تؤدي الهرمونات وظائف مهمةً في الجسم لكلا الجنسين، ولكنها ربما تكون ذات أهمية أكبر لدى النساء. لذا من المهم التعرف إلى أهم الاضطرابات الهرمونية لدى المرأة ومسبباتها، حيثُ تلعب الهرمونات دورًا أساسيًّا في حياتنا عمومًا، وتتداخل في وظائف الجسم على اختلافها. من التحكم في المشاعر والعواطف، والإحساس بالجوع والشبع، وحتى وصولًا إلى تنظيم ضغط الدم وقيادة عملية الحمل خلال مراحلها المختلفة. ويحتوي جسم الإنسان على جملة معقدة من الغدد الصم، والتي تعمل وفق نظامٍ متكامل متوافق لتنظيم وظائف الجسم المختلفة.
وكأي من الأنظمة المتكاملة، يمكن أن تحصل بعض الاضطرابات في هذا النظام مؤدية لظهور العديد من العوارض والأمراض المختلفة. فما هي أعراض الاضطرابات الهرمونية لدى المرأة؟ وما أهي أهم هذه الاضطرابات؟

أعراض عدم توازن الهرمونات لدى المرأة 

تتنوع أعراض الاضطرابات الهرمونية وتختلف باختلاف الهرمون المضطرب؛ حيثُ أن لكل هرمون في الجسم مجال تركيز معين لا يجب تجاوزه زيادةً أو نقصانًا. وتعد الأعراض التالية أهم أعراض الاضطرابات الهرمونية لدى المرأة:

  • دورات طمثية غير منتظمة، وتتضمن مظاهر عدم الانتظام توقف الطمث، تكرارًا عاليًا للدورات الطمثية، وعدم انتظام مواعيد الدورة الطمثية.
  • الشعرانية، وهي زيادة نمو الأشعار على الوجه والذقن، وقد تنتقل بعد ذلك إلى مناطق أخرى من الجسم.
  • ظهور الحبوب على الوجه، الصدر، وأعلى الظهر.
  • تصبغ الجلد خصوصًا على خطوط العنق، العانة، وأسفل الثديين.
  • تساقط شعر الرأس.
  • جفاف المهبل، الأمر الذي يؤدي للانزعاج والألم خلال وبعد العلاقة.

كما يمكن أن تشاهد أعراض الاضطرابات الهرمونية لدى الفتيات قبل البلوغ، على سبيل المثال:

  • تأخر البلوغ وبدء الدورة الطمثية.
  • عدم ظهور الصفات الجنسية الثانوية مثل تطور أنسجة الثدي، وانخفاض معدل النمو عمومًا.

أشيع الاضطرابات الهرمونية لدى المرأة

تمر النساء بشكل طبيعي بفترات من عدم التوازن الهرموني خلال حياتهن، والتي تتضمن:

  • فترة البلوغ، وخلال كل دورة طمثية.
  • الحمل، الولادة، والإرضاع.
  • ما قبل انقطاع الطمث، انقطاع الطمث، وما بعده.

كما يمكن أن تتعرض النساء لمختلف الاضطرابات الهرمونية، والتي تختلف بطبيعة الحال عن تلك التي يتعرض لها الرجال نظرًا للاختلافات البنائية بينهم. كما سنتحدث في الفقرات التالية عن أهم الاضطرابات الهرمونية لدى المرأة.

متلازمة المبيض متعدد الكيسات Polycystic ovary syndrome (PCOS)

وهي مشكلة شائعة تسبب عدم انتظام مستويات الهرمونات الجنسية لدى المرأة، والذي يؤدي إلى مشاكل في المبيضين. حيثُ يحرر المبيضان كلّ شهر -في مرحلة الإباضة- بيضةً واحدة كجزء من الدورة الطمثية السليمة. ولكن في حال متلازمة المبيض متعدد الكيسات قد لا تتطور البيضة بالشكل المفروض، أو لا تتحرر خلال عملية الإباضة.
تسبب متلازمة المبيض متعدد الكيسات انقطاع أو عدم انتظام الدورات الطمثية، الأمر الذي يؤدي إلى:

  • ظهور كيسات (أكياس صغيرة مليئة بالسوائل) على المبيضين، ومن هنا جاءت التسمية.
  • العقم، حيثُ تعد هذه المتلازمة أحد أشهر مسببات العقم لدى النساء.

انقطاع الطمث المبكر Early menopause

يحدث انقطاع الطمث المبكر عن توقف الدورة الطمثية لدى المرأة قبل عمر الخامسة والأربعين، وقد يكون طبيعيًّا أو نتيجة لمشكلة أخرى. حيثُ أن انقطاع الطمث يبدأ بين سن الـ 45 و الـ 55 لدى معظم النساء، فإذا لاحظت المرأة انخفاض تكرارية الدورة الطمثية أو توقفها قبل هذا العمر يجب عليها زيارة العيادة النسائية.

