العين ليست فقط مرآة الجسد بل هي مرآة العالم حيث يمكننا من خلالها رؤية ما حولنا والتّعرف على الأشياء. لذلك تحذر منظمة الصحة العالمية من إهمال صحة العين. ولكن قد تصاب العين ببعض الأمراض، بعضها وراثي المنشأ، وبعضها الآخر تم اكتسابه من البيئة التي تحيط بنا، أو من ممارسة عادات سيئة تؤثّر على صحة العين. وبالتالي تؤثّر بشكل سلبي على النظر. ويعدّ الساد من الأمراض التي تصيب عدسة العين حيث تعد جزء من الأجزاء الرئيسية للعين. تقع عدسة العين خلف الحدقة ولها دور رئيسي في الرؤية، وعند الإصابة بالساد تصبح عاتمة وتفقد شفافيتها. فتصبح الرؤية ضبابية يصعب بها رؤية الأشياء البعيدة وحتّى تمييز الأشياء القريبة. لنتعرف على مرض الساد أسباب وعلاج، والمضاعفات المحتملة.
أسباب مرض الساد
قد يصيب الساد عين واحدة وأيضًا قد يصيب الاثنتين، أو يصيب كامل العدسة أو جزء منها. والسبب في ذلك أن العدسة تقوم بكسر الضوء الوارد إليها من القرنية والحدقة، ويعبر من خلالها إلى الشبكية. تتنوع أسباب وعلاج مرض الساد ونذكر منها:
التّقدم في السّن: مع التّقدم في السّن يحدث تغيير مجهول السّبب في عدسة العين، وبالتالي تتخرب البروتينات الموجودة فيها. والأهم من ذلك كله أن أغلبية الإصابات بمرض السّاد تكون من فئة المعمرين.
حدوث أذية للعين: يزداد احتمال الإصابة بالساد بعد إصابة العين وتأذيها، كحدوث أذية بجسم حاد. وهذا ما يؤدي إلى توّرم العين وعبور مياه العين من أجزاء العين الأخرى ثم دخولها العدسة، وبالتالي تسبّب ابيضاض العين وضبابيتها بالإضافة إلى منع وصول الضوء للشبكيّة، وأخيرًا ضعف الرؤية.
الأشعة: تسبّب أنواع مختلفة من الإشعاعات الساد بآليات مختلفة. ومنها الأشعة فوق البنفسجيّة الموجودة في أشعة الشمس، فبإمكاننا درء خطر الأشعّة فوق البنفسجيّة بارتداء النظارات الشّمسيّة. وكذلك تعدّ أشعّة المايكرويف من مسبّبات الساد لما تقوم به الحرّارة من تخريب للبروتينات في عدسة العين. وأيضًا فإنّ الأشعّة السّينيّة تؤدّي إلى تخريب المادة الوراثيّة في العين، وبالتالي تؤدي إلى الإصابة بالساد. ولا ننسى أشعّة الليزر الخطيرة على العين لامتلاكها طاقة عالية. وغيرها من الأشعة المؤذية للعين.
الأسباب الوراثيّة: يكون ذلك في أوّل الحياة، نتيجة الإصابة بمتلازمة معيّنة كمتلازمة إدوارد، متلازمة داون، متلازمة ألبورت ، ومتلازمة باتو وغيرها. وقد يكون نتيجة حدوث خطأ وراثي في الإنزيمات والبروتينات التي تقوم بحماية العين.
التّدخين: بالإضافة إلى ما يسبّبه التّدخين من مشكلات صحيّة فهو كذلك عامل مهم للإصابة بالساد، لأنّه يعدّ مصدر للجذور الحرّة.
بالإضافة إلى عوامل أخرى منها الإصابة بمرض السّكري، وارتفاع ضغط الدّم، والاستخدام المستمر للأدوية الحاوية على الكورتيكوستيروئيدات، وغيرها.
أعراض مرض الساد
يكون تطوّر المرض بطيء، وتختلف الأعراض باختلاف مرحلة تطوّر المرض. لا يميّز المريض في البداية المرض والتغييرات في الرؤية. لكن مع تطوّر المرض يسبّب الضبابية وضعف الرؤية، وتشويش الصورة. وتشمل الأعراض:
- الانزعاج وعدم القدرة على تحمل الإضاءة القويّة.
- رؤية ضبابية ضعيفة، وشعور المريض بغباشة حول مصدر الضوء.
- تغيّر لون البؤبؤ من الأسود إلى الأبيض أو الرمادي.
- رؤية باهتة للألوان.
- تدني شديد في الرؤية في اللّيل، ويسمى ذلك العشاوة الليلية nyctalopia.
