إذا كنت سيدتي ممن يتناولون الكحول، وتخططين لإنجاب مولودٍ جديدٍ، فقد ترغبين بمعرفة ما تأثير استهلاك الكحول أثناء الحمل على الأم وجنينها. فلنبدأ إذًا بمقدمةٍ عن الكحول حتى نتمكن من رسم الصورة الكاملة لك حول هذا الموضوع. إذ يعود تاريخ النبيذ إلى حوالي ستة ألاف سنةٍ قبل الميلاد. وكان أول ظهور له في المنطقة بين جورجيا، وأرمينيا، وإيران، ثم عرف في أوربا بعد ذلك بألفٍ وخمسمائة سنةٍ في بلغاريا واليونان وروما. ويعرف الكحول بأنه عقار سائل مصنف بأنه من المثبطات، وهو الاسم الشهير للإيثانول، ويصنع عن طريق تخمير بعض المواد الطبيعية مثل الفاكهة، والحبوب، والخضروات.

يؤثر النظام الغذائي للأم أثناء فترة حملها بشكلٍ كبيرٍ على صحتها وصحة جنينها. لذا من المهم جدًا أن تعرف كل ما هو مفيد ومضر لها ولجنينها من طعام ٍ، وشرابٍ، وأدويةٍ وغير ذلك. وقد أثبتت الكثير من الأبحاث والدراسات أن للكحول أثارًا سلبيةً على الأم وجنينها حتى في المرحلة التي تسبق الحمل. لذا قدمنا لك سيدتي كل ما يتعلق بتأثير استهلاك الكحول أثناء الحمل. إضافةً إلى الآثار السلبية العامة للكحول، مع تقديم بعض النصائح التي قد تساعدك في الإقلاع عن الكحول إذا كنت من المدمنين عليه.

تأثير استهلاك الكحول على المرأة الحامل

أجريت دراسة في جمهورية روسيا الاتحادية بهدف معرفة مدى تأثير الكحول على الرجال والنساء. وقد شملت الدراسة ثمانيةً وسبعين رجلًا مدمنًا على الكحول، وأربعًا وعشرين امرأةً مدمنةً على الكحول. حيث لاحظ الفريق الطبي الدارس أن النساء كن أقل نجاحًا من الرجال في الاختبارات المرتبطة بالذاكرة البصرية النشطة، والمرونة الإدراكية، والتخطيط المكاني وحل المشاكل حتى عندما شرب الرجال لفترةٍ أطول بكثيرٍ من النساء. وقد أشار الباحثون إلى أن كلا الجنسين يتعرضون لنفس الآثار السلبية الناجمة عن شرب الكحول، ولكن النساء يتأثرن بالكحول بسرعةٍ أكبر من الرجال.
وفي حالة المرأة الحامل يكون الخطر مضاعفًا. إذ لا يؤثر الكحول بشكلٍ سلبيٍ على الجنين فحسب، بل يعتبر مضرًا كثيرًا لصحة الأم أيضًا. فقد يزيد تناول أكثر من اثنتي عشر كأسًا في الأسبوع من خطر الولادة المبكرة. كما يزيد تناول أكثر من ثلاث كؤوس في اليوم من خطر الإجهاض. وتشمل الآثار السلبية لتناول الكحول على المرأة الحامل:

  • التقيؤ، والجفاف.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • سوء التغذية.
  • الإصابة بسكر الحمل، أو تسمم الحمل.

تأثير الكحول على الجنين

يعتبر الكحول من المواد التي يمكن أن تعبر المشيمة من دم الأم إلى دم الجنين، لذلك عندما تشرب المرأة الحامل، فإن جنينها يشرب أيضًا، وقد يتسبب هذا بالإجهاض، أو ولادة طفلٍ ميت، أو ولادة طفلٍ يعاني العديد من الإعاقات الجسدية والعقلية والسلوكية. وتسمى مجموعة الأعراض التي تلحق بالجنين نتيجة تعاطي الكحول باضطرابات طيف الكحول لدى الجنين، أو بمتلازمة الجنين الكحولي في الحالات الأكثر حدةً. وقد وجد الأطباء أن تناول الأم الحامل للكحول من شأنه أن:

  • يجعل مخيخ الطفل، المسؤول عن التوازن والحركة، أصغر وأقل حجمًا من الحالة الطبيعية.
  • يؤثر على معدل تدفق الدم إلى الجنين، وبذلك لن يحصل الجنين على العناصر الغذائية اللازمة لعملية النمو، مما يسبب ولادة طفلٍ صغير الحجم.
  • يسبب إصابة الأطفال ببعض التشوهات الخلقية كالتشوهات التي تحصل في الوجه، إضافةً إلى بعض المشاكل التي قد تصيب حاستي السمع والبصر.
  • يصيب بعض الأطفال بحالات تدهورٍ عقليٍ حادةٍ، حيث تزداد حالات التخلف العقلي، ويتراجع معدل ذكاء الطفل بشكلٍ عامٍ.
  • يزيد احتمالية ولادة أطفالٍ يعانون من عيوبٍ خلقيةٍ في القلب.

قد يواجه هؤلاء الأطفال أيضًا صعوباتٍ في التعلم، والتحكم في تصرفاتهم، وفي تكوين صداقاتٍ. كما قد يميلون في مرحلة المراهقة إلى المشاركة في السلوكيات عالية الخطورة، وإلى الانخراط في السلوك الإجرامي. ومن الجدير بالذكر أنه قد لا تظهر أحيانًا أية أعراضٍ على هؤلاء الأطفال بعد الولادة مباشرةً، لكنها تبدأ بالظهور عندما يبلغ عمر الطفل عدة سنواتٍ فقط.

