تتنوع أسباب الأمراض المنقولة من الأم لجنينها، حيث تساهم كل من البكتيريا والفيروسات وغيرها من العوامل الممرضة في الآلية الإمراضية للإصابة. بينما تتضمن طرق انتقال العدوى عدة احتمالات، فمن الممكن انتقالها عبر المشيمة أو الجهاز التناسلي مباشرة أثناء الولادة. بالإضافة للأذية الناتجة عن بزل السلى أو الرضوض الشديدة والتي يمكن أن تشكل عيوبًا في الحاجز الدوراني بين الأم والجنين. كما يساهم الاتصال المباشر بين الطفل الرضيع وسوائل الأم في زيادة خطورة الإصابة. غالبًا تكون إصابة الحامل بهذا النوع من الأمراض حديثة أو تصيبها لأول مرة خلال فترة الحمل، لكن يمكن أن تكون المرأة مصابة مسبقًا بمرض معين ثم تنقله إلى جنينها عند بدء تشكله. سنتحدث في هذا المقال عن الأمراض المنقولة من الأم لجنينها والتأثير السلبي لكل من الداء السكري الإيدز والحماق على صحة كل من الأم وجنينها معًا.

الأمراض المنقولة من الأم لجنينها

لدينا أنواع مختلفة للعوامل الممرضة التي يمكن أن تنتقل من الحامل إلى الطفل عن طريق الانتقال الرأسي (العمودي)، وأشيعها مسببات الأمراض المعروفة باسم “TORCH”. بالإضافة لأنواع أخرى مثل (الليستريا المستوحدة، اللولبية الشاحبة، فيروس نقص المناعة البشرية ، فيروس الحماق النطاقي). سنشرح العديد منها ونوضح الآثار الصحية الخطيرة التي ستسببها على الأطفال حديثي الولادة:

  • الحصبة الألمانية: إذا أصيبت الحامل بالخمج قبل الأسبوع 16 ستتطور عند الجنين متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية. بينما يمكن إهمال الإصابة بعد الأسبوع 16 من الحمل. وتتضمن المظاهر السريرية التي تصيب الجنين مايلي:
      • الساد (تغيم العينين).
      • الصمم.
      • تخرب في حجرات القلب.
      • ضخامات كبدية طحالية أحيانًا.
      • نقص في عدد الصفيحات.
      • تأخر نمو الجنين.
      • طفح جلدي (أحيانًا).
  • التوكسوبلازما (المقوسات): هو طفيلي من الأوالي ينتقل بشكل أساسي عن طريق استهلاك اللحوم غير المطبوخة جيدًا أو التعرض لفضلات القطط. يمكن أن يؤدي إلى داء المقوسات، والذي يظهر على شكل حمى وتعب عند الأم. بينما إذا انتقلت العدوى إلى الجنين أو الرضيع، فقد تسبب ما يلي:
    • التهاب في المشيمية وشبكية العين (أي التهاب المشيمية والشبكية).
    • تراكم السوائل في الدماغ (أي استسقاء الرأس).
    • الطفح الجلدي.
    • التكلسات داخل الجمجمة.
  • الحلأ التناسلي HSV: قد يعبر الفيروس الحاجز المشيمي خلال الحمل و يصيب الجنين، وهذا أكثر شيوعًا في العدوى البدئية (الأولية). عندما تصاب المرأة بالحلأ خلال فترة الحمل، ثم تشفى منه في وقت المخاض، تكون فرصة الولادة بالطريقة الطبيعية (عن طريق المهبل) متاحة. أما إذا طورت إصابة فعالة عند تمزق الأغشية الباكر أو بدء عملية المخاض، عندئذ تستطب الولادة القيصرية. فالهدف من الولادة القيصرية في هذه الحالة هو تجنب انتقال الإصابة للجنين أثناء مروره بالقناة عند المخاض. كما يعالج الطفل بالأسيكلوفير عادة عند تشخيص الإصابة لديه.
  • الفيروس المضخم للخلايا CMV: تصاب 1 %من النساء أثناء الحمل ومعظمهن لا عرضيات. وتسبب العدوى بالفيروس عدة مظاهر مرضية منها:
    • تأخر النمو داخل الرحم.
    • كثرة الوفيات أثناء الولادة.
    • تشوهات خلقية.
    • ضعف سمع.
    • التهاب المشيمة والشبكية.

فيروس HIV وانتقاله من الأم للجنين

لا تزال الآلية الدقيقة لانتقال الفيروس من الأم إلى الطفل غير معروفة. فقد يحدث الانتقال أثناء الحياة الجنينية داخل الرحم أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية أيضًا. يتواجد عن جميع الأجنة المصابين بالفيروس أضدادًا إيجابية، وتعتبر دليلًا على الإصابة. كما تتوفر عدة إجراءات وقائية تقلل من انتقال الفيروس:

  • استخدام العقاقير المضادة للفيروسات القهقرية قبل وأثناء الولادة.
  • إجراء الولادة القيصرية.
  • الإرضاع بالزجاجة.

