وجوهنا هي أول أداة تعريفية نستخدمها لتقديم أنفسنا للوسط المحيط، فهي تظهرنا كأشخاص باسمين مرحين، أو عبوسين قانطين. وبالطبع، كوننا نعيش في عصرٍ يحمل مع تعقيداته معايير جماليةً معقدةً، فإنّ اهتمامنا بملامح الوجه تزايد بشكل كبير، حيثُ لا تكاد تجد عيادةً لا يداوم فيها طبيب تجميل اختصاصي يتهافت الناس على حجز موعدٍ لديه. فهذا يريد أن يجعل مظهر فكه عريضًا رجوليًّا، وتلك تريد أن تتخلص من ميلان أنفها. ولكن ماذا لو أدت إصابة أو حالة مرضية معينة إلى ظهور ندبات الوجه؟ هل يمكن علاج ندبات الوجه؟ أم أنّ على من أصيب بها التعايش معها؟
إذا كنت أنت أو أحد معارفك تبحث عن حل لهذه المشكلة، فهذا المقال يحمل أخبارًا جيدة. حيثُ أنّ التطور الكبير للقطاعين الطبي والتجميلي والتداخل بينهما في مناحٍ عدة، أظهر خيارات عديدة لعلاج ندبات الوجه.

مصاعب علاج ندبات الوجه

من المعروف أن الجروح تتحول أحيانًا في نهاية مراحل تعافيها إلى ندبات. والظروف المحيطة بالجرح أثناء التعافي تؤثر على زمن بقاء الندبات وزوالها من عدمه.
يمكن لعدة عوامل كالحروق، أو العمليات الجراحية، أو حب الشباب، والإصابات أن تؤدي إلى تشكل ندبات على الوجه. ونظرًا لكون الوجه أكثر أعضاء الجسم تعرضًا للعوامل الخارجية، يمكن أن تكون عملية شفاء ندبات الوجه صعبةً. حيثُ يبقى الوجه معرضًا للوسط الخارجي بشكل دائم، بينما يكون من السهل تغطية الجرح وتسهيل تعافيه في أجزاء أخرى من الجسم. كما لا يمكن الحفاظ على المستحضرات العلاجية كالكريمات والمراهم من الزوال عن الوجه بسهولة.

الخيارات العلاجية لندبات الوجه

كما أسلفنا سابقًا، تقدم التقنيات الحديثة خياراتٍ عديدةً لعلاج ندبات الوجه، ويمكن لهذه الخيارات أن تكون وقائيةً، أو فيزيائيةً، أو كيميائيةً أو حتى جراحيةً.
وبطبيعة الحال، هناك معايير تحكم اختيار العلاج المناسب لكل حالة. حيثُ أن كل خيارٍ علاجي يحمل مع محاسنه مساوئ معينةً، ويكون اختيار العلاج المناسب بمقارنة محاسن كل خيار مع مساوئه ومطابقتها مع الحالة المراد التعامل معها. ومن ثمّ اختيار الطريقة العلاجية ذات المردود الأفضل، وفي الفقرات التالية سوف نورد أهم الطرق لعلاج ندبات الوجه.

تسحيج الجلد Dermabrasion لعلاج ندبات الوجه

تعد هذه الطريقة من أشهر طرق علاج ندبات الوجه وأكثرها فعاليةً. يجري هذه العملية أخصائي الجلدية حصرًا، حيثُ يستخدم فرشاةً معدنيةً أو عجلةً لتقشير الطبقات السطحية من الجلد على الوجه.

محاسن الـ Dermabrasion

  • يلاحظ معظم المرضى تحسنًا بنسبة 50% في ندباتهم.

مساوئ الـ Dermabrasion

  • يمكن لهذه العملية أن تكون غير مريحة للمرضى بشكل كبير.
  • لا تشكل خيارًا جيدًا لأصحاب البشرة الحساسة، أو المرضى المصابين بأمراض مناعية ذاتية.

المضاعفات الممكنة للـ Dermabrasion

  • العدوى، وتصبغ الجلد.
  • الاحمرار والوذمات.
  • تلون غير منتظم للجلد.

التقشير الكيميائي Chemical peels

تحتوي مستحضرات التقشير الكيميائي على أحماض خفيفة تُطبق على الجلد، وتؤدي بالنتيجة إلى تقشير وزوال الطبقة السطحية للجلد فاسحةً المجال لظهور طبقة جديدة. ومن أنواعه:

التقشير العميق

يستخدم الفينول في هذا النمط من التقشير، ويعد الأشيع استخدامًا لعلاج الندبات بسبب وصوله لطبقات عميقة من الجلد.
يؤثر هذا النمط من التقشير على الجلد بشكل كبير، حيثُ أنه -وفقًا للجمعية الأمريكية للجراحة الجلدية- يجب تضميد الوجه وتغيير الضمادة عدة مرات يوميًّا لمدة قد تصل إلى ثلاثة أسابيع. كما يمكن أن يحتاج المريض لأخذ مستحضرات مضادة للفيروسات.

التقشير السطحي

لهذا النوع تأثيرات ألطف، ويمكن استخدامه لتحسين عدم انتظام تلون الجلد الناجم عن الندبات الصغيرة.

