يعتبر داء السكري من أخطر الأمراض الاستقبالية التي تشهد ارتفاعاً مستمراً في نسبة الحدوث، يتسبب هذا المرض بارتفاع تركيز سكر الغلوكوز في الدم المحيطي وتكمن خطورته في المضاعفات الجهازية بعيدة المدى الناتجة عن ارتفاع تركيز السكر في الدم.
لفهم آلية حدوث الداء السكري سنبدأ بشرح عن كيفية تنظيم سكر الدم والهرمونات المسؤولة عن ذلك. يتم تنظيم تركيز السكر في الدم المحيطي بوساطة هرمونين أساسين يفرزان من الخلايا الصماوية الموجودة في البنكرياس، يقوم الهرمون الأول وهو الأنسولين بخفض تركيز السكر في الدم عن طريق إدخاله إلى الخلايا حيث يتم استهلاكه للحصول على طاقة أو يتم تخزينه كمصادر طاقة احتياطية يستخدمها الجسم عند الحاجة، يقوم الهرمون الثاني وهو الغلوكاغون برفع تركيز السكر في الدم، وفي حال الإصابة بالسكري يحدث خلل في هذا التنظيم ينتج عنه ارتفاع تركيز السكر في الدم.
هناك نمطان أساسيان للداء السكري هما:
السكري من النمط الأول: وهو مرض مناعي ذاتي، يحدث فيه تخرّب للخلايا المنتجة للانسولين، يشكل مرضى هذا النمط 10% من مرضى السكري ولا يوجد سبب واضح يؤدي للإصابة به ولكن النتيجة هي نقص إنتاج الانسولين وارتفاع تركيز السكر في الدم.
السكري من النمط الثاني: يفرز الجسم الانسولين في هذه الحالة بشكل طبيعي، ولكن توجد مقاومة محيطة تمنع الخلايا من الاستفادة منه.
على الرغم من اختلاف الأسباب وآلية حدوث الإصابة في كلا النمطين إلى أن الأعراض والمضاعفات هي نفسها تقريباً، وبسبب خطورة هذا المرض من المهم جداً كشفه في مراحله المبكرة وعلاجه بشكل مضبوط لتفادي حدوث المضاعفات الخطرة، سنذكر في الفقرة التالية أهم الأعراض الأولية للإصابة بالسكري.

أعراض مرض السكري في بدايته

قد تكون الأعراض في بداية المرض غير كافية للكشف عنه، وقد يغفل عنها معظم المرضى، لا يكتشف معظم المرضى إصابتهم حتى مرحلة تشكل الاختلاطات الضارة وغير العكوسة، ومن هنا تنبع أهمية معرفة أعراض السكري المبكرة وهي:
الإحساس بالجوع والتعب المستمر: وذلك نتيجة غياب الإنسولين الذي يقوم في الحالة الطبيعية بتزويد الخلايا بالطاقة على شكل سكر الغلكوز، وفي حال الإصابة بالسكري يبقى السكر في الدم المحيطي ولا تستفاد منه الخلايا ويستمر أخساسك بالجوع والتعب رغم تناول الطعام.
كثرة عدد مرات التبول والإحساس بالعطش: يحتاج مرضى السكري إلى الدخول إلى الحمام أكثر من الأشخاص العاديين نتيجة قيام الكليتين بطرح الكميات الزائدة من الجلوكوز الموجودة في الدم المحطيي وزيادة إفراز البول، ونتيجة لفقد كمية كبيرة من السوائل مع البول يشعر الإنسان بالعطش والجفاف بشكل مستمر.
جفاف الفم وحكة الجلد: يحدث أيضاً نتيجة خسارة السوائل بشكل كبير أثناء التبول، يؤدي ذلك إلى حدوث التجفاف الذي يتظاهر بجفاف الفم والأغشية المخاطية والبشرة، يؤدي جفاف البشرة إلى تهيجها وتحريض الإحساس بالحكة.
تشوش الرؤية أو الرؤية الضبابية: يحدث نتيجة اضطراب مستوى السوائل في الجسم وانتفاخ عدسة العين.
تحدث أعراض الإصابة بالسكري من النمط الأول بسرعة ويحدث فقدان وزن سريع وتتطور الإصابة خلال بضعة أيام إلى عدة أسابيع، بينما تكون الإصابة بالسكري من النمط الثاني أكثر بطئاً وتظهر الأعراض بشكل تدريجي.

الوقاية من مرض السكري

لا يمكن الوقاية من السكري من النمط الأول كونه ناتج عن خلل في عمل الجهاز المناعي ولا يمكن التنبؤ به، أما السكري من النمط الثاني فقد قام العلماء بتحديد العديد من عوامل الخطر التي تساهم في الإصابة ويمكن الوقاية منها عن طريق تغيير نمط الحياة.
تتضمن أهم التغييرات الحياتية للوقاية من مرض السكري القيام بكل من:
الالتزام بممارسة النشاط الفيزيائي المنتظم عدة مرات أسبوعياُ، وخاصة التمارين الهوائية مثل المشي أو ركوب الدراجة الهوائية.
فقدان الوزن والوصول إلى وزن جسم مثالي.
تناول المزيد من الألياف والخضروات ضمن النظام الغذائي وتقليل الكربوهيدرات والدهون المشبعة

مضاعفات مرض السكري البعيدة المدى

يعد استمرار ارتفاع تركيز السكر في الدم، وعدم ضبطه مسؤولاً عن إحداث الكثير من التأثيرات الجهازية الضارة والخطيرة وخاصة في حال الإصابة بالسكري من النمط الثاني،وتشمل أهم هذه المضاعفات:
اعتلال الأعصاب وفقدان الإحساس في بعض المناطق من الجسم.
اعتلال الأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة.
الإصابة بالمرض القلبي الوعائي والسكتة الدماغية.
القصور الكلوي وتراجع وظيفة الكليتين.
إصابة الشبكية وفقدان الرؤية.
إصابات القدم كالجروح والحروق والإصابات الفطرية صعبة الشفاء.
الإصابات الفطرية الجلدية المتكررة والناكسة.
الاكتئاب.
الخرف.