يُشكل سكر الغلوكوز الوقود الأساسي اللازم لخلايا الجسم لإجراء وظائفها، وكغيره من العناصر والمواد في الجسم، يجب أن يحافظ على معدل السكر الطبيعي في الدم. تستخدم خلايا الجسم السكر لإنتاج الطاقة اللازمة لإجراء وظائفها عبر مجموعة متتالية من التفاعلات المعقدة. إن خروج تركيز السكر في الدم عن المجال الطبيعي بالزيادة أو النقصان يؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرة، لذا من المهم الإسراع بكشف المشكلة عند ظهور أي من أعراض الانخفاض أو الارتفاع عن المعدل الطبيعي في الدم.
تعد اضطرابات سكر الدم من أكثر المشاكل الصحية انتشارًا في عصرنا الحالي، وينجم عن إهمالها العديد من المشاكل الأخرى في أجزاء مختلفة من الجسم. لذلك سنتحدث في هذا المقال عن سكر الدم، ما هو المعدل الطبيعي؟ وما الأعراض المتوقعة نتيجة لانخفاضه أو ارتفاعه.

معدل السكر الطبيعي في الدم

يمكن قياس معدل السكر في الدم بعد صيام ثمان ساعات متتالية، أو بعد الطعام، أو بعد الوجبة بساعتين. ويكون التركيز المثالي للسكر في الدم بعد صيام ثمان ساعات أقل من 100 ملغ/دل. ولكن يجب أن نبقي في أذهاننا بأنّ العديد من العوامل تؤثر على تركيز السكر في الدم خلال النهار، على سبيل المثال:

  • نوعية الطعام المتناول، وكميته ومتى تناولته.
  • العمر والنشاط الفيزيائي.
  • بعض الأمراض والتوتر.
  • الكحول وبعض الأدوية.
  • التجفاف.
  • الدورة الطمثية والحمل.

فيما يلي نورد المجال الطبيعي لتركيز السكر في الدم في الأوقات المختلفة خلال النهار:

سكر الدم الصيامي

وهو تركيز سكر الدم المقاس بعد صيام 8 ساعات متتالية، ويجب أن يكون أقل من 100 ملغ/دل كما ذكرنا سابقًا.

فحص سكر الدم العشوائي

يفاس التركيز في وقت عشوائي بغض النظر عن زمن تناول آخر وجبة، ويجب أن يكون أقل من 200 ملغ/دل.

تركيز السكر في الدم بعد تناول الطعام بساعتين

لكي يكون التركيز في هذه الحالة طبيعيًّا يجب ألا يزيد عن 140 ملغ/دل. وبعد التعرف إلى معدل السكر الطبيعي في الدم، يجب أن نعرف أهم أعراض ارتفاع وانخفاض السكر في الدم. حيثُ أن كلتا الحالتين تتطلبان تدخلًا مناسبًا قبل حدوث المضاعفات.

أهم أعراض ارتفاع تركيز السكر في الدم

يرتفع سكر الدم عندما لا يفرز الجسم كميةً كافيةً من الأنسولين أو لا يتمكن من الاستفادة بشكل كامل من الأنسولين المُفرز. يمكن أن تسبب عدة عوامل ارتفاع سكر الدم، ومنها الداء السكري، التوتر وبعض الأمراض.
ومن أشيع الأعراض التي تشير إلى احتمالية ارتفاع سكر الدم:

  • التعب وصعوبة التركيز.
  • التبول المتكرر وازدياد العطش.
  • الصداع والرؤية المشوشة.
  • فقدان الوزن.

عند الشك بارتفاع سكر الدم يجب اللجوء إلى مقدمي الرعاية الصحية المتخصصين، حيثُ يمكن للطبيب تحديد سبب ارتفاع سكر الدم ووصف الأدوية أو الممارسات التي تساعد على خفضه.

