يحمل اسم مرض اليد والقدم والفم رعبًا للكثير من الآباء والأمهات، اعتقادًا منهم أنه مرض خطير يهدد أطفالهم. بالرغم من أن هذا المرض شائع بشكل كبير بين الأطفال. خاصةً بعد انتشار رياض الأطفال ودور الحضانة تبعًا للتغيرات في بنية المجتمع. حيث فرضت الظروف الحالية التي تجبر الوالدين على العمل لساعات طويلة أن يعتمدوا على هذه المؤسسات لرعاية أطفالهم.

فكان لها دور كبير في تأسيس الأطفال ثقافيًا واجتماعيًا، ولكنها زادت فرص انتقال العدوى فيما بينهم بسبب مخالطتهم الدائمة لبعضهم. وأحد الأمراض التي تنتشر بين الأطفال خاصةً في عمر صغير هو مرض اليد والقدم والفم. فما حقيقة هذا المرض وكيف يمكن تشخيصه وعلاجه؟ سنجيب على كل هذا الأسئلة وأكثر في مقالنا لليوم.

ما هو مرض اليد والقدم والفم

ينتج المرض عن عدوى فيروسية وينتشر بين الأطفال، يسمى الفيروس المسؤول عن إحداث المرض فيروس كوكساكي أو Coxsackievirus. ترتفع معدلات الإصابة بهذا المرض في فصلي الربيع والخريف، ويصيب الأطفال والرضّع على وجه الخصوص. وهو حالة معدية تنتشر بسرعة نتيجة قرب الأطفال ومخالطتهم لبعضهم البعض.

لا تظهر أعراض المرض مباشرةً بعد التقاط العدوى، وإنما تحتاج فترة حضانة تقدر بعدة أيام أو أسبوع. تبدأ بعد هذه الفترة الأعراض تدريجيًا، وأول عرض يبديه الطفل هو ارتفاع درجة حرارته. بعد ذلك تسوء حالة الطفل ويشعر بالتعب والتوعك. كما يتأثر مزاجه فيمكن أن يبدو عليه الهياج وتتأثر شهيته فتنخفض بشكل ملحوظ.

ويترافق المرض عادةً بالتهاب في الحلق. ثم يبدأ الطفح الجلدي بالظهور وعادةً لا يترافق بحكة، ولكن يمكن أن تظهر التقرحات على الراحتين والأخمصين وحول الفم أو على باطن الخدين. وفي بعض الحالات يظهر الطفح أيضًا على أرداف أو مؤخرة الطفل. تظهر لدى بعض المرضى البثور مع الطفح ويمكن أن تكون مزعجة ومؤلمة.

تشخيص مرض اليد القدم الفم

يشخص المرض عادةً من خلال القصة السريرية بما فيها من عمر المريض وظهور الأعراض والعلامات. كما يمكن للأطباء تأكيد تشخيص المرض من خلال مسحة تؤخذ من الفم أو عينة براز. وتجرى على هذه العينات الفحوص المخبرية اللازمة. غالبًا لا يكون هناك أية حاجة للقيام بهذه الفحوص المخبرية. وذلك بسبب الصورة السريرية المميزة لهذا المرض وطبيعة البثور والطفح ومكانهما.

يجري بعض الأطباء أحيانًا عددًا من الفحوصات الدموية المخبرية للتأكد من الحالة العامة للمريض والاطمئنان عليها. تظهر هذه الفحوصات ارتفاعًا في كريات الدم البيضاء، وارتفاع البروتين C المتفاعل. مما يدل على وجود حالة التهابية، كما تظهر خلايا لمفاوية غير نمطية في دم المريض. يلجأ بعض الأطباء في التشخيص إلى تحري وجود الأجسام المضادة للفيروس المسبب في المسحات المأخوذة من الفم. ولكن يعتبر هذا الإجراء غير ضروري.

علاج مرض اليد والقدم والفم

تكون الحالات بسيطة غالبًا ولا تحتاج لمداخلات جدية للعلاج، حيث يقتصر العلاج على تخفيف الأعراض ودعم الجسم لاستعادة قوته، لأن هذا المرض يشفى بشكل عفوي في معظم الحالات لكنه يحتاج بضعة أيام لتمام الشفاء وقد تصل هذه المدة لعشرة أيام.

