قد تتفاجئين سيدتي بأن واحدةً من صديقاتك الحوامل مصابة بالانسمام الحملي، لكنك ستسألين بكل تأكيدٍ بعد ذلك ما هي أعراض الانسمام الحملي وطرق علاجه. حيث يعتبر الحمل من أكثر المراحل حساسيةً في حياة النساء، وفيه تكون بعضهن عرضةً للإصابة بعدة أمراضٍ، كسكري الحمل، والانسمام الحملي وغيرها. ويعرف الانسمام الحملي بأنه اضطراب صحي عادةً ما يصيب المرأة الحامل بعد عشرين أسبوعًا من بداية الحمل، وحتى ستة أسابيعٍ بعد الولادة. ويترافق هذا الاضطراب بارتفاعٍ في ضغط الدم، وبزيادةٍ ملحوظةٍ في تركيز البروتينات في البول. ويعتبر مقدمةً لحالةٍ أكثر خطورةً تعرف بالارتعاج. كما يؤثر هذا الاضطراب على كلٍ من الأم وجنينها، وتشير الإحصائيات إلى أنه يحدث عند ما يقارب عشرةً بالمئة من النساء الحوامل. وتختلف مراحل تطور الحالة من مريضةً لأخرى، وقد لا تشعر المرأة أحيانًا بأعراضه. لذا من المهم المحافظة على الفحوصات الحيوية بشكلٍ منتظم.

ويعرف بأسماءٍ عديدةٍ كتسمم الحمل، وضغط الدم الحملي، وما قبل الارتعاج. كذلك يقسم إلى ثلاثة أنوعٍ، تسمم أثناء الحمل، وأثناء الولادة، وما بعد الولادة. وقد حرصنا أن نقدم لك سيدتي في مقالنا التالي كل ما له علاقة بتسمم الحمل، بدءًا من أعراضه، ثم أسبابه وطرق علاجه، ثم الإجراءات المتبعة للوقاية منه. أملين أن نكون قد وفقنا في تقديم الإجابة الشافية لتساؤلاتك.

أعراض الانسمام الحملي

قد يحدث ارتفاع ضغط الدم الناتج عن تسمم الحمل بصورةٍ سريعةٍ، أو بطيئةٍ وثابتةٍ. كما تتراوح حالات الإصابة بين الخفيفة والحادة. ففي الحالات الخفيفة قد لا تشعر المرأة الحامل بأيٍ من أعراض تسمم الحمل، لذا تعد مراقبة ضغط الدم جزءًا مهمًا في مثل هذه الحالات. حيث يعتبر ارتفاع ضغط الدم العلامة الأولى للإصابة بالانسمام الحملي، وقد تتضمن علامات الانسمام الحملي الأخرى ما يلي:

  • تراكيزًا زائدةً للبروتين في البول.
  • صداعًا شديدًا ومستمرًا لأكثر من أربعةٍ وعشرين ساعةً.
  • تورمًا في الأطراف، وفي الوجه، وخصوصًا حول العينين.
  • دوارًا، وغثيانًا، وأحيانًا قيء.
  • ضيقًا في التنفس.
  • اضطراباتٍ في الرؤية، أو فقدان البصر المؤقت.
  • ألمًا في الجزء الأعلى والأيمن من البطن تحت الأضلاع مباشرةً.
  • قلةً في إنتاج البول.
  • ارتفاع مستوى أنزيمات الكبد، ونقص الصفيحات الدموية.
  • زيادةً مفاجئةً في الوزن.
  • اختلاجاتٍ وتشنجاتٍ في المراحل المتقدمة (الارتعاج).

