القولون الهضمي أحد المشاكل الشائعة واسعة الانتشار بين الناس على اختلاف حالاتهم. ولذلك يبحث الكثير منهم عن أسبابها ويسعون للتخلص منها لما تسببه لهم من إزعاج. فهل عانيت يومًا من هذه الحالة وتساءلت عن علاجها؟ سنتحدث في مقالنا اليوم عن اضطرابات الكولون الهضمي التي تعتبر من أشيع الاضطرابات الهضمية.

يعاني العديد من الناس من المشاكل الهضمية المختلفة من الحرقة المعدية إلى القرحات الهضمية وغيرها. وقد تكون هذه الاضطرابات بسيطة وعابرة لا تحتاج لأي علاج دوائي. في حين أن بعض الأمراض الهضمية يحتاج لجراحات ضرورية وقد يكون المريض بحاجة لرعاية صحية خاصة مدى الحياة.

وعلى اختلاف شكايات المرضى الهضمية إلا أن عددًا كبيرًا منهم يعاني من أعراض مزعجة للغاية تؤثر على نشاطاته اليومية. لكنه قد اختار التعايش مع هذه الاضطرابات واستسلم لها ظنًا منه أن لا تشخيص لها ولا علاج. وهذا حال أغلبية مرضى تشنج القولون الهضمي، فما هو هذا الاضطراب الذي يؤرق الكثيرين ويسبب لهم معاناة لا يستهان بها؟

معنى قولون هضمي

القولون هو جزء من جهاز الهضم المسمى بالأمعاء الغليظة والذي يعمل على إعادة امتصاص الماء قبل طرح فضلات الهضم. يتكون القولون من عضلات ملساء فهو بذلك لا يتبع في عمله لإرادة الإنسان وإنما يتحكم بعمله الجهاز العصبي الإعاشي.

يسبب تشنج هذه العضلات خلل في إعادة امتصاص الماء ويتسبب بحالة تعرف طبيًا بمتلازمة الأمعاء الهيوجة وتسمى أيضًا القولون العصبي أو الهضمي. تتعدد التسميات لهذه الحالة المزعجة التي تتلخص بتشنج في عضلات الأمعاء الغليظة مسببةً عددًا من الأعراض المتنوعة والتي تختلف بين شخص وآخر. ولكن ما يميز هذه الحالة أنها اضطراب وظيفي في الأمعاء الغليظة، أي أنها ليست حالة التهابية أو انتانية.

تختلف أعراض متلازمة الأمعاء الهيوجة من شخص لآخر وتختلف شدة تأثيرها على حياة المرضى. حيث يمكن في كثير من الأحيان أن تكون سببًا لتراجع حياة المريض الاجتماعية. لأنه يضطر للانسحاب من التجمعات بسبب سيطرة الأعراض المزعجة عليه والتي يمكن أن تكون محرجة أيضًا في بعض الأحيان. ولكن على الرغم من ذلك فإن هذه المتلازمة لا تشكل خطرًا على حياة المريض. ولا تسبب له ضرر بنيوي، وإنما يكون تأثيرها وظيفيًا فقط.

أسباب تشنج القولون

لم يتم تحديد سبب واضح لحدوث متلازمة الأمعاء الهيوجة (القولون العصبي)، ولكن تمت ملاحظة ظهور الأعراض بسبب مهيجات مختلفة، ومع ذلك لا تظهر الأعراض دائمًا بعد التعرض للمهيجات المعتادة، ويمكن أن تظهر دون التعرض لأي مهيج، لذلك تعتبر هذه المتلازمة حالة معقدة وغير مفهومة بدقة.

بعض المرضى يصابون بالتوعك والتقلصات المؤلمة بعد تناول أطعمة معينة ومنها الأطعمة كثيرة الدسم أو الطماطم المطبوخة والأطعمة المقلية أو التي تحتوي الكثير من التوابل. ولكن هذه الأطعمة ليست المهيجات الوحيدة حيث يمكن ألا تسبب أي أعراض لبعض المرضى في حين أنها تسبب أعراض شديدة للبعض الآخر.

الطقس البارد يمكن أن يحرض ظهور الأعراض ولكن بعض المرضى يتحرض ظهور الأعراض لديهم بعد التعرض للطقس المشمس والحار. وللحالة النفسية دور كبير لا يمكن إغفاله، حيث تتأزم حالة معظم المرضى بسبب القلق والتوتر، في حين أن الهدوء والراحة النفسية تترافق بغياب الأعراض.

