متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي؛ هذا ما يبحثُ عنهُ فئةٌ من الناس، بل يمكننا القول عددُ من مسلميّ العالم. إذًا ايام التشريق هي مصطلحٌ يخصُّ الإسلام.
لكنْ من أبحرَ في اللغه العربية يدركُ أن كلمة تشريق تعني تقديد اللّحم؛ أي جعله قطعًا صغيرةً. فمَا هي صلة الوصل بين ايام التشريق وتقديد اللّحم. بل ما هي ايام التشريق ولماذا سُميت بهذا الاسم. تساؤلاتٌ عديدةٌ تجول في الأذهان حتّى باتت غريبةً بعض الشيء. لكن وهل هناك غرابةٌ في دين الإسلام؟ بالطبعِ لا؛ فقد عرفناه بدينِ الوضوح والبيانِ. حيث أجابَ عن كلّ سؤالٍ يخصّ ايام التشريق وكان منها متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي أيضًا. لذا تابع مقالنا لتعرّف ما جاء من إجاباتٍ.
ايام التشريق
الأيام الثلاثة بعد يوم النحرِ، وتكون في شهر ذي الحجة. وقد وردَ ذكرها في القرآن الكريم، فهيَ من الأيام المباركة. حيث جاء في القرآن الكريم : { واذكروا الله في أيّامٍ معدوداتٍ}؛ إذ يقصدّ بالأيام المعدودات ايام التشريق. بينما وصفها الرسول صلّى الله عليه وسلم بقوله: {إنّها أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ}. وهي أيامٌ ترتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بأعمال الحجِ، والعمل الصالح، وتقوّى الله في كلّ زمانٍ ومكانٍ. فمتى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي هذا ما سنجيب عنه تِباعًا في السطور القادمة.
شاهد أيضًا: هل تعاد صلاة الكسوف والخسوف في حالة استمرار الظاهرة
متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي
تبدأ ايام التشريق في اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة، وتنتهي في اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة. كما هناك قولٌ آخر بأنّه تبدأ ايام التشريق في اليوم العاشر أي يوم العيد، وتستمرّ حتّى اليومين الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة. ممّا يعني أنّ القول الثاني يشير إلى أن ايام التشريق تنتهي في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة. وبرغم الاختلافِ بينهما إلّا أنّنا نجدّ أن الاثنين يقولان أنّ عدد ايام التشريق ثلاثة أيامٍ. كما اجتمعوا على ضرورة الدعاء، وذكر الله، وإكثار الصلاة.
ما هي اعمال ايام التشريق
ما هي اعمال ايام التشريق
بعد أنّ عرّفنا متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي لا بُدّ من الوقوف قليلًا لمعرفة ما علينا فعله في هذه الأيام المباركة. على ما يبدو أنّ كلّ يومٍ من ايام التشريق له عملٌ خاصٌّ به. وهو كما يلي:
- اليوم الحادي عشر من ذي الحجة: يقوم الحاج في هذا اليوم برمي الجمرات الثلاثة مع غروب الشمس. ومن الأفضل أن يذهب سائرًا على القدمين، لكن لا مانع أن يركب. حيث:
- يرمي الجمرة الأولى؛ وهي أبعد الجمرات عن مكة.
- ويكبر بعد كل حُصاةٍ يرميها.
- ثم يرمي الجمرة الوسطى، ويرميها بسبع حصاةٍ متتابعةٍ.
- كما يكبرّ بعد كل حُصاةٍ يرميها.
- بعد ذلك يرمي جمرة العقبة الكُبرى، ويجعلها عن يمينه.
- فيرمي بها بسبع حصاة متتابعةٍ مع التكبير.
- بعدها ينصرفُ وينتهي ولا يدعو بعد ذلك أبدًا.
- اليوم الثاني عشر من ذي الحجة: بعد المبيت في منى لليلةٍ، ترمى الجمرات الثلاثة كما في اليوم الحادي عشر ذلك بعد الظهر. وهنا يقفُ الحاج للدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى. ومن أراد التعجل ومغادرة عرفة يمكنه ذلك لكن قبل غروب الشمس. فإن عجزَ الحاج عن رمي الجمرات بنفسه لعذرٍ أو مرضٍ جازَ أن يوكل غيره في الرمي عنه بعد رمي الوكيل لنفسه.
