تأخر النطق عند الأطفال من المشاكل الكثيرة التي تعاني منها الأمهات والتي تسبب للأم القلق والخوف. فتجد التعليقات السلبية تحيط بها من كل مكان، كما وتشير أصابع الاتهام إليها لتصفها بالتقصير حيال طفلها وإهماله. فما هي أسباب تأخر النطق عند الأطفال؟
الكلام هو وسيلة التواصل التي طورها الإنسان على مر العصور بهدف التعبير عن نفسه واحتياجاته المختلفة والتواصل مع أبناء جنسه بهدف تحقيق غايته. ويعاني الطفل الذي لديه تأخر أو مشاكل في النطق من عدم قدرته على التعبير عما يريده، بشكل قد يعرضه للسخرية والتنمر من قبل أقرانه ما يسبب له ضعف ثقته بنفسه والانطواء والانعزال.
ويعتبر تأخر النطق مشكلة شائعة يصاب بها حوالي 15% من الأطفال حول العالم، وغالبًا ما يتمكن الطفل من تجاوز هذه المشاكل بمساعدة والديه والمراكز المتخصصة في علاج مشاكل واضطرابات النطق.

سنشرح من خلال الفقرات التالية كل المعلومات حول أسباب وأعراض تأخر النطق عند الأطفال، بالإضافة لتشخيصه وعلاجه.

تأخر النطق عند الأطفال وأعراضه المبكرة

تأخر النطق هو مشكلة حيوية ترتبط بمشاكل النمو الطبيعي لدى الطفل. وتظهر بشكل خاص بين سن السنتين وسن الخمس سنوات، وتتجلى على شكل مشاكل في تعلم واكتساب كلمات جديدة. أو صعوبات في ترتيب الكلمات على شكل جملة تفيد حاجته وذلك بما يتوافق مع سنه. بالإضافة لصعوبة فهم الكلام الذي يقال أمامه، وهو أحد أجزاء اضطرابات النطق وشكل من أشكاله. أما اضطرابات النطق فهي عبارة عن مشاكل وتأخر في النطق يتجلى بأشكال مختلفة منها صعوبة نطق حروف معينة أو إخراج حروف بطريقة خاطئة تُشخّص في سن خمس سنوات وما فوق.
ومن الجدير بالذكر أن بعض مشاكل النطق تظهر في سن 18 شهر إلى سن ثلاث سنوات. وهي مشاكل طبيعية تمامًا تتعلق بنمو الطفل المستمر وتعلمه واكتسابه مهارات التحدث. ولكن هنالك بعض العلامات المبكرة والتي تظهر خلال العام الأول، تدل على أنه الطفل سيعاني من مشاكل نطقية تتطلب المساعدة نذكر منها:

  • لا يظهر الطفل أي تفاعل مع الوسط المحيط أو مع الكلمات التي توجه إليه.
  • عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه.
  • عدم قدرة الرضيع على إصدار أصوات معينة أو مقاطع لفظية مكونة من حرفين مثل “با” و “ما”.
  • الطفل لا يضحك ولا يبتسم إلا في الحالات النادرة.

علامات تأخر النطق عند الأطفال

من عام إلى عامين

  • عدم قدرة الطفل على نطق بعض الكلمات الروتينية مثل بابا وماما.
  • لا يمكنه إصدار مقاطع صوتيه متنوعة.
  • لا يعرف اسمه ولا يستجيب عند مناداته به.
  • لا يحاول التواصل مع الآخرين سواء بالعيون أو بطرق أخرى، ولا يستخدم إصبعه للإشارة لشيء معين.
  • لا يكرر الكلمات التي تقال أمامه ولو بلفظ خاطئ.

من عامين إلى ثلاثة أعوام

  • الطفل غير قادر على نطق من 50 إلى 100 كلمة بشكل يومي.
  • لا يستخدم التواصل بالكلام، ولا يفهم إلا الكلمات المكررة أمامه دائمًا.
  • لا يستطيع الطفل الاختيار من خيارين عند طلب ذلك منه.
  • لا يستطيع فهم الأسئلة الموجهة له مثل ما هذا؟ ولا يعرف الإجابة عنها.
  • غير قادر على تسمية الأشياء المستخدمة يوميًا أو الحيوانات.

من ثلاثة إلى خمسة أعوام

  • لا يفهم الكلمات الأساسية مثل أعلى وفوق وتحت وأسفل.
  • لا يمكنه الإجابة على أسئلة روتينية مثل من؟ إلى أين؟
  • التواصل يكون عبر الإشارات والحركات الجسدية.
  • لا يمكن للطفل تأليف جملة كاملة المعنى.
  • لا يفهم معنى السؤال أي أنه يكرر السؤال بدل الإجابة عنه.
  • ليس لديه مخزون لغوي جيد فهو يتلعثم دومًا أثناء الكلام ويبحث عن الكلمات المناسبة.
  • لا يعرف الألوان ولا يسميها.
  • ضعف القدرة على الاستمرار في الحوار مع أحد.

