يثير مصطلح حمى البحر المتوسط المبقعة الخوف في نفوس العديد من الناس. كما يتساءل الكثيرون عن هذا المرض وخطورته، فهل فعلًا هذا المرض خطير؟ سنتعرف على كل ما يخص هذا المرض في مقال اليوم وذلك للإجابة على جميع أسئلتكم. يقصد بالحمى ارتفاع درجة حرارة الجسم، وهي عرض مرافق للكثير من الأمراض وليست مرضًا بحد ذاتها.

تتسبب الكثير من الحالات المرضية بارتفاع درجة حرارة الجسم. وأبرز هذه الحالات هي العدوى سواءً كانت جرثومية أو فيروسية أو طفيلية. كما يمكن أن تحدث الحمى خارج إطار العدوى كالإصابة بالتهاب الأوعية الدموية أو السرطان. فأي من هذه الحالات توافق حمى البحر المتوسط؟

ما هي حمى البحر المتوسط المبقعة

تسمى أيضًا الحمى البرعمية، وأطلق على هذه الحالة المرضية حمى البحر المتوسط المبقعة لأنها تترافق بارتفاع درجة حرارة الجسم. وكذلك تسبب ظهور طفح جلدي إضافةً  إلى انتشارها في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.

وتشمل الحمات المبقعة عددًا من الحالات غير حمى البحر المتوسط المبقعة. وكما يختلف اسم هذه الحمات باختلاف العامل المسبب لها واختلاف مناطق انتشارها. تسبب هذه الحمى العدوى بنوع من الجراثيم يسمى الريكتيسية الكونورية Rickettsia conorii. وهي بكتيريا سالبة الغرام غير قادرة على التكاثر إلا في الخلايا الحية. وبذلك لا تشبه بقية أنواع الجراثيم لأنها لا تتمكن من البقاء على قيد الحياة في البيئة. ولذلك تعد “بكتيريا غير مألوفة”.

كيف ينتقل هذا المرض

تصيب الريكتيسات أنواعًا عديدة من الحيوانات فتعتبر هذه الحيوانات المضيف الأولي لها. وتكون هذه الحيوانات في بعض الأحيان مصابة بالبراغيث والقمل فتعد هذه الطفيليات نواقل للريكتيسيات. لأنها تنقل الجراثيم من الحيوان إلى الإنسان. حيث أنها تتغذى على دماء حيوانات قد تكون مصابة لذلك تنقل بعدها العدوى إلى الإنسان من خلال لدغه.

يعتبر قراد الكلاب البنية الناقل الرئيسي للريكتيسية الكونورية المسببة للمرض. ينتقل هذا القراد من الحيوانات الأليفة كالكلاب والطيور ليلدغ جلد الإنسان ويسبب له العدوى. كما يمكن أن ينتقل القراد للإنسان عن طريق النباتات لأنه يمكن ان يستقر عليها أيضًا. ولذلك تزداد الإصابة بهذا المرض في أوقات نشاط القراد وفي الأماكن التي ينتشر فيها بكثرة.

أعراض حمى البحر المتوسط المبقعة

تبدأ الأعراض بعد لدغة القراد حيث يتهيج الجلد مكان اللدغة وتتشكل طبقة سوداء فوقها تسمى الخشارة. تتدرج الأعراض بعدها ليظهر أولًا تضخم في العقد البلغمية الأقرب لمكان اللدغة. وبعد عدة أيام تبدأ الحمى بالظهور بشكل واضح على المريض.

بعد تطور الحمى يبدأ الطفح الجلدي بالظهور، وأول مكان يغزوه الطفح يكون عادةً الساعدين، وينتشر منهما ليغطي الجسم كله حتى أنه يصيب راحتي اليد. يكون المريض منهكًا متعبًا يعاني من آلام العضلات والضعف، ولكن غالبًا تعالج هذه الحالة ببساطة.

وتندر الحالات التي يسبب بها هذا المرض فشل الأعضاء أو الموت، المسنون عمومًا هم الأكثر تأثرًا بحالات العدوى هذه. في حال أهملت الحالة ولم تعالج يمكن أن تتطور لمرحلة خطيرة يحدث فيها التخليط الذهني والإقياء ويمكن أن تؤدي للوفاة.