- اليوم الثالث عشر من ذي الحجة: وهو اليوم الأخير الخاص بمَن تأخر في المبيت بمنى. وهذا التأخر مفضلٌ في الإسلام. ويَجِبُ في يوم الثالث عشر بعد غروب شمسِ يوم الثاني عشر من ذي الحجة. حيث يلزمُ الحاج التأخر ليرمي الجمرات الثلاثة بعد الزوال. إذ يقوم برمي الجمرات ومن ثمّ التوّجه إلى مكة لأداء طواف الوداع عند السفر.
شاهد أيضًا: حكم القنوط واليأس من رحمة الله
ايام التشريق لماذا سميت بهذا الاسم
سميت ايام التشريق لأنّ الناس كانوا يشرقون اللحم فيها.
يقول ابن منظور في لسان العرب:
التشريق مصدر شرَّق اللحم أي قددَّه. ومنهُ أيام التشريق وهي ثلاثة أيامٍ بعد يوم النحر لأن لحوم الأضاحِي تُشرَّق أي تُشرَّر في الشّمس. ويقال سُمِّيَت بذلك لقولهم أَشرِق يا ثبير (وهو جبلٌ) كيما نندفع في السير. وقال ابن الأعرابيّ سُمِّيَت بذلك لأن الهَدْي لا يُذْبح حتى تشرق الشّمس.
ولتوضيح قول ابن منظور يمكننا القول أنّ هناك سببين لهذه التسمية:
- السبب الأول: لأنّ الناس قديمًا كانوا يقطعون اللّحم إلى أجزاءٍ صغيرةٍ. ويضعونها في الشمسِ للتخلصّ من الرطوبة التي قد تفسدّه. ذلك كطريقةٍ لحفظهِ مدّة ثلاثِ أيامٍ دون أن يفسدَ. لا سيما وأنّه لم يكن يوجدُ ثلاجاتٌ في تلكَ الآونة.
- أمّا السبب الثاني: في تسمية ايام التشريق بهذا الاسم؛ أنّ الناس يذبحون بعد طلوعِ الشمس، ولا يذبحون ليلًا.
ما هي أسماء ايام التشريق
عندَ الحديث عن متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي لا يجوزُ المرور دون معرفة اسماء هذه الايام. حيث يطلقُ على كلّ يومٍ اسمُ خاصّ به. وجاء في بيان أسماء ايام التشريق كما يلي:
يوم القر
إنّه إجابةُ سؤال متى تبدأ ايام التشريق. فهو اليوم الأول من ايام التشريق؛ أي الحادي عشر من ذي الحجة. كما أنّه اليوم التالي ليوم النحر مباشرةً. وقد سميّ بهذا الاسم لأنّ: الحجاج يقرون فيه بمنى بعد أن يفرغوا من طواف الإفاضة والنحر. وقد قيل عنه أنّه من أعظم الأيام عند الله بعد النحر. وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك. حيث قال: إنّ أعظمّ الأيام عند الله تباركَ وتعالى يوم النحرِ ثمّ يوم القرّ.
يوم النفر الأول
وهو اليوم الثاني من ايام التشريق؛ أي الثاني عشر من ذي الحجة. والنفر هو ضدّ القر. وقد سمي بذلك لأنّه اليوم الأول الذي يسمح به بالنفور بعد الاستقرار في منى. ذلك لأنّه يجوز للحاج المتعجل الذي أنهى رمي الجمار وأحبّ تعجيل الانصراف من منى أن ينفر؛ أي يرحل إلى مكة المكرمة. وهو أمرٌ متاحٌ في الإسلام حيث جاء قول الله تعالى: { فمن تعجلَّ في يومين فلا إثمّ عليه ومن تأخر فلا إثمّ عليه لِمَن اتَّقَى}.
يوم النفر الثاني
يمثلُّ الإجابة على سؤال متى تنتهي ايام التشريق. فهو اليوم الثالث من ايام التشريق؛ أي الثالث عشر من شهر حجة. حيث يرمي فيه المتأخرون الجمرات الثلاثة كما رموها من قبل وعلى الترتيب التالي: الصغرى، ثمّ الوسطى، ثمّ الكبرى كل مرّةٍ بسبعِ حصاةٍ. وبعد أنْ ينهي رمي الجمرات عليه أن ينفرّ إلى مكة ليمكث فيها. بعد ذلك يختمّ أعماله بالطواف مودعًا بيت الله الحرام، وداعيًّا الله أن يَمنّ عليه بزيارةٍ ثانيّةٍ.
