قصور القلب هو حالة مرضية مزمنة في مراحلها المتقدمة. لا تستطيع فيها عضلة القلب ضخ ما يكفي من الدم لتلبية احتياجات الجسم من الدم والأكسجين، أي لا يستطيع القلب مواكبة عبء العمل. وكما نعلم أن القلب يعمل على ضخ الدم الغني بالأوكسجين والمغذيات الضرورية لتوصيلها إلى خلايا الجسم. بينما في حالة فشل القلب، لا يستطيع القلب الضعيف إمداد الخلايا بالدم الكافي لها. ينتج عن ذلك الشعور بالتعب والإرهاق وضيق في التنفس والسعال أحيانًا. كما يمكن أن تصبح بعض الأنشطة اليومية الروتينية عند بعض الأشخاص صعبة للغاية. ويمكن أن يعيش الأشخاص المصابين بالقصور حياة كاملة، وذلك عندما نعالج الحالة بأدوية قصور القلب منذ البداية واتباع المريض لنمط حياة صحية أكثر. تابع معنا عزيزي القارئ لتحصل على الإجابات المفيدة لكل سؤال يراودك حول هذا الموضوع، وسنعرض الأسباب وعوامل الخطر المحرضة لحدوث قصور القلب وكيفية العلاج المناسبة له.

أعراض قصور القلب

  • يعتبر ضيق التنفس أحد الأعراض الأساسية لفشل البطين الأيسر (LV). قد تواجه صعوبة في التنفس عند ممارسة الرياضة أو عند الراحة أو الاستلقاء في السرير، وتزداد شدته تدريجيًا.
  • أعراض وعلامات نقص النتاج: كالتعب والوهن العام.
  • القلبية: وتشمل الأعراض التالية (خفقان القلب وتسرع نبضات القلب وألم في الصدر، أو الشعور بانضغاط على الصدر مثلًا).
  • الصدرية: كالسعال الذي تزداد نسبة حدوثه عندما يكون المريض مستلقيًا وتسوء الحالة في الليل.
  • الهضمية: نقص شهية، والغثيان والإقياء، والشعور بحس الامتلاء البطني (سببه الحبن أو الضخامة الكبدية).
  • العصبية: تكون الأعراض متفاوتة الشدة، وتتراوح بين القلق من جهة إلى الارتباك ونقص القدرة على التركيز من جهة أخرى، بالإضافة للصداع وضعف الذاكرة.
  • البولية: قلة النتاج البولي وزيادة في تركيز البول. لكن قد تزداد الحاجة للتبول أثناء الراحة في الليل.
  • علامات قصور القلب الأيمن: قد يتمثل بالمتلازمة الوذمية والتي تتظاهر بما يلي (احتقان الوداجي، وذمات في الطرفين السفليين كتورم الساقين والكاحلين، بالإضافة لانصباب الجنب والتامور، والحبن، وضخامة كبدية مؤلمة).
  • مظاهر قصور القلب الأيسر: قد يحدث احتقان في الأوردة الرئوية والتي تؤدي لحدوث وذمة في الرئة. حيث تعتبر الوذمة الرئوية هي المسبب الأساسي لظهور الزلة التنفسية بتظاهراتها المختلفة عند المريض (الجهدية، والانتيابية الليلية، والاضطجاعية، والزلة عند الراحة).

تصنيف قصور القلب

إن قصور القلب ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو متلازمة سريرية لها آلياتها المختلفة. بناء على هذا الكلام، يوجد الكثير من التصنيفات للقصور بالاعتماد على معايير عديدة، سنتناول لمحة عن أهمها فيما يلي:

  • الجانب المصاب: قصور القلب الأيمن أو الأيسر أو الشامل.
  • النتاج القلبي: قصور القلب عالي النتاج، ومنخفض النتاج.
  • الوظيفة القلبية: سوء الوظيفة الانقباضية والانبساطية.
  • شدة المرض والمرحلة السريرية: القصور الحاد والمزمن.

كما سنعرض تصنيف القصور بالاعتماد على الأعراض لا سيما الزلة التنفسية المرافقة لقصور القلب الأيسر، وذلك بحسب NYHA (Heart York New Association)، وفق مراحل متتالية:

  1. المريض غير عرضي.
  2. المريض عرضي على جهد غير اعتيادي (رفع أثقال أو الركض على مرتفع).
  3. ظهور الأعراض على جهد اعتيادي كالأعمال اليومية الروتينية.
  4. المريض عرضي على الراحة.

