القرآن الكريم ليس مجرد كتاب نقرؤه كباقي الكتب، ففيه من الأسرار، والإعجاز ما لن يستطيع إنسان الإحاطة بها. حتى لو أفنى عمره كاملًا في دراسته، وسبر أغواره. إنه كينبوع كلما شربت منه ازددت تعطشًا، وبحر كلما غصت فيه اكتشفت دررًا، ولآلئ أعظم.

كما أن القرآن الكريم جامع لكل العلوم على الإطلاق. انطلاقًا من علوم الفلك، والرياضيات، مرورًا بعلوم الفيزياء، والكيمياء، والطب، وعلوم اللغة. كما أن فيه التشريع الإنساني الحكيم، والقوانين الأخلاقية التي تنظم علاقة الإنسان بالله، وعلاقة الإنسان مع الإنسان، وأيضًا مع الطبيعة من حوله، وكثير منها ورد في قصص قرآنية فيها من الحكمة، والعبرة. كما يحتوي من علوم البيان، والبلاغة ما أعجز العرب في الجاهلية عن الإتيان بمثل سورة منه -رغم فصاحتهم التي اشتهروا بها.

واعلم عزيزي القارئ أننا إذ دخلنا في بحث الإعجاز في القرآن الكريم، فكأنما أبحرنا في محيط لا متناهٍ، فالله وحده من يملك مفاتيح الغيب. قال تعالى في سورة لقمان: “إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير (34)“.

أنواع الإعجاز في القرآن الكريم

كثيرة هي مواطن الإعجاز في القرآن الكريم، وأعظم من أن تشمل أو تحصر بآلاف من الكتب. من باب تسهيل دراسة أوجه الإعجاز لجأ العلماء إلى تصنيفها، وكان منها:

      • الإعجاز اللغوي في القرآن.
      • الإعجاز العددي.
      • وأيضًا الإعجاز العلمي: الله خالق الكون، والإنسان، وحاشا لله أن يخلق شيئًا ولا يحيط به. على سبيل المثال لا الحصر، فقد ذكر القرآن الكريم مراحل خلق الإنسان، وتطور الجنين بدقة متناهية لم يصل إليها العلم إلا مؤخرًا. خير مثال على ذلك قوله في سورة المؤمنون :”ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين(12) ثم جعلناه نطفةً في قرار مكين(13) ثم خلقنا النطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين(14)“.

أمثلة للإعجاز العددي في كتاب الله

  • كلمة “يوم مفردةً” وردت 365 مرةً، وذلك بعدد أيام السنة الميلادية.
  • كما وردت كلمة “شهر” 12 مرةً.
  • كلمة “يوم مثنى، ومجموع” وردت 30 مرةً بعدد أيام الشهر.
  • كلمة “ساعة مسبوقةً بحرف” وردت 24 مرةً بعدد ساعات اليوم.

وردت كلمة “الأرض” في القرآن الكريم 13 مرةً. كما وردت كلمة “البحر” 32 مرةً، ومجموع هذين الرقمين 45. قبل أن تتساءل عن الرابط بين هذين العددين نجيبك:

إذا قسمنا بحساب النسبة المئوية لعدد مرات ذكر كلمة الارض على العدد الاجمالي نجد:

      • (13/45)*100= 28.888% وهي النسبة المئوية الدقيقة لمساحة اليابسة بالنسبة لمساحة الأرض.
      • وكذلك الأمر بالنسبة للبحر، فسيكون الناتج  71.111%، وهي النسبة المئوية لمساحة البحر.

النظرية النسبية لآينشتاين

من منا لم يسمع بنظرية النسبية (The theory of relativity)، والتي طورها العالم “ألبرت آينشتاين” في العام 1905؟. معتمدًا في ذلك على مبدأ النسبية الذي وضعة العالم “غاليليو غاليلي” عام 1636.

هناك نظريتان للنسبية هما النسبية الخاصة، والنسبية العامة. صاغت النظرية النسبية مفهومًا جديدًا للزمكان، والكتلة، وأيضًا الطاقة، وأحدثت تغيرًا نوعيًا في المفاهيم الكلاسيكية السابقة لها من حيث كون الحركة مطلقةً. إذ أثبت آينشتاين أن الزمان، والمكان، والحركة كلها مفاهيم نسبية، وأشار إلى العلاقة التي تربط ما بين الزمن، وسرعة الجسم المتحرك، وشدة الجاذبية.

نظرية آينشتاين الشهيرة لها آثار عميقة، فإذا كانت سرعة الضوء ثابتةً تمامًا فهذا يعني أن رائد فضاء يسير سريعًا جدًا بالنسبة إلى الأرض، فالثواني عنده تسير أبطأ بالنسبة لأي شخص على كوكب الأرض، وهي ظاهرة تدعى “تمدد الزمن“. كما أن هناك جانب آخر غريب لنظرية النسبية وهو “انكماش الطول“، إذ إن درجة انكماش طول الشيء تعتمد على سرعته بالنسبة للمشاهد، وهذا ما شرحه البروفيسور “جميس كولاتا” في كتابه “أساس علم الكون من كون أرسطو إلى الانفجار العظيم وما بعده” إذ يشرح مفهوم انكماش الطول بمثال بسيط:

  • لو وضعنا مسطرةً طولها متر واحد على الأرض في غرفة ما، بحيث توجد إحدى نهايتي المسطرة عند حائط الغرفة، وهناك ضوء يأتي من سقف الغرفة.
  • نقوم بتدوير المسطرة، مع مراقبة ظلها على الأرض، والحائط.
  • بدايةً سيظهر طول ظل المسطرة على الأرض مساويًا مترًا واحدًا كطولها، لكن ظلها على الحائط سيكون صغيرًا جدًا.
  • لو قمنا بتدوير المسطرة باتجاه رأسي، سيبدو لنا أن الظل على الأرض أصبح أقصر، بينما ظلها على الحائط أطول.
  • وعندما تقف المسطرة رأسيًا بمحاذاة الحائط يصبح طول ظلها على الحائط مترًا واحدًا.

