كَثُر البحث عن الفرق بين الجرب والحساسية، خاصّةً مع تشابه أعراضهما، وصعوبة التمييز بينهما دون استشارةٍ من الطبيب. حيث أنّ الجرب والحساسية وجهان لعملةٍ واحدةٍ، باعتبارهما من الأمراض الجلديّة.
بدايةً يجب القول إنّ الجلد هو الخطّ الدفاعيّ الأوّل ضدّ الأمراض. ما يتسبب في إصابته بالعديد من الأمراض التي تتفاوت في درجاتها وحدّتها. فبعضها قد يكون مؤقتًا أو دائمًا. وقد تصل خطورة بعضها الآخر للتهديد بالموت.
ومن جهة ثانيّةٍ، فإنّ الجرب والحساسية من الأمراض الجلديّة الأكثر شيوعًا وانتشارًا. والتي تتمثل بظهور طفحٍ جلديٍّ مصحوبٍ بحكةٍ مزعجةٍ . فضلًا عن التأثير النفسيّ على حياة المريض وثقته بنفسه. ولعلّه من أكثر الأمور اللّافتة هو نظرة المجتمع السلبيّة للمصاب. فقد وصف البعض هذه الإصابات بالتشوه، ما سبب إشكاليّةً لدى المريض في التواصل مع الآخرين.
وفي عودةٍ لفكرتنا الأساسية الفرق بين الجرب والحساسية، نرغب في لفت الانتباه إلى أنّه رغم نسبة التشابه،فهناك عدّة فروقٍ بينهما. وذلك ما سنتحدث عنه مُطولًا في مقالنا هذا.

الفرق بين الجرب والحساسية

كِلَا الجرب والحساسية من الأمراض الجلديّة الشّائعة، يتشابهان في التسبب بالحكة وظهور البقع الحمراء. لكن هناك عدّة فروق بينهما سواءً من حيث الشكل أو الأسباب أو الأعراض، وكذلك التشخيص وحتّى طرق العلاج.

الفرق بين الجرب والحساسية من حيث الأسباب

تجدر الإشارة إلى أنّ حساسية الجلد هي حالةٌ التهابيّةٌ ناتجةٌ عن عوامل وراثيّةٍ أو بيئيّةٍ، وهي غير معديّة. كما تسهم عدّة عوامل في زيادة الحساسية، على سبيل المثال: بعض أنواع الأطعمة، ولسعات الحشرات، أو بعض الأدويّة، وأيضًا ملامسة الجلد لبعض المواد الكيميائية.
أمّا الجرب فالمُسبب الرئيسيّ له هو حشرة القارمة الجريبيّة Sarcoptesscabiei ، والتي تتكاثر تحت سطح الجلد، وتضعُ بيوضها مُتسببةً في حكةٍ شديدةٍ. فالجرب حالةٌ معديّةٌ وينتقل من شخصٍ إلى آخر عند التلامس الجلديّ، وذلك على خلاف الحساسيّة التي لا تنتقل بالعدوى.

الفرق بين الجرب والحساسية من حيث الأعراض

تتمثل أعراض الجرب بالحكة الشديدة ولاسيما خلال فترات اللّيل، وهي ردّ فعلٍ عكسيٍّ لتأثير بيوض حشرة الجرب. وممّا يميز الجرب من غيره من الأمراض الجلديّة هو الطفح الجلديّ ذي اللون الأحمر، والخطوط التي تربط بين بقعه الحمراء.
إضافةً إلى ما سبق، فإنّ الجرب يصيب اليدين والذراعين، ومناطق الأعضاء التناسليّة.
بينما تتمثل أعراض الحساسيّة بعدّة حالاتٍ منها: الأكزيما والتهاب الجلد التماسيّ. ولا بُدّ من الإشارة إلى الأعراض الأساسيّة لكلٍّ منهما:

    • الأكزيما:
      • التهاب الجلد، وجفافه، حيث يبدو الجلد متَقشرًا.
      • إضافةً إلى احمرار الجلد وتهيجه.
      • وقد يظهر عليه حبوبٌ حمراء مملوءةٌ بالصّديد.
    • التهاب الجلد التماسيّ:
      • حكةٌ واحمرار الجلد في منطقة تماس الجلد مع مسَببات الحساسيّة.
      • ظهور حويصلاتٍ في المنطقة المصابة.
      • إضافةً إلى تقشر الجلد المصاب، وقد يتصبغ الجلد في بعض الحالات المزمنةِ.