يمكن استخدام الأدوية الخافضة للحرارة والمسكنة للألم، ويعد الباراسيتامول والايبوبروفن أشيع الادوية المستخدمة لهذا الغرض. يجب التنويه هنا إلى ضرورة الامتناع عن استخدام الأسبرين عند الأطفال لما له من آثار جانبية خطيرة عليهم، وقد تكون مميتة.

تساعد المشروبات الباردة على تخفيف الألم الناتج عن قرحات وبثور الفم، كما أنها يمكن أن تدعم الجسم بالماء اللازم وبعض العناصر المفيدة. تفيد المياه الباردة والحليب البارد كذلك المثلجات، بينما ينصح بتجنب المشروبات الحامضة كعصائر الفواكه. وينصح أيضًا بتجنب المشروبات الساخنة أو الحادة لأنها ستفاقم الألم. تتوفر بعض أنواع الغسولات الفموية التي يمكن أن تفيد في العديد من النواحي كالتطهير وتسكين الألم الناتج عن التقرحات الفموية.

حتى لو كانت حالة الطفل جيدة ولا تحتاج لأي علاج ولكن يجب الانتباه على عدة نقاط أثناء رعاية الطفل المريض:

  • الحرص على عدم ملامسة البثور والحفاظ عليها من التمزق وذلك من أجل تخفيف انتشار العدوى.
  • المحافظة على نظافة هذه البثور واستعمال الضمادات غير اللاصقة لتضميدها.
  • تزويد المريض بالكمية الكافية من السوائل لمنع حصول التجفاف.

مضاعفات مرض اليد والقدم والفم

بالرغم من كون هذا المرض غير خطير ويشفى تلقائيًا وبوقت قصير نسبيًا لكن يمكن حدوث بعض المضاعفات بسببه، ويعد التجفاف من أشيع المضاعفات نظرًا لارتفاع الحرارة من جهة، ولرفض الطفل السوائل بسبب تقرحات الفم من جهة أخرى. لذلك يجب التأكد من تزويد المريض بالكمية الكافية من السوائل المناسبة كما ذكرنا سابقًا، وفي حال رفض السوائل فقد يحتاج المريض تسريبًا وريديًا لها. كما نذكر بعض المضاعفات الأخرى لكنها نادرة الحدوث:

  • التهاب السحايا الفيروسي.
  • التهاب الدماغ: وهي حالة مهددة للحياة.
  • قد يحصل تورم في الدماغ أو في القلب.
  • شلل.

خطوات الوقاية من مرض اليد والقدم والفم

يمكن لبعض العادات الصحية أن تخفف انتشار العديد من الأمراض ومن بينها مرض اليد والقدم والفم، وتعليم هذه العادات للطفل في مرحلة مبكرة سينعكس ايجابيًا على حياته ويكسبه سلوكًا منضبطًا وصحيًا. من أهم هذه العادات:

  • غسل اليدين المتكرر خاصةً بعد الخروج من المرحاض، وقبل تناول الطعام، وعند الرجوع للمنزل أو بعد ملامسة الحيوانات، كما يجب على الأهل الانتباه إلى ضرورة غسل اليدين بعد تغيير الحفاضات.
  • توعية الطفل إلى ضرورة استخدام المناديل الورقية عند السعال والعطاس، وفي حال عدم توفرها يمكن تعليمهم كيفية استخدام كم القميص عند المرفق. كما يجب توعية الطفل إلى عدم وضع الألعاب والأغراض المختلفة في فمه، وعدم ملامسة الأنف والفم والعينين دون غسل أو تعقيم اليدين.
  • تنبيه الطفل على عدم تقبيل أو معانقة أو مصافحة شخص مريض، وكذلك عدم مشاركة الأغراض الشخصية مع أحد.
  • تعقيم الصفوف والمقاعد وأدوات الأطفال بشكل دائم في الحضانات ودور الرعاية.

تعليم السلوك الصحي وعادات النظافة الشخصية يرجع بالفائدة الكبيرة على الطفل حاضرًا ومستقبلًا، ويجعله أكثر انضباطًا في جميع مجالات حياته، كما يحميه من العديد من الأمراض. لذلك يمكننا جميعًا أن نحمي أطفالنا من خلال تعليمهم وتثقيفهم ويبقى الأهم من ذلك دعمهم معنويًا، فالطفل سيواجه العديد من المواقف الجديدة في حياته بما فيها الأمراض، ولكن سيتخطاها جميعها بسهولة أكثر في حال قُدِّم له الدعم اللازم.