ومن الأسباب المؤدية لانقطاع الطمث المبكر نذكر:

  • توقف المبيضين عن العمل، حيثُ يبدأ انقطاع الطمث بشكل طبيعي عند توقف المبيضين عن إنتاج الهرمونات وخصوصًا الإستروجين. وتسمى هذه الحالة بقصور المبايض الأولي أو الأساسي.
  • بعض العلاجات السرطانية يمكن أن تسبب فشل المبيضين السابق المبكر، ويكون هذا الفشل دائمًا أو مؤقتًا.
  • إزالة المبيضين جراحيًّا نتيجة لحالة ما تستدعي هذا الإجراء.

قصور المبايض الأولي Primary ovarian insufficiency

تصاب المرأة بهذه الحالة عند توقف المبيضين عن العمل بشكل طبيعي قبل سن الأربعين، وتسمى أحيانًا بانقطاع الطمث المبكر ولكن هذه التسمية غير دقيقة. حيثُ أنه في قصور المبايض الأولي لا تنقطع الدورة الطمثية بشكل كامل، كما يمكن للمبيضين تحرير البيوض ولكن ليس بالشكل الشهري المنتظم للمبيضين العاملين بشكل سليم.
غالبًا ما يكون السبب الأساسي لهذه الحالة غير معلوم، ولكن هناك بعض الأسباب المعروفة وهي على سبيل المثال:

  • أمراض مناعية ذاتية تسبب مهاجمة جهاز المناعة للمبيضين.
  • اضطرابات الأكل.
  • بعض الحالات الجينية كمتلازمة Turner.
  • الانتانات التي تؤذي المبيضين، مثل النكاف.
  • أمراض الغدة الدرقية.
  • مشاكل في إفراز الهرمونات التي تنظم عمل المبيضين، مثل FSH.

استخدام حبوب منع الحمل Birth control pills

إن عمليتي الإباضة وتهيئة الحمل لاستقبال البيضة الملقحة يتحكم بهما بواسطة الهرمونات. وبشكل مبسط جدًّا، تخل حبوب منع الحمل -الحاوية على بروجسترون وإستروجين مصنعين- بالتوازن الهرموني المطلوب لحصول تلك العمليات، وبالتالي تمنع الحمل.

سرطان المبيض Ovarian cancer

غالبًا ما لا يكشف سرطان المبيض إلا بعد انتشاره ضمن منطقة البطن والحوض، ويكون صعب العلاج في هذه المراحل المتأخرة. يكون العلاج أسهل عند كشف سرطان المبيض في مراحله المبكرة، والتي يكون انتشاره فيها محصورًا ضمن المبيضين؛ حيثُ تتضمن الخيارات العلاجية الجراحة والعلاج الكيميائي. وكل هذه العوامل تؤثر على الوظائف الطبيعية للمبيض.

تشخيص عدم توازن الهرمونات

كما ذكرنا في الفقرات السابقة، يمكن للعديد من العوامل والأسباب أن تؤدي إلى اضطراب الهرمونات لدى المرأة. لذا كان المهم أن توجد الطرق التشخيصية المناسبة لتحري المسبب والتعامل معه بالشكل الأمثل، ومن هذه الطرق نذكر:

  • الفحوص المخبرية، والتي غالبًا ما تكون تحاليل للدم تتحرى تراكيز الهرمونات فيه.
  • فحص الحوض بالأمواج فوق الصوتية، والتي تمكن الطبيب من تحري أي كتل أو أورام غير طبيعية ضمن تجويف الحوض.
  • المعاينة المباشرة لمنطقة الحوض، حيثُ قد يضطر الطبيب لفحص عنق الرحم عيانيًّا.

 

وختامًا، نؤكد على ضرورة اللجوء للعيادة النسائية في حال ظهور أي عرض من أعراض الاضطرابات الهرمونية. حيثُ أنّ إهمال الحالة أو محاولة علاجها ذاتيًّا تؤدي إلى نتائج وخيمة، قد تكون غير قابلة للعكس.
من المهم جدًّا في أي حالة مرضية، أن يكون أول ما نفكر به هو اللجوء للطبيب المختص الخبير في مجاله. فمحاولات العلاج الذاتي وإن لم تضر بالمريض فهي تعتبر تكاليف غير ضرورية يمكن تفاديها في حال اللجوء للمختص. آملين لكم دوام الصحة والعافية.