تشخيص المرض وعلاجه

يعتمد تشخيص حمى البحر المتوسط المبقعة على القصة المرضية والأعراض التي تصيب المريض وتطورها. كما توجد عدة اختبارات يمكن أن يقوم بها الأطباء لتساعدهم على التشخيص أو لتأكيد التشخيص.

أحد هذه الاختبارات هو اختبار الأجسام المضادة للريكتيسة في الدم، ولكنه لا يمكّن من التشخيص المبكر للمرض، لأن هذه الاجسام لا تظهر في الدم إلا بعد بدء المرض بعدة أيام لذلك تعتبر من الاختبارات المؤكدة للتشخيص. من الاختبارات الأخرى المستخدمة اختبارات التألق المناعية واختبار PCR.

باعتبار مسبب المرض جرثومة لذلك سيكون العلاج بالصادات الحيوية، حيث يعالج بمستحضرات التتراسكلين والأكثر استخدامًا لعلاج حمى البحر المتوسط المبقعة هو عقار الدوكسيسكلين وفي بعض الأحيان يصف الأطباء الكلورامفينكول، وعادةً ما يوصف فور الشك بالمرض ولمدة خمسة أيام.

تعطى هذه المضادات الحيوية فمويًا، لكن في بعض الأحيان يمكن أن تكون حالة المريض سيئة ولا تسمح بذلك وعندها يعطى المضاد الحيوي وريديًا. يتحسن معظم المرضى سريعًا بعد العلاج بالمضادات الحيوية وتختفي الحمى في غضون يومين أو ثلاثة أيام.

القراد وكيفية الوقاية منه

القراد هو كائن صغير يتبع لمفصليات الأرجل، وله مئات الأنواع التي تنتشر في مناطق مختلفة من العالم. يضع القراد بيوضًا مغلفة بطبقة شمعية سميكة تحميها من الظروف الخارجية، ويحتوي على أعضاء خاصة للقيام بهذه الوظيفة.

ينتشر القراد في قارتي إفريقيا وأميركا الشمالية، وتعيش هذه الكائنات على أوبار الحيوانات لكنها يمكن أن تنتقل إلى البشر وتنقل معها الكثير من الأمراض التي يمكن أن تكون خطيرة. في حال انتقالها للإنسان يجب ألا يحاول التخلص منها بنفسه عن طريق سحقها بالأصابع، لأن ذلك يمكن أن يؤدي للتلوث بدمائها والإصابة بالمرض.

بالرغم من أن القراد ينقل مجموعة واسعة من الأمراض، ولكن هذا لا يعني أن كل قراد يمكن أن ينقل المرض، ولا يحتم المرض بعد التعرض للدغة القراد حتى في الأماكن الموبوءة. في حال كنت تعيش في مكان تسكنه حشرات القراد يمكنك اتباع الخطوات التالية لتقليل فرصة انتقاله إليك:

  • تقليل تعرضك واحتكاكك بالحيوانات والنباتات قدر الإمكان.
  • عند الخروج إلى الأماكن البرية يجب عليك تغطية جسدك بشكل كامل بالملابس، حيث ينصح بلبس سراويل طويلة وإدخالها ضمن الجوارب في الأحذية، كما يجب لبس القمصان ذات الأكمام الطويلة.
  • تجنب الدخول إلى المناطق الموبوءة واتباع الإرشادات.
  • ارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة التي تسهل رؤية الحشرات العالقة عليها.
  • رش الجلد بمادة تعرف ب DEET وهي مادة قادرة على إبعاد الحشرات عن سطح الجلد، ويجب استخدامها بحذر عن الأطفال.
  • تطبيق مادة البيرمثرين على الملابس.

في حال أصابتك أي أعراض غريبة بعد التعرض للدغة حشرة لا تتردد بزيارة الطبيب واستشارته، حيث أن لدغات الحشرات يمكن أن تنقل أمراضًا خطيرة في بعض الأحيان، ولكنها أيضًا قد تكون بسيطة في أغلب المرات ولا تسبب لك إلا بعض الاحمرار والحساسية، ومع ذلك يبقى درهم وقاية خير من قنطار علاج.