تأخذ صحة أطفالنا ومتابعة أطوار نموهم حيزًا كبيرًا من تفكيرنا، وكثيرًا ما ننشغل بأي طارئٍ قد يعرقل رحلة تطورهم. ويعتبر نقص هرمون النمو من الاضرابات الشائعة لدى الأطفال، لذا كثيرًا ما يتساءل الأهل ما علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال، وما هي أعراضه الشائعة التي تمكنهم من التعرف عليه.
يعرف هرمون النمو بأنه هرمون بروتيني ببتيدي يعمل على تحفيز النمو وتحفيز تكاثر الخلايا وتجديدها. ويفرز هذا الهرمون عن طريق خلايا موجودةٍ في الأطراف الجانبية الأمامية للغدة النخامية. أما نقص هرمون النمو فيعرف بأنه اضطراب صحي يحصل نتيجة ظهور بعض المشاكل في الغدة النخامية، حيث يقل إفراز هرمون النمو ويكون بذلك غير كافٍ لدعم نمو العظام والعضلات.

ومن الجدير بالذكر أن نقص هرمون النمو قد يكون منفردًا، وقد يكون مترافقًا مع نقص هرموناتٍ أخرى تفرزها الغدة النخامية. حيث تسمى هذه الحالة بقصور الغدة النخامية. لذلك عند تشخيص نقص هرمون النمو من المهم التأكد أن باقي الهرمونات المفرزة من الغدة النخامية تعمل بشكلٍ جيدٍ. نقدم لك عزيزي القارئ في مقالنا التالي أسباب نقص هرمون النمو وأعراضه، إضافةً إلى الطرق المتبعة في علاج نقص هرمون النمو، حتى تتمكن من حماية أطفالك من أعراضه.

أسباب نقص هرمون النمو عند الأطفال

يعتبر نقص هرمون النمو عند الأطفال في معظم الأحيان مجهول السبب، وقد يظهر عند الولادة أي أن سببه يكون خلقيًا، أو ما بعد الولادة ويكون عندها مكتسبًا. وقد يحدث نقص هرمون النمو الخلقي نتيجةً لـ:

  • عيوبٍ خلقيةٍ في الدماغ، تؤدي إلى عدم نمو الغدة النخامية بالشكل الطبيعي.
  • قصور في الغدة النخامية نتيجة أسبابٍ وراثيةٍ.
  • طفرةٍ جينيةٍ منقولةٍ من أحد الوالدين أو كليهما.

في حين يحدث نقص هرمون النمو المكتسب نتيجةً لـ:

  • التعرض لإصابة في الرأس، أو الخضوع لعملياتٍ جراحيةٍ، أو علاجاتٍ إشعاعيةٍ للدماغ.
  • التعرض للإصابة بأمراضٍ جهازيةٍ كمرض السل.
  • وجود تاريخٍ مرضيٍ للإصابة بأورام الغدة النخامية.
  • مشاكل هرمونية مرتبطة بالغدة النخامية.
  • ضعف تدفق الدم إلى الغدة النخامية.

كما تشير الدراسات إلى وجود علاقةٍ بين اضطراب النوم ونقص هرمون النمو. فالأطفال الذين ينامون مبكرًا ينشط لديهم إفراز هرمون النمو خلال الليل، الأمر الذي يساعد الطفل على بناء جسمه بشكلٍ طبيعيٍ، في حين لوحظ وجود اضطراب في إفراز هرمون النمو لدى الأطفال الذي لا ينامون بشكلٍ منتظمٍ خلال الليل.

أعراض عوز هرمون النمو عند الأطفال

لا يمكن ملاحظة أعراض نقص هرمون النمو عند المواليد الجدد على الرغم من أنه في بعض الحالات يكون خلقيًا. إذ تبدأ أول أعراضه بالظهور بعد حوالي ستة أشهرٍ من ولادة الطفل. ويعتبر قصر القامة، وتأخر النمو والبلوغ هما السمتين الأساسيتين المميزتين لنقص هرمون النمو عند الأطفال، وتشمل الأعراض الأخرى الأكثر شيوعًا:

  • تأخرًا في نمو الأسنان الدائمة.
  • بطء التطور العضلي، مما يؤخر مظاهر النمو لدى الطفل كالوقوف والمشي والقفز.
  • بطء نمو عظام الوجه، وظهور الجبهة الكبيرة بسبب الإغلاق غير الكامل للجمجمة.
  • تأخر نمو الأنف، وصغر حجمه.
  • نمو الأظافر بشكلٍ بطيءٍ جدًا.
  • انخفاض مستويات السكر في الدم.
  • نمو الشعر بشكلٍ متناثرٍ، وتراجع الخط الأمامي للشعر.
  • صوت ذو نبرةٍ عاليةٍ.

قد تترافق هذه الأعراض أحيانًا بتراكم الدهون في منطقة البطن، وفي حالاتٍ أكثر ندرةً بصغر حجم العضو التناسلي عند الأطفال الذكور. ويمكن القول إن ملامح وجه الطفل الذي يعاني من نقص هرمون النمو تكون غير ناضجةٍ، بحيث تكون ملامح الطفل الذي يبلغ عمره عشر سنواتٍ تجعله يبدو وكأنه بعمر أربع أو خمس سنواتٍ.

