الأخطاء الانكسارية للعين. وهو ما يعرف طبيًا باضطرابات الانكسار هي أحد اضطرابات الرؤية الشائعة. فما المقصود بهذا الاضطراب وكيف يؤثر على صحة العين وعلى الرؤية السليمة؟ سنتعرف في مقال اليوم على اضطرابات الانكسار المختلفة وأساليب معالجتها وتصحيحها.

لكل جزء من عين الإنسان وظيفته الدقيقة والحساسة في عملية الإدراك البصري. ولذلك أي خلل في أي جزء من هذه الأجزاء يمكن أن يؤثر على الرؤية. ولفهم الخلل الحاصل في الاضطرابات الانكسارية في العين يجب أولًا فهم آلية عمل العين بأقسامها المختلفة.

مما تتكون العين

العين هي أحد أعقد أجزاء الجسم تكوينًا ووظيفةً، وتقع في تجويف الحجاج. وهو تجويف عظمي يضم العين إضافةً إلى الأعصاب والعضلات والأوعية الدموية. أول طبقات كرة العين هي الصلبة أو ما يعرف ببياض العين. وهي عبارة عن طبقة قاسية بيضاء اللون تكون الغلاف الخارجي لكرة العين.

تغطى الصلبة بطبقة رقيقة شفافة تسمى الملتحمة، وتغطي هذه الطبقة باطن الجفون لتصل إلى حواف القرنية. بينما تكون القرنية طبقة منحنية ورائقة تشكل غلاف لكل من البؤبؤ والقزحية. كما تلعب دورًا هامًا في تركيز الأشعة الضوئية الواردة إلى العين لتوصلها إلى الشبكية. والشبكية هي المنطقة التي تحتوي الخلايا الحساسة للضوء أي المستقبلات الضوئية بنوعيها. بالإضافة إلى الأوعية الدموية، وتحتوي هذه المنطقة بعض النقاط المميزة من حيث كثافة المستقبلات الضوئية ونوعها.

كيف تحصل الأخطاء الانكسارية للعين

في الحالة الطبيعية، تلعب كل من القرنية وعدسة العين دورًا هامًا لتحقيق انكسار الضوء الوارد من الوسط المحيط إلى العين. حيث ينتج عن انكسار الضوء عبر كل منهما وصول الصورة إلى الشبكية بشكل سليم، وهو أمر ضروري في عملية الإبصار. بحيث تساعد مرونة عدسة العين على تحقيق وظيفتها من خلال تغيير شكلها لتدرك الأجسام البعيدة والقريبة.

ما يحدث في الأخطاء الانكسارية للعين هو خلل في قدرة القرنية أو العدسة على تركيز الأشعة الضوئية على شبكية العين. وهذا ما يسبب خللًا في الرؤية يتمثل بعدم وضوحها أو تشوشها، أو قد تعجز العين عن إبصار الأجسام القريبة أو البعيدة بشكل واضح. يمكن أن تحصل هذه الأخطاء أو اضطرابات الانكسار نتيجة تشوه في شكل القرنية أو العدسة. أو خلل يصبهما سواءً بسبب التقدم في السن أو بسبب الإصابات والأمراض المختلفة.

قصر النظر ومد النظر

قصر النظر ومد النظر هما أحد الأخطاء الانكسارية للعين، ويعاني المريض فيهما من صعوبة التركيز على الأجسام من مسافات مختلفة. حيث ينجم قصر النظر عن التفاوت بين طول كرة العين الكبير والقدرة الانكسارية المحدودة لكل من القرنية والعدسة. وينتج عن ذلك توضع الأشعة الضوئية المنكسرة من خلال القرنية والعدسة أمام شبكية العين. وبالتالي لا تستطيع المستقبلات الضوئية الموجودة في شبكية العين الاستفادة من هذه الأشعة لخلق صورة واضحة. يعاني المريض في هذه الحالة من صعوبة في رؤية الأجسام البعيدة.

