كيف يعيش المصابون بمرض أطفال القمر؟ وما السبب الكامن وراء تسميتهم هذه؟ أسئلةٌ عديدة تبحث عن إجابةٍ لها حولَ هؤلاء المرضى وما يعانون منه. في الحقيقة يولد الطفل القمري كما يسمّى ومعه اضطرابٌ جلديٌّ وراثي نادرٌ جدًّا يعرف بجفاف الجلد المصطبغ. لكنه يبدو بصحةٍ جيدة ولا تظهر عليه أيّ علاماتٍ جلديةٍ واضحة، وبمجرد التعرض الأولي لأشعة الشمس تأخذ الأعراض بالظهور. وتشكل عائقًا أمام حياته مع المحيط الخارجي وخاصةً أثناء ضوء النهار.

فإذا دفعكم الفضول لمعرفة أبرز التفاصيل حول حياة أطفال القمر وطبيعة مرضهم. التي تجعلهم يهجرون أشعةَ الشمس ويفضلون ضوء القمر. تابعوا معنا هذا المقال عبر موقع كيف لنجيبَ من خلاله على العديد من استفساراتكم بخصوص هذا المرض.

ما هو جفاف الجلد المصطبغ

جفاف الجلد المصطبغ أو ما يعرف بمرض أطفال القمر أو الزيرو ديرما: إنّه مرضٌ وراثيٌّ نادرٌ جدًّا بنسبةِ واحدٍ من كل 250000 شخص يصاب به في شتى أنحاء العالم. ويتفرع عنه حوالي 8 أنواع معروفة في وقتنا الحاضر. يطلق على الأطفال المصابين به اسم أطفال القمر أو القمريون. وذلك تبعًا لعدم قدرتهم على الخروج بشكلٍ طبيعي مثل بقية الأطفال إلا عندما يخيم الظلام وينيره ضوء القمر؛ أي بعد غياب أشعة الشمس بالكامل.

وبالرغم من ندرة اضطراب الجلد الاصطباغي إلا أنه يشهد انتشارًا في مناطق عدة، وذلك في شمال إفريقيا وبعض دول أوروبا وأمريكا واليابان والشرق الأوسط. لا سيما دول المغرب العربي وتونس والجزائر حيث تضمّ أكبر تجمع لعدد المصابين بهذا المرض في العالم.

كيف يعيش المصابون بمرض أطفال القمر

يصيب مرض جفاف الجلد الاصطباغي الجلد وقرنية العين ويظهر بشكلِ حروق شمسية بالغة التأثير. كما يتطور ليأخذ صفةً خبيثة في مراحله المتقدمة. وغالبًا ما يعيش المصاب بين 10 و15 عامًا ثم يموت، غير أنه من الممكن أن يعيش مدةً أطول في حال الوقاية المشددة من الضوء.

هذا ويشكل نور الشمس رعبًا حقيقيًّا للأطفال القمريين، حيث تأخذ حياتهم طابعًا ليليًّا. فهم يلازمون بيوتهم طوال النهار لتجنب التعرض لأشعة الشمس؛ بانتظار حلول الظلام الذي يعدُّ متنفسًا لهم. وذلك بغية مغادرة منازلهم بعد طول فترة مكوثهم فيها والانطلاق إلى الشوارع والأزقة للمشي والحركة بشيءٍ من الحرية التي افتقدوها أثناء النهار.

أما عندما يريد أطفال القمر الخروج نهارًا، لا سيما إلى مدارسهم وبشكلٍ اضطراري للبعض. فإن خروجهم مرهونٌ باتخاذ جملة من الإجراءات الاحترازية المشددة من ملابس ونظارات وحتى قبعات مدعمة لتردَّ عنهم ضوء الشمس الحارق بالنسبة لهم.

اقرأ أيضًا: ما هو مرض السماك

أعراض مرض أطفال القمر

تظهر مجموعةٌ من الأعراض على المصابين بمرض أطفال القمر وذلك من مرحلة الطفولة المبكرة وتتطور كلما تقدموا بالعمر. ومن أبرز هذه الأعراض نورد ما يلي:

  • يعاني أطفال القمر من حروق الشمس بدرجاتٍ شديدة، وذلك بمجرد قضاء عدة دقائق تحت أشعتها. كما ينتج عن هذا الأمر حساسية بالغة واحمرار في الجلد لأسابيع عدة.
  • كذلك يتميز القمريون بظهور نوعٍ خاص من نمش الجلد الذي ينتشر في مناطق الجسم الأكثر تعرضًا للشمس كالوجه والذراعين والشفاه.
  • يسبب مرض جفاف الجلد المصطبغ مشكلات عصبية تتجلى بضعف التوازن بين الجهاز العصبي والعضلي، وبالتالي صعوبة الحركة وتباطؤ ردود الأفعال لدى المريض.
  • تظهر التهابات واضحة في العين، لا سيما منطقة القرنية والجفون، والتي تؤدي إلى تساقط الرموش وتغير لون الجفن وملمسه بشكلٍ غريب.
  • يؤدي مرض أطفال القمر أيضًا إلى مشاكل في النمو، وتراجع في المهارات العقلية والفكرية وذلك عند البعض من الأطفال المصابين.

