يشكل الفم إحدى الواجهات التي يتعامل الجسد من خلالها مع العالم الخارجي، كما يُعد تناسق شكله واصطفاف الأسنان فيه أحد العوامل المهمة في عالم الجمال. لذا فإن الاهتمام بالصحة الفموية لهُ أبعاد صحية وجمالية على حدٍّ سواء. ولأنّ معرفة أسباب المرض تعتبر أساسيةً لمعرفة كيفية تفاديه، سوف نتعرف اليوم إلى أسباب التهاب اللثة وكيفية علاج هذه الحالة.
إنّ للصحة الفموية دور مهمّ في الحفاظ على صحة الجسد ككل، فأسنان سليمة صحية تعني أن صاحبها قادر على تناول غذائه بشكل منتظم. كما أن التهابات الأسنان المتكررة يمكن أن تتجاوز في تأثيرها الحفرة الفموية لتؤثر في النهاية على صحة الأمعاء، وحتى على صمامات عضلة القلب.
مما سبق يتبين لنا أنّ إدخال العناية بالصحة الفموية ضمن الروتين اليومي ليس مضيعةً للوقت، وإنما استثمار لمستقبل نتمتع فيه بصحة أفضل.

التعريف بحالة التهاب اللثة

لا تعتبر حالة التهاب اللثة بحد ذاتها من الأمراض الخطيرة، ولكن بقاؤها دون علاج يمكن أن يؤدي إلى التهاب النسج حول السنية بعد ذلك. وهي حالة خطيرة يمكن أن تنتهي بتساقط أسنان المريض.
تكون الأعراض خفيفةً في بداية حالة التهاب اللثة، حتى أنّ المريض قد لا يشعر بإصابته بها. ولكنّ كشف بدء الالتهاب والمسارعة بمعالجته من العوامل المهمة في الحفاظ على صحة الفم ككل.

أهم أسباب التهاب اللثة

  • يعتبر تراكم طبقات من الترسبات الناتجة عن الجراثيم حول الأسنان من أهم وأشيع أسباب التهاب اللثة. حيثُ تسبب هذه الترسبات تحفيز استجابة مناعية يمكن أن تضر بأنسجة اللثة. وكما قلنا، يمكن أن تؤدي هذه الحالة في النهاية عند إهمالها إلى سقوط أسنان المريض.
  • يمكن للتغيرات الهرمونية التي تحدث في مراحل مختلفة من الحياة كالبلوغ والدورة الشهرية أن تجعل أنسجة اللثة أكثر حساسيةً. حيثُ تكون اللثة الحساسة أكثر عرضةً للإصابة بالالتهاب، وبالتالي تزداد نسبة حدوث هذه الحالة ومضاعفاتها.
  • ترتبط بعض الأمراض مثل السرطان، السكري وعوز المناعة المكتسب بازدياد نسبة الإصابة بالتهاب اللثة.
  • لوحظ أن التهاب اللثة يصيب المدخنين أكثر من غير المدخنين. وأحد التفسيرات المحتملة هي تسبب التدخين بانخفاض التروية الدموية الواردة إلى الفم.
  • تزيد بعض الأدوية من تواتر الإصابة بالتهاب اللثة، وخصوصًا تلك التي تسبب انخفاضًا في إفراز اللعاب. كما يمكن لبعض الأدوية الأخرى مثل مضادات الصرع أن تسبب نموًّا غير طبيعي في أنسجة اللثة.
  • تترافق حالات سوء التغذية وضعف التنوع في الأغذية المتناولة بازدياد ملحوظ في حالات التهاب اللثة. حيثُ أن عوز بعض الفيتامينات مثل الفيتامين C يترافق بازدياد الإصابة بأمراض اللثة.

أنماط التهاب اللثة

يمكن تصنيف أنماط التهاب اللثة إلى نمطين أساسيين:

التهاب اللثة المحرض بالترسبات السنية

تتسبب الترسبات الناتجة عن البكتيريا، والعوامل الجهازية، والأدوية وسوء التغذية بهذا النمط.