أما بالنسبة للعوامل التي تضاعف الخطر عند الطفل (4أضعاف) فهي:

  • وجود الأخماج المنتقلة بالجنس المرافقة.
  • التهاب المشيماء والسلى.
  • تمزق الأغشية لأكثر من 4 ساعات.

ليس للفيروس تأثير سلبي على الحمل، بالمقابل لا يؤثر الحمل في تطور الإصابة بـ HIV. يمكن التفكير بإجراء الولادة المهبلية إذا كان الحمل الفيروسي قليلًا بمجال معين.

تأثير الأمراض المنقولة جنسيًا على الحامل وجنينها

للأمراض المنقولة بالجنس مخاطر صحية مختلفة الشدة. حيث تؤثر على صحة الأم وجنينها معًا وينتج عنها مضاعفات خطيرة. ومنها (السفلس، السيلان البني، فيروسHIV المسبب لمرض AIDS، والهربس) وغيرها الكثير. سنشرح البعض منها:

  • السيلان البني: غالبًا المرأة المصابة به غير عرضية. لكنها يمكن أن تصاب بعدة أعراض منها الضائعات المهبلية وعسرة التبول. كما قد تسبب التهاب ملتحمة عند الأطفال حديثي الولادة.
  • الزهري (السفلس): تسببه جرثومة اللولبية الشاحبة. وهذه الجرثومة قادرة على اختراق المشيمة عادة بعد الأسبوع العاشر من الحمل، وتصيب الجنين بالخمج. ينتج عن الإصابة به عند الجنين حالة مرضية مميزة تدعى (السفلس الخلقي). لكن الحالة يمكن أن تتطور وتصبح أكثر خطورة وتختلط بالموت أثناء الولادة. كما أن علامات السفلس عند حديثي الولادة مبهمة، لذلك كل طفل لامرأة حامل شخص لديها سفلس أثناء الحمل أو امرأة لم تكمل الشوط العالجي، يجب أن تعطى كورس كامل بالصادات العلاجية. تشمل هذه الصادات (بنزيل بنسلين بروكائين عضلياً بشكل يومي لمدة 15 يوم).
  • عدوى الكلاميديا (داء المتدثرة): لها تأثير خطير على صحة المرأة الحامل وجنينها. فهي تسبب تمزق أغشية باكر وتحرض المخاض الباكر أحيانًا. بالإضافة للمضاعفات الخطيرة الناتجة عنها والتي تؤثر على صحة الجنين بشكل سلبي.

تأثير الحماق على صحة الحامل وجنينها

سببه فيروس ينتمي إلى فصيلة الهربس، ويتميز بأنه شديد العدوى. يسبب الخمج البدئي (لأول مرة) عند الأشخاص في مرحلة الطفولة، وقد يعود ليتفعل مرة أخرى بعد فترة طويلة. تؤدي الإصابة عادة لاختلاطات خطيرة عند الحامل والجنين. فمن الممكن أن تسبب ذات رئة شديدة عند الأم تنتهي بوفاتها. بينما الإصابة الجنينية في الأشهر الأولى من الحمل قد تؤدي لظهور تشوهات خلقية واسعة عند الطفل ومنها:

  • نقص تصنع الأطراف.
  • صغر حجم الرأس.
  • ساد.
  • اختلاجات.
  • تأخر نمو داخل الرحم.

التأثير السلبي للداء السكري على الأم وطفلها

يعبر السكر الوالدي (الغلوكوز) المشيمة بسهولة أما الأنسولين فلا يجتازها. نتيجة لذلك سيتحرض البنكرياس الجنيني ليفرز كميات إضافية من الأنسولين ليعاكس التأثير المرتفع للسكر في الدم. ينتج عن فرط الأنسولين عند الجنين عدة اختلاطات وعقابيل قد تكون خطيرة منها:

  • عرطلة جنينية.
  • احمرار الدم.
  • اضطراب نضج الرئة.
  • نقص السكر والكلس والمغنزيوم.

أضف إلى ذلك التأثير السلبي لمستويات السكر العالية عند الأم. حيث يسبب تشوهات كبرى عادة (عصبية وقلبية و هيكلية). كما يزيد من خطورة الإجهاض.

كلما كان الخمج أكثر شدة وأبكر ظهورًا كلما كان خطر الإجهاض وموت الجنين داخل الرحم أكبر. لذا عليك الانتباه لحملك أكثر والاعتناء بصحتك جيدًا خلال فترة الحمل قدر الإمكان.