أعراض متلازمة الأمعاء الهيوجة

باعتبار متلازمة الأمعاء الهيوجة اضطراب وظيفي في القولون فإن الأعراض الناتجة عنها أعراض هضمية كالإمساك والإسهال، في حين أن بعض المرضى يعانون من الإسهال والإمساك معًا بشكل متناوب عند تحرض الأعراض.

وفي بعض الحالات الخفيفة تقتصر الأعراض على الإحساس بالثقل في البطن والتطبل بسبب تجمع الغازات، ولكن في بعض الأحيان قد تكون التقلصات العضلية مؤلمة جدًا تمنع المريض من القيام بمهامه اليومية بشكل طبيعي. يمكن أن يكون الألم مستمرًا أو متقطعًا على شكل نوبات، وتختلف شدته حيث يمكن أن تتزايد أو تتناقص مع الوقت لتأخذ النوبات شكل أكثر ثباتًا من حيث الألم وتغيرات التبرز.

تشخيص متلازمة الأمعاء الهيوجة

يعتبر تشخيص متلازمة الأمعاء الهيوجة صعبًا بسبب تشابه أعراضها مع أعراض الكثير من الأمراض الهضمية. ولكن مع تكرر النوبات يستطيع الطبيب تشخيص المتلازمة من خلال القصة السريرية ومع ذلك فإنه يلجأ لنفي أي مرض آخر قبل تقرير تشخيصه.

يعتمد الأطباء عند تشخيص متلازمة الأمعاء الهيوجة على معايير موحدة تدعى معايير روما، والتي تشمل الألم البطني الذي يعاني منه المريض ليوم واحد على الأقل في الأسبوع في الشهور الثلاث الأخيرة قبل الفحص، بالإضافة لكون هذا الألم مرتبط مع التبرز والتغيرات الحاصلة في عدد مرات التبرز وقوام البراز.

مرضى القولون العصبي يبدون بصحة جيدة ولا يعانون من حمى أو نزف الأطباء تحاليل دموية وصور شعاعية لنفي الأمراض الهضمية الأخرى وأهمها داء كرون والتهاب الكولون التقرحي.

كيف يمكن أن تتخلص من أعراض القولون العصبي

الخطوة الأولى لتخفيف أعراض وتكرار نوبات تشنج القولون العصبي هي ملاحظة المهيجات والابتعاد عنها، فعليك مراقبة غذائك لمعرفة الطعام المترافق بظهور الأعراض. بالإضافة إلى الظروف المحرضة لظهور النوبة هل هي الطقس وتقلباته أم التوتر والشدة النفسية.

بعد تحديد المهيجات يمكن للمريض التأقلم مع تشنج القولون العصبي من خلال تجنب المهيجات قدر الإمكان. كما أن تغيير عادات الطعام يمكن أن يكون مفيدًا، كتناول الطعام بهدوء وبطء مع المضغ الجيد، والاعتماد على الوجبات الصغيرة المتعددة وليس على الوجبة الواحدة الدسمة.

وفي بعض الأحيان قد يلجأ الطبيب لوصف الأدوية لتخفيف الأعراض كمضادات التشنج، وينصح المريض بالراحة والإكثار من السوائل والابتعاد عن الأطعمة الدسمة خاصةً خلال النوبة.

تعد ممارسة الرياضة مفيدة جدًا لمرضى القولون العصبي لدورها في تنشيط الدورة الدموية مما يساهم في تحسين وظائف جميع أعضاء الجسم ومنها القولون، بالإضافة لدورها في تفريغ الطاقة السلبية وتحسين الحالة النفسية.

وعلى الرغم من كون القولون العصبي حالة مزعجة ويمكن أن تسبب ألمًا قد يخيف المريض، إلا أن المريض ذاته قادر على علاج نفسه بنفسه من خلال مراقبة وضعه والاعتماد على السلوك الصحي، فالقولون العصبي حالة تحتاج لهدوء المريض لا للتوتر والخوف.

 

يحتاج المرضى الذين يعانون من تكرار نوبات القولون العصبي إلى الدعم من وسطهم المحيط للتغلب على ما تسببه لهم هذه النوبات من حالات قد تصل للاكتئاب، لذلك يجب علينا مراعاة ظروف الآخرين فالمعاملة الحسنى حل ممتاز للعديد من المشاكل، وهي في متناول الجميع!