ما المقصود بـ “عيوب القلب الخلقية عند الأطفال“؟ ما أنواعها؟ أسبابها؟ أعراضها، ومضاعفاتها عند الأطفال؟ ما الطرق التي يلجأ إليها الاطباء لتشخيص عيوب القلب الخلقية عند الأطفال؟ وما طرق علاجها، وتقليل احتمال إصابة أطفالك بها؟

عيوب القلب الخلقية هي عبارة عن عيوب في القلب سببتها اضطرابات في تطور القلب في المرحلة الجنينة. تتميز أمراض القلب عمومًا، وخاصةً عند الأطفال بتعقيدها، وخطورتها، والدرجة العالية من الدقة المطلوبة أثناء علاجها.

مع تطور تكنولوجيا التشخيص، والعلاج أصبح بإمكان الأطباء اكتشاف عيوب القلب الخلقية قبل الولادة حتى. كما ارتفعت مؤشرات الشفاء عند الأطفال المصابين، فقد ساعد هذا التقدم أكثر من 90% من الأطفال المصابين على الشفاء، ومتابعة حياتهم بشكل طبيعي تمامًا. بينما منذ عقود مضت، لم تتجاوز نسبة الأطفال المصابين، والذين بلغوا سن البلوغ عتبة 10%.

عيوب القلب الخلقية عند الأطفال

عيوب (تشوهات) القلب الخلقية “Congenital Heart Disease” هي عيوب بنيوية في القلب تسببها اضطرابات معينة في المرحلة الجنينية، وتكون موجودةً عند الولادة. يمكن اكتشافها، وتشخيصها قبل الولادة أو بعدها أو في أي وقت طوال الحياة. هناك العديد من الأنواع لعيوب القلب الخلقية عند الأطفال. كثقب في جدار القلب على سبيل المثال، ومشاكل خلقية في الأوعية الدموية (كالبطء في تدفق الدم أو تدفقه في الاتجاه الخاطئ). كما تختلف أعراضها، وعلاجاتها حسب نوع العيب الحاصل، وأيضًا شدته.

تعتبر عيوب القلب الخلقية إحدى أكثر أنواع العيوب الخلقية شيوعًا، إذ يبلغ معدل انتشارها حوالي (8-9) حالات من بين كل 1000 مولود حي في العالم.

أسباب تشوهات القلب الخلقية

تحدث عيوب القلب الخلقية عندما لا يتطور قلب الجنين بشكل طبيعي. على الرغم من عدم قدرة العلماء على تحديد العامل أو العوامل المسببة لعيوب القلب الخلقية بدقة كبيرة. إلا أنهم توصلوا إلى استنتاج مجموعة من الأسباب التي يرجح أنها مرتبطة بشكل أو بآخر بحدوث هذه العيوب، وأهمها:

  • العامل الوراثي أو طفرات في الكروموسومات.
  • شرب الكحوليات أثناء فترة الحمل.
  • التدخين أثناء الحمل أو التدخين السلبي.
  • أمراض الدم أثناء الحمل. كداء السكري.
  • تعاطي المخدرات.
  • العدوى الفيروسية.

أنواع عيوب القلب الخلقية

ثمة مجموعتان رئيستان من عيوب القلب الخلقية عند الأطفال، وهما:

  • عيوب القلب الخلقية المزرقة.
  • عيوب القلب الخلقية غير المزرقة.

عيوب القلب الخلقية المزرقة

تتضمن هذه المجموعة عيوب القلب التي تسبب نقصًا في كمية الأوكسجين اللازمة لتقوم أعضاء الجسم بوظائفها الحيوية على أكمل وجه. الأمر الذي يسبب مشاكل خطيرةً للأطفال المصابين بهذا النوع من العيوب، لأن دمهم يحتوي على مستويات منخفضة من الأوكسجين. مما يتطلب تدخلًا جراحيًا.

أبرز أمثلة عيوب القلب الخلقية المزرقة:

  • آفات انسداد القلب الأيسر: تقلل هذه العيوب من تدفق الدم بين القلب، وبقية الجسم (الدورة الدموية الصغرى). تشمل الأمثلة:
      • متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج: يكون نصف القلب الأيسر دون الحجم الطبيعي.
      • قوس الأبهر المتقطع: بسبب عدم اكتمال نمو الشريان الأبهر.
  • آفات انسداد القلب الأيمن: يقلل هذا النوع من العيوب من تدفق الدم بين القلب، والرئتين (الدورة الدموية الصغرى). مثل:
      • رباعية فالو: مجموعة من أربعة عيوب.
      • رتق الرئة.
      • رتق الصمام ثلاثي الشرف: إذ لا تتطور الصمامات بشكل طبيعي.
  • خلط الآفات: هو اضطراب تدفق الدم بين الدورتين الكبرى، والصغرى. بمعنًى آخر أن يخلط الجسم بين جريان الدم الجهازي، والرئوي، ومن أمثلته:
      • تبديل الشرايين الكبيرة: عندما يتبادل الشريانان الرئيسان (الشريان الأبهر، والرئوي) بنقل الدم.
      • الجذع الشرياني: أن يكون للقلب شريان رئيس واحد فقط لينقل الدم عوضًا عن اثنين.

عيوب القلب الخلقية غير المزرقة

تنطوي على عيوب في القلب تسبب خللًا في ضخ الدم إلى الجسم. على سبيل المثال:

  • ثقب في القلب: هي فتحة غير طبيعية في أحد جدران القلب. تسمى تبعًا لموقعها في جدران حجرات القلب. كـ “عيب الحاجز الأذيني” أو “عيب القناة الأذينية البطينية” أو “عيب الحاجز البطيني“.
  • عيوب في الشريان الأبهر: يمكن أن يصاب الشريان الأبهر الذي ينقل الدم إلى أعضاء الجسم بعيوب منها:
      • الصمام الأبهري ثنائي الشرف: ففي الحالة الطبيعية يتكون هذا الصمام من ثلاث شرف.
      • تضيق الأبهر.
      • تقييد فتح الصمام الأبهري.
  • عيوب في الشريان الرئوي: مثل تضيق الشريان الرئوي.