أسباب تأخر النطق عند الأطفال

الأسباب العضوية لتأخر النطق عند الأطفال

  • مشاكل مرضية مثل متلازمة داون والتوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
  • تلف في الجزء المسؤول عن إنتاج الكلام في المخ، أو الجزء المسؤول عن تنسيق حركات أعضاء النطق، وذلك بسبب أذية دماغية منذ الولادة أو أذية مكتسبة نتيجة تعرض لنزيف دماغي.
  • مشاكل في الأجزاء المسؤولة عن النطق كالشفة المشقوقة والحنك المشقوق، ومشاكل اللجام.
  • مشاكل في أعضاء السمع كفقدان أحدها أو تشوهه.

الأسباب النفسية والاجتماعية لتأخر النطق عند الأطفال

  • الأسباب الاجتماعية مثل ضعف التواصل مع الطفل والتحدث معه دومًا، وبقائه لساعات أمام أجهزة التلفاز أو الأجهزة الإلكترونية مما يسبب قلة اكتساب الطفل للمفردات وقلة تواصله مع الآخرين وعدم قدرته على فهم ما يحيط به.
  • أسباب نفسية: مثل إهمال الطفل بسبب المشاكل العائلية والخلافات الزوجية، كما أن الضغوطات النفسية المستمرة على الطفل قد تسبب تأخره في الكلام، كذلك تؤثر الصدمات العاطفية القوية التي يتعرض لها الطفل في سن مبكرة على تأخره في الكلام.

تشخيص تأخر النطق لدى الأطفال

  • تخطيط السمع: للتأكد من عدم وجود مشاكل متعلقة بتلقي الكلمات لدى الطفل.
  • تقييم أعضاء النطق: للتأكد من عدم وجود مشاكل في اللسان أو الشفتين أو الحنك لدى الطفل.
  • تقييم القدرة على الكلام: مثل أن يطلب الأخصائي من طفلك نطق كلمات معينة ليرى مخارج الحروف وكيفية نطقها من قبل الطفل وإمكانية تصحيحها.
  • تقييم تواصل الطفل مع وسطه المحيط واستجابته للمؤثرات الخارجية كأن يطلب منه الأخصائي تسمية شيء معين وذلك بهدف التأكد من صحة تواصله وعدم معاناته من أمراض عصبية.

علاج تأخر النطق عند الأطفال

علاج التواصل والتخاطب

يقوم بها الطبيب أو أخصائي النطق واللغة وهي:

  • تمرينات نطق الكلمات: مثل أن يطلب من الطفل أن يقول ويكرر كلمات كثيرة ويؤكد على لفظها بشكل صحيح.
  • تدريبات على حركة أعضاء النطق: فيقوم الأخصائي بنطق كلمة محددة ببطء ويطلب من الطفل مراقبته أثناء لفظها وإعادتها نفس الطريقة.
  • تمرين الكلام والتحدث: حيث يتم تمرين الطفل على نطق جمل ومقاطع وليس فقط كلمات، ومحاورته والتحدث معه.

العلاج المنزلي

  • تدريب الطفل على الكلمات ونطقها بشكل صحيح.
  • تعليم الطفل كل الكلمات التي يحتاجها مثل أسماء الحيوانات والخضراوات والفواكه والألوان.
  • توجيه الأسئلة للطفل باستمرار وطلب الإجابة منه وتشجيعه على الكلام.
  • تحفيز الطفل على الكلام مثل أن نطلب منه تسمية الشيء الذي يريده بدلًا من استخدام الإشارة إليه، ومكافأته عند استخدام الكلمات.
  • تشجيع الطفل على استخدام الكلمات في الحياة مثل أن يقول “صباح الخير يا ماما” في كل مرة يستيقظ فيها، وتعليمه طريقة السلام والتحدث للآخرين.

 

في حين أن معظم مشاكل تأخر النطق تتراجع عفويًا مع تقدم الطفل بالعمر ومساعدة الأهل له، إلا أن إهمال علاجها وتأجيله قد يسبب للطفل مضاعفات منها مشاكل القراءة والتهجئة في المستقبل بالإضافة للمشاكل الاجتماعية الأخرى. لذلك يتوجب على الأهل الانتباه لمهارات طفلهم اللغوية في سن مبكرة والاستجابة دومًا له وللحركات التي يقوم بها بهدف التواصل معهم. وإذا شعر الأهل بأن هنالك مشكلة لدى الطفل فمن الضروري عرضه على الأخصائي لعلاجه في سن مبكرة.