اقرأ أيضًا: ما أعراض مرض الصدفية

مضاعفات الإصابة بمرض أطفال القمر

يشهد بعض المصابين بمرض أطفال القمر تفاقمًا ملحوظًا في حالتهم الصحية. كما يترافق هذا الأمر بجملةٍ من المضاعفات والتداعيات الخطرة للمرض، والمتمثلة فيما يلي:

  • تطور مرض أطفال القمر إلى سرطان الجلد.
  • حدوث تشوهات عصبية بالغة الخطورة على الحركة والنمو.
  • احتمالية الإصابة بالأورام الخبيثة بنسبة عالية جدا.
  • مشاكل خطيرة في العين، لا سيما سرطان العيون.
  • صعوبات في البلع نتيجة النوبات التشنجية التي تصيب المريض.
  • فقدان السمع بشكل كلي.

اقرأ أيضًا: الأمراض الجلدية الأكثر شيوعا في الصيف

العوامل المسببة لمرض جفاف الجلد المصطبغ

بعد أن عرفنا كيف يعيش المصابون بمرض أطفال القمر؟ وكذلك استعرضنا أبرز أعراضه، من الضروري لنا معرفة الأسباب المؤدية للإصابة به. وهي كالتالي:

  • أكدت غالبية الدراسات الطبيّة التي أجريت حول أطفال القمر أن زواج الأقارب؛ هو العامل الرئيسي للإصابة بالمرض. كما ويكون الطفل عرضةً لخطر هذا المرض في حال كان أحد أبويه أو كلاهما مصابًا به أو حاملًا له.
  • وفي ضوء ذلك لكي يصاب الطفل بهذا المرض؛ يجب أن يحمل نسختين من الصبغي المسبّب له، واحدٌ من الأب والثاني من الأم. كذلك تؤدي أشعة الشمس فوق البنفسجية التي يتعرض لها الطفل إلى تدمير المادة الوراثية DNA في خلايا الجلد، ومن ثم يقوم الجسم بإصلاح الخلل في الوضع الطبيعي. لكن في حالة مرضى جفاف الجلد الاصطباغي فإن الجسم لا يقوم بإصلاح هذا الضرر، وكنتيجة لذلك يصبح الجلد رقيقًا وتظهر عليه بقع متغيرة اللون والمظهر. ومن الجدير بالذكر أن شدة الحروق الشمسية وتحول المرض إلى سرطان جلدي يتفاوت من طفل لآخر.

اقرأ أيضًا: ما هو أمراض إنتانات وأورام الجلد

كيف يتم تشخيص مرض أطفال القمر

غالبًا ما يستبعد الطبيب المختص الحساسية الشديدة لأشعة الشمس عند تشخيص حالة المصابين بمرض أطفال القمر. ويعتمد في فحصه للمصاب على معاينة الأعراض الظاهرة عليه. وكذلك سؤاله عن تاريخ العائلة وعلاقته بالمرض. بالإضافةِ إلى طلب إجراء بعض التحاليل للدم أو اللعاب للتأكد من فحص الجينات والتي تُظهر بشكلٍ دقيق ما إذا كان الطفل مصابًا أم لا.

أيضًا في حال وجود تاريخ وراثي للمرض، يفضل أن تقوم الحامل بمراجعة الطبيب المختص لإجراء فحوصات وتحاليل خاصة للتأكد فيما إذا كان الجنين حاملًا للمرض أو غيره من الأمراض الوراثية الأخرى.

اقرأ أيضًا: أسباب مرض البهاق وطرق العلاج

نصائح وقائية للمصابين بمرض أطفال القمر

في الواقع حتى اليوم لم يتوفر علاجٌ شافٍ للمصابين بمرض جفاف الجلد المصطبغ المزمن. لكن من الممكن اتباع بعض الإجراءات والإرشادات. والتي تساهم في تخفيف أعراض هذا المرض والتحكم بعدم تطورها بشكلٍ سريعٍ وخطير. ومن هذه النصائح نذكر التالي:

  • الابتعاد عن أشعة الشمس قدر المستطاع.
  • ارتداء ملابس خاصة وقائية عند الاضطرار للخروج نهارًا، وذلك بأكمامٍ طويلة وسراويل فضفاضة وأيضًا قبعات بحوافٍ واسعة تحمي من الشمس.
  • وضع كريم الوقاية الشمس واسع الطيف.
  • استخدام النظارات التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية.
  • تجنب التعرض للأضواء الاصطناعية التي تنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية.

اقرأ أيضًا: كيف نعالج مرض الصدفية

وفي ختام سطورنا هذه، نتمنى أن نكون قد قدمنا إجابةً واضحة وشافية فيما يخص حياة المصابين بمرض أطفال القمر. وكل ما يتعلق بهذا الاضطراب الجيني من أسبابٍ وأعراض وسبل وقائية. وذلك من خلال تسليط الضوء على فئةٍ من البشر ربما تعيش بيننا. لكنها تصارع الضوء وتعقد هدنةً مع  الظلام من دون أن نعلم شيئًا عن معاناتها فيما مضى.