تشخيص عوز هرمون النمو عند الأطفال

يتوجب على الوالدين الإسراع في مراجعة الطبيب المختص عند ملاحظتهما لظهور أعراض نقص هرمون النمو عند طفلهما. حيث يقوم الطبيب بالتحاليل والفحوصات اللازمة للتحقق من التشخيص. وغالبًا ما يشخص عوز هرمون النمو بواسطة فحوصات الدم. كما يمكن إجراء اختبارات تحفز فيها الغدة النخامية على إفراز هرمون النمو، ويمكن أيضًا قياس كميات الهرمون المفرزة في الدم بعد نشاطٍ جسديٍ وكل ذلك بهدف معرفة إذا كان هناك رد فعلٍ سليمٍ وملائمٍ لإفراز هرمون النمو في الدم. وقد تتطلب بعض الحالات تقدير عمل باقي هرمونات الغدة النخامية، أو الغدد الأخرى للتأكد من أن الهرمون غير مترافقٍ باضطرابات في الغدد الصم الأخرى.

علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال

يتلخص علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال بإمداد الطفل بهرمون النمو الصناعي لتعويض النقص في الهرمون الطبيعي داخل الجسم. ولا يوجد علاج فموي لتعويض نقص هرمون النمو، إنما يتضمن العلاج حقنًا منتظمًا لهرمون النمو الصناعي باستخدام جهاز حقن يشبه القلم مزود بإبرةٍ صغيرةٍ جدًا تساعد على حقن الهرمون تحت الجلد بحيث يدخل الأنسجة الدهنية له. ويمكن الحقن في أربع أماكنٍ من الجسم هي ظهر الذراعين، وأعلى وخارج الفخذين، وجانبي البطن، وربع الأرداف الخارجي، إذ يجب الحقن فيهم بشكلٍ متناوبٍ.

وفي حين يحصل بعض الأطفال على حقنٍ يوميةٍ، يحصل آخرين على حقنٍ أسبوعيةٍ وذلك حسب شدة الحالة. وينصح بأخذ العلاج بانتظامٍ مع العلم أنه يمكن تغيير موعد الحقنة بتقديمه أو تأخيره عدة ساعاتٍ، ولكن لا يجوز أخذها قبل الساعة الخامسة مساءً، ومن الأفضل أخذها قبل ساعةٍ واحدةٍ من النوم. أما في حال نسيان الجرعة فلا بد من تأخيرها حتى الجرعة التالية، ومن الأفضل محاولة عدم نسيان الجرعة أكثر من مرةٍ واحدةٍ شهريًا لضمان الحصول على أفضل النتائج.
يعتبر استخدام هرمون النمو الصناعي مفيدًا فقط في الحالة التي يبدأ فيها العلاج قبل توقف نمو العظام. وقد يستمر العلاج في أغلب الحالات لعدة سنواتٍ، إلا أنه يمكن رؤية نتائجه بعد ثلاثة أو أربعة أشهرٍ من البدء بحقن الهرمون. وتزداد الجرعة تدريجيًا حتى تصل إلى أكبر قيمة لها عند البلوغ. ومن المتوقع أن يزداد طول الطفل ما بين ثمانيةٍ إلى عشرة سنتيمتراتٍ سنويًا ويسمى هذا بالنمو التعويضي، ولكنه يتباطأ في السنوات اللاحقة إذ يستمر نمو الطفل ولكن بوتيرةٍ أقل من السنة الأولى.

بعض الإجراءات المرافقة لعلاج نقص هرمون النمو عند الأطفال

قد تتطلب بعض حالات علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال العديد من الإجراءات المرافقة لحقن هرمون النمو الصناعي، وتتمثل هذه الإجراءات بـ:

  • العلاج الفيزيائي الطبيعي لمعالجة حالات تأخر الوقوف والمشي وانخفاض القوة البدنية لدى الطفل.
  • العلاج الوظيفي لمساعدة الطفل في الاعتماد على نفسه في تناول الطعام والشراب وارتداء ملابس ودخول الحمام، وغيرها.
  • علاج العجز عن النطق ويساعد في معالجة الضعف في تراكيب الوجه والفم والذي يؤثر على عمليتي البلع والكلام.
  • العلاج النفسي إذ قد يسبب قصر القامة فقدان الثقة بالنفس مما يجعل الطفل عرضةً للتنمر من قبل الأطفال الآخرين، وهذا ما يجعل من العلاج النفسي جزءًا هامًا من خطة العلاج الشاملة.
  • تغيير نمط الحياة بحيث يحصل الطفل على ساعات نومٍ كافيةٍ، ويتناول طعامًا متوازنًا، ويمارس التمارين الرياضية بشكلٍ منتظمٍ.
  • قد يكون العلاج بالعمليات الجراحية أو العلاج الإشعاعي أمرًا لا بد منه في بعض الحالات.