القلق، والحزن، والريبة، والخوف أيضًا. كلها مشاعر مشتركة تنتاب جميع الآباء لدى مشاهدتهم لأطفالهم، وهم يلعبون الألعاب الإلكترونية، ويقضون ساعات مطولةً متسمّرين أمام شاشة الجوال أو الحاسوب. قلق، وحزن على تأثير الألعاب الإلكترونية على صحتهم، وأعينهم، وتفكيرهم ربما. خوف على تحصيلهم العلمي، وعلى المستقبل الجميل الذي رسمه الآباء لأبنائهم. في مقالنا هذا سنبدد كثيرًا من هذه المشاعر السلبية، ونوجه نصائح للآباء، والأبناء على حد سواء فيما يتعلق بالألعاب الإلكترونية. كما سنسلط الضوء على أهم فوائد مشاركة الآباء في الألعاب الإلكترونية، وكيف يمكن للآباء توجيه طاقات أبنائهم، وشغفهم بالألعاب الإلكترونية لتتخذ منحًى يعود بالمنفعة عليهم.

نتيجة انتشار جائحة كورونا، وبعد فرض معظم دول العالم الحجر الصحي المنزلي لفترات طويلة امتدت عند بعضها لأشهر طويلة، وجد الأطفال في الألعاب الإلكترونية فرصةً للتسلية. كما تضاعفت مبيعات أسواق الألعاب الرقمية، وتضاعفت معها مخاوف الآباء أيضًا، وكثرت استفساراتهم حول عدد ساعات اللعب المسموح بها، وأنواع الألعاب المناسبة لمختلف الفئات العمرية للأطفال.

 ما هي فوائد الألعاب الإلكترونية

لا يزال تأثير الألعاب الإلكترونية موضوعًا متنازعًا عليه. من جهة، أكدت الجمعية الأمريكية لعلم النفس في تقرير نشرته عام 2015 وجود رابط قوي بين ألعاب الفيديو عنيفة المحتوى، والسلوك العدواني عند الأطفال، بينما نفت دراسات أخرى هذا الرابط تمامًا، بل وأكدت على أهمية ممارسة الألعاب الإلكترونية كونها وسيلة فعالة للتواصل، والتفاعل مع أشخاص آخرين. خاصةً في زمن جائحة كورونا الذي غاب فيه التواصل البشري المباشر غيابًا شبه كامل. الأمر الذي يستدعي البحث عن بديل مناسب لإشباع رغبة الأطفال بالتواصل الاجتماعي. كما أكدت دراسات كثيرة على أهمية مشاركة الآباء في الألعاب الإلكترونية. موضحةً الفوائد المجتناة من ذلك.

فوائد مشاركة الآباء في الألعاب الإلكترونية

  • توسيع دائرة التواصل والتعاون: هناك الكثير من الألعاب الإلكترونية الجماعية، ومشاركة العائلة في مثل هذه الألعاب من شأنه أن يعزز التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة. على سبيل المثال، يمكن لأحد الأبوين المشاركة في اللعب. بينما يقوم باقي أفراد الأسرة بالتشجيع. ناهيك عن إمكانية تبادل الخبرات، والنصائح، فلكل فرد طريقته الخاصة في اللعب، واستراتيجيته للفوز. كل هذا من شأنه أن يخلق روحًا تعاونيةً، وتنافسيةً بين أفراد الأسرة الواحدة.
  • تمكين مهارات التفكير المنطقي وحل المشاكل: لا تقتصر هذه المنفعة على الأطفال الذين يمارسون ألعاب الفيديو فقط. إنما على الأطفال الأصغر سنًا، والذين يكتفون بالمشاهدة، والاستماع للنقاشات أثناء اللعب. الأمر الذي يساعدهم على اكتساب مهارات التفكير المنطقي مما يساعدهم في حل المشاكل، ويقودهم للفوز مستقبلًا.

المحادثات الهادفة أثناء اللعب

هنا تبرز أهمية أخرى لمشاركة الآباء أطفالهم في الألعاب الإلكترونية، وذلك من خلال المحادثات الهادفة، وطرح أسئلة عن الشخصيات، وربطها بالواقع. مثلًا، في كثير من الألعاب تلوَّن الوحوش باللون الأسود، فعندما يوضح الآباء أن هذه الشخصية هي الوحش لأنها شريرة، وليس لأنها سوداء، فإنهم يصححون مفهومًا مغلوطًا عند أطفالهم أن كل أسود هو شرير. إن الانتباه لهذه التفاصيل الصغيرة يصحح نظرة الأطفال لمجتمعهم، ويغير أيضًا كثيرًا من أفكارهم السلبية تجاهه.