أما في حالة مد النظر فيتمثل الخطأ الانكساري بتوضع الأشعة الضوئية المنكسرة خلف الشبكية مما ينتج عنه صعوبة في رؤية الأجسام القريبة. أما في حال كانت العدسة محتفظة بمرونتها فقد لا تظهر الصعوبة في رؤية الأجسام القريبة خاصةً عند الأطفال والشباب، ولكن مع التقدم في السن تقل مرونة العدسة وتصبح رؤية الأجسام القريبة أصعب، كما يمكن أن تتأثر رؤية الأجسام البعيدة مع مرور الوقت، بالإضافة إلى تأثير ظروف الإضاءة السيئة على الصحة العينية،حيث تتفاقم المشاكل في الإضاءة الخافتة.

الأخطاء الانكسارية للعين الناجمة عن خلل العدسة

يمكن لمشاكل العدسة (سواءً كانت خلقية أو مكتسبة) أن تساهم في حدوث الأخطاء الانكسارية للعين، حيث تلعب العدسة بسبب موقعها ومرونتها دورًا مهمًا في تحقيق الانكسار الأمثل للأشعة الضوئية الواردة من الوسط المحيط إلى الشبكية.

حالة انعدام العدسة وهي حالة غياب العدسة من العين وتكون في بعض الأحيان ناجمة عن تشوه خلقي وفي أحيان أخرى تنجم عن إصابة عدسة العين، أو نتيجة الجراحة العينية في إطار معالجة الساد.

كما أن مرونة العدسة تبدأ بالتراجع عند بلوغ سن الأربعين، فتضعف قدرتها على تغيير شكلها لتدرك الأجسام الواقعة على بعد مسافات مختلفة. تعرف هذه الحالة بمد النظر الشيخي وغالبًا ما يعاني المصابون بهذه الحالة من صعوبة رؤية الأجسام القريبة وتزداد هذه الصعوبة مع التقدم في السن في حال لم يتم تصحيحها.

علاج اضطرابات الانكسار

يعتمد العلاج على نوع الخطأ الانكساري وحالة الشخص الصحية والاجتماعية، لذلك يلعب التشخيص المبكر للأخطاء الانكسارية دورًا هامًا في منع تفاقم الحالة وانتقاء الوسيلة العلاجية الأنسب، حيث تتضمن الخيارات العلاجية كل من النظارات الطبية والعدسات اللاصقة والجراحات العينية والليزر.

تقوم العدسات باختلاف نوعيتها (العدسات المستخدمة في النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة) بنفس الوظيفة لتصحيح الأخطاء الانكسارية للعين. ويعتمد اختيار أحد النوعين السابقين على تفضيلات المريض والمخاطر المحتملة للاستخدام بالإضافة إلى التكلفة المادية.

قد تكون العدسات زجاجية أو بلاستيكية والعدسات الزجاجية مفضلة كونها أكثر متانة وأكثر مقاومة للخدوش. يمكن أن تحتوي النظارة الطبية أكثر من نوع من العدسات ضمن العدسة الواحدة منها، وذلك لتصحيح الرؤية من مسافات مختلفة، سواءً المسافات البعيدة أو القريبة أو المتوسطة.

جراحة أخطاء الانكسار هي عملية تهدف لتصحيح العديد من أخطاء العين الانكسارية بما يتضمن قصر النظر ومد النطر واللابؤرية. ولكن لا يناسب هذا النوع من الجراحات جميع المرضى، بالرغم من كونه جراحة بسيطة لا تتطلب وقتًا طويلًا ويتعافى المريض بعدها بوقت قصير. يتم في هذه الجراحة إعادة تشكيل طبقة القرنية لتتمكن من تركيز الضوء على الشبكية بالشكل المطلوب، مما يلغي الحاجة لاستخدام النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة.

يجب نشر الوعي حول ضرورة القيام بالفحوصات العينية بشكل دوري حتى لو لم يعاني الشخص من أعراض مزعجة، وخاصةً خلال مرحلة الطفولة لأن هذه الفحوصات تضمن الكشف المبكر عن أي خلل في الرؤية مما يمنع تفاقمه، فزيارة طبيب العيون مرة سنويًا سوف تجنبك الكثير من المشاكل مستقبلًا!