أسباب قصور القلب

يمكن أن يحدث القصور بسبب العديد من الحالات الطبية التي تتلف عضلة القلب، وتزيد من تدهور الوظيفة القلبية. سنذكر أهم العوامل المطلقة والمؤهبة لفشل عمل القلب:

  • الآفات الصمامية.
  • الأمراض القلبية الخلقية.
  • الآفات الإكليلية: نقص التروية القلبية والاحتشاء.
  • ارتفاع التوتر الشرياني.
  • اضطرابات النظم القلبية: على سبيل المثال (تسرعات القلب والرجفان الأذيني، وغيرها الكثير).
  • اعتلالات العضلة القلبية: التوسعية والحاصرة والضخامية.
  • التهابات العضلة القلبية: (الفيروسية والجرثومية والفطرية والسمية أيضًا)، بالإضافة لإنتانات الجسم عامة والأخماج التنفسية خاصة.
  • آفات الشغاف: مثل (تليف الشغاف المرن والتهاب الشغاف الخمجي).
  • آفات التامور: السطام والتهاب التامور العاصر المزمن.
  • أسباب غدية: الانسمام الدرقي والسكري.
  • أمراض عديدة مثل (فقر الدم والصمة الرئوية والأمراض الكلوية).
  • التبغ وتعاطي المخدرات أو الكحول.
  • السمنة وارتفاع نسبة الدهون والشحوم في الجسم.
  • الأدوية: بعض علاجات السرطان كالعلاج الكيميائي، وبعض الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيروئيدية (NSAIDS)، وأنواع معينة من أدوية السكري وغير ذلك.

تشخيص قصور القلب

قد يحتاج طبيبك إلى معرفة بعض المعلومات عن تاريخك الطبي والأعراض التي تعاني منها. سيسألك طبيبك عن أشياء مثل:

  • حالات مرضية: مثل مرض السكري، وأمراض الكلى، وآلام صدرية (الذبحة الصدرية)، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
  • إذا كان لديك تاريخ عائلي يتضمن الإصابة بأمراض القلب أو الموت المفاجئ.
  • إذا كنت تدخن أو تشرب أي نوع من الكحول.
  • إذا كنت قد تلقيت علاجًا كيميائيًا أو شعاعيًا.
  • الأدوية التي تتناولها بشكل دوري.

ستخضع أيضًا لفحص جسدي، سيبحث من خلاله طبيبك عن علامات قصور القلب أو علامات أخرى تشير لوجود أمراض قد تسبب ضعفًا في عضلة القلب مثلًا. كما ستخضع لاختبارات عديدة لمعرفة مدى سوء وظيفة القلب لديك وسبب ذلك. وتشمل الاختبارات الشائعة ما يلي:

  • اختبارات الدم: للتحقق من مستويات الكوليسترول في الدم أو التأكد من وجود فقر الدم من عدمه. كما تفيد في الكشف عن وظائف الغدة الدرقية وعمل الكلى.
  • قثطرة القلب: تسمح للطبيب بفحص قلبك من الداخل وتقييم حالة الحجرات القلبية والصمامات والشرايين المغذية للعضلة القلبية، بالإضافة لقياس الضغوط داخل القلب وإجراءات علاجية أيضًا.
  • الأمواج فوق الصوتية: تصوير مدى قدرة قلبك على الضخ والاسترخاء، وفحص الصمامات، وطريقة تدفق الدم عبرها.
  • الأشعة السينية للصدر: تظهر حجم القلب ووجود سوائل متراكمة حول القلب والرئتين.
  • مخطط كهربية القلب (EKG أو ECG): يسجل هذا الاختبار النشاط الكهربائي للقلب باستخدام أقطاب كهربائية متصلة بأسلاك إلى جهاز مراقبة.
  • الكسر القذفي (EF): هو قياس مقدار الدم الذي يضخه قلبك مع كل نبضة. يمكن قياس EF الخاص بك باستخدام مخطط صدى القلب (echo)، أو أثناء قثطرة القلب مثلًا. تتراوح النسبة الطبيعية بين 55٪ و 70٪.
  • اختبار الجهد: يوضح هذا الاختبار كيف يتفاعل قلبك مع الإجهاد. ومن المحتمل أن تمارس التمارين على جهاز الجري أو الدراجة الثابتة بمستويات مختلفة من الصعوبة أثناء تسجيل معدل ضربات القلب وتخطيط القلب وضغط الدم.

 

العلاج الدوائي لقصور القلب

قد يصف الطبيب أكثر من دواء للمريض وذلك تبعًا لحالته المرضية والسريرية. يتضمن العلاج الدوائي ما يلي:

