هل يمكن علاج الاكتئاب طبيعيا وما المقصود من ذلك؟! فهل الاكتئاب مرض ليكون له علاج وبدائل طبيعية أم ماذا؟! ما حقيقة الاكتئاب وكيف يمكن مواجهته، سنجيب في مقال اليوم عن هذه الأسئلة وسنستعرض الكثير من التفاصيل المتعلقة بالاكتئاب وعلاجه.

يظن الكثير من الناس أن الاكتئاب هو حالة حزن تصيب الشخص لفترة معينة لتزول بعدها كما يحدث عندما نصاب بالإنفلونزا.. فهل هذه هي حقيقة الاكتئاب؟ وبمقارنته مع الإنفلونزا فهل الاكتئاب مرض معدٍ؟!

وبينما يبحث البعض عن مسميات أخرى للاكتئاب لإخفاء تصنيفه ضمن الاضطرابات والأمراض النفسية. يسعى آخرون لإبراز خطر هذا المرض وخطر العدوى به. قد ينظر البعض لهذا الكلام على أنه مبالغة، في حين يدرك الكثير من القراء الذين خاضوا تجربة الاكتئاب أن هذا الكلام صحيح تمامًا!

كيفية علاج الاكتئاب طبيعيا

الاكتئاب هو مرض نفسي وهو من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا، حيث تبلغ نسبته في أكثر دول العالم رفاهية أعلى من 10% من عدد السكان الكلي. مما يؤكد على حقيقة أن الاكتئاب مرض قد يصيب أي فئة من الناس والشعوب بغض النظر عن أي خلفية. قد يبدو هذا الوصف مخيفًا للبعض فيشعرون بتهديد هذا المرض الذي قد يفتك بمجتمع كامل ببالغ الصمت والسكون. ولكن هل فعلًا هذا المرض يستحق كل هذا الخوف؟!

النقطة الأولى لفهم حقيقة الاكتئاب هي فهم آلية حدوثه، والتي تتمثل باضطراب في النواقل العصبية الكيميائية. مما يخل بتوازن الجهاز العصبي لتنشط فيه مناطق وتتثبط مناطق أخرى.

ولذلك مرضى الاكتئاب يبدون فعالية مختلفة عن غيرهم عند إجراء بعض الفحوصات الطبية التي تبين ما يحصل في الدماغ. فهؤلاء المرضى يعانون كأي مريض آخر، ويحتاجون للعلاج كأي مريض آخر أيضًا. وعند الحديث عن علاج الاكتئاب تبدأ إشارات الاستفهام والتعجب بالارتسام في أعين الغالبية من الناس. فيظن الكثير من الأشخاص أن مرضى الاكتئاب هم مدنين على الأدوية والمهدئات. بينما يظن البعض الآخر أن هذه الأدوية هي الأذى الحقيقي لمن يتناولها. فأي وجهة نظر هي الصحيحة؟

لندع أدوية الاكتئاب جانبًا لبعض الوقت، ولنتكلم في السطور القادمة عن علاج الاكتئاب طبيعيًا. فهنالك العديد من الإجراءات التي يوصي بها أخصائيو الطب النفسي لمساعدة مرضى الاكتئاب وأهمها:

  • ممارسة أي من النشاطات البدنية لمدة لا تقل عن نصف ساعة يوميًا.
  • الاندماج بأنشطة جديدة.
  • الاجتماع مع العائلة والأصدقاء والمقربين.
  • التعبير عن المشاعر وإدراك الذات بشكل صحيح.

ممارسة الرياضة لعلاج الاكتئاب طبيعي

الرياضة أحد لوازم الحياة في عصرنا هذا ولا يمكن الاستغناء عنها. لأن نمط الحياة الحديث الذي يأسرنا وراء الشاشات قد تسبب لنا بالكثير من المشاكل وعلى رأس القائمة يأتي الاكتئاب. فما الذي يمكن للرياضة فعله في رحلة علاج الاكتئاب!