التقشير المتوسط

يستخدم حمض الغليكوليك في هذا النمط، وأكثر ما يستخدم في المستحضرات المضادة لشيخوخة البشرة. وكما في النمط السابق يمكن استخدام التقشير المتوسط لحالات عدم انتظام تلون الجلد أيضًا.
مستحضرات التقشير الكيميائي شهيرة ومنتشرة بشكل كبير، ولكن إذا كنت تستخدمها بغرض معالجة الندبات، يجب أن تؤخذ تحت إشراف طبيب جلدية مختص.

محاسن التقشير الكيميائي

  • مستحضرات التقشير الكيميائي واسعة الانتشار، ومتوفرة بشكل كبير.
  • يمكن لهذه المستحضرات أن تعالج حالات جلدية مختلفة كالتجاعيد والبقع الناتجة عن التقدم في العمر، وتؤدي للحصول على جلد أكثر نعومةً وشبابًا.

مساوئ التقشير الكيميائي

  • يمكن أن تجعل الجلد أكثر حساسيةً للشمس، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى حروق وتندبات.
  • في بعض الحالات يمكن أن يتحسس الجلد الحساس، وخصوصًا إذا كان للمريض تاريخ إصابة بالإكزيما.
  • قد تؤدي لتدهور أعراض الصدفية والعد الوردي.
  • لا تعطي نتائج بنفس الجودة إذا كان المريض ذو بشرة داكنة.
  • من المستحسن أن لا تستخدم النساء المرضعات والحوامل هذه المستحضرات.

الإظهار بواسطة الليزر Laser resurfacing لعلاج ندبات الوجه

كما في الطرق السابقة، تهدف هذه الطريقة إلى إزالة الطبقة السطحية من الجلد. ولكن على خلاف الأحماض والأدوات المعدنية، تستخدم هذه الطريقة شعاع ليزر ذو طاقة عالية لإزالة الجلد.
هنالك نمطان لهذه الطريقة: الإربيوم، وثنائي أكسيد الكربون. ومع أن الإربيوم أكثر أمانًا للاستخدام على الوجه، إلا أنّ نمط ثنائي أكسيد الكربون هو الأكثر فعاليةً لعلاج الندبات. مع الانتباه إلى أن المنطقة الخاضعة للعلاج يجب أن تبقى مضمدةً حتى تشفى بشكلٍ كامل.

محاسن الإظهار بواسطة الليزر

  • لهذه الطريقة زمن تعافي يبلغ 3 إلى 10 أيام، وهو أقصر من زمن التعافي للطرق الأخرى.

مساوئ الإظهار بواسطة الليزر

  • لا تعتبر خيارًا مناسبًا للمرضى الذين يعانون من حالة حب شباب مستمرة.
  • لا تعطي نتائج بنفس الفعالية إذا ما استخدمت لمرضى ذوي بشرة داكنة.
  • يمكن أن تسبب إنتانات، ندبات، وتصبغات للجلد.

الجراحة التجميلية Plastic surgery لعلاج ندبات الوجه

هذا الخيار هو صاحب أكبر تداخل على مستوى الجلد، حيثُ يمكن إزالة النسيج المتندب بالكامل أو تغيير شكله بواسطة المشارط الجراحية. وبخلاف الخيارات العلاجية السابقة، يجب مراجعة أخصائي تجميل بدلًا من أخصائي الجلدية إذا ما قررت اللجوء للحل الجراحي. وننصح دومًا بالبحث عن أخصائي جراحة تجميلية موثق ولهُ سجل ناجح في علاج ندبات الوجه.

محاسن الجراحة التجميلية

  • غالبًا ما تكون نتائج الجراحة التجميلية أفضل من نتائج الطرق الأخرى.

مساوئ الجراحة التجميلية

  • كلما زاد تعقيد العملية كلما زادت خطورة حدوث المضاعفات المختلفة المرتبطة بالتداخلات الجراحية، كالإنتانات وتشكل الندبات.
  • غالبًا ما يشكل ارتفاع تكلفة عمليات الجراحة التجميلية عائقًا أمام اللجوء إليها.

الوقاية من تشكل الندبات Preventing scars

إن أخذ معالجة الجروح في منطقة الوجه على محمل الجد يمكن أن يمنع تشكل الندبات من الأساس، أو يحد من حجمها بشكل كبير. حيثُ يجب الحرص على بقاء الجرح نظيفًا ومُغطًى بمستحضر ترطيبي مناسب كالفازلين، الأمر الذي يحد من تشكل قشرة للجرح.
يساعد استخدام الواقيات الشمسية في منع تفاقم حالة الندبات وتحولها للون البني أو الأحمر، حتى أنّه في بعض الحالات أدى استخدام الواقيات الشمسية بشكل منتظم إلى اختفاء الندبات. وينصح المختصون باستخدام واقي شمسي ذو عامل وقاية 30 أو أعلى.

وختامًا نوجه النصيحة للقراء الأعزاء، بأنّ الوقاية هي أحد أهم الخيارات العلاجية التي يمكن أن يلجؤوا إليها. فبالنسبة للجلد إذا ما حرصنا على استخدام المرطبات والواقيات الشمسية المناسبة، وعدم التعرض غير المحمي للعوامل المؤذية كالشمس والمواد المخرشة، بالإضافة إلى اللجوء دومًا للمختصين وعدم سماع نصائح العامة، فإننا سنحافظ على بشرة نضرة ذات مظهر مشرق ومميز.