- رؤية مزدوجة للأشياء ويسمى ذلك بالشفع diplopia أو يمكن رؤية عدة أخيلة لشيء واحدpolyopia .
- الشعور بالتعب المستمر في العين، مع زيادة في رفرفة العين.
- تغيير عدسات النظارات بشكل متكرر، بسبب حدوث تدني في الرؤية باستمرار.
- رؤية نقاط سوداء تبدو كالذباب في ساحة الإبصار.
قد يعاني المصابون من صعوبة في قيادة السيّارة بسبب حساسيتهم للأضواء القويّة، فتشكل القيادة خطر عليهم. ويمكن في النهاية أن يتطوّر المرض حتى يصبح المريض لا يشعر إلّا بالضوء من دون تمييز الأشياء.
علاج مرض الساد
في بداية الإصابة بالساد يُنصح بالابتعاد عن التّدخين وبارتداء النظارات الشّمسيّة. فمن الممكن أن تتحسن حالة المصاب. وفي حال لم تتحسن وتفاقمت الحالة، فيتم إجراء عملية جراحيّة تقوم على استبدال العدسة العاتمة بعدسة صناعية شفافة. ومن الممكن كذلك إزالة الساد دون استبدال العدسة العاتمة. ويمكن إجراء العملية في أي مرحلة من مراحل تطوّر المرض، حتى لو كانت العدسة غير ناضجة.
من أكثر العمليات الشّائعة لعلاج الساد يكون عن طريق استحلاب العدسة باستخدام الأمواج فوق الصوتيّة. ويكون ذلك بتخدير موضعي للعين، يليه إجراء شق للقرنية وإزالة العدسة ومن ثمّ استحلابها إلى سوائل باستخدام الأمواج فوق الصوتيّة. وتشفط القشرة الخارجيّة، ويوضع المحلول الملحي بدل السوائل التي سُحبت. يلي ذلك إدراج عدسة تُطوى إلى كبسولة تحوي بداخلها عدسة العين. يمكن تجنب حدوث التهابات بحقن العين بالصّادات الحيويّة. وعادةً تقارب نسبة نجاح العمليات الجراحيّة للساد ٩٥%، ويتم الشفاء بسرعة في أغلب الحالات والعودة إلى النشاطات اليومية. والأهم من ذلك كله لا يمكن علاج الساد بالأدوية والبدائل الطبيّة.
أنواع الساد
هناك ثلاثة أنواع للساد
- الساد النووي: يصيب الجزء المركزي لعدسة العين، يؤدي هذا النوع من الساد إلى قصر الرّؤية أي صعوبة الرّؤية عن بعد. لكنّه قد يحسن من القدرة على القراءة لكن ذلك لا يستمر طويلًا حيث لا يلبث أن تصبح الرؤية ضبابية غير واضحة. ومع مرور الوقت يصبح لون العدسة بني، نتيجة تسرّب الصبغة البنيّة إليها. ويعدّ هذا النوع أكثرهم شيوعاّ، وينجم عنه صعوبة تمييز بعض الألوان.
- الساد القشري: يصيب القشرة الخارجية للعدسة بشكل بقع عاتمة تكون على شكل خطوط تسبّب إعاقة في مرور الضوء، ينجم عنه تدني الرؤية في الليل والحساسية للإضاءة القويّة.
- الساد تحت المحفظة: يصيب المنطقة في الجزء الخلفي من العدسة تحت المحفظة، أي المنطقة التي يمر منها الضوء الذي يعبر للشبكيّة. يسبّب هذا النوع مشاكل الرّؤية وضعف القدرة على القراءة.
كيفية تشخيص الساد ومضاعفاته
يتم تشخيص الساد من خلال عدة فحوصات للعين يجريها الطّبيب الأخصائي، تتضمن فحص الشّبكيّة وحدّة الرؤية، وذلك بعد توسيع الحدقة. من المهم التّفريق بين الساد وغيره من الأمراض التي تسبب ابيضاض الحدقة كمرض الزرق.
هناك العديد من المضاعفات التي يسبّبها مرض الساد وتشمل:
- التهاب باطن مقلة العين.
- تمزّق الشبكيّة وانفصالها.
- حدوث توّرم للقرنيّة وينجم عن الالتهاب بعد العملية الجراحيّة.
- انخلاع للعدسة
- حدوث نزف للسائل الزّجاجي.
ولأنّ العين من أهم النعم التي أنعم الله بها علينا، فهي نافذتنا لرؤية العالم الخارجي. وُجب علينا الحفاظ على صحتها، ومعرفة الأمراض التي تصيبها، ومحاولة تجنبها ومعالجتها في حال حصلت ودمتم سالمين.