عادة يكون اليرقان عند الأطفال حديثي الولادة حالة مؤقتة، وتزول تدريجيًا من دون أي مضاعفات. ويعاني الأطفال المصابون باليرقان من تلون الجلد والعيون باللون الأصفر، حيث تنتج هذه العلامة عن تراكم مادة البيليروبين في الدم. بالمقابل يمكن أن يكون اليرقان أحد العلامات والأعراض المهمة لمرض أكثر خطورة. لذا يعتبر التعرف والعلاج بشكل مبكر على هذه الحالة ضروريًا جدًا لمنع البيليروبين من الارتفاع إلى مستويات خطيرة. كما يعتبر المرض شائعًا عند الأطفال حديثي الولادة الذين لا يزال الكبد لديهم غير ناضج تمامًا (أي في طور النمو). لذلك يعاني أكثر من نصف الأطفال الناضجين من اليرقان في أسبوعهم الأول. بينما ترتفع النسبة عند الأطفال المولودين قبل الأوان (الخدج) إلى 80 بالمية، ويمكن أن تستمر لفترة أطول أيضًا. سنعرض في مقالنا الجميل معلومات مفيدة عن اليرقان عند الأطفال ونحاول شرح كل ما يهمك عن أسبابه وأعراضه وطرق علاجه.

علاج اليرقان عند الأطفال

سواء كان المريض طفلًا يعاني من اليرقان أو شخصًا بالغًا، فهو بحاجة لأن يحصل على قسط كاف من الراحة ويزيد من تناول السوائل. بالإضافة لاتباعه نظام غذائي صحي يحتوي على العناصر الغذائية الضرورية له. يتم اختيار طريقة علاج اليرقان بناء على العديد من العوامل، بما في ذلك السبب الأساسي لحدوثه ونتائج اختبارات الدم. وبما أن العلاج المبكر مهم لمنع البيليروبين من الارتفاع إلى مستويات خطيرة. سنحاول طرح عدة طرق للمعالجة كما يلي:

  • العلاج الضوئي: تستخدم هذه الطريقة ضوء الطيف الأزرق لتقليل مستويات البيليروبين في الدم. يحول هذا النوع من الضوء البيليروبين إلى مركب قابل للذوبان في الماء وبالتالي يمكن إفرازه وطرحه في البول. قد يستغرق هذا العلاج عدة ساعات، يقوم خلالها الطبيب بتغيير وضعية طفلك بشكل متكرر للتمكن من تعريض جلده بشكل كامل تقريبًا للضوء. أثناء فترة العلاج يقوم الطبيب بحماية عيون الطفل بوضع ضمادات واقية عليها. بالإضافة لمراقبته لدرجة حرارة الطفل ومستويات البيليروبين لديه.
  • بطانية الألياف الضوئية: وهي نوع من أنواع العلاج بالضوء وتشبه الطريقة الأولى التقليدية في الغاية والهدف. لكنها تختلف بطريقة تطبيقها على الطفل. حيث يرقد فيها الطفل على بطانية تحتوي على كبلات ليفية ينتقل الضوء عبرها ويضيء على ظهر الطفل.
  • نقل الدم (تبديل): هو إجراء طبي يستخدم لتقليل مستويات البيليروبين. أثناء العلاج يقوم الطبيب بإعطاء وسحب الدم من الطفل بكميات صغيرة. قد يلزم تكرار هذا العلاج عدة مرات إذا بقيت مستويات البيليروبين مرتفعة.
  • الغلوبولين المناعي الوريدي (IVIG): يتم اللجوء إلى هذه الطريقة في حالات اليرقان الناتج عن انحلال الدم بتنافر الزمر (اختلاف فصيلة الدم) بين الأم والطفل. حيث أن هذه الطريقة تقلل من خطر الانحلال ومستويات البيليروبين في الدم من جهة والحاجة إلى تبادل نقل الدم من جهة أخرى.

تركز العلاجات الأخرى على إدارة السبب الكامن، على سبيل المثال:

  • إذا كان السبب التهاب كبد فيروسي، يمكن إعطاء الأدوية المضادة للفيروسات للمساعدة في مكافحة الحالة.
  • في حال انسداد القنوات الصفراوية، قد يحتاج الطفل إلى عملية جراحية.

