إن أول الأفكار والانطباعات التي تتبادر إلى ذهن الإنسان تستند بشكلٍ أساسيٍّ على الناحية الشكلية لأي شيءٍ يلمحه سواءً كان هذا الشيء مخلوقًا حيًّا أو جمادًا فكما تعلم حتى الأحجار الكريمة أو المصقولة التي لا حياة فيها تجذب انتباهك أكثر من الأحجار الخشنة وغير محددة الشكل، لذلك يُعتبر الاهتمام بالناحية الشكلية والجمالية من أكثر ما يشغل بال أي شخصٍ، ويُمكنك أن تُلاحظ أن المستحضرات التجميلية المتنوعة تحتلُّ رفوفًا متعددةً في أية صيدليةٍ، وسأخبرك في هذا المقال عن مشكلةٍ شائعةٍ بكثرةٍ وتسبب الكثير من القلق لجميع الفئات العمرية وخاصة المراهقين والشباب ألا وهي حب الشباب، كما سأطلعك على أهم وأفضل الأدوية المستخدمة لعلاج حب الشباب والمتوفرة في أغلب الصيدليات.

 

 

حب الشباب (العد الشائع)

ويسمى باللغة الإنكليزية Acne))، وهو أحد الأمراض الجلدية الشائعة جدًا، وغالبًا ما يظهر بشكل رؤوسٍ بيضاء نتيجة انسداد المسامات المغلقة أو رؤوسٍ سوداء نتيجة انسداد المسامات المفتوحة أو حطاطاتٍ بشكل نتوءاتٍ حمراء صغيرةٍ أو بثورٍ ظاهرةٍ متقيحةٍ ومؤلمةٍ أو عُقيداتٍ كبيرةٍ وصلبةٍ ومؤلمة تحت سطح الجلد أو آفاتٍ كيسية تحت سطح الجلد ومليئة بالصديد، وتنتشر في أماكن معينة من الجلد كالوجه والجبهة والصدر والجزء العلوي من الكتفين والظهر بسبب كثرة الغدد الدهنية في هذه المناطق.

أسباب حب الشباب

تشترك أربعة عوامل أساسية في ظهور حب الشباب وهي:

  • بعض أنواع البكتريا الموجودة على سطح الجلد.
  • الإفراز الزائد للزهم والدهون.
  • بصيلات الشعر التي تسدها خلايا الجلد الميتة والدهون.
  • ارتفاع تركيز بعض أنواع الهرمونات مثل الإندروجينات أو زيادة تأثيرها.

علاج حب الشباب

تتوفر العديد من العلاجات التقليدية والدوائية لهذه الحالة المرضية، وقد يعطي بعضها فعاليةً جيدةً بينما قد يكون بعضها الآخر عديم التأثير، ولكن مهما كان الدواء فعالًا فلن تظهر نتيجةٌ ملحوظةٌ قبل 4 إلى 8 أسابيعٍ أو قد تحتاج عدة شهورٍ أو سنواتٍ أو قد يبقى حب الشباب مشكلةً دائمةً حيثُ لا تلبثُ أن تُشفى بعض البثور حتى تظهر غيرها، وتهدف كل العلاجات إلى السيطرة على حب الشباب والحد من انتشاره إلى مناطق أخرى من الجسم وتجنب ترك ندوب أو آثار سيئة في البشرة، ويتبع كل طبيبٍ طريقةً خاصةً ونظامًا علاجيًا محددًّا في وصف الأدوية المعالجة لحب الشباب، وتختلف هذه الأنظمة من شخصٍ لآخر حسب شدة المرض ودرجة تحمل المريض للعلاج وحسب توفر الدواء وقناعة الطبيب وملاحظاته، ويجب الانتباه إلى أنه يوجد قسم لا بأس به من الأدوية المعالجة لحب الشباب التي لا توصف بدون وجود وصفةٍ طبيةٍ مكتوبةٍ بعد إجراء تحاليلَ معينةٍ ونفي وجود أمراضٍ معينةٍ، وستجد في السطور التالية أفضل العلاجات الموجودة في الصيدليات والمستخدمة للتخلص من حب الشباب.