كم عدد ساعات اللعب للأطفال

يسأل كثير من الآباء عن عدد الساعات المسموح بها لأطفالهم أمام ألعاب الفيديو. الحقيقة إن الإجابات مختلفة فيما يخص هذا السؤال، فالبعض يقول أن ممارسة الألعاب لأكثر من ساعة يوميًا له تأثر سلبي على سلوك الطفل، بينما يرى آخرون أن قضاء الأطفال فترات لا بأس بها أمام الشاشة ليس خطبًا جللًا، بل هو نتيجة طبيعية للتطور التكنولوجي الذي نعيشه. على الرغم من تعارض وجهات النظر، يمكننا القول إن الاعتدال في ساعات اللعب ضروري. بهدف إدخال مفهوم تنظيم الوقت في ثقافة الطفل، وتعليمه التوفيق بين واجباته، وأوقات المرح معًا.

نصائح عن الألعاب الإلكترونية

وجدت دراسات أن الأطفال الذين ينخرطون في الألعاب الرقمية باعتدال، وتحت إشراف، ومتابعة الأهل يتمتعون بفهم أفضل للمجتمع، وصداقات أكثر من غيرهم، لكن لتحقيق هذه الفوائد هناك مجموعة من النصائح، والتوجيهات التي يوصي بها المختصون، وأهمها:

  • التقرب من الأطفال شيئًا فشيئًا أثناء اللعب، واتباع أسلوب التربية غير المباشرة في سياق اللعب.
  • تنبيه الأطفال إلى وجوب ترك مسافة بين أعينهم، والشاشة، بالإضافة إلى تذكيرهم بالجلسة الصحيحة لتجنب إصابتهم بالحداب.
  • التركيز على محتوى الألعاب، والبحث عن الألعاب الهادفة.
  • تذكير الأطفال بأهمية قضاء متسع من الوقت بعيدًا عن الشاشة، مثل نزهة في الهواء الطلق، وقضاء وقت مع العائلة، والأصدقاء.

أفضل الألعاب الإلكترونية للأطفال

لعبة “Minecraft”

تعتبر هذه اللعبة قفزةً نوعيةً في عالم الألعاب الإلكترونية، فقد حققت نجاحًا باهرًا، وحازت على إعجاب الملايين منذ انطلاقتها الأولى. اليوم تعتبر لعبة Minecraft إحدى أشهر الألعاب الرقمية. كما أنها تعتبر من أفضل الألعاب الإنترنت للأطفال. لما فيها من تحفيز ذهني، حيث يقوم اللاعب ببناء دروع واقية لتحميهم من هجمات الوحوش. كما تدرب اللاعبين على التفكير المنطقي، وحل المشاكل. صممت هذه اللعبة لتعزز التعاون بين اللاعبين، فمشاركتها مع لاعبين آخرين تعني امتلاك مزيد من الموارد للبناء، والمزيد من الاستراتيجيات، والخطط، لتحقق بذلك المتعة، والتسلية، والمنفعة، إضافةً إلى كونها فرصة للتعارف مع لاعبين آخرين من مختلف دول العالم.

لعبة “Wonder Workshop Dash”

تناسب هذه اللعبة الأطفال من سن السادسة فما فوق. يكون لكل طفل روبوت خاص به يقوم بتعليمه مختلف الحيل لتجنب العقبات، بالإضافة إلى الاستجابة للأوامر الصوتية. كما ترتبط اللعبة بتطبيق مجاني يحوي مئات المشاريع، والألغاز المسلية، ودروسًا في برمجة الروبوتات.

 

قبل أن تحكم على الألعاب التي يمارسها ابنك أو تتخذ موقفًا صارمًا منها. لا بد من النظر عن كثب على محتوى هذه الألعاب.

قديمًا، كان يطلق مصطلح “أمّيّ” على من لا يقرأ، ويكتب. أما اليوم، وبعد هذا التطور التكنولوجي المبهر الذي نشهده، فقد صار يطلق على كل من يجهل كيفية استخدام الحاسوب. على ذاك، لا ينبغي أن ينتابنا هذا الشعور السلبي بمجرد مشاهدة أبنائنا يلعبون الألعاب الإلكترونية، فبقليل من الحرص، والمتابعة يمكن أن يتحول هذا الشغف إلى إبداع حقيقي.