الفرق بين الجرب والحساسية من حيث مكان الإصابة

إنّ الطفح الجلديّ المرافق للحساسيّة، قد يصيب أيّ جزءٍ في الجسم، على عكس الطفح الجلديّ الناجم عن الجرب. إذ يكون أكثر انتشارًا في اليدين والذراعين.

الفرق بين الجرب والحساسية من حيث التشخيص

يتمّ تشخيص الحساسيّة باتباع الطبيب عدّة خطواتٍ، وهي:

  1. السؤال عن التاريخ المرضيّ للحساسيّة.
  2. تحديد نوع المادة أو السبب الأساسيّ للإصابة.
  3. إجراء مجموعةٍ من الاختبارات، ومنها:
    • فحص الدم.
    • فحص الأجسام المضادة.
    • اختبار الرقعة patch test.
    • واختبار حساسيّة الجلد.
  4. كما يمكن أخد عينةٍ من الجلد لتمييز سبب الطفح الجلديّ.

من جهةٍ ثانيّةٍ، فإنّ تشخيص الجرب يتم من خلال أخد عينةٍ من الجلد في المنطقة المصابة، وفحصها تحت المجهر.

الفرق بين الجرب والحساسية من حيث العلاج

إنّ علاج الحساسيّة يركز بشكلٍ أساسيٍّ على علاج الأعراض المصاحبة لها، أو تخفيف حدّتها. وذلك لكونها حالةٌ جلديّة تدوم مدى الحياة.
ومن جهةٍ أُخرى، يتركز علاج الجرب بصورةٍ أساسيّةٍ على قتل حشرة الجرب والتخلص من بيوضها. إذ يتوجب اتخاذ كامل الإجراءات لوقف انتشار الجرب. وينبغي الإشارة إلى أنّنا سوف نتحدث مُفصلًا عن علاج الجرب والحساسية في سطورنا القادمة.

أعراض الجرب والحساسية

استنادًا إلى جمعيّة الأكاديميّة الأمريكيّة AAD، فإنّ كُلًّا من الجرب والحساسيّة لهما الأعراض التاليّة:

  • طفحٌ جلديٌّ.
  • حكة.
  • نتوءاتٍ صغيرةٍ من الجلد الداكن.
  • القروح.

أسباب الجرب والحساسية

لقد أشرنا سابقًا أنّ للجرب والحساسية أسباب مختلفةٌ جدًا. فالجرب هو عدوى جلديّةٌ تتمثل باختراق حشرة الجرب أو ما يطلق عليه بالعث للجلد. بينما الحساسيّة هي حالةٌ جلديّة قد تستمر مدى الحياة، وإليك أبرز أسباب الجرب والحساسية:

  • أسباب الجرب، وهي:
    • ملامسة الجلد للجلد بشكلٍ مباشر ولفتراتٍ زمنيّةٍ طويلةٍ.
    • ملامسة الجلد للأقمشة التي تحمل العث، مثل الملابس أو المناشف.
  • أسباب الحساسيّة: ينبغي القول إنّ سبب الحساسيّة الأساسيّ ما زال غير دقيق، وتشير بعض الدراسات أنّه من الممكن أنّ يكون وراثيًّا. حيث أعلنت الأكاديميّة الأمريكيّة للحساسيّة والربو والمناعة أنّ الجلد المتسرب هو أحد أسباب الحساسيّة. وهو المكان الذي يكون الجلد فيه عاجزًا عن احتواء الرطوبة بشكل صحيحٍ، ما يجعله عُرضةً للجفاف.

شاهد أيضًا: أسباب مرض البهاق وطرق العلاج.

طرق علاج الجرب

كما ذكرنا سابقًا، لعلاج الجرب يجب القضاء على الحشرة المسؤولة عنه. كما يجب علاج كلّ شخصٍ في منزل المصاب حتى لو لم تظهر عليه الأعراض. حيث شاع استخدام كريم بيرميثرين للأفراد المصابين والذي تجاوزت أعمارهم الشهرين. كما استُخدِم دواءٌ مضادٌ للطفيليات للحالاتِ الشديدة يُسمى الإيفرمكتين.

إضافةً إلى استخدام بعض الأدويّة الأُخرى التي أثبتت فعاليتها في علاج العث، مثل:

    • كريم كروتاميين.
    • محلول بنزيل بنزوات.
    • مرهم كبريت.
    • غسول اللّيندين.

