يجد الكثير من المعلمين في بر الوالدين موضوعًا يستحق الكتابة عنه، والإبداع فيه. لما فيه من بعد إنساني سامٍ، ودينيّ، وأخلاقي، فيوكلون لطلابهم كتابة مقال عن بر الوالدين، وإظهار فضائلهما، وأهمية الإحسان إليهما في حياتهما، وبعد مماتهما. ليبحث الطلاب عن مقال عن بر الوالدين قصير وجميل. كي يستلهموا منه بعضًا من الأفكار، والمعاني الراقية، وأيضًا ليستفيدوا من الصور البلاغية، والفنية في تزيين مقالهم، وإضافة الرونق الأدبي لكلماتهم.

في مقالنا هذا سنقدم مقالًا قصيرًا، وجميلًا عن بر الوالدين. موضحين أهمية بر الوالدين، وفضائلهما التي أكد عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، بالإضافة إلى بعض الأبيات الشعرية عن بر الوالدين، والتي سيكون من الجميل الاستشهاد بها في مقالاتكم، وحديثكم أيضًا.

مقال عن بر الوالدين قصير وجميل

سيجعل الحب أكبر أحلام الوالدين ابنهما الذي سكنهما، وأسكنا فيه الأحلام، والأماني. ابنهما الذي رضع المحبة، والنور من نهد ما بخل عليه يومًا بالعطاء. ليرضع بدوره قلب أهله بالحنان، ويطرب سمعهما عند نطقه أول كلمة غير مفهومة، وعند أولى محاولاته للنهوض، ويكون لهما حياةً جديدةً ضمن حياتهم.

كثيرة هي الكلمات التي تخطر في بال كل من يفكر بكتابة مقال عن بر الوالدين، وعاجزة أيضًا. لأننا إذ نتحدث عن فضائلهما. كأنما نتحدث عن تلك الشمس التي تهدينا ضياءها كل نهار بلا مقابل أو عن تلك الغيوم التي تمر فوق القِفر من أراضينا. لتسكر جوفها بالماء العذب، وتحولها إلى جنان بديعة.

أصعب الديون تلك التي لا يسعنا أداؤها حتى لو بذلنا في سبيل ذاك كل ما لدينا. أصعب الديون ديوننا تجاه أهالينا، فكم ندين لهم بالحب، والوفاء، والعرفان، والحنان؟ بالاهتمام بهما في كبرهما، والحرص عليهما. إن البر بالقول اللطيف، والفعل الشريف الذي فيه خيرهما هو أسمى درجات المحبة، والإخلاص حتى بعد وفاتهما، فما دام خيالهما في الأعين، وذكرهما العطر في الفم، ومثواهما في القلب، فلن يغيبا أبدًا.

هكذا هي علاقة الآباء بأهلهم. كعلاقة الشجرة بأوراقها، فمتى ما أنكرت الورقة أصلها، وغادرت، فهي إن شرّقت أو غربت ستلقى اليباس لا محالة.

بر الوالدين في الإسلام

أمرنا الله سبحانه، وتعالى ببر الوالدين، وجعله واجبًا إنسانيًا، وسلوكًا اجتماعيًا، وأسريًا يجسد معاني الوفاء، والإخلاص، والتقدير.

أهمية بر الوالدين في القرآن الكريم

أكد القرآن الكريم في كثير من آياته على بر الوالدين، ووجوب طاعتهما، والإحسان إليهما، وفي ذلك إشارة إلى أهمية بر الوالدين، وتحذير من عقوقهما. كما قرن الله تعالى في كثير من آياته رضاه مع رضا الوالدين، فمن لا يقدر والديه، ولا يؤدي حقوقهما عليه، لن يقدر نعم الله تعالى عليه، ولن يؤدي حقوق الله عليه أيضًا. هذا وقد وردت آيات كثيرة عن وجوب بر الوالدين، وسنذكر من بينها ما يلي:

قوله تعالى في سورة الإسراء في الآية 23: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.