أهم أعراض انخفاض تركيز السكر في الدم

يمكن أن يحدث انخفاض تركيز السكر في الدم بسبب عوامل عديدة منها:

  • الكحول وبعض الأدوية.
  • اضطرابات الغدد الصم.
  • اضطرابات الأكل.
  • مشاكل في الكبد، أو الكلية، أو القلب.

وفيما يلي نورد أشيع الأعراض المشاهدة عند انخفاض سكر الدم:

  • الدوار والدوخة.
  • الانزعاج والارتباك.
  • التوتر والارتجاف.
  • التعرق وارتفاع معدل ضربات القلب.
  • شحوب الجلد والشعور بالجوع.
  • الشعور بالنعاس، وقد تصل إلى الإغماء.
  • تنميل الشفتين.

عند الإحساس بأحد هذه الأعراض أو أكثر يجب التأكد من تركيز السكر في الدم، وذلك عن طريق جهاز قياس السكر. وإذا لم يكن الجهاز متوفرًا، يمكن أن يتناول الشخص المصاب بالأعراض قطعةً من السكر أو يشرب محلولًا سكريًّا للتخلص من الأعراض وتجنب المضاعفات.

الداء السكري وعلاقته بمعدل السكر في الدم

الداء السكري هو مجموعة من الاضطرابات الاستقلابية التي تتظاهر بشكل أساسي بارتفاع في معدل السكر في الدم. ويعتبر الشخص مصابًا بالداء السكري إذا ارتفع تركيز السكر الصيامي لديه عن 126 مغ/دل في قياسين منفصلين لتركيز السكر في الدم.
للداء السكري نمطان رئيسييان، يختلفان عن بعضهما بعمر البدء والعوامل المسببة:

الداء السكري من النمط الأول

غالبًا ما يشخّص النمط الأول عند الأطفال والمراهقين. وينجم عن اضطراب مناعي ذاتي يقود الخلايا المناعية لمهاجمة الخلايا المنتجة للأنسولين، الأمر الذي يؤدي إلى الغياب الكامل للانسولين في الدم. ويشكل المصابون بهذا النمط 5-10% من مرضى الداء السكري.

الداء السكري من النمط الثاني

في هذا النمط لا يتمكن الجسم من الاستفادة بشكل كامل من الأنسولين المفرز، وغالبًا ما يشخص عند البالغين والكبار. تتطور الأعراض في هذا النمط غالبًا بشكل بطيء وغير ملحوظ، لذا من المهم فحص سكر الدم بشكل دوري بحال امتلكت واحدًا أو أكثر من عوامل الخطورة. كما يشكل المصابون بهذا النمط 90-95% من مرضى الداء السكري.

عوامل الخطورة للإصابة بالداء السكري

  • كل من يتعدى مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديه القيمة 25 بغض النظر عن العمر. وخصوصًا إذا ترافق مع عوامل أخرى كارتفاع الضغط والشحوم، ونمط الحياة الخالي من النشاط الفيزيائي، ومن لديهم أقارب بدرجة عالية من القرابة مصابون بالداء السكري.
  • الذين تجاوزوا عمر الخامسة والأربعين يُنصَحون بفحص سكر الدم بشكل دوري.
  • النساء اللواتي أصبن بالسكري الحملي عليهن أن يجروا الفحوص التشخيصية كل ثلاث سنوات.
  • المشخصون بمرحلة ما قبل السكري عليهم إجراء الفحوص بشكل سنوي.

وختامًا، تترتب الكثير من المضاعفات على إهمال ضبط تركيز السكر في الدم ضمن المجال الطبيعي. وتصيب مختلف أعضاء الجسم مثل الكليتين والعيون. لذا من الضروري جدًّا أن يبادر كل من يمتلك عاملًا أو أكثر من عوامل الخطورة بإجراء الفحوص التشخيصية بشكل دوري، حيثُ أيعد الكشف المبكر من أهم العوامل المساهمة في تجنب التطور السريع للمضاعفات الناجمة عن هذا المرض. مع تمنياتنا لكم بدوام الصحة والعافية.