النسبية في القرآن الكريم

هناك تشابه كبير بين مثال البروفيسور جيمس، ونظرية النسبية التي تقول أنه كلما زادت سرعة الشيء فإن طوله باتجاه حركته يبدو أقصر. إنه لأمر مثير للاهتمام أن يستخدم البروفيسور جيمس هذا المثال بالتحديد لشرح أركان النسبية الخاصة، لكن الأمر الأكثر إثارةً للدهشة أن القرآن الكريم شرح نظرية النسبية بمثال مشابه، وهذا ما نراه في سورة الفرقان: “ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء جعله ساكنًا ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا(45) ثم قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا(46)”. أما التفسير العلمي لهذه الآيات فهو:

      • ولو شاء جعله ساكنًا: أي كما سيكون الحال لو اتبعنا نظرية نيوتن التي تقول بأن كل الأشياء في الكون مطلقة.
      • ثم جعلنا الشمس عليه دليلًا: أي أن سرعة ضوء الشمس هي سرعة مطلقة.
      • ثم قبضناه إلينا: تشير إلى انكماش الطول.
      • قبضا يسيرا: وهي تمدد الزمن.

باختصار لقد أحدثت النظرية النسبية ثورةً حقيقةً في عالمنا، فالكثير من التقنيات التي هي جزء لا يتجزأ من عاملنا الحديث تعتمد بشكل مباشر عن نسبية آينشتاين، مثل تقنية GPS، ومحطات الطاقة النووية، والمولدات، بالإضافة إلى المغناطيسات الكهربائية، وغيرها الكثير. وذكرها في القرآن القريم خير دليل على عظمة الخالق، وعلمه غير المحدود.

النسبة الذهبية في القرآن الكريم

النسبة الذهبية (Golden Ratio)، أو كما يسميها البعض “النسبة الإلهية” هي ثابت رياضي قيمته التقريبية 1.618. تعتبر النسبة الذهبية قانونًا عالميًا، علاوةً على كونها السر الدائم لعلم الجمال، ومقاييس الإبداع. لذا يلجأ إليها المهندسون في تصاميمهم المعمارية، والرسامون في إبداع لوحاتهم، وأيضًا أطباء الأسنان، وأخصائيو التجميل.

لكن الأمر المثير للاهتمام فعلًا أن النسبة الذهبية موجودة في القرآن:

  • قوله تعالى في سورة آل عمران: “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدًى للعالمين (96)“. عندما أمر الله تعالى سيدنا إبراهيم أن يقوم ببناء الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. هل فكرتم من قبل عن سر موقع الكعبة؟
  • لو قمنا بعملية حسابية بسيطة، وقسمنا بعد الكعبة عن القطب الجنوبي إلى بعدها عن القطب الشمالي للأرض لوجدنا:
  • بعد الكعبة عن القطب الجنوبي/ بعد الكعبة عن القطب الشمالي= 12361.17/ 7639.5= 1.618. أي أن نقطة النسبة الذهبية لكرتنا الأرضية تقع في الكعبة المشرفة بمكة.

من المؤكد أن النبي ابراهيم عليه السلام عاش في زمن لم تتوفر فيه الأدوات المساحية، والتقنيات المتوافرة في عصرنا الحالي، وإبداع موقع الكعبة هو خير دليل على قدرة الخالق، وعلمه المطلق.

أمثلة النسبة الذهبية في جسم الإنسان

قوله تعالى في سورة التين: “ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم(4)” هو خير دليل على إبداع الله في خلق صورة الإنسان. كما يمكنكم التأكد من ذلك بأنفسكم:

  • النسبة بين طول الإنسان والمسافة بين سرته وأخمص قدميه تساوي النسبة الذهبية.
  • طول الوجه مقسومًا على عرضه يساوي أيضًا النسبة الذهبية.
  • كما أن المسافة بين الخصر، وأسفل القدم مقسومةً على المسافة بين مفصل الركبة، والأرض تساوي النسبة الذهبية.
  • بالإضافة إلى أن كل أجزاء جسم الإنسان تحقق النسبة الذهبية، من سلاميات الأصابع، مرورًا بالنخاع الشوكي، والوجه أيضًا.

 

في الختام لو قمت بحساب النسبة بين بعد أسفل الذقن، والشفة السفلى إلى بعد الشفة السفلى، وأسفل الأنف، ستلاحظ أن الناتج يساوي النسبة الذهبية على أن تقوم بالقياس وأنت مبتسم. لعلك صرت توقن بلا ريب أن ابتسامتك في وجه أخيك صدقة!