أفضل علاج موضعي لحب الشباب من الصيدلية

  • أدوية الريتينوئيد ومشتقاتها ومشابهاتها؛ ويُعتبر الريتينوئيد أحد مشتقات فيتامين A، ويُستخدم لفعله التقشيري للبشرة ودوره في المساعدة على تجديد البشرة وزيادة سرعة نمو الخلايا، ويشمل العديد من المشتقات والمشابهات الفعالة كالتريتينوئين والأدابالين والتازاروتين، ويُفضل استخدامها مساءًا فقط ثلاث مراتٍ أسبوعيًا في بداية فترة العلاج لكي يعتاد الجلد على الدواء ثم يوميًا حتى الحصول على الفعالية المطلوبة، وتتوفر على شكل كريمات وجل ومحاليل جلدية بتراكيز ٠.٠١% و٠.٠٥% و٠.١%.
  • بعض المضادات الحيوية؛ التي تعمل على تثبيط أو قتل الجراثيم الزائدة وتخفيف الالتهاب والاحمرار، وغالبًا ما تُستخدم بالمشاركة مع الأدوية المقشرة، ومن أهم المضادات الحيوية المستخدمة موضعيًّا: كليندامايسين وإيريترومايسين.
  • بنزويل بيروكسايد؛ الذي يُستخدم بسبب تأثيره المطهر والمُقشر، ويتوفر في الأشكال الصيدلانية الجلدية كالكريمات والمحاليل والصوابين بتراكيز ٢% أو ٥% أو ١٠%.
  • حمض الأزيليك؛ وهو حمضٌ طبيعيٌّ موجودٌ في بعض المنتجات الحيوانية وحبوب القمح الكاملة، ويُستخدم في علاج حب الشباب بسبب خواصه المضادة للبكتريا، ويُعتبر آمنًا في الحمل والإرضاع، ولكن قد يُسبب التهيج والاحمرار للمرضى ذوي البشرة الحساسة، ويُمكن أن يُعطي فعاليةً أفضل عند مشاركته مع الإيريترومايسين.
  • حمض الساليسيليك أو حمض الصفصاف؛ وهو حمض طبيعي أيضًا، يُستخدم لتأثيره المقشر الخفيف والمضاد للالتهاب والحامي للمسام من الانسداد، ويوجد في الصوابين والكريمات الجلدية.
  • حمض الغليكوليك وحمض اللاكتيك المحفزين لعملية التقشير ونمو الخلايا.
  • دابسون؛ الذي أعطى فعاليةً في علاج حب الشباب الملتهب وخاصةً عند البالغين، ويُعتبر جفاف الجلد والاحمرار من أهم أعراضه الجانبية.
  • كما يمكن أن تعطي بعض الأدوية النباتية فعاليةً واضحةً في علاج حب الشباب من خلال فعاليتها المضادة للالتهاب بالإضافة إلى تأثيرها المرطب والمرمم والمُخفف للندب؛ ومن أهمها: جل الألوفيرا وزيت شجرة الشاي الاسترالي وزيت بذور العنب وزيت اللوز، ويستخدم ماء الورد كعلاج تقليدي شائع لحب الشباب ذي الدرجة الخفيفة؛ لما له من تأثيرات مرطبة وخواص مخففة للالتهاب، ويُمكن أن تجد الكثير من المستحضرات الحاوية عليه في الصيدليات.
  • يوجد العديد من الصوابين الحاوية على الكبريت الذي يُمكن أن يُحسن مظهر آثار حب الشباب من خلال تجفيفه للبشرة الدهنية وتخفيفه لإفراز الزهم.

أفضل علاج جهازي لحب الشباب من الصيدلية:

