تُمثل السوق الدوائية عالمًا واسعًا مُتفرّدًا بحد ذاته، وما يزال هذا العالم راكبًا على متن قطار التطور والتجديد في ظل ظهور الأمراض والأعراض الجديدة أملًا بالحصول على الأدوية التي يُماثل تأثيرها تأثير السحر في علاج جميع الأمراض، وخلال هذه الرحلة كان لابد من اكتشاف أو اختراع الأدوية التي تُعالج أو تُخفف الأعراض المزعجة أيضًا؛ وسأُخبرك في هذا المقال عن إحدى هذه الأعراض وبعض الأدوية المُستخدمة لعلاجها وكيفية قياس جرعات هذه الأدوية.

 

 

 

السعال

يجب التنويه في البداية إلى أن السعال هو عرض لأمراض مُعينة، ومن الخطأ اعتباره مرضًا بحد ذاته حتى لو لم يترافق مع أية أعراضٍ أخرى، ويُعرَّف السعال على أنه استجابة جسمك لشيء ما يُسبب تهيج الحلق أو المجاري الهوائية لديك؛ حيثُ يقوم هذا الشيء باستثارة النهايات العصبية على طول المجاري التنفسية وتقوم بدورها بإرسال رسائل إلى دماغك ليُرسل دماغُك بعدها أوامره العصبية إلى عضلاتك الصدرية والبطنية لتضغط على رئتيك وتدفع منها الهواء من أجل حمل العامل المُهيِّج إلى الخارج، لذلك يُعتبر السعال بشكل عام وسيلة دفاعية وأمر طبيعي وصحي نسبيًا إذا حدث من وقت لآخر، ولكن إذا اشتد السعال أو استمر لعدة أيام أو لعدة أسابيع أو إذا ترافق مع إخراج المخاط عديم اللون أو الصديد أو الدم أو إذا كان جافًا وشديدًا ومُترافقًا مع أعراض أخرى فعندها يُعتبر عرضًا لمرضٍ ما ولابد من اكتشاف المرض الكامن ومعالجته وتخفيف السعال.

أدوية السعال ومنها الشرابات

تختلف أدوية السعال حسب نوعه؛ حيث أن أدوية السعال المزمن تختلف عن أدوية السعال الحاد، كما أنه لا يجوز أبدًا إعطاء أدوية السعال الجاف لمرضى يُعانون من سعال مُنتج، ويجب تحديد سبب السعال قبل وصف أي دواء لمعرفة الحاجة إلى وصف دواء ولضمان وصف الدواء المناسب للحالة الموجودة والحصول على الاستفادة الكاملة، فقد توصف:

  • مضادات الهيستامين للسعال التحسسي.
  • المقشعات أو حالَّات القشع في حالة السعال المُنتج.
  • كابتات السعال في حالة السعال الجاف.
  • الأدوية النباتية التي يمكن أن تُعطى في حالة السعال المنتج أو الجاف مثل خلاصة أوراق الزعتر أو خلاصة أوراق اللبلاب.
  • الموسعات القصبية وخاصة في حالة السعال المرتبط بالربو.
  • الكورتيكوستيروئيدات؛ وهي خط علاجي أخير في حال عدم الاستفادة على أي صنف دوائي آخر، ويتم وصفها مع جلسات الإرذاذ أو قبل البدء بها أو بالمشاركة مع أدوية السعال الأخرى.

وتوجد العديد من الأشكال الصيدلانية لمضادات السعال مثل المضغوطات القابلة للبلع والمضغوطات القابلة للمضغ والكبسولات والشرابات السائلة الكحولية أو المائية بالإضافة إلى شرابات المعلقات السائلة.