أسباب اليرقان عند الأطفال الصغار

يحدث اليرقان عادة عند الأطفال الصغار وحديثي الولادة بسبب عدم نمو الكبد لديهم بشكل كامل وقادر على معالجة البيليروبين وإفرازه بالشكل الصحيح. وهناك عدة أسباب لذلك، سنعرضها كما يلي:

  • اليرقان الفيزيولوجي: هو استجابة طبيعية لقدرة جسم الطفل
    المحدودة على إفراز البيليروبين وتشكيله في الأيام الأولى من الحياة.
  • يرقان حليب الأم: ويحدث عند بعض الأطفال عادة بعد الأسبوع الأول من العمر. كما يمكن أن يختفي تدريجيًا دون أي مضاعفات.
  • اليرقان الناتج عن انحلال الدم: وهذه الحالة ناتجة عن الانهيار والانحلال المفرط لخلايا الدم الحمراء بسبب وجود مرض انحلالي عند الوليد مثلًا.
  • قصور وظائف الكبد: من الممكن أن يكون سببها عدوى إنتانية أو آفة خلقية.

في عدد قليل من الحالات يمكن أن يكون اليرقان عند الأطفال حديثي الولادة علامة على:

  • ركودة صفراوية: حالة نادرة تنتج عن مشكلة في إنتاج أو تدفق الصفراء.
  • رتق القناة الصفراوية: وهي حالة نادرة أيضًا ويتم فيها انسداد أو تلف القناة التي تنقل الصفراء من الكبد إلى الأمعاء الدقيقة.

أسباب اليرقان عند الأطفال الكبار

من الممكن أن يكون اليرقان عند الأطفال الأكبر سنًا علامة على وجود انسداد في الأقنية الصفراوية، أو حالة مرضية في الكبد تمنعه من معالجة البيليروبين بالشكل المناسب. سنوضح ذلك في الحالات التالية التي سنعرضها:

  • اليرقان الانسدادي: الذي ينتج عن انسداد القناة الصفراوية بين البنكرياس والكبد. على سبيل المثال، حصوات المرارة (بلورات) التي يمكن أن تتراكم في المرارة وتسد القناة الصفراوية.
  • اليرقان في الخلايا الكبدية: ويظهر إذا أصيب الطفل بمرض أو تلف أو أذية في الكبد. على سبيل المثال إصابة الكبد بالفيروسات (التهاب الكبد B أو C) يسبب تلف في الخلايا الكبدية. بينما الأمراض المناعية الذاتية تسبب اضطرابًا في الجهاز المناعي الذاتي وبالتالي مهاجمة الخلايا المناعية لخلايا الكبد.
  • اليرقان الانحلالي: هناك عدة أنواع من فقر الدم الانحلالي. وتؤدي جميعها إلى تدمير وإزالة خلايا الدم الحمراء بشكل مفرط وبمعدل أسرع، مما هو صحي وطبيعي، مما يؤدي إلى زيادة مستويات البيليروبين في الدم.

أعراض وعلامات اليرقان عند الأطفال

أبرز علامات اليرقان هي اصفرار الجلد وبياض العينين. فإذا كان الطفل يعاني من اليرقان ستبدو بشرته صفراء قليلًا. حيث يبدأ اصفرار الجلد عادة في الرأس والوجه، ثم ينتشر إلى الصدر والمعدة. بينما يصل الاصفرار في بعض الأطفال إلى أذرعهم وأرجلهم. كما يمكن أن يسبب اليرقان في حالات معينة تغيرات في لون سوائل الجسم، مثل البراز الشاحب والبول الداكن. قد يكون من الصعب علينا أحيانًا تحديد التغيرات في لون الجلد إذا كان الطفل يتمتع بلون بشرة أغمق. عندئذ يفضل مراقبة الاصفرار في بياض العيون وباطن القدم وراحتي اليد. قد تظهر على الطفل أعراضًا أخرى مرتبطة بحالة طبية خطيرة، من بينها:

  • حمى.
  • ألم بطني.
  • غثيان وإقياء
  • تعب ووهن عام.

تشخيص اليرقان عند الأطفال

يمكن إجراء التشخيص الأولي لليرقان عن طريق الفحص البدني ومراقبة جلد وعين الطفل. يمكن أن يؤدي الضغط بلطف بواسطة الأصابع على طرف أنفه أو على جبهته إلى تسهيل اكتشاف أي اصفرار. يجب علينا أيضًا فحص البول والبراز لمراقبة حدوث أي تغير في اللون والقوام. كما يجب إجراء الاختبارات لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة للعلاج. وأهم اختبار هو قياس مستوى البيليروبين في دمه. قد تكون هناك حاجة لمزيد من اختبارات الدم إذا استمر اليرقان لأكثر من أسبوعين أو إذا تطورت الحالة وكان العلاج مطلوبًا. وذلك للبحث عن السبب الأساسي الكامن وراء هذه الحالة.

كما يجب أن تؤخذ أعراض اليرقان على محمل الجد إذا كانت مصحوبة بعلامات وأعراض أخرى. وبما أننا لا نستطيع منع اليرقان تمامًا، علينا التركيز على طرق العلاج عند الطفل منذ البداية. وذلك لمنع تطور الحالة لديه إلى مرحلة الخطورة.