يطرقُ فصلُ الشتاءِ أبواب حياتنا بقوَّةٍ في كلِّ عامٍ حاملًا معهُ العديد من الفوائد والخيرات للطبيعة والمخلوقات، ولكنَّ نسماته الباردة ورطوبته الجوية العالية تُسببُ القلقَ والخوف من انتشار الكثير من الأمراض بسبب ضعف استجابة الجهاز المناعي وسهولة تكاثر وانتشار الجراثيم والفيروسات خلال هذه الفترة، وعند تساؤلك عن أهم الأمراض الشتوية وطُرق الوقاية منها ستجدُ الإجابة الوافية والمفيدة في هذا المقال.

 

 

الأمراض الشتوية الشائعة

إن من أكثر أمراض الشتاء شيوعًا تلك التي تُصيبُ الجهاز التنفسي بقسميه العلوي والسُّفليّ وتتسببُ بأعراضَ تنفسيةٍ مزعجةٍ تختلف خطورتها من مرضٍ لآخرَ، بالإضافة إلى بعض الأمراض الوعائية والجلدية، ومن أهم هذه الأمراض:

الإنفلونزا:

وهو مرضٌ تنفسيٌّ تُسبّبهُ عدّةُ أنماطٍ من الفيروسات، وتكثر الإصابة به مع بداية فصل الشتاء بسبب التَّقلُّبات المُفاجئة للطقس، وتتجلى أعراضه بالحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم التي قد تصلُ إلى 40ْ مئوية والصداع والآلام العضلية والمفصلية والوهن العام وفقدان الشهية والسُّعال الجاف غير المُنتج للقشع الذي يُمكنُ أن يتسبب بآلامٍ في الصدر وصعوبةٍ في التنفس، كما يُمكنُ أن تحدث تقرُّحاتٌ في الحلق تُسببُ آلامًا مُوضّعةً وصعوبةً في البلع، بالإضافة إلى سيلان الأنف وزيادة الإفرازات المُخاطية. ومن المُهم معرفةُ أن تناول المُضادَّات الحيوية لا يُفيدُ في علاج هذا المرض لأن عملها يقتصرُ على مُحاربة الجراثيم وليس الفيروسات، وإن استخدام المُضادات الحيوية واسعة الطيف لعلاج الإنفلونزا سيزيدُ الطين بلّةً وسيتسببُ بإضعاف الجهاز المناعي وتأخير الشفاء.

الزُكام أو الرشح:

ويتمثل بالتهابٍ في الأغشية المُخاطية في الأنف والحنجرة والبلعوم بسبب فيروسٍ يُفضِّلُ إصابة الأطفال دون الخامسة من العمر، وتُعتبر أعراضه شبيهةً بأعراض الإنفلونزا ولكنها أقلّ شدَّةً منها، ويتميز الرشح بازدياد العطس واحتقان الجيوب الأنفية، ويتم الشفاء خلال فترةٍ زمنيةٍ أقلّ.

التهاب الأذن الوسطى:

وتكثر الإصابة به عند الأطفال بعد التهاب البلعوم أو الحلق المُتكرر؛ بسبب قِصَر قناة نفير أوستاش الواصلة بين البلعوم والأذن الوُسطى لديهم مما يُؤمِّنُ طريقًا سهلًا لانتقال البكتريا والفيروسات المُسبّبة للالتهاب، وتتجلّى أعراض هذا المرض الشتويّ بآلامٍ بالأذن وارتفاعٍ بدرجة حرارة الجسم واحتقانٍ بالأذن وخروج سائلٍ أصفرَ منها والبكاء الزائد خاصّةً أثناء الرضاعة، ويُفضَّل مُراجعة الطبيب على الفور بسبب خطورة المُضاعفات.

التهاب اللوزتين:

وهو من الأمراض الشتوية التي تُسببها الجراثيم العُقدية أو بعض أنواع الفيروسات، وتتجلى أعراضه باحمرار اللوزتين وتضخمهما وتشكُّل صديدٍ على سطحهما الخارجيّ، بالإضافة إلى آلامٍ في الحلق وعضلات الجسم أو آلامٍ في البطن خاصةً عند الأطفال، ولا يُمكن أن ننسى ذكر ارتفاع درجة حرارة الجسم وحدوث الصداع وصعوبة البلع، وتكمن خطورة التهاب اللوزتين بما قد تُحدثه من مضاعفاتٍ كالحمى الروماتيزمية في القلب أو المفاصل والتهاب الكلى وإضعاف مناعة الجسم.

