تثير التساؤلات المتداولة حول كيفية التعامل مع جنون العظمة اهتمام نسبة كبيرة من الأشخاص حول العالم. فجنون العظمة أو ما يسمى بمرض البارانويا أحد أشهر الأمراض النفسية. بالإضافة إلى ذلك تشكل الموضوعات المتعلقة بهذا المرض والأفكار التي تراود مرضاه أحد أكثر الأمور التي تجذب الباحثين. ويعود السبب في ذلك إلى الشخصية البارانوية التي يصفها الأطباء بكونها غريبة أطوار.

وبشكل عام يعاني المصاب بجنون العظمة من معتقداته الخاطئة حول محيطه من الأشخاص. ويشعر بأنه معرض لدوافع خفية تود إيذائه بشدة من قبل الجميع بمن فيهم عائلته وأقرب الأصدقاء. نتيجة لذلك فهو يظهر ردود فعل قاسية وغريبة اتجاه أبسط المواقف وأكثرها طبيعية. ومن الممكن أن تدفع بعض العوامل المحيطة والصدمات النفسية إلى الإصابة بمثل هذا الاضطراب.

وإن بدأت تتساءل حول ماهية هذا الاضطراب وأعراضه وأنواعه بالإضافة إلى كيفية التعامل مع جنون العظمة للمساعدة في العلاج. إذًا أنت في المكان الصحيح فأنت حتمًا ستجد إجابتك في السطور التالية.

كيفية التعرف على مرضى جنون العظمة

يمارس مرضى جنون العظمة حياتهم اليومية بشكل ظاهري يشبه إلى حد كبير نمط حياة الأصحاء. في حين يلاحظ الأقارب والأصدقاء بعض التصرفات الغريبة التي غالبًا ما تكون عدوانية إلى حد ما. ومن الممكن أن يبالغ مريض جنون العظمة في أوهامه وشكوكه ليعاني لاحقًا من انعدام الثقة. وتعد الأفكار المتوهمة أحد أهم أعراض مرض جنون العظمة. حيث يبالغ المريض في تقدير ذاته ورقي مكانته بسبب اختلاقه لرسائل خفية وتصديقه إياها. ناهيك عن أن أوهامه هذه تدفعه إلى أن يفكر بشكل غير منطقي في الأشخاص من حوله. نتيجة لذلك نجده يتساءل دومًا عن السبب خلف تصرفات الآخرين وحتى علاقاتهم. وبعدها يعتمد اعتقاداته السلبية حول دوافعهم الخفية لإلحاق الأذى فيه.

ومن الجدير بالذكر أن أية حادثة عامة أو خبر اعتيادي قد تؤثر على مزاج مريض جنون العظمة. إذ يدّعي المصاب بهذه الحالة النفسية بأن هذه الأشياء ما هي إلا إشارات وتحذيرات موجهة إليه بالذات. وفي حال قرر شخص ما مواجهته بآرائه المختلفة سيلاقي رد فعل ممتلئ بالكراهية والنفور. الأمر الذي يدفع بمريض جنون العظمة إلى الانعزال عن الجميع والابتعاد عنهم والبقاء وحيدًا.

أنواع مرض جنون العظمة

في الحقيقة تتنوع حالات مرض جنون العظمة باختلاف طبيعة الأشخاص التي تصيبهم هذه الحالة. ويصنف الأطباء النفسيون مرض جنون العظمة أو ما يسمى بالبارانويا إلى خمسة أنواع متقاربة جداً. وتشمل هذه الأنواع:

  • بارانويا الاضطهاد والتي تجعل الشخص يظن بأن من حوله يتعمدون تهميشه والتقليل من شأن نجاحاته. الأمر الذي يدفعه للابتعاد عن الجميع والانعزال.
  • بارانويا سوء الظن التي تؤثر على ردود فعل المصاب وتجعلها أكثر عدوانية انطلاقًا من تفكيره بأنها ستلحق الأذى فيه حتمًا.
  • بارانويا توهم المرض التي تدفع بالشخص إلى اعتقاده بامتلاكه لمرض خطير للغاية. كما أن الجميع بنظره يخفون عنه هذا الأمر رغبةً بألا يتعالج أو يشفى منه.
  • بارانويا تحمل المسؤولية المختلفة عن باقي أنواع هذا المرض. حيث يوجه المصاب بها الحقد واللوم لنفسه نتيجةً لتفكيره بأن هذه المشاكل والأمور السيئة تحدث بسببه أو بسبب أحد قراراته وأفعاله.
  • بارانويا العظمة التي تجعل الشخص على درجة عالية من الكبرياء والغرور. كما أنه يرى أنه يمتلك العديد من النجاحات المبهرة والتي تفوق قدرة أي شخص آخر. وقد يصل إعجابه المرضي لذاته إلى اعتقاده بأنه شخص نادر الوجود ويمتلك مهمة عظيمة لن يستطيع أحد آخر القيام بها.