أعراض عيوب القلب الخلقية

من الممكن أن يبدأ ظهور الأعراض بعد الولادة مباشرةً أو أن تظهر في وقت لاحق من الحياة. تختلف الأعراض تبعًا لعدة عوامل منها:

  • السن.
  • عدد عيوب القلب، إذ يمكن أن يولد الطفل بأكثر من عيب.
  • نوع العيب الحاصل.
  • شدة العيب.

تشمل الأعراض ما يلي:

  • زرقة الجلد أو الشفتين أو الأظافر.
  • النعاس المفرط.
  • صعوبة في التنفس أو تنفس سريع.
  • التعب، والإرهاق. خاصةً أثناء التمارين الرياضية.
  • ضعف في النبض.
  • نفحة قلبية، وهي صوت حفيف يصدره القلب مشيرًا إلى توفق غير طبيعي للدم.
  • ضعف في الدورة الدموية.

مضاعفات عيوب القلب الخلقية

من المحتمل أن تسبب عيوب القلب الخلقية لدى البالغين بعض المشاكل الصحية التي تؤثر بشكل أو بآخر على قدرتهم على القيام بمهامهم اليومية. كما قد تسبب الوفاة المبكرة. تشمل المضاعفات ما يلي:

  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • التهاب الشغاف.
  • فشل القلب.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • مضاعفات الحمل: كالسكتة الدماغية أو فشل القلب.
  • ارتفاع ضغط الدم الرئوي.
  • الموت القلبي المفاجئ: وهو ناتج عن تسارع ضربات القلب بشكل خطير مسببًا توقفًا مفاجئًا لعضلة القلب.
  • ضعف صمامات القلب.

تشخيص عيوب القلب الخلقية

التشخيص قبل الولادة

في بعض الحالات تشخص عيوب القلب الخلقية أثناء الحمل، فإذا وجد طبيب النسائية الخاص بك أثناء الإجراء الروتيني لاختبار الإيكو (الأمواج فوق الصوتية) شيئًا غير اعتيادي، فقد يشك بوجود عيوب خلقية في قلب جنينك. لذا سيلجأ إلى طلب مجموعة من الاختبارات لتأكيد الشك أو نفيه. مثل مخطط صدى القلب للجنين الذي يستخدم الموجات فوق الصوتية لتكوين صور لقلب الطفل.

التشخيص بعد الولادة

تشخص الإصابة ببعض عيوب القلب الخلقية بعد الولادة بوقت قصير. على سبيل المثال، غالبًا ما تشخص أمراض القلب الزراقية عبر قياس التأكسج النبضي، باستخدام أجهزة استشعار خاصة توضع على أصابع اليدين أو القدمين لتحديد مستويات الأوكسجين في الدم. من جهة أخرى، هناك بعض العيوب التي لا تشخص إلا في وقت لاحق من الحياة.

تشمل الاختبارات التي يلجا إليها الأطباء لتشخيص أمراض القلب الخلقية عند الرضع، والأطفال، وأيضًا البالغين ما يلي:

  • الفحص السريري: باستخدام السماعية الطبية يمكن للطبيب سماع أصوات القلب، وتحديد ما إذا كانت غير طبيعية.
  • تصوير الصدر بالأشعة السينية: للكشف عن أية تشوهات هيكلية محتملة.
  • مخطط كهربائية القلب: يقيس مخطط كهربائية القلب “EKG” أو “ECG” النشاط الكهربائي للقلب.
  • مخطط صدى القلب.
  • قثطرة القلب: لمعرفة جودة عمل القلب في ضخ الدم.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): لإنشاء صورة مفصلة، ودقيقة للقلب.

يجب على أي شخص لديه عيوب خلقية في القلب مراجعة طبيب القلبية بانتظام طوال حياته.

علاج تشوهات القلب الخلقية

قد تشفى بعض حالات عيوب القلب الخلقية عفويًا، ودون تدخل طبي حتى. بينما تحتاج حالات أخرى العلاج بعد الولادة بفترة وجيزة.

يعتمد العلاج على نوع العيب، ودرجته، وقد يشمل علاج عيوب القلب الخلقية ما يلي:

  • إجراء قثطرة لوضع سدادة مكان ثقب القلب. كما يمكن سد الثقب باستخدام جهاز إغلاق خاص، وهو إجراء غير جراحي.
  • الأدوية التي تساعد القلب على العمل بكفاءة أكبر أو للتحكم بضغط الدم.
  •  العلاج بالأوكسجين: إذ يوفر هذا العلاج مستويات أوكسجين أعلى من تلك الموجودة في هواء الغرفة.
  • البروستاغلاندين E1: يريح عضلة القلب، ويوفر الدورة الدموية المناسبة عبر الإبقاء على القناة الشريانية مفتوحةً.
  • عملية جراحية لإصلاح العيب أو فتح الأوعية المسدودة أو إعادة توجيه الدم.
  • قد تتطلب الحالات الشديدة من العيوب عملية زرع القلب.

 

إن اتباعك لنصائح طبيبك أثناء فترة الحمل سيدتي من شأنه أن يقلل خطر إصابة طفلك بعيوب القلب الخلقية. الإقلاع عن التدخين، وترك المشوبات الكحولية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والاهتمام بنظامك الغذائي. كل ذلك من شأنه أن يمنح طفلك حياةً صحيةً، وظروفًا مناسبةً للإبداع.