وفي سورة الأحقاف الآية 15: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ}.

كما بيّن القرآن الكريم الرابط القوي بين عبادة الله، وبر الوالدين، والإحسان إليهما، وذلك في الآية 36 من سورة النساء: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.

بر الوالدين في السنة النبوية

لم تخلُ أحاديث الرسول الكريم محمد، ووصاياه من ذكر فضائل الوالدين، ووجوب الإخلاص لهما بالقول، الفعل. كما بيّن رسولنا الكريم أن احترام الأبوين، وملاطفتهما، وإظهار الحب لهما من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد من ربه، وأكد على عقوبة عقوق الوالدين، ولو بكلمة “أفٍّ”.

اخترنا لكم بعضًا من الأحاديث النبوية الشريفة عن بر الوالدين:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَني“.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تُرفعُ للميِّتِ بعد موتهِ درجتُهُ فيقولُ أي ربِّ أيُّ شيءٍ هذه فيقالُ لولدِكَ استغفَرَ لك“.

وفي النهي عن عقوق الوالدين قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ مِن أكْبَرِ الكَبائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ والِدَيْهِ قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أبا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ“.

مقدمة عن بر الوالدين

أية هالة قدسيّة تحيط بهما؟! أية مشاعر سامية تتزاحم في قلب المرء حين يتذكرهما؟ وأي جلال يطغى على نفسه، وهو ماثل في حضرتهما؟ قل في وصف حنانهما، وصدق حبهما ما شئت، وأكثر ما استطعت، وثق بعد أن تفرغ من ذاك أنك ما بلغت معشار ما يستحقانه منك، ومن يقدر أن يفي الوالدين حقهما من التبجيل، والثناء! إنهما ينبوع الحب الذي لا ينضب، وشمس الحنان التي تنطفئ. التضحية في أسمى صورها، والعطاء منقطع النظير. إنهما الصديق صادق الإخاء. الأمين في النصيحة، والذي لا يمل العطاء.

كلمة عن بر الوالدين قصيرة

  • لا تتوقع أن يكون ابنك بارًا لك، وأنت عاق لوالديك.
  • الأم، والأب يداك، وبصرك، وبوصلتك نحو الخير، والنجاح، وسفينتك التي تبحر بك، لتنجو من أمواج الحياة العاتية.
  • في كل مصيبة تمر بها، والداك أول من يقف أمامك ليحميك، وفي كل نجاح لك هما أول من يقف خلفك ليصفق، ويهتف لك.
  • جنة الدنيا حضن الأم.
  • في مستنقع الحياة، لم يحملك والدك على كتفه فقط، بل حمل مستقبلك، وأحلامك، ودميتك المفضلة.

شواهد شعرية عن بر الوالدين

يقول أبو علاء المعري:

تحمّلْ عن أبيكَ الثّقلَ، يوماً= فإنّ الشّيخَ قد ضَعُفتْ قواهُ.

أتَى بكَ عن قَضاءٍ لم تُرِدْهُ= وآثَرَ أن تَفوزَ بما حَواه.

كما يقول أيضًا:

العيشُ ماضٍ، فأكرِمْ والدَيكَ بهِ= والأُمُّ أوْلى بإكرامٍ وإحسانِ.

وحَسبُها الحملُ والإرضاعُ تُدْمِنُهُ= أمرانِ بالفَضْلِ نالا كلَّ إنسانِ.

من حسن إيمان المرء أن يعرف لمن أحسن إليه قدره، وفضله عليه، ومن أحسن إلينا مثل والدينا؟ فعلى الأبناء إذًا دين لوالديهم، وعليهم أداؤه. خاصةً إذا بلغ الوالدان سن الهرم، وصارا بحاجة إلى الرعاية، وحري بنا أن نستذكر دومًا هذه المقولة: “كما تدين تدان“.