وقد يتطلب الشفاء من الجرب عدة أسابيعٍ، لذلك يوصي الطبيب ببعض العلاجات التي تخفف الحكة والتورم الناجم عن الإصابة، مثل:

    • مضادات الهيستامين، إذ تسهم في تخفيف الحكة التي تزداد ليلًا.
    • كريمات الستيرويد لعلاج الحكة.
    •  وأيضًا، غسول براموكسين.

طرق علاج الحساسية

من المعروف أنّه لا يوجد علاجٌ دائمٌ للحساسية، ويتركز علاجها على تقليل الأعراض المصاحبةِ لها. حيث يتعاون الطبيب مع المريض على تحديد محفزات الحساسيّة لتخفيف التعرض إليها قدر المستطاع. كما للترطيب أثر إيجابيّ في الحفاظ على رطوبة الجلد، ممّا يخفف الحكة. أمّا بالنسبة لأدوية العلاج فتتمثل بما يلي:

  • الستيرويدات القشريّة.
  • مرهم كريسابورول.
  • كريم pimecrolimus أو مرهم tacrolim

وكذلك يمكن العلاج أيضًا بالضوء، أو بإدارة المحفزات، على سبيل المثال: تجنب بعض المهيجات سواء من الأطعمة أو المواد المزعجة الأُخرى.

تشخيص الجرب أو الحساسية

لتشخيص الإصابة بالجرب أو الحساسية ينبغي زيارة الطبيب. الذي بدوره يقوم بالفحص البصريّ للطفح الجلديّ المرافق للإصابة. وذلك للتحقق من وجود حشرة العث التي تشير إلى الجرب أو من تهيج الجلد التي تشير إلى الحساسيّة. كما يتحقق من موعد ظهور الأمراض. وقد يأخد الطبيب عينةً من الجلد المصاب، ويضعها تحت المجهر للتأكد من وجود العث أو بيوضه.

شاهد أيضًا: مرض الصدفية أسبابها وعلاجها.

طرق الوقاية من الجرب والحساسية

من ناحية الجرب، فإنّ طرق الوقاية تتركز بشكلٍ رئيسيّ على ما يلي:

    • تجنب التماس المباشر مع الشخص المصاب بالجرب
    • عدم استخدام الأغراض الشخصيّة بالآخرين.
    • التأكد من عدم ملامسة الجلد لأيّ شيء يسبب نقل عدوى الجرب.
    • مراجعة طبيب الجلديّة الخاص بك عند حدوث أي عارض ينذرك بالإصابة.

أمّا بالنسبة للوقايّة من الحساسيّة، فهي أمرٌ ليس ممكنًا. ولكن بإمكاننا منع حدوث النوبة الجلديّة وإدارة أعراض الحساسيّة كما سبق وتحدثنا، إذ تتمثل الوقاية من الحساسية بالتالي:

    • تخفيف التوتر.
    • الحفاظ على الهدوء.
    • اعتماد نظام عناية بالجلد.

ما هي علامات الشفاء من الجرب

يسهم  البدء بعلاج الجرب يسهم بشكلٍ كبيرٍ في القضاء على الحكة، وتخفيف حدّة الأعراض المرافقة لها. وخاصّةً العدوى التي تطورت في الأسبوع الأول، ما يشير إلى بداية الشفاء. ولكن قد يتأزم الوضع وتزداد حدّة الطفح الجلديّ خلال فترة العلاج. وينبغي الإشارة إلى أنّ البشرة يجب أن تلتئم خلال مدّةٍ لا تتجاوز الأربعة أسابيع بعد البدء بالعلاج. أمّا في حال لم تلتئم فإنّ العلاج لم يحقق نتيجةً نهائيّةً. ومن الممكن إعادة العلاج مرتين وثلاثة وأربعة للتخلص منه بشكل كاملٍ. وهذا شائعٌ لدى المصابين بالجرب المتقشر أو ما يسمى بالجرب النرويجيّ، حيث يحتاج لتكرار العلاج عدّة مراتٍ.

كما أنّ علاج العث ومنع الإصابة به لا يتوقف فقط على أخد العلاج، بل يحتاج إلى التخلص من العث الذي سقط من المصاب في أنحاء المنزل، والقيام بتنظيفه كاملًا.

ختامًا، الصحة تاجٌ على رؤوسنا، وأجسادنا  أمانةٌ ورعايتها واجبٌ علينا. لذا لا تتردد في  زيارة الطبيب عند شعورك، بالإصابة بأحد الأمراض الجلديّة. ومن منصة كيف نتمنى السلامة  للجميع  سائلين الله عزّ وجل أن يديم علينا نعمة الصّحة.