تناول الكحول قبل الحمل

ينصح الأطباء الأمهات اللواتي يخططن لإنجاب مولدٍ بالتوقف عن شرب الكحول قبل الحمل. إذ تشير العديد من الدراسات إلى زيادة احتمال الإجهاض في حال تناول الكحول قبل الحمل. كذلك يرتبط استهلاك الكحول خلال أي مرحلةٍ من مراحل الدورة الشهرية بشكلٍ كبيرٍ بانخفاض فرص الحمل الطبيعي. كما يقلل شرب الكحول قبل عملية التلقيح الاصطناعي من فرص نجاح الحمل عند الزوجين. إذ أظهرت الدراسات زيادة احتمال الإجهاض بنسبة ثلاثة أضعافٍ عند تناول المرأة كأسًا واحدةً يوميًا من الكحول قبل العملية بشهرٍ. بينما ترتفع هذه النسبة أربعة أضعافٍ عند تناول المرأة للكحول قبل العملية بأسبوعٍ.

ناهيك عن أن الإفراط في الشرب قد يسبب عجزًا جنسيًا وضعفًا في الخصوبة عند كلٍ من المرأة والرجل. حيث يقلل تناول الكحول من جودة الحيوانات المنوية عند الرجل بشكلٍ كبيرٍ، كما يعتقد أن شرب الأب للكحول قبل حمل الزوجة قد يسبب مشاكلًا في النمو عند الجنين. لذا يجب أن يتوقف الوالدين معًا عن شرب الكحول قبل الحمل بما يقارب ثلاثة أشهرٍ على الأقل.

مخاطر أخرى لتناول الكحول

أثبتت الكثير من الدراسات ارتباط الكحوليات بالعديد من الأمراض، حيث توصل الباحثون إلى تحديد أكثر من ستين مرضًا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتناول الكحوليات، ومن الأمراض المرتبطة بتناول الكحول:

  • أمراض الكبد: وتقسم إلى ثلاثة أنواعٍ، مرض الكبد الدهني الكحولي، والتهاب الكبد الكحولي، وتليف الكبد وهو أخطرها وقد يسبب الوفاة.
  • أضرار في منطقة الدماغ: حيث لاحظ الباحثون أن متوسط حجم الدماغ عند مدمني الكحوليات انخفض بمقدار واحدٍ فاصلة ستةٍ بالمئة عنه في الحالات الطبيعية.
  • أمراض القلب: يسبب الكحول ارتفاعًا في ضغط الدم، مما يجعل الإنسان عرضةً للإصابة بالسكتة القلبية، وتلف الشرايين. إذ يعتبر الكحول من المواد السامة التي ترفع درجة السمية في الدم.
  • يزيد من خطر الإصابة بالسرطان كسرطان البنكرياس، والكبد، والثدي، والمستقيم. إضافةً إلى تأثيره المسرع للإصابة بسرطان الحنجرة، والبلعوم، والمريء.
  • التهاب المفاصل، وينتج عن الإفراط في تناول الكحوليات.
  • الإصابة ببعض الأمراض النفسية، كالاكتئاب، والأرق، والوسواس القهري، كما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمرض الصرع.
  • يسبب اختلالًا في مركز التوازن والذاكرة، مسببًا مرضًا يعرف باعتلال الأعصاب المتعلق بالكحول، بحيث يشعر المريض بوجود مخدرٍ في أطرافه بشكلٍ دائمٍ.

قد يكون الكحول أيضًا مسؤولًا في بعض الحالات عن أمراض السمنة وزيادة الوزن، نظرًا لاحتوائه على عددٍ كبيرٍ من السعرات الحرارية. كذلك قد يرفع نسبة الإصابة بأمراض الفشل الكلوي نتيجة عدم قدرة الكلية على التخلص من السموم الموجودة في الدم في حال الاستمرار بتناول الكحول لفتراتٍ طويلةٍ.

الإقلاع عن تناول الكحول

قد لا يكون الإقلاع عن الكحول أمرًا بسيطًا، فهو يحتاج في البداية إلى الرغبة والإرادة، ثم إلى المتابعة والمثابرة، وقد يحتاج في بعض الأحيان إلى الدعم من الأهل والأصدقاء، وقد تساعدك النصائح التالية في الإقلاع عن تناول الكحول:

  • ابدئي بتخفيض الجرعة المتناولة بدلًا من إيقافها بشكلٍ مفاجئٍ.
  • ذكري نفسك دائمًا بمخاطر الكحول على صحتك وصحة جنينك.
  • قد يكون من المفيد جدًا إشراك شخصٍ مقربٍ في المشكلة، بحيث يقدم لك الدعم والتشجيع.
  • التحدث إلى أشخاصٍ آخرين خاضوا هذه التجربة وتمكنوا من النجاح فيها.

صمم العقل البشري بحيث لا يقبل الفراغ، لذا لا بد من الاستعاضة عن الكحول بمشروبٍ آخر يمكنك اختياره بحيث يكون أقل ضررًا على الصحة. وينصح أيضًا بتغيير بعض العادات اليومية وربطها بالإقلاع عن تناول الكحول. كما يمكن أيضًا الاستعانة بمقدمي الرعاية الصحية للحصول على النصائح المناسبة لكل حالةٍ.