ينصح الأطباء النفسيين بممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 350 دقيقة أسبوعيًا. وذلك بهدف تنشيط الدورة الدموية والقيام بجهد حقيقي يحفز الجسم على إفراز الأندروفينات. فما هي الأندروفينات ولماذا نريد من أجسادنا أن تفرزها؟

الأندروفينات هي مواد كيميائية تصنع وتفرز داخل الجسم وتسمى المورفينات الداخلية. فهي تخفف الألم الجسدي والنفسي. يفرزها الجسم بشكل طبيعي عندما يتعرض للألم، ولكن قد يتثبط هذا الإفراز أو لا يعود كافيًا عند الإصابة بالاكتئاب، لذلك ممارسة الرياضة التي تستدعي بذل الجهد والتعرق تساعد الجسم في عملية إفراز الأندروفين بهدف تحمل الجهد والألم المتولد عنه. ولتتصور مدى فعالية الأندروفينات.. فهذه المادة تفرز خلال عملية المخاض لتخفف آلام الولادة!

ينصح بالمشي يوميًا لمدة 45 دقيقة لغير النشيطين بدنيًا، ومن ثم التدرج في التمارين الرياضية حتى يصبحون قادرين على القيام بالتمارين الصعبة دون أذية أجسادهم. بينما ينصح الرياضيون بممارسة اليوغا والزومبا وتمارين الكارديو.

الاندماج بأنشطة جديدة لعلاج الاكتئاب

في حال كنت ممن يقضون معظم أوقاتهم في السرير ويشاهدون الحياة وهي تمضي دون تحريك ساكن وأنت لا تزال في مقتبل العمر، فأنت تفوت عليك الكثير وتمارس مرحلة الشيخوخة ضمن مرحلة الشباب!

النهوض من السرير هو الخطوة الأولى لعلاج الاكتئاب أو أي حالة نفسية تسبب لك الانعزال واليأس. فكل نشاط جديد تبدأ به هو فرصة جديدة للحياة لتفتح لك أبوابًا لم تكن تتخيل وجودها. وفي كل مرة تبدأ بشيء جديد فأنت عندها تستعمل أعظم هبة لديك وهي العقل.

تعلم لغة جديدة أو البدء بكورس جديد لتقوية أحد مهاراتك أو حتى تعلم مهارة جديدة سيساعدك في خلق دافع للنهوض من سريرك وممارسة حياتك بشكل أفضل، كما أنه سيتيح لك فرصة التعرف إلى أشخاص جديدين، وتكوين شبكة علاقات سيساعدك بالطبع في تسيير حياتك نحو الأفضل.

اجتمع مع العائلة والأصدقاء والمقربين لتتخلص من الاكتئاب

العلاقات الأسرية الدافئة هي أساس الشخصية السليمة نفسيًا. فالبيت الذي ولدنا فيه والعائلة التي تربينا ضمنها يمثلون منظورنا للحياة. فإن كنت ترى الحياة بمنظور تعيس ومخيف، فعليك أولًا أن تضيف القليل من الحب والرحمة والمودة إلى بيتك وأسرتك، ومن ثم كل شيء سيتجه للأفضل.. ولكن رويدًا رويدًا لذلك كن صبورًا.

عبر عن مشاعرك وعن ذاتك بالطريقة الأمثل

الكثير منا لا يدرك ذاته وإنما يرسم صورة لنفسه في داخله ويحاول نحت نفسه وفقها، والبعض يحاول نحت نفسه كما يريده الآخرون، ولكن الحقيقة هي أن كل شخص هو حالة خاصة مختلفة عن غيره، لذا إن كنت تشعر بالضيق وأن حياتك لا تسير كما تريد أبدًا، فربما عليك أن تتعرف إلى نفسك أولًا، لتعرف قدراتك ومهاراتك ولتحب نفسك أيضًا فهي مسؤوليتك دائمًا!

عزيزي القارئ إن كنت تشعر أنك مكتئب ولا تملك الدافع للنهوض من سريرك، أو كنت تتصفح الانترنت لتبحث عن حل لهذه المشكلة، فتيقن أن الحل هو أنت، فكل فكرة تؤمن بها ستتحول لإحساس يملأ حياتك.. وتذكر دائما أنك ” تحسب نفسك جرمٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر”.