مرض الزهري الخلقي، هو عبارة عن مرض يصيب الإنسان في المرحلة الجنينية (أي ما قبل الحياة). أثناء تواجده ضمن رحم الأم، وذلك بحسب دراسات منظمة الصحة العالمية. حيث تنتقل الجرثومة المسببة لهذا المرض من الأم المصابة والتي لم تعالج بالشكل المناسب. وتكون الأم قادرة على نقل المرض للجنين خلال الحمل، سواء ظهرت عليها أعراض المرض أم لم تظهر، وهذا قد يؤدي إلى موت الجنين أي الإجهاض. أو ولادة طفل مصاب وتظهر عليه الأعراض، أو طفل مصاب ولا تظهر عليه الأعراض. ويبقى المرض خفي مع تطوّره، فالزهري الخلقي يشخّص في مراحل مختلفة من العمر.

أسباب الإصابة بالزهري الخلقي

تسبّبه جرثومة تدعى اللولبيّة الشّاحبة pallidum Treponema، وهي من الجراثيم سلبيّة الغرام من الملتويات. تنتقل من الأم المصابة إلى الجنين عبر المشيمة من خلال الأوعية الدّمويّة فيها أثناء الحمل، أو أثناء الولادة. وخاصة خلال المراحل الأولى من إصابة الأم، وإذا كانت الأم مصابة بالزهري وتلّقت العلاج فيكون طفلها سليم، لذلك يجب مراقبة الجنين خلال الحمل وفي المستقبل لكشف المرض. ويكون الأطفال معرضين لخطر الإصابة في حال كانت المرأة مصابة قبل حدوث الحمل، أو في حال تشخيص الإصابة في مرحلة متأخرة أثناء الحمل، وفي حال كون الأم مصابة بالزهري الخلقي. تزداد إصابات النّساء الحوامل في الوقت الّراهن، وهذا ما ينجم عنه أعداد كبيرة من الأطفال المصابين بالزهري الخلقي، بالرّغم من أنّ حوالي نصف الأطفال المصابين يموتون قبل الولادة أو بعدها بقليل.

أعراض مرض الزهري الخلقي

من الضروري معرفة الأعراض في حال كون الأم مصابة لاتّخاذ إجراءات تزيد فرصة ولادة طفل سليم. ومعرفة شدّة الإصابة، وتختلف الأعراض حسب العمر الذي يظهر فيه المرض، ويصنّف إلى مرض زهري خلقي مبكر ومرض زهري خلقي متأخر بالإضافة إلى مرض زهري خلقي خفي.

تشخيص الزهري الخلقي

  • في حال الشكّ بالإصابة أثناء الولادة فيتم فحص المشيمة، أو فحص الرضيع حديث الولادة من خلال وجود بعض الأعراض كضخامة الكبد والطّحال. وفحصه من قبل الأطباء المختصين بالعيون والأعصاب والأذن والأنف. وإجراء تحاليل دم، والبزل القطني، وإجراء الفحص المجهري للكشف عن جرثومة اللولبيّة الشّاحبة.
  • إجراء اختبار الأضداد: ومنها أضداد IgG  للأم والرضيع، وتتأكد الإصابة بالزهري الخلقي. إذا كانت أضداد الطّفل أكثر من أضداد الأم. وكذلك فإنّ وجود أضداد IgM في دم الرّضيع يعتبر تأكيداً للإصابة.
  • إجراء اختبار للسائل النخاعي الشّوكي، ففي حال كثرة الخلايا تكون الإصابة محتملة.
  • وفي حال تشخيص الإصابة لدى الأم أثناء الحمل، يجب إجراء فحص للجنين داخل الرّحم.ويكون ذلك بالأشعة السينيّة، التي تكشف المرض في الشهر الخامس أو السّادس وذلك من خلال كشف التهاب العظم وهشاشته.

