تحرص جميع الأمهات على تأمين أفضل سبل العيش لأولادهم، فتراهن منهمكات في تغذيتهم وتوفير الحماية اللازمة لهم من مختلف الأمراض التي تعترض حياتهم. وسنتحدث عن أشد هذه الأمراض وأخطرها وهو داء كاواساكي عند الأطفال. نظراً لكونه يصيب الأطفال دون سن الخامسة من العمر مما يترك عقابيل خطيرةً على صحة الطفل قد تصل بهم الوفاة.

تشير الدراسات إلى أن السبب الأساسي في داء كاواساكي هو الالتهاب الوعائي. إذ تترسب مركبات مناعية على جدران وبطانة الأوعية الدموية المتوسطة مسببةً بذلك التهابًا مناعي المنشأ (إذ إن للعناصر المتممة دور هام في هذه العملية). والمقصود بذلك، هجرة الكريات الدموية البيضاء إلى جدران الأوعية الدموية مما ينتج عنها أضرارًا كثيرةً. بالإضافة إلى ذلك، تحث عملية البلعمة على إفراز أنزيمات خاصة. ومثال ذلك: الكولاجيناز والإيلاستاز، حيث تحدث هذه الإنزيمات نخرًا وثقبًا في بطانة الوعاء الدموي مسببةً تضيقًا وإقفارًا في العضو المصاب.

يسمى داء كاواساكي أيضًا بمتلازمة العقد اللمفية المخاطية التي تصيب الجلد والأغشية المخاطية في الجسم وخاصةً الفم والأنف والحنجرة. وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر داء كاواساكي السبب الأشيع في أمراض القلب عند الأطفال ذوي الفئات العمرية بين 6 أشهر و5 سنوات. في حين تتمثل الإصابة القلبية على شكل احتشاء عضلة قلبية أو خثارات شريانية ووريدية تصيب الصمامات القلبية.

أسباب داء كاواساكي وعوامل الخطورة

اكتشف داء كاواساكي بدايةً في عام 1967 في اليابان على يد العالم توميساكو كاواساكي، وتكريمًا له فقد سمي المرض باسمه.
لم يجد العلماء حتى الآن سببًا واضحًا لداء كاواساكي، إنما يربطون المرض وآليته المرضية بالعوامل الوراثية وبعض العوامل البيئية الأخرى. بالإضافة إلى أن البكتيريا والفيروسات متهمة بإحداثها للمرض في الدرجة الثانية.
أشارت دراسات سابقة إلى أن داء كاواساكي عند الأطفال غير معد. بالإضافة إلى ذلك، هو مرض حميد نوعًا ما ومحدد لذاته. في المقابل يوجد ما يقارب 5% من المصابين تنتهي بهم الإصابة بالوفاة. ونذكر من عوامل الخطر التي تزيد من إصابة الأطفال بداء كاواساكي، على سبيل المثال: العمر ما دون الخامسة بالإضافة إلى الجنس وخاصةً الذكور.

أهم الأعراض السريرية لداء كاواساكي

يتظاهر داء كاواساكي بعدة أعراض سريرية موجهة للتشخيص، تبدأ بشكل تدريجي وتشمل الأعراض ما يلي:

  • ارتفاع الحرارة: ويبقى بصورة مستمرة لمدة لا تقل عن 5 أيام متتالية.
  • طفح جلدي: ويتظاهر على شكل وسوف واحمرار يشمل مناطق عديدةً من الجسم مثل الظهر والأطراف.
  • التهاب ملتحمة العين: ونذكر هنا أن التهاب الملتحمة ثنائي الجانب وغير قيحي.
  • تضخم العقد البلغمية: كما ذكر سابقًا فإن للحدثية المناعية دور في ضخامة العقد اللمفاوية وخاصةً الرقبية.
  • الضعف العضلي: يشعر الطفل المصاب بالضعف العضلي في الأطراف الأربعة، بالإضافة إلى الوهن العام وعدم القدرة على التعبير الوجهي.
  • الألم المتنقل: والمقصود بذلك ألم ينتقل من مفصل إلى آخر، مع تورمات مفصلية عديدة، قد يصاحب ذلك ألم بطني.
  • التهاب الشغاف: تعتبر إصابة القلب التظاهر الأخطر، ويخص بالإصابة الصمامات والعضلة القلبية.
  • تظاهرات أخرى: يظهر بين الأسبوع الثاني أو الثالث من المرض تقشرات في الشفاه وحواف الأصابع في راحتي اليدين وأخمصي القدمين. بالإضافة إلى ما يطلق عليه لسان الفريز (لسان أحمر متشقق).