أسباب تسمم الحمل

يعتبر السبب الرئيسي وراء تسمم الحمل غير معروفٍ حتى الآن، إلا أن هناك اتفاق عام على اعتبار المشيمة لاعبًا هامًا في ظهور أعراضه. حيث يسود اعتقاد بأن السبب وراء تسمم الحمل هو الانغراس الضحل للمشيمة في رحم الأم، مما يجعلها ناقصة الأكسجين، ويؤدي إلى حدوث رد فعلٍ مناعيٍ يتصف بزيادة إفراز الوسائط الالتهابية من المشيمة والتي تؤثر بدورها على الخلايا المبطنة للأوعية الدموية. ويعزى الانغراس الضحل للمشيمة إلى استجابة الجهاز المناعي لجسم الأم لدخول المشيمة عليه. ففي حال ضعف الجهاز المناعي لدى الأم تحدث استجابةً مناعيةً في جسمها ضد وجود المستضدات الأبوية الموجودة في الجنين والمشيمة الملتصقة به. الأمر الذي يمنع عملية انغراس المشيمة في رحم كما هي في الحالات الطبيعية. وتربط الكثير من النظريات تسمم الحمل بوجود الأسباب التالية:

  • رفض الجهاز المناعي في جسم الأم للمشيمة.
  • نقص الإرواء المشيمي.
  • تقلص حجم الأوعية الدموية، إضافةً إلى التجلطات المنتشرة فيها.
  • إصابة الخلايا البطانية.
  • زيادة تهيج الجهاز العصبي المركزي.

عوامل تزيد من خطر الإصابة بتسمم الحمل

هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث الانسمام الحملي، نذكر منها:

  • الحمل لأول مرةٍ.
  • في حال الإصابة بتسمم الحمل في الحمل السابق.
  • الحمل بتوأمٍ أو أكثر.
  • اضطراباتٍ في جهاز المناعة، مثل التهاب المفاصل، والتصلب المتعدد، والذئبة.
  • السمنة المفرطة قبل الحمل، أو أثناءه.
  • عدم تجاوز عمر المرأة الحامل سبعة عشر عامًا، أو تجاوزه الأربعين عامًا.
  • الحمل المتقارب، أو المتباعد، كوجود فارقٍ زمنيٍ أقل من سنتين، أو أكثر من عشر سنوات بين حملٍ، وآخر.
  • عوامل وراثية، كوجود تاريخٍ عائليٍ للإصابة بتسمم الحمل.
  • أن يكون الحمل ناتجًا عن إخصابٍ مخبريٍ (طفل أنبوبٍ).
  • الإصابة ببعض الأمراض كسكر الحمل، وفقر الدم، وتكيس المبايض، وأمراض الكلى والأوعية الدموية.

كذلك تشير الإحصائيات إلى زيادة احتمالية الإصابة بتسمم الحمل، في حال كانت والدة المرأة الحامل قد أصيبت بتسمم الحمل أثناء حملها بها، والأمر نفسه مع أم الزوج.

تشخيص تسمم الحمل

يعمل الطبيب المتابع لحملك على إجراء فحوصاتٍ دوريةٍ أثناء زيارتك له. وعند ملاحظة وجود ارتفاعٍ في ضغط الدم فوق 90/140 ملم زئبقي في قياسين يفصل بينهما أكثر من أربع ساعاتٍ، يلجأ الطبيب إلى إجراء اختبارات تسمم حملٍ أخرى للتأكد مثل:

  • تحليل بولٍ للتحقق من تركيز البروتين فيه.
  • تحليل دمٍ لتحديد كفاءة عمل الكليتين والكبد، وتحديد عدد الصفيحات الدموية.
  • الفحص بالموجات فوق الصوتية لمراقبة نمو الجنين، ومعرفة وزنه، ومقدار السائل الأمنيوسي حوله.
  • فحص مراقبة الجنين لتحديد معدل ضربات قلب الطفل أثناء حركته.
  • اختبار عدم الإجهاد، وتحديد الملامح البيوفيزيائية للجنين بهدف قياس تنفس الطفل ووضع العضلات لديه.

لذا احرصي سيدتي على إخبار طبيبك بأية أعراض تسمم حمل قد تلاحظينها، لأن ذلك قد يساعده كثيرًا في عملية التشخيص.