مرض الزهري الخلقي المبكر

ويكون عند حدوث العدوى أثناء الحمل، ويحدث للأطفال حديثي الولادة حتى عمر السنتين، وهذا يؤدي إلى:

موت الجنين داخل الرحم. أو ولادة الطفل قبل موعده، مع أعراض تشمل ضخامة في الكبد والطحال، والتهاب العظام وهشاشتها، ومشاكل عصبيةّ وتلف في الدماغ، ويكون الجنين حجمه كبير لكن وزنه صغير، ومصاب بقرحة معدية وطفح جلدي فقاعي وخاصة في الفم والأعضاء التناسليّة، وفشل في النمو. من الممكن أن لا تظهر الأعراض في البداية ويتم الكشف عنها خلال الفحص، ومن الضروري العلاج الفوري. وكذلك من الممكن للعدوى أن تحدث أثناء الولادة.

مرض الزهري الخلقي المتأخّر

يحدث للأطفال من عمر السنتين أو أكبر، وحتى في مرحلة المراهقة دون أن يكتشف في المرحلة المبكرة، أو في حال علاج الحالة بشكل غير مناسب، ومن أعراضه:

  • تشوّهات الوجه، وذلك ببروز الجبهة، تآكل عظم الأنف فيصبح سرجيّ الشّكل، بروز الفك السّفلي، تأخّر تطور الفك العلوي.
  • الإصابة بثالوث هتشنسون والذي يؤدي إلى الصمم، وتثلم القواطع، والتهاب القرنيّة.
  • ضخامة عظم القص.
  • توّرم المفاصل وتشوّه العظام والأطراف.
  • أصابع صغيرة ضيّقة وتدعى بعلامة دوبوا.
  •  التهاب الأنف وسيلانه بشكل مشابه لنزلات البرد لكن أكثر شدّة ولوقت أطول، وأحيانًا يكون السّيلان دموي.
  • التهاب القرنية، وما ينتج عنه من ضعف في الرؤية ورهاب الضوء، وممكن أن يؤدي إلى العمى.
  • تشوّه الأسنان.
  • نزيف الرّئتين وهذا يؤدي إلى الموت.
  • إصابة العصب السّمعي، والذي يؤدي إلى ضعف السّمع أو الصّمم.
  • بالإضافة إلى احتمال الإصابة بالحمى، اليرقان، وفقر الدم.

الزهري الخلقي الخفي

يحدث للطفل في أي عمر، وتكون الإصابة من دون أعراض، ولكن لمرحلة من حياة الطّفل لابدّ من ظهور الأعراض، يتم الكشف عنه من خلال الاختبارات المصليّة. لذلك من الضروري مراقبة الجنين خلال الحمل وفي المستقبل لكشف الزهري الخفي.

مضاعفات مرض الزهري الخلقي

من الضروري العلاج بالوقت المناسب لتجنب المضاعفات الخطيرة وموت الطفل، وفي حال عدم العلاج الصحيح وبالوقت المناسب قد يموت الطّفل أو تحدث لديه أعراض دائمة تسبّب الإعاقة. فالزهري الخلقي الذي لم يعالج بالشكل الصحيح يسبّب: تشوّهات جسدية دائمة، وتخلف عقلي، التهاب وطفح جلدي، الصمم والبكم والعمى، ومن الممكن حدوث شلل، وأيضًا العقم في المستقبل.

علاج مرض الزهري الخلقي

يجب منع حدوث العدوى داخل الرحم، وبالتالي منع حدوث الأعراض وخاصة أعراض المرحلة المتأخرة لخطورتها. فيكون العلاج أثناء الحمل بالفحص الدوري للحوامل في مراكز الرعاية الصّحيّة، وذلك للكشف عن المصابات بمرض الزّهري، ففي حال وجود الإصابة يتم العلاج بحقن الأم بالبنسلين خلال فترة الحمل، وإذا كانت الأم تتحسس للبنسلين يتم العلاج بمضاد حيوي آخر مناسب وفعّال للجرثومة.

في حال إصابة الرّضيع بمرض الزهري الخلقي، يعطي البنسلين عن طريق الوريد أو العضل، وفي حال كان الطفل يعاني من حساسية للبنسلين يستبدل  بالتتراسيكلين أو الأريترومايسين أو السيفالوسبورين. وكذلك من الممكن أن يعطى الطّفل الفيتامينات، والبزموت ومشتقات الزرنيخ.

فإنّ كشف الإصابة بوقت مبكر وعلاجها بالشكل المناسب يوقف تطوّر المرض لدى الجنين.