  • حاصرات بيتا blockers Beta: وأفضل هذه الأدوية هي (Carvidolol, Bisoprolol, Metoprolol). وتكمن أهمية هذه الأدوية تكمن في حماية القلب من نقص التروية بإبطاءه وحمايته من اللانظميات وتخفيض ضغط الدم.
  • مثبطات الخميرة القالبة Inhebitors Ace أو حاصرات مستقبالت الأنجيوتنسين ARBs: توسع هذه الأدوية الأوعية وبالتالي تقلل من الحمل على القلب. عادة تسبب المثبطات السعال الجاف عند بعض المرضى وهو أكثر عرض جانبي مزعج لها، لذلك تستبدل بالحاصرات في كثير من الحالات.
  • مدرات البول: لتقليل الوذمة عن طريق تقليل حجم الدم والضغوط الوريدية. بالإضافة لتقييد الملح إلى جانب المدرات، وذلك لتقليل احتباس السوائل عند المرضى الذين يعانون من الوذمات بشكل عام ووذمة الرئة بشكل خاص. وهناك عدة أنواع مختلفة من مدرات البول، ولكن الأكثر استخدامًا لفشل القلب هي فوروسيميد وبوميتانيد.
  • مضادات الألدوستيرون (Spironolactone): تعمل كمساعد للأدوية المدرة للبول. حيث تعاكس عمل الألدوستيرون في رفع حجم الدم، وبالتالي تنقص من الحمل والعبء على القلب، وبالتالي تخفض ضغط الدم.
  • النترات مع Hydralazine: لتحسين الأعراض ووظيفة البطين. تستخدم عند المرضى الذين لا يستطيعون تحمل (ACEIوARB) أو كعلاج إضافي لها أو لحاصرات بيتا.
  • الديجوكسين: يمكن أن يؤدي إلى زيادة طفيفة في النتاج القلبي، وتحسين أعراض القصور. لكنها نادرًا ما تستخدم في سوء الوظيفة الانبساطية.
  • مضادات التخثر: لتقليل خطر الإصابة بالجلطات الدموية، وخاصة في حالة الرجفان الأذيني.
  • الأدوية الخافضة للكوليسترول (الستاتينات): عند ارتفاع نسبة الشحوم الضارة في الجسم. حيث وجد أن هذه الأدوية تقي من تطور أمراض القلب الوعائية أو الوفاة عند أولئك الذين هم في خطر الإصابة بها.

العلاج الجراحي لقصور القلب

تعتبر الأدوية هي العلاج الرئيسي لفشل القلب، ولكن قد تساعد الجراحة في سير العلاج بالنسبة لبعض الأشخاص. تشمل العمليات التي يمكن أن تساعد في علاج فشل القلب ما يلي:

  • الجراحة على صمامات القلب: (كاستبدال الصمام أو إصلاحه).
  • المجازات أو القثطرة أو رأب الأوعية التاجية: تستخدم في حالات الشريان الضيق أو المسدود.
  • أجهزة مساعدة للبطين الأيسر: هي بطاريات أو مضخات ميكانيكية تساعد البطين الأيسر الذي لا يعمل بشكل صحيح. يمكن استخدامها كعلاج دائم إذا لم تتمكن من إجراء عملية زرع قلب، أو كإجراء مؤقت أثناء انتظارك لعملية الزرع.
  • زرع قلب: قد تكون ضرورية في حال كان القصور حادًا ولا يمكن علاجه بشكل فعال بالأدوية أو أنواع الجراحة الأخرى. كما أنه قد يضطر بعض الأشخاص إلى الانتظار عدة سنوات للحصول على العضو المناسب لهم.

الأجهزة المستخدمة في علاج قصور القلب

سيحتاج بعض الأشخاص المصابين بفشل القلب إلى زرع جهاز صغير في صدرهم، يساعدهم في التحكم في نظم القلب. لذلك سنعرض الأجهزة الأكثر استخدامًا وهي:

  • أجهزة منظمة لضربات القلب أو منظم ضربات القلب الاصطناعي (pacemaker): يراقب معدل ضربات قلبك باستمرار، ويرسل نبضات كهربائية إلى قلبك لإبقائه ينبض بانتظام وبالسرعة المناسبة. يقوم الطبيب عادة بزرع الجهاز تحت الجلد، وعادة ما يكون تحت التخدير الموضعي.
  • أجهزة علاج إعادة التزامن القلبي (CRT): هو نوع خاص من أجهزة تنظيم ضربات القلب، يمكنه تصحيح المشكلة عن طريق جعل جدران البطين الأيسر تتقلص كلها في نفس الوقت. هذا يجعل القلب يضخ بشكل أكثر كفاءة وفعالية.
  • مزيلات الرجفان أو أجهزة تنظيم ضربات القلب المزروعة (ICDs): قد يحتاج الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بنظم قلبي غير طبيعي إلى تركيب جهاز يعرف باسم مزيل الرجفان القابل للزرع (ICD). إذا بدأ القلب في النبض بسرعة خطيرة، سيحاول الجهاز إعادته إلى طبيعته من خلال إعطائه صدمة كهربائية صغيرة يمكن التحكم فيها.

إذا كنت تعاني من زلة تنفسية على الجهد وبدأت تترقى تدريجيًا مع مرور الوقت، فعليك مراجعة الطبيب الخاص بك. أضف إلى ذلك، إن اتباع نمط حياة صحي أكثر، يساعد في الوقاية من تطور أمراض القلب.