علاج الانسمام الحملي

تعتبر الولادة أفضل طريقةٍ لوقف أعراض الانسمام الحملي الشديدة، فإذا بدأت أعراض الانسمام بالظهور مع اقتراب موعد الولادة، فقد يعطي الطبيب المرأة دواءً محرضًا للولادة. إضافةً إلى سلفات المغنيزيوم التي تعطى بشكلٍ وريدي للوقاية من الاختلاجات أثناء المخاض. أما إذا كان الوقت مبكرًا جدًا فقد لا تكون الولادة هي الحل، ويكون العلاج تبعًا لشدة الحالة. فإذا كانت الأعراض بسيطةً إلى متوسطةٍ فيمكن علاجها بتغيير النمط الغذائي، أو ممارسة التمارين الرياضية، إضافةً إلى تناول أدوية علاج ضغط الدم المرتفع. في حين قد يتطلب الأمر في الحالات الحرجة دخول المرأة إلى المستشفى وبقائها فيها تحت الإشراف الطبي حتى اقتراب موعد الولادة مع إعطائها مجموعةً من الأدوية مثل:

  • أدوية خفض ضغط الدم.
  • أدوية الكورتيكوسترويد.
  • كبريتات المغنيزيوم.
  • أدوية مضادة للاختلاجات مثل سلفات المغنيزيوم.

وفي حال تمكن الأطباء من ضبط ارتفاع ضغط الدم لدى المرأة، فقد تتمكن من العودة إلى المنزل ولكن مع الالتزام بالاستراحة في السرير، وعدم القيام بالنشاطات المجهدة.
كذلك قد يكون من الضروري مراقبة المرأة بعد الولادة لمدة أربعة أيامٍ في المستشفى مع إعطائها سلفات المغنيزيوم لمدة أربعًا وعشرين ساعةً. كما ستحتاج إلى فحصٍ كل أسبوعٍ بعد عودتها إلى المنزل خلال الأشهر القليلة الأولى. وفي حال بقي ضغطها مرتفعًا فقد لا يكون هذا الارتفاع ناجمًا عن تسمم الحمل، ويجب البحث عن أسبابٍ أخرى تسبب ارتفاع الضغط.

الوقاية من الانسمام الحملي

يساعد أحيانًا اتخاذ بعض الخطوات الوقائية في تقليل خطر الإصابة بتسمم الحمل، وتشمل هذه الخطوات:

  • تناول بعض الأدوية العلاجية، كجرعةٍ صغيرةٍ من الأسبرين يوميًا خلال الربع الأول من الحمل، وأدوية ضبط ضغط الدم. إضافةً إلى أكسيد النيتريك الذي يعمل على توسيع الأوعية الدموية وزيادة تدفق الدم إلى الرحم.
  • تناول المكملات الغذائية، مثل مكملات الكالسيوم، وفيتامين د، ومضادات الأكسدة.
  • إجراء الفحوصات والتحاليل خلال فترة الحمل للتأكد من عدم وجود أعراض الانسمام الحملي، كتحاليل الدم والبول.
  • تناول الأطعمة الغنية بالألياف كالخضروات والفواكه. إضافةً إلى الأطعمة الغنية بالبروتين.
  • تجنب الأطعمة المقلية، والوجبات السريعة.
  • شرب كميات كافية من المياه بما لا يقل عن عشر أكواب يوميًا، وتجنب المشروبات الكحولية، والمشروبات الغنية بالكافيين.
  • الحصول على قسط كافٍ من الراحة، ويمكن الاستلقاء يوميًا لمدة ربع ساعةٍ مع رفع القدمين للأعلى قليلًا.
  • الحفاظ على وزنٍ صحيٍ، وممارسة الرياضة بشكلٍ منتظمٍ.
  • التقليل من كميات الملح المضافة إلى الوجبات.