كيفية قياس جرعة شرابات السعال

يوجد الكثير من المواد الفعالة التي يُمكن أن تُوضع لوحدها أو بالمشاركة ضمن تركيب شرابات السعال، كما يُمكن أن يُعطى بعضها للأطفال والبالغين معًا مع الانتباه إلى اختلاف الجرعة المعطاة، وبالنسبة للجرعة فهي تختلف حسب نوع المادة الفعالة في الشراب وحسب وزن وعمر الشخص وخاصة عند الأطفال، فعلى سبيل المثال: عند وصف كاربوسيستيئين الحال للقشع لطفل بعمر 3 سنوات ووزن 15 كيلوغرام ويُعاني من سعال منتج فإن الجرعة المحسوبة بدقة والمنصوح بها هي 6 مل 3 مرات يوميًا، وعندها يُفضَّل استخدام المكيال المُدرَّج المُرفق مع علبة الدواء أو يُمكن استخدام الجزء البلاستيكي المدرج من محقن فارغ ونظيف تمامًا بعد نزع الإبرة منه، ولكن إذا لم يكن بالإمكان معرفة وزن الطفل يُمكن أن تُقاس الجرعة تقديريًا باستخدام الملاعق الموجودة في المنزل (صغيرة، وسط، كبيرة)، ويتم التقدير حسب عمر الطفل وتناسُب عمره مع وزنه ويُمكن استخدام هذه الفكرة مع الأدوية ذات الهامش العلاجي الواسع؛ حيثُ لا خوف من ظهور تأثيرات جانبية خطيرة أو تأثيرات سُمّية عند زيادة الجرعة؛ فعلى سبيل المثال عند إعطاء ملعقة متوسطة الحجم من شراب خلاصة أوراق اللبلاب المجففة بطريق الخطأ لطفل بعمر 5 سنوات وذو وزن قليل يُمكن أن يحصل على فعالية جيدة في تخفيف السعال من دون ظهور تأثيرات مزعجة جدًا، بينما عند إعطاء ملعقة متوسطة الحجم من شراب موسع قصبي مثل سالبوتامول لنفس الطفل فيُمكن أن تظهر لديه أعراض مزعجة وقد تكون خطيرة كالخفقان وتسرع نبضات القلب والدوخة والرعشة والعصبية والصداع والأرق والغثيان وفرط التعرق، ولتجنب هذه الحالة يجب حساب الجرعة بدقة من قبل مختص بالمجال الدوائي كالطبيب أو الصيدلي مع استخدام المكيال أو أي أداة مدرجة بالميليلتر بدقة.

كما يوجد العديد من الملاحظات الواجب أخذها بعين الاعتبار عند حساب وقياس جرعة شرابات السعال، ومنها:

  • الإصابة بأمراض أخرى يُمكن أن تؤثر على التوافر الحيوي للدواء في الجسم كالفشل الكلوي أو الفشل الكبدي أو الأمراض التي تؤدي إلى فرط أو انخفاض في معدلات الاستقلاب كاضطرابات الغدة الدرقية، فمثلًا سيوصي الطبيب بتخفيض جرعة بعض الأدوية بالنسبة للأطفال الذين يُعانون من معدل استقلاب مُنخفض أو فشل كبدي.
  • تناول أدوية أخرى تؤثر على عمل الكلى أو الكبد فتؤثر على معدل الاستقلاب والتوافر الحيوي للدواء أيضًا، وخاصة أدوية الصرع ومثبطات المناعة والأدوية المستخدمة في علاج الأورام، وعندها يجب تعديل جرعة دواء السعال أيضًا.
  • تناول بعض الأطعمة التي تؤثر على عمل خمائر الكبد والتي لها علاقة بتحديد التوافر الحيوي للعديد من الأدوية ومنها أدوية السعال.
  • إعطاء المزيد من الانتباه والحذر للأدوية ذات الهامش العلاجي الضيق أو التي لا تُعطى بدون وصفة طبية كالشرابات الحاوية على الكودئين ومشتقاته، كما يجب الانتباه إلى أن العديد من الأدوية لا يجوز أن تُعطى قبل سن مُعين فعلى سبيل المثال: لا يُعطى اللوراتادين والديسلوراتادين للأطفال ذوي الأعمار الأقل من سنتين، بينما تُعطى خلاصة أوراق اللبلاب المُجففة للرضع بعمر الأشهر.
  • يوجد للكثير من الأدوية مضادات استطباب؛ حيثُ لا يجوز إعطاء الموسعات القصبية مثل سالبوتامول وتيربوتالين لمرضى الاعتلالات القلبية، كما أنه من غير الآمن إعطاء المرأة الحامل شراب خلاصة أوراق الزعتر.

وبشكل عام لا داعٍ للتوتر عند قياس جرعة شرابات السعال فبمجرد استشارتك لخبير أو اطلاعك على التعليمات المرفقة مع الدواء يُمكنك الاطمئنان وإعطاء الجرعة المناسبة، ومن المفيد الاحتفاظ بالمكيال الصغير واستخدامه لقياس جرعة الشرابات لاحقًا لتجنب الوقوع بأي خطأ.