  • بعض المضادات الحيوية التي تعطى فمويًا؛ والتي تتمثل بكليندامايسين وبعض التتراسكلينات مثل مينوسكلين أو دوكسيسكلين أو بعض الماكروليدات مثل أزيترومايسين.
  • من المفيد استخدام بعض الأدوية الهرمونية المانعة للحمل المشتقة من البروجسترون والإستروجين، وتوصف بعد إجراء فحوصات معينة.
  • مضادات الإندروجين؛ والتي تؤثر عن طريق حجب مستقبلات الهرمونات الإندروجينية الذكرية في حال زيادة تركيزها عند الإناث، ويُعتبر سبيرونولاكتون أشهر هذه الأدوية ولكنه يسبب زيادة الإدرار وانخفاضًا في ضغط الدم عند الناس الأصحاء لذلك يجب استخدامه بحذر وبعد إجراء فحوصات معينة.
  • وسأتركك في الختام مع الدواء الأشهر ألا وهو آيزوتريتينوئين المتوفر بعيارات (10 و20 و40) ملغ، وفي الواقع يصعب الحديث عن هذا الدواء ببضعة أسطرٍ ولكن من المهم معرفة أنه أحد مشتقات الفيتامين A المحب للدسم والمنحل فيه، فبعد الامتصاص الجهازي يتوجه الدواء إلى خلايا الجسم ليجد مستقبلاته المناسبة في خلايا الغدد الدهنية المفرزة للزهم والتي لها دور أساسي في حدوث حب الشباب؛ حيث يقوم بتثبيط عملها وبالتالي إيقاف إفراز الزهم الذي يُعد الغذاء الأفضل للجراثيم المسؤولة عن ظهور حب الشباب، ولكن بالرغم من الفعالية الشفائية العالية للآيزوتريتينوئين ومساهمته بالتحسن السريع إلا أنه يملك العديد من التأثيرات الجانبية المزعجة والتي قد تكون خطيرةً وخاصةً في حال زيادة الجرعة؛ وأهمها:
  1. قد يُسبب سُمّية المضغة الجنينية أو تأثيرات ماسخةً للأجنة أو إجهاض الجنين أو ولاداتٍ مبكرة.
  2. التعب والآلام العضلية والمفصلية.
  3. ردود الفعل التحسسية.
  4. نقص الشهية وخسارة الوزن.
  5. الخفقان وتسرع القلب.
  6. فرط الشحوم الثلاثية وتغير تركيز سكر الدم.
  7. جفاف الشفة والتهابها ونزيفها.
  8. اضطرابات معدية ومعوية.
  9. فقر الدم وقلة الصفيحات وقلة العدلات.
  10. التهابات السبيل التنفسي العلوي.
  11. حدوث الحلأ البسيط.
  12. جفاف الجلد والتهابه وحدوث بعض أشكال الآفات الجلدية كالتهاب الجلد التماسي أو الإكزيما أو الحساسية الضوئية أو هشاشية الجلد أو التكدم أو ظهور طفح أو زيادة الاستعداد للحروق الشمسية…
  13. اضطرابات كلوية والتهاب الكلى الكبيبي.
  14. الطنين واعتلال السمع.
  15. جفاف العين والرؤية الضبابية والتهاب الملتحمة أو الجفن أو القرنية أو العصب البصري.
  16. رعاف وجفاف الأنف.
  17. تغيرات في الصوت.
  18. دوار وغشي وصداع وتغيرات في المزاج.

كما يجدر ذكر التحذيرات والاحتياطات الواجب الانتباه عليها عند تناول هذا الدواء؛ مثل:

  1. يجب عدم التبرع بالدم خلال فترة العلاج وحتى شهر بعد التوقف عن تناوله؛ لأن هذا الدم قد يُنقَل لامرأة حامل مما يتسبب بالتأثيرات الخطيرة السابقة أو قد يُنقَل لمرضى مصابين باعتلالات معينة أو لا يتحملون تراكيز من هذا الدواء.
  2. يفضل عدم تناول الدواء إذا كنت مصابًا باضطراب نفسي كالذهان أو الاكتئاب؛ حيث يجب أن تعلم طبيبك المعالج بمرضك ليحدد ضرورة وصف الآيزوتريتينوئين لعلاج حب الشباب.
  3. إذا كنت مريضًا تعاني من اضطرابات كبدية أو كلوية أو سمعية أو بصرية أو شذوذات هيكلية أو عضلية أو في حال وجود فرط حساسية للدواء فلا يجوز أن تتناوله.
  4. لا يجوز تناول الدواء من قبل الأطفال ذوي الأعمار الأقل من ١٢ سنة.
  5. يجب تجنب الإعطاء المتزامن للآيزوتريتينوئين مع بعض الأدوية مثل: فيتامين A وتتراسكلينات وفينتوئين والستيروئيدات القشرية الجهازية ومانعات الحمل الهرمونية الحاوية على إيتينيل إستراديول ونورايتيندرون.

ويوجد ملاحظةٌ مهمةٌ جدًّا في أي نظامٍ علاجيٍّ لحب الشباب ألا وهي: يجب استخدام كريمات أو مراهم البانتينول أو الديكسابانتينول مع العسل والفيتامين E عند استخدام أي نوع من أنواع المقشرات؛ لتسريع تجدد الخلايا وترميم الجلد وتقليل الندبات بالإضافة لفعلها المطري والمرطب للجلد بعد الفعل التجفيفي الذي تحدثه المقشرات.

إن الأمراض الجلدية من أهم الأمراض التي يُمكن لأي شخصٍ أن يواجهها، ولا يجوز إتباع الخرافات في هذه المواجهة بل يجب استشارة أهل العلم والخبرة الطبية للفوز في النهاية بالمظهر الرائع.