على الرغم من أنّ معظم الأجنة المولودين باكرًا يكملون حياتهم بشكل طبيعي دون أي مضاعفات، إلا أن تأثير الولادة الباكرة على صحة الوليد يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. على الأهل أن يكونوا مدركين لكل المشاكل الصحية التي يمكن أن تواجه الوليد سواءٌ أكان متمًّا لفترة الحمل أم مولودًا بشكل مبكر، فهو غير قادر على التعبير عن ما يشعر به بوضوح. يمكن أن تترك المضاعفات الصحية تأثيرات دائمة طويلة المدى تشكل عبئًا على الطفل وعلى أهله لسنواتٍ عديدة، لذا فإنّه من المهم أن يشرح مقدم الرعاية الصحية للأهل عن تأثير الولادة الباكرة على صحة الوليد والخيارات العلاجية والتشخيصية الممكنة.

التأثيرات قصيرة المدى للولادة الباكرة على صحة الوليد

ساهمت التطورات في مجال الرعاية بحديثي الولادة في تحسين المخرجات الصحية للأجنة المولودة باكرًا، ومن هذه التطورات على سبيل المثال:

  • برامج الرعاية التي تعطي للأسرة دورًا في تقديم الرعاية.
  • برامج التغذية المخصصة، وتكثيف الجهود لتخفيض عدد الإنتانات عند المولودين باكرًا.
  • التلامس المباشر ما بين جلد الأم والوليد، والذي يسهم في تحسين المخرجات الصحية.

وبالحديث عن تأثير الولادة الباكرة على صحة الوليد نتطرق أولًا للتأثيرات قصيرة المدى، ومن أهمها:

اليرقان لدى المولودين باكرًا

تصيب هذه الحالة الكثير من حديثي الولادة، وتكون ناجمة عن عدم قدرة الكبد على التخلص من البيلروبين وتراكمه في الجسم. ولا تُعد هذه الحالة خطيرة عمومًا، إلا أن مستويات البيلروبين قد ترتفع إلى مراحل خطيرة في بعض الأحيان مما يؤدي إلى أذية دماغية. وتعد مستويات البيلروبين خطيرة إذا وصلت إلى مجال 15-20 ملغ/دل أو تخطته.

المشاكل التنفسية لدى المولودين باكرًا

غالبًا ما تكون هذه المشاكل ناجمةً عن عدم تطور الجهاز التنفسي بشكل كامل، وخصوصًا الرئتين. كما يصاب بعض المولودين باكرًا بانقطاع التنفس، ويتوقف خلاله التنفس لمدة تتجاوز العشرين ثانية.

قد يصل الأمر إلى الحاجة لوضع الوليد على المنفسة. والتي إذا وضع الجنين عليها لفترة طويلة يمكن أن تؤدي إلى إصابة رئوية مزمنة تسمى بالنمو الشاذ للقصبات والرئتين.

المشاكل القلبية لدى المولودين باكرًا

القناة الشريانية السالكة أشهر الحالات القلبية التي تصيب المولودين حديثُا، حيثُ تبقى هذه القناة مفتوحة بدل أن تغلق بعد الولادة. الأمر الذي يؤدي إلى تدفق الدم بكمية زائدة عبر الرئتين، والذي من الممكن أن يسبب تراكم السوائل في الرئتين والإصابة بفشل القلب.

التأثيرات طويلة المدى للولادة الباكرة على صحة الوليد

تتجاوز بعض المضاعفات مرحلة التأثيرات البسيطة قصيرة المدى التي تختفي خلال فترة، وتشكل عبئًا صحيًّا على الوليد يرافقه لفترات زمنية طويلة قد تلازمه طوال حياته. ومن أهم هذه التأثيرات:

الشلل الدماغي

هو اضطراب حركي يؤثر على قوة العضلات، وتناسق الحركة والتوازن. ويمكن أن يتسبب بإنتان، مشاكل في الدوران الدموي، أو إصابة دماغية خلال الحمل أو بعد الولادة. ولكن غالبًا ما لا نستطيع ربط الحالة بسبب محدد.

مشاكل الرؤية لدى المولودين باكرًا

يُعد المولودون باكرًا عرضة لخطر اعتلال الشبكية، حيثُ تكون الأوعية الدموية في العين متوذمة. الأمر الذي يزيد من فرص حدوث مشاكل في الشبكية قد تصل إلى انفصال الشبكية، والذي يمكن أن يؤدي إلى فقدان البصر بشكل نهائي.

مشاكل السمع لدى المولودين باكرًا

يعاني بعض المولودين باكرًا من ضعف السمع، وفي بعض الأحيان من الصمم. وغالبًا ما يطلب الطبيب فحص السمع لدى الطفل إما في المشفى أو بعد تخريج الأم ووليدها من المشفى بوقتٍ قصير.

التأثيرات على السلوك والإدراك لدى المولودين باكرًا

غالبًا ما لا يتم التحدث عن هذه التأثيرات بالشكل الكافي، إما بسبب غياب الوعي أو الخوف من نظرة المجتمع. ولكنّ هذه المشاكل تحدث عند بعض الأطفال، وهذا أمرة لا مفر منه.

المشاكل السلوكية لدى المولودين باكرًا

ترتفع نسب الإصابة بالمشاكل السلوكية والنفسية لدى الأطفال المولودين باكرًا، وتتضمن اضطراب نقص الانتباه واضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة (ADHD).

المشاكل في الوظيفة المعرفية والإدراكية

يكون الأطفال المولودون باكرًا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل طويلة الأمد، والتي يمكن أن تؤثر على التطور أو الوظيفة المعرفية والذكاء أو كليهما. ويمكن أن يتطور هؤلاء الأطفال بمعدل أبطأ من أقرانهم المتمين لفترة الحمل.

المشاكل الصحية المزمنة لدى المولودين باكرًا

بالإضافة إلى ما سبق، يكون الأطفال المولودون باكرًا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية مزمنة. حيثُ يكونون أكثر عرضة للإصابة بالإنتانات، الربو، والمشاكل التغذوية. كما تزداد خطورة تعرضهم لمتلازمة موت الرضيع المفاجئ.

الجهود العالمية للحد من الوفاة بسبب الولادة الباكرة

كلما ولد الطفل مبكرًا في عمر الحمل، كلما قلت فرص نجاته. وكنا قد أشرنا سابقًا إلى الدور الكبير الذي تقدمه وحدات العناية المشددة بالمولودين حديثًا في المساعدة على إنقاذ هؤلاء المواليد.

خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، انخفضت معدلات الوفاة المسببة بمضاعفات الولادة الباكرة بشكل ملحوظ. حيثُ انخفضت من 21.4 لكل مئة ألف ولادة إلى 10 لكل مئة ألف ولادة، وذلك ما بين عامي 1990 و2015 وفقًا للدراسات.

إنّ إنجاب الأطفال مشروعٌ يحتاج للتجهيز والتخطيط السليمين مثله مثل أي مشروع آخر، فالفحوصات الجينية وتحاليل الدم والتزود بالمعلومات الموثوقة، كلها خطوات على الوالدين القيام بها قبل أن يبدأوا بمحاولة التخصيب والحمل. الطفل الذي يأتي إلى الدنيا من خلالك أمانةٌ لديك، فيجب أن تحرص على أن توفيه حقه صحيًّا، ماديًّا ومعنويًّا.