الآفات اللثوية غير المحرضة بالترسبات السنية

يمكن أن يصاب المريض بهذا النمط نتيجةً للتعرض لجرثوم، فيروس أو فطر معين. كما يمكن أن يصاب به كردة فعل نتيجة لجرح أو جسم غريب كالأسنان الاصطناعية وبدلات الأسنان.

الأعراض الرئيسية لالتهاب اللثة

كما أسلفنا الذكر، تكون الأعراض خفيفةً وغالبًا غير ملحوظة في الحالات الخفيفة من التهاب اللثة. ولكن، ومع تطور الحالة تبدأ بعض الأعراض المزعجة بالظهور، مثل:

  • احمرار اللثة، والإحساس بالألم عند لمسها.
  • نزف اللثة عند تفريش الأسنان.
  • ظهور رائحة كريهة للفم.
  • لثة ملتهبة ومتورمة.
  • تراجع النسيج اللثوي.

تشخيص حالة التهاب اللثة

يجب أن تُشخص الحالة من قبل طبيب أسنان مختص، حيثُ يجري فحصًا للحفرة الفموية بحثًا عن الجير أو الترسبات. كما يُفضل أن يتفحص الطبيب الفم خوفًا من وصول الحالة إلى التهاب النسج حول السنية. حيثُ يمكن أن تُجرى هذه الفحوصات باستخدام أشعة إكس أو أداة خاصة تقيس عمق الجيوب حول الأسنان.

علاج التهاب اللثة

عند تشخيص التهاب اللثة بشكل مبكرة، واتباع الخطوات العلاجية المناسبة يمكن التخلص من هذه الحالة بشكل كامل.
تتضمن المعالجة شقين اثنين، أولهما تقديم العناية من أخصائي طب الأسنان وثانيهما الخطوات التي على المريض أن يمارسها في المنزل.

العناية السنية الاحترافية

تشكل عملية التقليح -وهي إزالة الترسبات والجير من قِبل الطبيب- خطوةً مهمةً في علاج التهاب اللثة. وهذه العملية قد تكون غير مريحة خصوصًا إذا امتد الجير على مساحات واسعة، أو إذا كانت اللثة حساسةً.
بعد ذلك على طبيب الأسنان أن يشرح للمريض أهمية العناية بنظافة الفم، ويعلمه كيفية تفريش أسنانه بطريقة صحيحة وكيفية استخدام الخيوط الطبية لتنظيف ما بين الأسنان.

العناية بالأسنان في المنزل

ينصح أطباء الأسنان باتباع بعض الخطوات البسيطة للحفاظ على صحة الفم، ومنها:

  • تفريش الأسنان مرتين يوميًّا، ويفضل استخدام فرشاة الأسنان الكهربائية.
  • تنظيف ما بين الأسنان باستخدام الخيوط الطبية مرةً واحدةً في اليوم على الأقل.
  • المضمضة بالغسولات الفموية المطهرة بشكل منتظم.

إنّ جسم الإنسان وحدة متكاملة ذات نظام متشابك ومعقد، إهمال جزء منه يؤثر على الأجزاء الأخرى سلبًا. فالتهاب اللوزات المتكرر لدى الأطفال يمكن أن يؤدي للإصابة بالروماتيزم وأذية صمامات عضلة القلب. ونقص عنصر غذائي معين يمكن أن يسبب عددًا كبيرًا من الاضطرابات. وبالتالي من المهم ألا نهمل أي عامل من العوامل المؤثرة على صحتنا مهما كان بسيطًا، فمثلًا العناية بالصحة الفموية لمدة بسيطة لا تتجاوز العشر دقائق يوميًّا يمكن أن تجنبنا العديد من المضاعفات والمشاكل الخطيرة صعبة العلاج. مع تمنياتنا لكم بدوام الصحة والعافية.