معايير التشخيص في مرض كاواساكي

يعد تشخيص داء كاواساكي من الأمور المعقدة نظرًا إلى تعدد الصورة السريرية التي قد يتظاهر بها والتي قد تكون لا نموذجيةً. في المقابل هناك عدة معايير تدخل في تشخيصه، ويكفي وجود 5 معايير للتشخيص القاطع.
حيث تعتبر ارتفاع الحرارة المستمرة لمدة 5 أيام متتالية المعيار الثابت ونضيف إليها المعايير الآتية:

  • طفح حمامي وسفي جلدي مع تقشرات على الراحتين والأخمصين.
  • تضخم العقد البلغمية الرقبية في أحد أو كلتي الجهتين.
  • التهاب ملتحمة ثنائي الجانب ويشترط أن يكون غير قيحي.
  • إصابة قلبية على شكل تسرع قلب أو اضطرابات لانظمية.

يدخل في التشخيص التفريقي للمرض الحمى القرمزية (طفح حمامي مصحوب بالتهاب البلعوم). ولذلك يسأل الطبيب عن الأدوية المعالج بها الطفل سابقًا. وقد يوصي الفاحص بعدة إجرارات تساعد في التشخيص مثل: تعداد عام، وصيغة، وإيكو قلب.

أهم مضاعفات الإصابة بمرض كاواساكي

بالرغم من الانتشار النادر للمرض، ينتج عنه العديد من المضاعفات الخطيرة التي تصيب الطفل وقد تصل به إلى حالة سيئة.

من أهم مضاعفات داء كاواساكي والتي تلحق الأذى بطفلك هي الإصابة القلبية. والمقصود بها إصابة الصمامات القلبية وشغاف القلب مما يعيق عمل العضلة القلبية والذي يصل إلى اضطرابات نظم خطيرة وحدوث الوفاة.

 

علاج داء كاواساكي

يهدف علاج داء كاواساكي بشكل أساسي إلى الوقاية من مضاعفات المرض وأهمها الإصابة القلبية. بالإضافة إلى أن المعالجة عرضية، يشمل علاج داء كاواساكي ما يلي:

  • الغاما غلوبولين IVIG وريديًا: يقلل ذلك البروتين النوعي من إصابة الشرايين الإكليلية ويشترط لتطبيقه قبول الطفل في المشفى.
  • الإسبرين: ويهدف بجرعته العالية في الأسبوع الأول من المرض إلى علاج الحمى والالتهاب. بينما تنقص جرعة الإسبرين في الأسبوع الثالث من المرض بهدف التقليل من تأثيرات المرض على العضلة القلبية وشلال التخثر. وبالإضافة إلى ذلك قد نستمر بالجرعة الدنيا من الإسبرين مدةً لا تقل عن 3 أسابيع، للوقاية من المضاعفات الخطيرة المتوقعة.

نظرًا للتأثيرات الجانبية الضارة للأدوية السابقة والنتائج السلبية التي قد تنتج عن الإصابة بداء كاواساكي. يقبل الطفل لتدبيره في وحدة العناية المركزة في أقرب مشفى.

 

ما الرابط بين داء كاواساكي ومرض كورونا

يبلغ عدد المصابين في فرنسا بمرض كاواساكي 130 إصابةً منذ الشهر الثالث حتى الشهر الخامس من هذا العام. وعندما دقق الباحثون في الاستجواب وسببيات المرض، لاحظوا وجود عدة إصابات تحمل الأضداد الإيجابية لفيروس الكورونا. حيث وجد في التحليل النسيجي للخلايا التي درست مجهريًا عند مصابي كاواساكي، فيروسٌ لا يشابه بخصائصه الفيروسات الأخرى. وفيما بعد اكتشف أنه فيروس كوفيد–19.
نظرًا إلى العلاقة الهامة والصورة السريرية المتشابهة، تشير الدراسات الحديثة إلى أن كل مصاب بداء كاواساكي، تأخذ مسحة كوفيد-19 منه لنفي الإصابة بمرض الكورونا.

موعد زيارة الطبيب للمصاب بداء كاواساكي

يسأل الكثيرون، متى يجب أن يزور طفلي الطبيب؟ نجيب: في حال استمرار الحرارة أكثر من 5 أيام متتالية. بالإضافة إلى الاستجابة الجزئية لخافضات الحرارة، بغض النظر عن وجود أو غياب المعايير الأخرى المرافقة.
وبالرغم من خطورة الأضرار الناتجة عن الإصابة بمرض كاواساكي والتي قد تتشابه كما ذكرنا بأعراض مرض الكورونا (وتأتي خطورتها من هنا). فإن اكتشاف الإصابة في وقت باكر يوقي إلى حد كبير من الوفاة.

في الختام، استشر طبيبك بسرعة، فقد تكون الإصابة البدئية لداء كاواساكي مخاتلةً لك. ولكن سرعان ما تفاجئك الاختلاطات وتسوء الحالة الصحية لطفلك.