هل أحسست يومًا وأنت ترتدي ملابسك الصوفية بصعقة كهربائية خفيفة أدت إلى تطاير شعرك في الهواء؟ إنها إحدى تأثيرات الكهرباء الساكنة. فكيف تتولد الكهرباء الساكنة؟ وما هي أهم تطبيقاتها العملية؟

إن اكتشاف الكهرباء الساكنة من أعظم الاكتشافات العلمية عبر تاريخ البشرية. ويعود تاريخ اكتشاف الكهرباء الساكنة (Static Electricity) أو الكهرباء السكونية، إلى العام 600 قبل الميلاد عندما لاحظ الفيلسوف اليوناني تالس أنه عند فرك قطعة من الكهرمان بقطعة قماش، فإنها ستبدأ بجذب ريش الطيور والخيوط الصوفية أو القطنية. كما لا حظ العالم الإنجليزي وليم جلبرت أن هناك مواد أخرى تمتلك خاصية الجذب هذه. وقد أطلق جلبرت على قوة الجذب هذه اسم الكترون (مشتقًا من اسم الكهرمان باليونانية). وقد حذا العرب حذوه فأطلقوا عليها اسم الكهرباء اشتقاقًا من الكهرمان. وفي عام 1733 م، اكتشف عالم الكيمياء الفرنسي شارل أن بعض الأجسام تتجاذب عند الحك، وبعضها الآخر يتنافر، لذلك جزم أن هنالك نوعين من القوة الكهربائية. النوع الأول يتولد عند فرك الزجاج بالشعر أو الصوف. في حين يتولد النوع الثاني عند فرك الكهرمان بالحرير. كما اكتشف أن هذين النوعين المختلفين يتجاذبان في حين يتنافر النوعان المتماثلان. هناك طرق عديدة لتوليد الكهرباء الساكنة، سنتحدث عنها بالتفصيل في الفقرات التالية. ولكن سنبدأ أولاً بشرح كيفية توليد الكهرباء الساكنة.

كيف تتولد الكهرباء الساكنة

تمكن العلماء الذين يعملون على المستوى النانوي من معرفة كيفية توليد كهرباء ساكنة من حك سطحين مع بعضهما البعض. إن جميع الأجسام مهما بدت لنا أسطحها ملساء، فإننا سنلاحظ، عند تكبيرها بشكل كافي، وجود نتوءات على هذه السطوح. إن هذه النتوءات أو الشذوذات هي المسؤولة عن توليد الكهرباء الساكنة.

وعندما نفرك سطحين مع بعضهما البعض، فإن هذه الشذوذات الموجودة على السطحين ستصطدم وتحتك ببعضها. مما يسبب تشوهًا في الغمامة الإلكترونية المحيطة بالذرات الموجودة على السطح. ولأن الالكترونات لا تستطيع الحركة في المواد العازلة، فإن الغمامة سيصبح شكلها غير متناظر. وبشكل طبيعي تكون هذه الغمامة الإلكترونية متناظرة في معظم المواد. ولكن عندما يتشوه شكل الغمامة فإن الشكل الجديد سيجعل توزع الفولطية في المادة مختلف من مكان لآخر. وعلى الرغم من أن الزيادة في الفولطية في مكان ما ستكون قليلة جدًّا، فإن العدد الكبير للنتوءات سيجعلنا نشعر بصعقة كهربائية خفيفة.

توليد الكهرباء الساكنة بطريقة الدلك

تنشأ الكهرباء الساكنة بسبب تجمّع الإلكترونيات أو غيابها في مكان معين. ومن الممكن تعريف طريقة الدلك أو الاحتكاك بأنها عملية انتقال الشحنات الكهربائية نتيجة دلك سطح مادتين ببعضهما البعض. مما يؤدي إلى انفصال الإلكترونيات الموجودة على سطح إحدى المادتين وانتقالها إلى المادة الثانية. وتُستخدم هذه الطريقة في المواد العازلة كهربائيًا لأنها تسمح للشحنات بالبقاء على سطحها الخارجي لفترة طويلة طالما لم تتعرّض المادة لأي مؤثر خارجي. ومن الأمثلة على هذه الطريقة ما يأتي:

