أصدرت المملكة العربية السعودية عام 2018 المرسوم الملكي القاضي بتشكيل مجلس للمحميات الملكية، وذلك انطلاقًا من حرصها على حفظ التوازن البيئي ضمن أراضيها. وعلى إثره فقد اختيرت سبع محمياتٍ، وحولت إلى محمياتٍ ملكيةٍ. ومن بين هذه المحميات محمية الإمام سعود بن عبد العزيز الملكية، والمعروفة سابقًا بمحمية محازة الصيد.

تتميز هذه المحمية بتنوعٍ نباتيٍ وحيوانيٍ قد لا يشاهد في باقي المحميات، لذا دعنا عزيزي القارئ نقوم سويًا برحلةٍ ممتعةٍ في براري هذه المحمية.

موقع محمية الإمام سعود بن عبد العزيز السعودية

تقع هذه المحمية في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية على مسافة مئة وثمانين كيلو مترًا شمال شرق مدينة الطائف. وتتبع إداريًا لمحافظة الخرمة في حدود منطقة مكة المكرمة. وتبلغ مساحة المحمية ألفان ومئتان وأربعون كيلو مترًا مربعًا. وتتمركز بين ثلاث محافظات وهي محافظة الخرمة، ومركز ظلم، ومحافظة الموية.

ومن جهة أخرى فقد أحيطت هذه المحمية بسياج طوله مئتان وعشرون كيلو مترًا، لتصبح بذلك ثاني أكبر محميةٍ مسيجةٍ في العالم، تضم أنواعًا نادرةً من النباتات والحيوانات.

الشروط المناخية والجغرافية في محمية الإمام سعود الملكية

في حين يسود المناخ الصحراوي في كافة أنحاء المملكة، فإن هذه المحمية تتميز بمناخٍ مداريٍ معتدلٍ في فصلي الصيف والشتاء، إضافةً إلى هطول كميةٍ جيدةٍ من الأمطار، حيث قد يصل المعدل السنوي إلى خمسٍ وخمسين ميليمترًا. أما الرياح السائدة فيها فهي الرياح الشمالية المحملة بالرمال، والرياح الغربية المحملة بالإمطار.

وتعتبر هذه المحمية امتدادًا لسلسلة جبال طويق، المكونة من صخورٍ جيريةٍ. وهي عبارة عن هضبةٍ كبيرةٍ وعرةٍ يصل ارتفاع جبالها في بعض المناطق إلى ألفٍ ومائة مترٍ. كما تتخللها بعض المناطق الرملية وبعض الشعاب والأودية.

الغطاء النباتي في محمية الإمام سعود بن عبد العزيز السعودية

ساعد السياج الذي يحيط بالمحمية على إعادة احياء الغطاء النباتي، وحمايته من الانقراض. إذ يتألف الغطاء النباتي في المحمية من نباتاتٍ صحراويةٍ مثل الرمث، والعوسج، والثمام، إضافةً إلى بعض الحشائش القصيرة، ومجموعاتٍ متفرقةٍ من أشجار السّمر، والسّرح، والطّلح، والمرو، والسّور، والسّلم. كما تزخر هذه المحمية بالنباتات والحشائش الموسمية في موسم هطول الأمطار.

التنوع الحيواني في محمية الإمام سعود بن عبد العزيز

تضم المحمية مجموعةً مميزةً ومنوعةً من الحيوانات أهمها: الذئب العربي، والثعلب الرملي، والقط الرملي، إضافةً إلى الوعول والأرانب البرية. وكذلك عدة أنواعٍ من القوارض والزواحف وأنواعٍ مختلفةٍ من الطيور أهمها النسر الأصلع، والنسر الأحمر، والرخمة المصرية.

ومن الجدير بالذكر أحيطت هذه المحمية بسياج لتكون مخبرًا طبيعيًا لبدء تجارب إعادة توطين الأنواع الحيوانية الفطرية في مراكز الأبحاث التابعة للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.

كما بدأ برنامج إعادة التوطين عام 1990 بإطلاق سبعة عشر غزالًا من المها العربية في المحمية، تبعها إطلاق مجموعاتٍ أخرى على فتراتٍ متعاقبةٍ. كذلك فقد أعيد توطين ظبي الريم، وطائر الحبارى، في حين أطلق النعام ذو الرقبة الحمراء، بين عامي 1990 و 1991، كبديلٍ للنعامة العربية المنقرضة، والتي كانت منتشرةً في هذه المنطقة.

ومع ازدهار الغطاء النباتي في المحمية، ازدادت أعداد الطيور المهاجرة، وازداد ثراؤها بأنواعٍ مختلفةٍ من الطيور كالعقبان، والصقور والحدأة، كما ازدادت أعداد الحشرات وازداد تنوعها، حيث تضم المحمية اليوم ما يزيد على خمسمائة نوعٍ من الحشرات.

كذلك فقد شوهدت فوق أشجار السّرح أعشاشًا لطائر نسر الأذون المهدد بالانقراض. حيث يوجد في هذه المحمية حوالي سبعة وثلاثون عشًا، من أصل ستمائة عشٍ منتشرةٍ على امتداد شبه الجزيرة العربية.

هيئة تطوير محمية الإمام سعود بن عبد العزيز

تعمل الهيئة بتوجيهاتٍ من رئيس مجلس الإدارة الأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز على تطوير المحمية، حيث أطلق مشرع التصميم والإنشاء الجديد لها. وقد حصلت المحمية على جائزة مجلس الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، كأفضل محميةٍ بريةٍ في دول المجلس. إذ أنها المحمية الوحيدة المسيجة بهذه المساحة الكبيرة، كما قد طبقت فيها أكبر برامج إعادة التوطين للأنواع الفطرية النادرة والمهددة بالانقراض.

ويسجل لهذه المحمية كإنجازٍ كبيرٍ أنها تمكنت من تكوين مجموعاتٍ بريةٍ متكاثرةٍ ذاتيًا من الأنواع المعاد توطينها. فقد بلغ عدد المها العربية اليوم من اثنين وثمانين رأسًا موطنًا إلى أكثر من سبعمائة وخمسين رأسًا. وكذلك ازداد عدد طيور الحبارى إلى أكثر من خمسة ألاف طيرٍ. ليس هذا فقط، بل إن هذه المحمية الآن تزود المحميات الأخرى داخل المملكة وخارجها بالأنواع النادرة من الحيوانات الفطرية المعاد توطينها.