يعد قصور الغدة الدرقية عند الأطفال من الاضطرابات الخطيرة التي تؤثر سلبًا على نموهم العقلي والجسدي. تتربع الغدة الدرقية في الرقبة على شكل فراشة. كما تعد من أهم الغدد الصم المسؤولة عن إفراز هرموني التيروكسين وثلاثي يودو ثيرونين لتنظيم العديد من وظائف الجسم، وتلعب دورًا هامًا في أداء كل من الجهاز الدوراني والجهاز الهضمي والتمثيل الغذائي. بينما يتصدر النمو الجسدي والجنسي قمة مهام هذه الغدة بهرموناتها المفرزة. وتعد كمية عنصر اليود في الجسم أحد أهم العوامل المحددة لنشاط الغدة الدرقية. وتبعًا للمرحلة العمرية يمكن أن نميز نوعين من قصور الغدة الدرقية عند الأطفال وحديثي الولادة. وهما قصور الغدة الدرقية الخلقي، حيث لا تعمل غدة الدرق بشكل صحيح منذ فترة الحمل. أما النوع الثاني فهو قصور الغدة الدرقية المكتسب وهو بعد الولادة.

هيا بنا نتعرف على أهم أسباب ومظاهر قصور الغدة الدرقية عند الأطفال.

قصور الغدة الدرقية عند الرضع

قد لا تظهر أية أعراض على الطفل الرضيع الذي يعاني من قصور الغدة الدرقية، حيث ما زال لديه مدخَر من الهرمونات الدرقية كان قد احتفظ بها بعد وصولها إليه عبر مشيمة الأم. إلا أن الأمر سيختلف تمامًا بعد نفاذ الكمية. حيث ستظهر الأعراض ويمكن الكشف الطبي عن الإصابة. وفي المقابل قد يولد الطفل وأعراض قصور الغدة الدرقية ظاهرةٌ عليه. إنها ظاهرة عوز اليود خلال فترة الحمل. الأمر الذي يسبب له ملامح وجهية تعكس عوز اليود. وقد يسوء الأمر ليتحول إلى تخلف ذهني وتشنج كبير في العضلات، حيث يصعب على الطفل تحريك جسمه. وإذا لم يسرع الأطباء في العلاج قد تتطور الأعراض إلى تباطؤ نمو الدماغ وقصر القامة ومشكلات في السمع والنطق وتأخر في البلوغ.

قصور الدرق عند الأطفال والمراهقين

كثيرًا ما تتشابه أعراض الإصابة بقصور الغدة الدرقية عند الأطفال الأكبر عمرًا والمراهقين مع أعراض الإصابة عند البالغين. حيث يعانون من الإمساك وزيادة في الوزن، بالإضافة إلى التعب الجسدي. فإذا لم يكتشف الأهل هذه الأعراض فإن تأخرهم في العلاج قد يسبب مشاكل خطيرة لطفلهم المصاب أهمها قصر القامة والتأخر العقلي.

داء هاشيموتو

أحد المسببات الرئيسية لقصور الغدة الدرقية. يظهر مرض هاشيموتو عندما يهاجم جهاز المناعة الغدة الدرقية ملحقًا بها التهابًا شديدًا. ولهذا المرض تأثيرًا بالغًا على الإناث البالغات، مسببًا لهن انخفاضًا ملحوظًا في الهرمونات الدرقية. أما الأعراض الناتجة عن قصور الغدة الدرقية فهي تورم الوجه وتساقط الشعر وزيادة الوزن وضعف المفاصل والعضلات.

اليود وقصور الغدة الدرقية

قد يظهر هذا الأثر منذ مرحلة الحمل بالطفل. وهو ما يدعى قصور الغدة الدرقية الخلقي. فإذا لم تتبع الأم الحاملة نظامًا غذائيًا صحيًا يحوي كمية كافية من عنصر اليود فقد يولد طفلها ولديه قصور في الغدة الدرقية ومشاكل في النمو. كما تؤثر أدوية الغدة الدرقية التي تأخذها الأم الحامل على جنينها بشكل مباشر. بدون اليود لن تتمكن الغدة الدرقية من إنتاج هرمونات النمو والتمثيل الغذائي (التيروكسين وثلاثي يودو ثيرونين). لذا من الضروري معالجة الأمر بعد الولادة للحفاظ على النمو الطبيعي للأطفال.

قصور الغدة الدرقية الخلقي

هل سمعت سابقًا عن ولادة طفل ليس لديه غدة درقية؟ إنه أمر خلقي. وقد يولد الطفل ولديه غدة درقية غير نشطة. إنه داء خطير للغاية. حيث تتمثل أعراضه في توقف نمو الدماغ والجسد معًا. حيث يبكي الطفل حديث الولادة بصوت مبحوح وقد يعاني من فتق في السرة وتضخم في اللسان والنوم لفترات طويلة وشحوب الجلد نتيجة اليرقان نتيجة قصور الغدة الخلقي.

اضطرابات الغدة النخامية وقصور الدرق

يطلق على الغدة النخامية اسم الغدة الأم. فهي تتحكم في عمل جميع الغدد في جسم الإنسان. وبالتالي فإن أي خلل في عمل الغدة الأم (النخامية) فإنه يعيق بدوره إفراز الهرمونات في الغدد الأخرى، ومنها الغدة الدرقية.

علاج خمول الغدة الدرقية

يعد العلاج الطبيعي من العلاجات الآمنة لمعالجة قصور الدرق، حيث يعد الملح المعالج باليود من المصادر الأساسية للعلاج، بالإضافة على البيض والحليب وبعض الأسماك. كما أن الكركم والزنجبيل من التوابل الغنية بخواصها المضادة للأكسدة والتي تمنع جهاز المناعة من مهاجمة الغدة الدرقية، وخاصة عند الإصابة بمرض هاشيموتو. وكثيرًا ما ينصح الأطباء الأهل بإدخال كل من لحم التونة والبقر والشوفان للنظام الغذائي لأطفالهم المصابين بقصور الغدة الدرقية. وذلك لاحتواء هذه الأطعمة على عنصر السيلينيوم الداعم لنشاط الغدة الدرقية.

إلا أن الخمول الشديد في الغدة الدرقية يتطلب إمدادات بديلة من الهرمونات الدوائية الخاصة بالغدة الدرقية.

وتبقى متابعة الأم لصحة أطفالها في مرحلة ما بعد الولادة والمراحل التي تليها من أهم الوسائل الهامة لحمايتهم وحماية صحتهم في المستقبل.