  • دلك سطح قطعة من الزجاج بقطعة من الحرير، مما يتسبب بانتقال الشحنات من قطعة الحرير، ويصبح الزجاج قادرًا على جذب القطع الصغيرة من المواد.
  • تدليك القدمين عند ارتداء حذاء من الجلد بالسجاد المصنوع من الصوف، مما يتسبب بانتقال الشحنات السالبة إلى الحذاء.
  • كما أن فرك بالون مطاطي بالملابس الصوفيَّة يتسبب باكتساب البالون لشحنات سالبة. ويؤدي ذلك إلى التصاق البالون بالحائط عند اقترابه منه.

توليد الكهرباء الساكنة بطريقة التماس

تُسمى أيضًا طريقة التوصيل، وهي عملية انتقال الشحنات الكهربائية من جسم إلى آخر نتيجة تلامسهما المباشر بعضهما البعض. حيث تنتقل الشحنات الكهربائية من الجسم الذي يملك الشحنة الأكبر إلى الجسم ذي الشحنة الأقل. وتستمر عملية الانتقال حتى يصبح للجسمين الشحنة الكهربائية نفسها. ومن الأمثلة على هذه الطريقة كل مما يلي:

  • عندما تتلامس قطعة من الألمنيوم المشحونة بشحنة موجبة مع قطعة من الحديد غير المشحونة، ستقل كمية الشحنة الموجبة في قطعة الألمنيوم، وستصبح القطعة الحديدية مشحونة بشحنة موجبة.
  • تلامس قطعة مشحونة من ناقل كهربائي مع سطح الأرض سيؤدي إلى تفريغ الشحنات من هذا الناقل، وتسمى هذه العملية بالتأريض.

توليد الكهرباء الساكنة بطريقة الحث

وتسمى أيضًا طريقة التأثير، ولا يحدث في هذه الطريقة تلامس بين الجسمين أو انتقال للشحنات من جسم لآخر، ولكن يتم إعادة توزيع الشحنات الموجودة على سطح الجسم نتيجة تأثره بالبيئة المحيطة. ومن الممكن أن تغادر الشحنات من الجسم في حال تلامسه مع جسم آخر مما يؤدي إلى تغيير شحنته. ومن الأمثلة على هذه الطريقة ما يلي:

  • تقريب ناقل مشحون بشحنة سالبة من جسم غير مشحون، مما سيؤدي إلى ابتعاد الإلكترونيات الموجودة على سطح الناقل، وانجذاب الشحنات الموجبة الموجودة في الجسم غير المشحون إلى الناقل، مما سيؤدي إلى تجاذبهما.
  • تقريب جسم مشحون بشحنة سالبة من ناقلين مُتلامسين، مما سيؤدي إلى انتقال الشحنات الموجبة للناقل القريب من الجسم المشحون، بينما تنتقل الشحنات السالبة من الناقل البعيد عن الجسم المشحون. وعند إبعاد الناقلين عن بعضهما البعض سيحتفظ كل منهما بشحنته.

ما هي تطبيقات الكهرباء الساكنة في حياتنا اليومية

تم تطبيق الكهرباء الساكنة في الكثير من المجالات في حياتنا اليومية، وأهم تطبيقات الكهرباء الساكنة كل مما يلي:

  • المكثفات الكهربائية: تقوم بتخزين شحنات كهربائية ساكنة عند تعريض أقطابها لجهد كهربائي، ويتم تفريغها فيما بعد عند الحاجة إليها في الدَّارة. وهي جزء مهم من أغلب الدارات الكهربائية والإلكترونية.
  • الطابعات الليزرية: يعتمد مبدأ عملها على شحن موزّع الحبر في الطابعة بشحنة موجبة، بينما يتم تسليط ضوء من الليزر على مناطق محددة من سطح الطباعة، لتلتصق جزيئات الحبر المشحونة بالمناطق التي لا تتعرض للضوء، وذلك لأنها مشحونة بشحنة سالبة، وهي الأماكن المطلوب وضع الحبر فوقها.