العلاقة بين الأسبرين وكورونا من الأمور التي شغلت بال الكثير منا منذ بداية تفشي فيروس كورونا المستجد،فقد تم استخدام الأسبرين نظرًا لفعل الفيروس المسبب للجلطات الدموية وتضاربت الآراء حول استخدامه كمضاد للالتهاب

أو كمضاد لتكدس الصفيحات. هل سمعت بدواء الأسبرين من قبل؟ هل عرفت استخدامات الأسبرين وعلاقته في علاج الإصابة بفيروس كورونا؟

نقدم إليكم في هذا المقال معلومات مقتضبة وكافية عن العلاقة بين الأسبرين وكورونا مفعول لا يصدق.

العلاقة بين الأسبرين وكورونا

بدأت الدراسات حول العلاقة بين الأسبرين وكورونا بشكل كثيف عندما انتشر الفيروس بشكل هائل في إيطاليا، ولاحظ الباحثون أن فيروس كورونا يزيد من لزوجة دم المريض فيتسبب بشكل مباشر في حدوث الجلطات الدموية التي

قد تسد الأوعية المغذية للأعضاء النبيلة كالقلب والدماغ، وهذا ما ظهر جليًّا في الأبحاث اللاحقة أنّ ما يقارب ثلث المرضى الذين دخلوا غرف العناية المشددة .قد تعرضوا لمضاعفات مميتة نتيجةً لتجلط الدم وزيادة قابليته للتجلط،لذلك

اعتمدت بعض البروتوكولات والخطط العلاجية على إدخال الأسبرين كدواء وقائي يخفف من احتمالية دخول المريض إلى وحدة العناية المركزة.  ويقلل من احتياجه للتهوية الميكانيكية ومن عدد الوفيات داخل المستشفى أيضًا،ولكن

في نفس الوقت كان لدى الأطباء تخوف على نطاق واسع من إمكانية إحداث الأسبرين لزيادة طفيفة في ميوعة الدم وبالنتيجة تسببه للنزف.بالإضافة إلى منع التجلط، يقلل الأسبرين من مستويات جزيء الإشارة المناعية أو السيتوكين المسمى

إنترلوكين 6 (IL-6) في الدم. يرتبط الإنترلوكين 6 بردّ الفعل المناعي المفرط، أو ما يسمى “عاصفة السيتوكين”. التي يمكن أن تؤثر على الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد في العناية المركزة، فهؤلاء

بحاجة لجريان دم صحيح من أجل التقليل من المضاعفات التي قد تحدث معهم والتي قد تكون مميتة.

لماذا اختاروا الأسبرين

يعتبر الأسبرين من مضادات تكدس الصفيحات واسعة الانتشار على مستوى العالم. حيث يتمتع بكفاءة عالية في تخفيف تجلط الدم. من خلال فعله المضاد لتكدس الصفيحات الناتج عن كونه يثبط اصطناع البروستاغلاندينات والثرومبوكسان A2.

وباعتبار آلية تأثيره معروفة وآثاره الجانبية معروفة لذلك يعتبر من الأدوية ذات المأمونية العالية، علاوة على ذلك، يعتبر من الأدوية رخيصة الثمن والمتوفرة في الصيدليات.

على الرغم من هذا، فإنه يحتاج لإشراف طبي لاستخدامه كمضاد تجلط.

منشأ الأسبرين

تعد الاستخدامات الشعبية القديمة للنباتات أحد المصادر التي يلجأ إليها العلماء لاكتشاف وتطوير أدوية جديدة.

استخدمت الشعوب القديمة أوراق شجر الصفصاف لتخفيف الحرارة وتسكين الآلام وخاصة التهاب المفاصل مما لفت نظر العلماء إلى هذه النبتة فحللوها ليستنتجو أن المادة الفعّالة فيها هي حمض الصفصاف (ساليسيليك أسيد) الذي أصبح نواة الاصطناع النصفي لأحد أهم وأشهر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية وهو الأسبرين (أستيل ساليسيليك أسيد).

كيف حصلنا على الأسبرين لأول مرة

ينتج الأسبرين عن طريقة مفاعلة ملح حمض الصفصاف (ساليسيلات الصوديوم) مع كلوريد الأستيل لإنتاج حمض أستيل ساليسيليك، وهذا ما قام به العالم الكيميائي تشارلز فريدريك غيرهارد لأول مرة في عام 1853.

تأثيرات الأسبرين

يعتبر حمض الصفصاف مخرّشًا كبيرًا للجهاز الهضمي، وهذا ما دفع العلماء إلى إجراء التجارب والدراسات للتخفيف من هذا الأثر وذلك عن طريق أستلته (تحويله إلى أستيل حمض الصفصاف).

يخضع الأسبرين عند تناوله إلى تفاعل الحلمهة فينتج عنه المادة الفعالة وهي حمض الصفصاف الذي يثبط إنزيم سيكلو اوكسيجيناز بنوعيه الأول والثاني (COX1-2).

تنتج الفعالية المضادة للالتهاب عن طريق تثبيط إنزيم (COX2) أما الآثار الجانبية تنتج عن طرق تثبيط إنزيم (COX1) ومنه تثبيط اصطناع البروساغلاندينات الواقية لجدار المعدة، لذلك يجب عدم تناول الأسبرين دون وصفة طبية وخاصة عند استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية معه.

استعمالات الأسبرين

يستخدم دواء الأسبرين على نطاق واسع حول العالم نظرًا لأمانه النسبي من جهة ولكونه رخيص الثمن من جهة أخرى:

  • يستعمل بشكل رئيسي لتسكين الآلام المتوسطة مثل ألم الرأس (الصداع)، آلام الدورة الشهرية وخفض حرارة الجسم.
  • ويستعمل أيضًا باعتباره من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية كمضاد للالتهاب وخاصةً في مرض التهاب المفاصل حيث يسهم في التقليل من أعراضها كالآلام، وذلك بجرعة مرتفعة (للتمييز عن الجرعة المضادة لتكدس الصفيحات).
  • كما يستعمل هذا الدواء بجرعة منخفضة كدواء مضاد لتكدس الصفيحات عند مرضى القلب والأوعية الدموية.
  • يجب الحذر عند استخدام الأسبرين بسبب إحداثه لمتلازمة ري التي تصيب الكبد والدماغ عند الأطفال.

وبهذا نعرف مما سبق أن الدواء سلاح ذو حدين، يحقق لمتناوله الرضا والشفاء إذا ما أحسن استخدامه بإشراف الطبيب، ويمكن أن ينهي حياة من يعبث به، ومع وجود العلم واستمرار العلماء بالعمل والجهد من أجل الإنسانية علينا أن نفعل ما أمرنا الله به وهو ألا نرمي بأنفسنا إلى التهلكة.