كيفية تشخيص حالات جنون العظمة

وبالعودة إلى أن جميع الأعراض التي تظهر على مريض جنون العظمة هي أمور قد يبديها أي شخص منا يومًا ما. ويعود السبب في ذلك إلى أن حياتنا العاطفية التي تؤثر على طريقة تعاملنا مع من حولنا مليئة بالتقلبات والصدمات. الأمر الذي يدفع بالأخصائي إلى إجراء اختبار للتأكد من سلامة الحالة النفسية للشخص في حال ظهور أحد أعراض البارانويا. ويتناقل الأطباء النفسيون هذا الإجراء على أنه اختبار مرض جنون العظمة. فمن أجل الكشف عن امتلاك الشخص لأوهام مرض جنون العظمة عليه أن يجيب على بعض الأسئلة. وغالبًا ما تشمل الأسئلة التي يطرحها الأطباء النفسيون:

  • هل تمتلك آراءً سيئة عن بعض الأشخاص المقربين؟
  • هل ترى أن العواقب والمشاكل تستهدفك بشكل استثنائي؟
  • هل تراودك بعض الشكوك حول حالتك الصحية؟
  • ما هي أقصى قدراتك وأحلامك المتيقن من كونك تستطيع تحقيقها؟

بالإضافة إلى ذلك يحتاج الطبيب إلى الاطلاع على التاريخ المرضي للعائلة. كما تهم المعلومات حول نوبات البارانويا ومدتها الطبيب المسؤول عن حالتك.

كيفية التعامل مع جنون العظمة

قد نواجه في حياتنا مواقف نضطر فيها للتعامل مع مرضى جنون العظمة بشكل متكرر. الأمر الذي سيقلقنا في البداية نظرًا لطريقة تفكير مريض البارانويا الفريدة من نوعها. نتيجة لذلك سيتطلب التعامل مع هذه الحالة النفسية الكثير من الصبر والحكمة بالإضافة إلى قوة الشخصية وتعاطفها مع المريض. وبعدها سيتوجب التعامل من خلال أحد الطرق التالية:

  • محاولة نيل ثقة المصاب بجنون العظمة. الأمر الذي يدفعه إلى تقبل الحديث معك واطلاعك على أسراره. وتعتبر هذه الطريقة الأكثر أهمية في التعامل مع جنون العظمة.
  • الابتعاد عن النقاش القوي في الأمور التي ترتكز عليها أوهامه حتى لا يتطور الجدال. حيث سيشعر المريض بالنفور من الأشخاص غير القادرين على تفهمه أو تقبله برفق ولين.
  • اختيار الكلمات والجمل الواضحة التي تشير للمعنى بشكل مباشر للوقاية من أن يسيء مريض جنون العظمة الظن. إذ إن تقديم المعلومات الكاملة والمؤكدة أثناء الحديث مع هؤلاء الأشخاص سيوضح المواقف والأمور بشكل كلي.
  • أما في حال كنت الشخص الذي يسأل فعليك اختيار الأسئلة المفتوحة. فقد تنجح في التعرف على مخاوفه وطبيعة أوهامه من دون أن يكون سؤالك حساسًا بالنسبة إليه.
  • محاولة صرف انتباهه عن الأمور التي يخشاها وحتى أوهامه. ويتم ذلك من خلال تبديل موضوع الحديث إلى آخر شيق وممتع بالنسبة إليه دون أن تظهر غايتك بشكل واضح.
  • مراعاة واحترام طريقة تفكيره.
  • التعامل مع مريض جنون العظمة بموضوعية وهدوء.

طرق علاج جنون العظمة

في الحقيقة تشمل العلاجات المتبعة للتعامل مع جنون العظمة طريقتين. وغالبًا ما يتم جمع كلتا الطريقتين للحصول على أفضل نتيجة. حيث يمكن علاج جنون العظمة من خلال:

  • العلاج النفسي المعتمد في معظم الحالات المرضية من أجل تحفيز المرضى على تقبل محيطهم والتكلم عن أوهامهم ومخاوفهم.
  • العلاج الدوائي الذي يلجأ إليه الطبيب النفسي في حال ظهور حالات نفسية ملازمة لمرض جنون العظمة مثل الاكتئاب والقلق. فمن الممكن أن تشمل هذه الأدوية مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للذهان والقلق.

وفي الختام نأمل أن نكون قد استطعنا شرح كيفية التعامل مع جنون العظمة. من دون أن ننسى إلقاء الضوء على جوانب أخرى لهذا المرض. فالتوعية المتكاملة حوله هي التي ستمهد الطريق للتواصل بشكل مريح مع المصابين بمرض جنون العظمة.