التهاب الحنجرة:

ينتج عن عدوىً فيروسيةٍ أو جرثوميةٍ تُسبّبُ التهاب الغشاء المُخاطي المُبطِّنِ للحنجرة؛ مما يؤدي إلى احمرارٍ واحتقانٍ في الحنجرة وصعوبةٍ في البلع والتنفس وسعالٍ جافٍ وتغيُّرٍ في الصوت وارتفاعٍ في درجة حرارة الجسم.

ذات الرئة:

وهي ناتجةٌ عن إصابةٍ جرثوميةٍ تتسببُ بالتهاب الرئتين؛ الذي تتجلى أعراضه بارتفاع درجة الحرارة والسعال وفقدان الشهية والصفير وصعوبة التنفس مما يُؤدّي لزيادة سرعته، وهي تُعتبر من أكثر أمراض الشتاءِ خطورةً لما تُسببه من مُضاعفاتٍ خطيرةٍ كالتهاب السحايا وقد تنتهي بالوفاة خاصةً لدى الأطفال دون عمر السنة.

عضة البرد أو عضة الصقيع أو التثليج:

وهي مرضٌ ينتج عن تعرُّضِ أجزاءٍ من الجسم لدرجات الحرارة شديدة الانخفاض؛ كما عند لمس الثلج أو لمس المعادن أو السوائل المتجمدة أو التواجد بالتيارات الباردة لفترةٍ طويلةٍ؛ مما يتسبُّب بتضيُّق الأوعية الدموية ونقص تزويد الأطراف بالدم؛ وهذا ما يُسبب أعراضًا تتجلى بتغيُّر لون المنطقة المتأذية وشحوبها أو احمرارها والشعور بالخدر والتنميل بها وإصابتها بالتصلب والقساوة والألم والتورُّم، ويُصنَّف هذا المرض إلى درجاتٍ حسب طبقة الجلد المُصابة.

طرق الوقاية من الأمراض الشتوية

إن قراءة ما سبق من الأمراض قد تُصيبك بالذعر قليلًا، لذلك من المفيد أن تعلم أن هنالك طرقًا للوقاية من الأمراض الشتوية سأُطلعك عليها من خلال الآتي:

  • عدم مخالطة المُصابين بأمراضٍ تنفسيةٍ، وتجنُّب استخدام أدواتهم الشخصية والاحتكاك بإفرازاتهم.
  • إتباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ غنيٍ بالفيتامينات والمعادن التي تضمن تقوية الجهاز المناعي وحماية الجسم من العديد من الأمراض الهضمية والعصبية والدموية وغيرها، والإكثار من تناول الفواكه والخضار الطازجة والنظيفة.
  • الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل الأيدي جيّدًا بالماء والصابون، والالتزام بتهوية الغرف بشكلٍ يوميٍّ وتنظيفها.
  • تجنُّب لمس العيون والأنف والفم عند القيام بأيّ عملٍ وخاصةً خارج المنزل.
  • تجنُّب التعرُّض للتيارات الهوائية المُفاجئة والمُتغيرة بين برودةٍ وسخونةٍ.
  • الامتناع عن التدخين بأنواعه والابتعاد عن المُدخنين وخاصة في الأماكن المُغلقة أو المُزدحمة.
  • الحصول على القدر الكافي من الراحة والنوم السليم الذي يتراوح بين 7 و9 ساعاتٍ ليلًا.
  • مُمارسة التمارين الرياضية بانتظامٍ وخصوصًا المشي غير المُرهِق الذي يُحسِّن العملية التنفسية ويُنشِّط الدورة الدموية.
  • تدفئة الجسم جيّدًا وخاصةً الأطراف، وتقليل الخروج في الظروف الجوية الباردة.
  • الإكثار من تناول السوائل الساخنة.
  • مراجعة الطبيب عند الإحساس بأعراضٍ مُزعجةٍ، وعدم تناول الأدوية وخاصةً المضادات الحيوية بشكلٍ عشوائيٍّ.
  • يُنصح بأخذ اللقاح المُضاد لفيروسات الإنفلونزا سنويًا وخاصّةً بالنسبة للمرضى مُضعفي المناعة كالكبار بالسن ومرضى الإيدز والسرطان وغيرهم.

إن الأمراض الشتوية شائعة الحدوث وقد تُسبب الكثير من القلق وتكثر حولها الشائعات والخرافات، لكنها في النهاية ليست مستحيلة الشفاء وكلُّ ما يتطلبه الأمر القليلَ من الصبر وتقويةَ الجهاز المناعي.