شاهد أيضًا: عيد الأضحى ويوم عرفة
متى يرمي المتعجل
يرمي المتعجل في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة. حيث أشارَ علماء الدين أنّه يجوز للمتعجل الخروج من منى بشرطِ أن يكون خروجه قبل غروب الشمس في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة. ومن الجدير بالذكر أنّه وحسب عضو هيئة كبار الدين عضو اللجنة الدائمة للإفتاء أقصر مدة للإقامة في منى همّا يومي الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة؛ وهذا ما أطلقنا عليه التعجل.
متى يكون يوم النفره
في اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة. وهو اليوم الأخير من أيام التشريق والسادس في أيام الحج. كما يسمى يوم النفر الثاني؛ وقد سميّ بذلك لأنّ الحجاج غير المتعجلين يرمون الجمار في هذا اليوم. من ثمّ ينهون مناسكهم وينفرون؛ أي يعودون إلى مكة المكرمة.
ما حكم صيام ايام التشريق
يعدّ صيام ايام التشريق من أنواع الصيام المنهي عنه في الإسلام. وقد جاءَ في الأحاديث الشريفة ما يدّل على نهي صيام ايام التشريق. ومنها ما جاء فيما:
- رواه مسلم عن نبيشة: قال: << قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى>>.
- وعن عقبة بن عامر قال: 《قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكلٍ وشربٍ》
- وعن عمرو بن عاص قال: {هذه الأيام التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بإفطارها وينهي عن صيامها}.
ايام التشريق وما يستحب العمل فيهن
ايام التشريق وما يستحب العمل فيهن
من نعمِ الله سبحانه وتعالى على أُمّة المسلمين أن جعلَ لهم مواسم يكثرونَ بها من العمل الصالح ذي الثواب العظيم. فكان منها ايام التشريق. فَما هي إلّا ساعاتٌ ولحظاتٌ سرعان ما تنقضي. لذلك على المسلم إدراكها والقيام بالأعمال المستحبّة فيها. وهي كما يلي:
- أداء فريضة الحج؛ فهي خيرُ ما يُؤدّى في مثلِ هذه الأيام. وقد أوصى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالحجِ لِمن استطاع إليه سبيلًا.
- كما شدّد النبي في وصيته على كثرة التحميد والتهليل والتكبير في أيام التشريق. حيث جاءَ في حديث عمر رضي الله عنه: (فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد).
- ويستحبُّ أيضًا الجهر بالتكبير اقتداءً بعمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين.
- بل ويسنّ أيضًا إظهار التكبير المطلق من أول يومٍ من أيام التشريق وحتّى عصرِ آخر يومٍ ليعمّ الأسواق والمنازل والطرقات فتسرّ به النساء والأطفال.
- الأضحية؛ وهي من أفضل الأعمال في هذه الأيام المباركة. كما هناك من العلماء من أكدّ بوجوبها وقد حافظَ عليها النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- أيضًا.
- كذلك ينبغي إتقان الفرائض فلا بُدّ من التبكير في أداءِ الصلاة، والإكثار من النوافل فإنّها من أفضل القربات.
- وأيام التشريق أيضًا أيامٌ ملائمةٌ للتوبة والنصحِ والرجوع إلى الله، والتزامِ طاعته. إذ يجدّر فيها البعد عن كلّ ما يخالف أمر الله تعالى.
- المحافظة على الواجبات؛ فليس هناك أعظمُ من إتقان الواجبات وأدائها على أكمل وجهِ فيها. ذلك بمراعاة سننها وآدابها.
- الإكثار من المستحبات والذكر؛ إذ ينبغي اغتنام هذا الزمن في كثرة الدعاء، والتضرّع لله عزّ وجل. بل يمكن القول أنّ المستحبات كثيرةُ وأبواب العمل الصالح لا حصرَ بها فأكثر من الخير لتلقَى ثوابَ هذه الأيام المباركة.
شاهد أيضًا: دعاء أنس بن مالك بسم الله خير الأسماء
وصلنا إلى ختام مقالنا “متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي” حيث أجبنا بوضوح فيه عن ايام التشريق. كما أشرنا متى تبدأ ايام التشريق ومتى تنتهي أيضًا. ولم نكتفِ بذلك فقط بل غُصنا في تسمية ايام التشريق، وعرفنا الأعمال الخاصّة بكلّ يومٍ منها. فلا تنسَ أنْ تأخذ هذه الأيام المباركة بعين الاعتبار فتدعو، وترجو، وتتضرعُ إلى الله. فهل هناكَ أجملُ من ذكرِ الله في مثلِ هذه الأيام.