوات المـسلحـة وقـواتـهِ النظـاميـة مـن كـافـة الـرتـب، وأنّ من أبرزِ المواقف، توحيدُ الصفِ الوطني والإرادةِ والوفاقُ الذي به تحقق مزيدٌ من التُوحدِ والتُكاتفِ، ولابدْ من الإشارةِ والإشادةِ بدورِ الشبابِ الواعدِ والمرأة المستّنيرة في البناءِ الوطني ودعمِ الأداء على كافةِ الأصعدة والمناشط.

 

أشعار في ذكرى عيد الاستقلال السوداني ٢٠٢٢

بعض القصائد والأشعار في ذكرى عيد الاستقلال السوداني، والتي نستطيع من خلال أحرفها الوصول إلى عمق هذه الذكرى وتكريس مشاعرنا لنفهم أهمية الاستقلال لكل وطن وبلد.

الصبحُ أشرق يا سودانُ فابتسمي
تخلّص الصخرُ في أرضي من الألمِ

لاح الهلالُ على ليل الأسى جُملاً
وذاب وهجُ الأعادي في فمِ الظُّلَمِ

ماذا سنقرأُ يا تاريخُ، أتعبنا
فخرُ انتصارٍ على عادٍ ومحتكمِ

. والآن نغزو شموس الكون في أملٍ
وليس في قلبنا شيءٌ من الندَمِ

القصيدة الثانية:

يومٌ بآلاف السنينِ وأكبرُ
يا قلب سوداني، طريقيَ يزهرُ

شكرًا لكل مناضلٍ ومجاهدٍ
واعذرْ صبايَ، إذا أتيتكُ أشكرُ

مرّت سنونٌ في البلاد ولم نزلْ
قلباً لكلّ محاربٍ، يتذكّرُ

واليوم عيد الفخر في بلد الهوى
والشّعرُ أضعفُ ما أقول وأشعرُ.

كلام وتهنئة في عيد الاستقلال السوداني

  • في هذا اليوم المجيد وعيدٍ ليس كأي عيد، كل عامٍ وأنت حرّ مستقلٌ يا بلدي العتيد.
  • اليوم هو اللوحة التي رسمها أجدادنا لمستقبلنا، فيها من الدماء ما فيها ومن الجبال أعاليها، وسنذكرُ دومًا حاضرها وماضيها.
  • البحر في السودانِ يعرفُ شكلها، ولكَم يقدّسُ أهلها، في عيده المنشود يرفعُ موجه، حتى يقبّلَ في المدينة أصلها.
  • قد يخونني القلم يا بلادي، وما أقلّ عليك زهوة الأعيادِ، كل عامٍ وأنت حرّة وعصيّة، فانت الأصل وأنا الوصيّة.
  • من ذلك اليوم الرفيع، يحلّ على أرضنا الربيع، فزهرةُ النصرِ يا بلادي، أبقى من زهرة الوادي.

وفي ذكرى عيد الاستقلال السوداني، نقدّم أفضل التحيات والتهنئات للسودان وأهلها العِظام، فما الاستقلال سوى مطلب حق، وفعل صادق، وردة فعلٍ صحيحة ومؤمنة بضرورة تقرير المصير، فكل عام والسودان حرّ مستقل.